العلوم الإنسانية

أهمية علم الاجتماع

نشأة علم الاجتماع

نشأة علم الاجتماع وتطوُّره

تأثَّرت نشأة عِلم الاجتماع بالنتاج الفكريّ، والفلسفيّ للقرنَين: الثامن عشر، والتاسع عشر، وما صاحبها من تطوُّر في المجالات الاقتصاديّة، والسياسيّة، حيث يعود تأسيس مصطلح (علم الاجتماع)، إلى الفيلسوف الفرنسيّ أوغست كونت، الذي عَزَم على تقديم التفسير العلميّ الذي يُفسِّر ظواهر المجتمع، والقوانين الضابطة لها، فشَهِد هذا الميدان العلميّ نُموّاً مع جهود العلماء في ألمانيا، وفرنسا، فكان نتاجهم أقرب ما يكون إلى البحوث النظريّة، إلّا أنّ عِلم الاجتماع ازدهرَ بجهود علماء الولايات المُتَّحِدة الأمريكيّة في منتصف القرن العشرين؛ حيث تركَّزت جهودهم على الجوانب التطبيقيّة، والميدانيّة العلميّة، إلى أن تكلَّلت الجهود في بريطانيا مع بدايات القرن العشرين بتدريس عِلم الاجتماع لأوّل مرّة.

توالَت جهود تطوير، ونَشْر علم الاجتماع منذ إطلاق هذا المصطلح عام 1838م، وحتى نهايات القرن التاسع عشر، حيث استطاع رُوّاد هذا العِلم توظيفه؛ لخدمة الاقتصاد، والتجارة، والأسرة، والسياسة، والتربية، وحقوق المرأة، ونَبذ العُنصريّة، والفقر، والطبقيّة المُجتمعيّة؛ ففي أمريكا، وتحديداً في جامعة شيكاغو في عام 1892م، تأسَّس أوّل قِسم مُتخصِّص في تدريس عِلم الاجتماع، ليبدأ بعدها بعام التعاوُن الدوليّ في مجال علم الاجتماع، وفي عام 1911م، أصبح منهاج علم الاجتماع مُقرَّراً دراسيّاً في أمريكا لطلبة المرحلة الثانويّة، بعد أن تأسَّست الجمعيّة الأمريكيّة لعلم الاجتماع عام 1905م، والتي تُعتبَر أكبر رابطة لمُتخصِّصين في عِلم الاجتماع على مُستوى العالَم.

كما أنّ الثورة الصناعيّة أثَّرت في نشأة عِلم الاجتماع، حيث إنّ التطوُّر المُذهل، والمُتسارِع في مجال الاتِّصالات، ساهم فيما يُعتقَد بأنّه عمليّة إعادة إنتاج للمُجتمع بوَصْفه مجتمعاً بشريّاً واحداً، وليست مُجتمعاتٍ لكلٍّ منها عاداته، وتقاليده، وصفاته، ونَمَط حياته الذي يُميِّزه عن سواه، والسؤال اليوم، هل يمكن لوسائل التواصُل العابرة للقارّات، والتي ألغَت حدود المكان، والزمان، أن تُلغيَ الفوارق المُجتمعيّة المُتعدِّدة في العادات، والتقاليد، والعقائد، والكُلّيات التي يُؤمن بها المجتمع؟ فتصبحَ المجتمعات -بعد تفتيت تمايُزها- خاضعةً للمُؤثِّرات ذاتها في مجتمع العولمة، أو عولمة المُجتمَعات.

فروع علم الاجتماع

مع التوسُّع الحاصل في العلوم الإنسانيّة عموماً، وعلم الاجتماع على وجه الخصوص، يتبدَّى لنا وجود مجموعة من المجالات المشتركة بين علم الاجتماع، والعلوم الأخرى، كعلم النفس، والأنثروبولوجيا، والعلوم السياسيّة، وغيرها، وهذا التشارك يُثري العلوم كلّها، ممّا يعني تكاتُف الجهود؛ لتحقيق إنتاج علميّ مُتكامِل، إلّا أنّه لا بُدّ ابتداءً من توضيح ميدان عمل المُتخصِّصين في علم الاجتماع؛ حيث إنّهم يدرسون عادات الناس، وقِيَمهم، وما ينشأ عنها من سلوكيّات، وتفاعل مجتمعيّ مشترك، علماً بأنّ من أبرز مجالات علم الاجتماع ما يلي:

  • علم الاجتماع النظريّ: حيث يهتمُّ بالنظريّات المهمّة في علم الاجتماع، كنظريّات كارل ماركس، وغيره.
  • علم اجتماع القانون: حيث ينظر فيه إلى القانون بصفته وسيلة رقابيّة، ونظاماً يضبط أخلاق المجتمع، خاصّة وأنّه مُرتبط بالعلاقات الأسريّة.
  • علم اجتماع السياسة: يهتمّ هذا المجال بدراسة الانتماءات الفكريّة للمجموعات، والمجتمع، بما في ذلك الأحزاب السياسيّة، ومُؤسّسات المجتمع، والثقافة، والإعلام.
  • علم اجتماع الاقتصاد: تعتمد المجتمعات على عدّة أنشطة اقتصاديّة، حيث تتفاوت فيها نِسَب الاستهلاك، والتوزيع، وهذا ما يتمّ التطرُّق إليه من منظور اجتماعيّ، دون إغفال العوامل الثقافيّة، والدينيّة.
  • علم الاجتماع الدينيّ: حيث يُعتقَد بأنّ المجتمعات كلّها تتأثّر بهذا المجال؛ ولذلك فهو يعتمد على قياس، وتحليل مدى تأثير، وفاعليّة المعتقدات الدينيّة في الحياة الاجتماعيّة اليوميّة.
  • علم الاجتماع المعرفيّ: يُعَدّ من المجالات الحديثة في علم الاجتماع على اعتبار أنّ المجتمع يُؤثِّر في المعرفة، وأنّ المعرفة تكون بذلك نتيجة مُستخلَصة من عدّة ظواهر اجتماعيّة.
  • علم الاجتماع التاريخيّ: حيث تكون المجتمعات المعنيّة بالدراسة، والتحليل مجتمعات من الماضي، ممّا يعني دراسة نشأتها، وتطوُّر حياتها، وأسباب هزيمتها، وانتصارها، وسُنَن مجتمعها، ومعتقداته.
  • علم اجتماع الريف والحَضَر: يركِّز كلٌّ من هذَين المجالين على طبيعة المجتمع، وأثر البيئة المحيطة فيه، من حيث التسارع التنمويّ لدى سُكّان المُدن، وكلّ ما يُميِّز حياتهم عن حياة الريف المُتمسِّكة بالتقاليد، والمحافظة على حياة اجتماعيّة أقلّ تعقيداً، وأكثر تماسُكاً من سُكّان الحَضَر.
  • مجالات أخرى: سواء كانت فرعيّة، أو رئيسيّة يدرسها المُتخصِّصون في علم الاجتماع، ومنها: علم اجتماع الجريمة، وعلم اجتماع الثقافة، والتنمية، والسلام، والفنّ، والأدب، والأسرة، وعلم الاجتماع العسكريّ، والديموغرافيّ، وعلم اجتماع الأعراق، وعلم اجتماع الاحتلال.

اهمية علم الاجتماع الرياضي

علم الاجتماع الرياضي، بالتناوب المشار إليها بعلم الاجتماع الرياضي، هو الانضباط الفرعي لعلم الاجتماع الذي يركز على الرياضة والظواهر الاجتماعية. وهو مجال دراسة يتعلق بمختلف الهياكل الاجتماعية والثقافية، والأنماط، والمنظمات أو المجموعات المعنية بالرياضة.

هناك العديد من وجهات النظر التي من خلالها الرياضة يمكن أن ينظر إليها. لذلك، في كثير من الأحيان يتم التأكيد على بعض الانقسامات الثنائية، مثل: المهنية مقابل الهواة، كتلة مقابل المستوى الأعلى، نشط مقابل السلبي / المتفرج، الرجال مقابل النساء، الرياضة مقابل اللعب (على النقيض من النشاط المنظم والمؤسسي ). وبعد نماذج نسوية أو غيرها من النماذج الانعكاسية والتقليدية، تدرس الرياضة أحيانا على أنها أنشطة متنازع عليها، أي الأنشطة في مركز اهتمامات الأشخاص والجماعات المختلفة (صلة الرياضة ونوع الجنس، ووسائط الإعلام الجماهيري، والسياسة الحكومية).

ظهور علم الاجتماع الرياضي (وإن لم يكن الاسم نفسه) يعود إلى نهاية القرن التاسع عشر، عندما أجريت أول التجارب النفسية الاجتماعية التي تتناول الآثار الجماعية للمنافسة وصنع الوتيرة. إلى جانب الأنثروبولوجيا الثقافية واهتمامها بالألعاب في الثقافة الإنسانية، كان من أولى الجهود للتفكير في الرياضة بطريقة أكثر عمومية هو هومان لودنس أو نظرية ثورستين فيبلن في فئة الترفيه . في عام 1970، اكتسب علم الاجتماع الرياضي اهتماما كبيرا باعتباره مجالا منظما ومشروعا للدراسة. تأسست جمعية أمريكا الشمالية لعلم الاجتماع الرياضي في عام 1978 بهدف دراسة هذا المجال. وشكلت في عام 1984 مخرج أبحاثها، وهو مجلة علم الاجتماع الرياضي.

اليوم، معظم علماء الاجتماع الرياضي يتعرفون على واحد على الأقل من أربع نظريات أساسية تحدد العلاقة بين الرياضة والمجتمع، وهي الوظيفية الهيكلية، نظرية الصراع، النظرية النقدية، والتفاعل الرمزي..

تعريف علم الاجتماع عند ابن خلدون

يعرف العالم ابن  خلدون علم الاجتماع بأنه “العلم الذي يعرض لطبيعة العمران البشري من الأحوال مثل: التوحش، والتأنس، والعصبيات، وأصناف التغلبات، للبشر على بعضهم البعض، وما ينشأ عن ذلك من الْمُلْك، والدول ومراتبها، وما ينتحله البشر بأعمالهم، ومساعيهم من الكسب، والمعاش، والعلوم، والصنائع، وأثر ما يحدث في ذلك العمران بطبيعته من الأحوال، وما لذلك من العلل، والأسباب”.

من خلال هذا التعريف بين العالم ابن  خلدون أن دراسة الظواهر الاجتماعية هي موضوع هذا العلم الجديد وذلك بالاعتماد  على المنهج الوصفي التجريبي، وأضاف ان الهدف من دراسة المواضيع المتعلقة بالظواهر الاجتماعية هو استخلاص القوانين التي تعبر عنها وهي حسب تعبيره ليست خاضعة لمزاجية البشر ولا للمصادفات بل إن لها عللاً وأسباباً ، نظرا لأن المجتمع بطبيعته خاضع الى قوانين تنظيمية تحكمه .

الفيلسوف والعالم ابن  خلدون استطع من خلال هذا البحث العلمي ان يسبق العالم أوغست كونت باكتشافه لهذا العلم المعاصر، ومما قاله اوغست كونت على الظواهر الاجتماعية انها خاضعة لقوانين ولا تسير وفق اهواء الناس ولا للمصادفات ،وإنما على الجميع ادراك معرفتها وحقيقتها.

مؤسس علم الاجتماع

يُعدّ العالم والفيلسوف العربي (ابن خلدون) أول شخص وضع الأساسات الأولى لعلم الاجتماع، وولد في تونس، في 27 أيار (مايو) عام 1332م، وله العديد من الإنجازات المهمة في علم الاجتماع، والاقتصاد، والفلسفة، وغيرها، ومن أشهر مؤلفاته كتاب: المُقدمة، والذي شرح فيه عن علم الاجتماع، وسماه علم (العُمران)؛ بسبب أنّه ربط هذا العلم مع السلوك الإنسانيّ، والعمارة البشرية في المناطق التي يوجد فيها السُكان، واعتبره علماً واسع النطاق، ويزداد نطاقه مع ازدياد المساحة العمرانيّة التي يشغلها الناس، فاعتمد في دراسته لعلم الاجتماع على توزيعات الأقاليم، وصنّفها إلى المجتمعات التالية: البادية، والقرية، والمدينة، وشرح أنّ الأفراد ينتقلون من مجتمع إلى آخر بتأثير عوامل اجتماعيّة عديدة، ومن أهمها البحث عن عمل.

واعتمد ابن خلدون في نظريّاتهِ الاجتماعية على أنّ لكل ظاهرة اجتماعية سببٌ يؤدي إلى حدوثها، وربطه مع الطبيعة المحيطة بالأفراد، أي أنّها من تفرض الأسباب المؤدية للظواهر الاجتماعيّة، وليس بناءً على اختيار الأفراد، وفرق بين القانون الاجتماعي الثابت، والظروف التي تحدث بشكل مفاجئ، وتؤثر على سير الحياة الاجتماعيّة.

وفي القرن التاسع عشر للميلاد، تبنّى الفيلسوف كونت الأفكار الفلسفيّة، والاجتماعيّة، ودرسها من أجل استخلاص قواعد رئيسيّة لهذا العلم، والذي يعد أول من أطلق عليه مسمى (علم الاجتماع) بشكل صريح، وقد ساهمت الثورة الفرنسيّة في التأثير على نظريّاته الفكرية في علم الاجتماع، فوضع القواعد الخاصة فيه، واختلف مع ابن خلدون بفكرة أنّ علم الاجتماع يعتمد على وجود ظواهر طبيعيّة تفرض على الأفراد الظروف الاجتماعيّة التي يوجدون فيها، وقال إنّ كافة العوامل الاجتماعيّة المؤثرة على حياتهم تعتمد على قرارات وضعيّة وضعوها وطبقوها ضمن النظام الاجتماعي الذي يعيشون فيه.

علم الاجتماع PDF

اضغط هنا لتحميل ملف علم الاجتماع

السابق
لقاح ايموفاكس بويلو – Imovax Polio للوقاية من عدوى فيروس شلل الأطفال
التالي
دواء ايميدول – emidol كمسكن للألم

اترك تعليقاً