اضرار

تأثير الفضاء على جسم الإنسان

تأثير الفضاء على جسم الإنسان

الفضاء الخارجي هو المنطقة التي تقع على بُعد مئة كيلومتر فوق الكوكب، وتتميز هذه المنطقة بأنها فراغ لا تحمل أي هواء بكمية ملحوظة للتنفس أو لانتشار الضوء فيها، بالإضافة إلى أنها فارغة هوائياً، فالصوت لا ينتقل فيها وذلك لأن الجزيئات ليست قريبة بما فيه الكفاية لتنقل الصوت فيما بينها.

من الجدير بالذكر أنّ الفضاء يتكون من الغاز والغبار والمواد الأخرى التي تطفو حول المناطق الفارغة من الكون، بينما تحتوي المناطق المزدحمة في الفضاء على الكواكب والنجوم والمجرات. وسنخصص هذا المقال للحديث عن الفضاء وتأثيره على جسم الإنسان.

تأثيرات انعدام الجاذبية الأرضية على رواد الفضاء:

يترادف مع مفهوم انعدام الجاذبية الأرضية الشعور بانعدام الوزن وعدم الشعور بآثار الجاذبية، ومع أن الجاذبية موجودة في كل مكان داخل هذا الكون، إلا أن رواد الفضاء لا يشعرون بآثار الجاذبية خارج نطاق الكرة الأرضية، لأن سرعة تحرك المحطات الفضائية باتجاه الفضاء تعادل سرعة السقوط الحر لها بفعل الجاذبية، وهذا يعني عدم انجذاب رواد الفضاء ومركباتهم لأي اتجاه، فيطفون في الفضاء، ومع عدم حاجة رواد الفضاء إلى تحميل أقدامهم عبء أوزانهم عند انعدام الجاذبية، إلا أن انعدام الجاذبية يؤثر بشكلٍ سيء على الصحة على المدى الطويل، إذ إنها تتسبب في إضعاف العظام والعضلات وتؤدي إلى تغيرات أخرى داخل الجسم، وتعمل المحطة الفضائية الدولية على دراسة هذه التأثيرات على صحة رواد الفضاء خلال فترات طويلة من تعرضهم لانعدام الجاذبية، وتقسم تأثيرات انعدام الجاذبية الأرضية على رواد الفضاء إلى قسمين أساسين؛ آثار صحية مؤقتة وآثار صحية طويلة الأمد.

آثار صحية مؤقتة:

يعمل انعدام الوزن على استرخاء العديد من الأنظمة الرئيسة في جسم الإنسان، بحيث يصبح الجسم غير مضطر لمقاومة قوة الجاذبية، فقد ذكرت وكالة ناسا بأنه يتولد لدى رواد الفضاء حيرة فيما يتعلق بالاتجاهات، فيصعب عليهم تمييز الأعلى من الأسفل، فلا يميزون الأرضية من السقف، كما يفقد رواد الفضاء الإحساس بالأطراف، وقد يصابون بالغثيان.

آثار صحية طويلة الأمد:

يمكن أن تمتد رحلات الفضاء من عدة أسابيع إلى أشهر عديدة، الأمر الذي قد يسبب العديد من المشاكل الصحية، فمن الممكن أن تضعف العظام من خلال إفراز الكالسيوم المخزّن في العظام داخل البول، مما يجعل العظام أكثر عرضة للكسر، كما يفقد رواد الفضاء جزءًا من كتلتهم العضلية، ويتعرض رواد الفضاء إلى نسبة مرتفعة من ثاني أكسيد الكربون داخل المركبة مما قد يسبب مشاكل في العيون، وقد يستغرق رواد الفضاء شهورًا في مراكز إعادة التأهيل للتأقلم على الأرض بعد عودتهم من الفضاء.

الإشعاعات الفضائية:

قد يسبب التعرض للإشعاعات في الفضاء مشاكل مثل الحروق والتسمم الإشعاعي وتلف الحمض النووي. وتتحدد هذه المشاكل الصحية من خلال مدى التعرض للإشعاعات، وقابلية رائد الفضاء لاحتمال الإشعاع، وغيرها من المتغيرات الأخرى. ولهذا يتم مراقبة رواد الفضاء باستمرار للتأكد من عدم تجاوزهم لحدود الإشعاع المسموح التعرض لها.

ما هي المشاكل التي يواجهها رواد الفضاء

أولاً: الغذاء:

  • يتناول رواد الفضاء غذائهم على شكل معجون تتم تعبئته بعبوات تشبه الحقن، حيث بذل العلماء قصارى جهدهم للوصول إلى هذا النوع المتطوّر من الغذاء في غضون انعدام الجاذبية الأرضية، ففي بداية الأمر كان الطعام غير مستساغاً بالنسبة لهم، ولوحظ ذلك من خلال انخفاض أوزان روّاد الفضاء بصورة كبيرة في كلّ رحلة يخرجون فيها، ممّا أرهق العلماء في التفكير بالأمر وأقلقهم.
  • يستهلك رواد الفضاء الكثير من الطاقة عند خروجهم إلى الفضاء الخارجي، إذ تتعرّض أجسامهم إلى التعب الشديد والإرهاق نتيجة انعدام الجاذبية الأرضية، لذلك فهم يحتاجون إلى كميّة كالسيوم إضافية، للمساهمة في تعويض كمية الكالسيوم المفقودة من عظامهم أثناء رحلتهم، إذ ينصح بتناول الغذاء المحتوي على كمية قليلة من الصوديوم للحفاظ على الكالسيوم في الجسم.
  • يتم تجهيز الأطعمة المتنوعة التي تحتوي على كافّة العناصر الغذائية المهمّة لرواد الفضاء، ثمّ معالجتها حرارياً لتسهيل تناولها بالملعقة، حيث طورت الدول المتقدمة كالصين وروسيا الغذاء المخصّص لرواد الفضاء ونوعته، ومن هذه الأطعمة الجمبري، والستيك، والسلطات.

ثانياً: الملابس الخاصة:

  • يتم تصميم ملابس مختلفة لرواد الفضاء، حيث يتميّز كلّ طقم منها بحدث معيّن، فمثلاً هناك بدلة مخصصّة للاستعداد للرحلة والانطلاق للفضاء الخارجي، وأخرى عند الوصول إليه، وملابس رياضية محددّة بالتمارين الرياضية، وأخرى للتنقل خارج المركبة أو بالمحطة الدولية، وجميعها ملابس مزوّدة بميّزات ذات حماية وراحة، حيث يقع اختيار بدل رواد الفضاء على عاتقهم، وذلك لتهئية إعدادها وإرسالها إلى المحطة من خلال مركبات الإمداد التي تنطلق في مهام معينة، وبعد مضي أيام يستلمون تلك البدل، حيث يتسّنى لكلّ رائد فضاء اختيار نموذجين من البدل، ويعود اختياره إلى طبيعة المهمّة الموكلة إليه والفترة الزمنية التي يستغرقها؛ لأنّ رواد الفضاء لا يغيّرون بدلهم إلا كلّ فترة، ويستحمون عن طريق استعمال مناديل مبللة معدّة طبيّاً.
  • يستطيع رائد الفضاء اختيار نوعين من الأحذية بحيث يعتمد تصميمها لممارسة الرياضة المخصصة بها، وعند الانتهاء من الرحلة يجمع رائد الفضاء كافة الملابس التي استعملها خلال الرحلة في كيس نفايات، ثمّ يلقيها في الغلاف الجوي الخارجي للأرض.

معاناة رواد الفضاء

هناك أنواع أخرى من المعاناة التي يواجهها رواد الفضاء غير الغذاء والملابس الخاصة ، وهذه الأنواع مثل:

  • قضاء الحاجة، السفينة الفضائية تكون مزودة بخزانين واحد للفضلات الصلبة وآخر للفضلات السائلة، وعند استخدام هاذين الخزانين يثبت رائد الفضاء قدميه بأرضية السفينة، ويثبت على أعضائه التناسلية محقن للإخراج به، وهذا المحقن يمكن استخدامه في حالة الجلوس أو في حالة الوقوف، وعند التشطيف يستخدم رواد الفضاء الهواء، بدلاً من استخدام الماء، وبعد ذلك تتم عملية تنقية للهواء المستخدم من البكتيريا وكذلك الروائح الكريهة، ثم يعاد مرة أخرى للسفينة، والتخلص من هذه الفضلات الصلبة يكون بتخفيف الفضلات الصلبة وضغطها ويحتفظ بها لحين العودة إلى الأرض، بينما الفضلات السائلة تطلق في الهواء.
  • الاستحمام، في الفضاء لا يكون كالاستحمام على الأرض تماماً، ففي الفضاء يستحم الرواد بفرك أجسامهم باستخدام قطعة من الإسفنج المبلولة بالصابون والماء، ومن ثم يشطفون أجسامهم باستخدام قطعة أخرى من الإسفنج المبلولة بالماء، بينما يجفّفون أجسامهم باستخدام خرطوم هواء ومفرغ يشبه خرطوم المكنسة الكهربائية، ولكن يسعى الباحثون إلى تطوير “شور” في السفينة الفضائية، وهذا “الشور” سيكون مغلقاً بشكل تام حتى لا تنتقل الماء منه إلى السفينة.
  • النوم، تكون السفينة مزودة بأكياس خاصة بالنوم، وهذه الأكياس في العادة تكون مثبتة في الحائط.
  • يصاب رواد الفضاء بالعديد من الاضطرابات والأمراض، وهذين الأمرين ناتجين عن فقدان الجاذبية في الفضاء، ومن هذه الاضطربات الاضطرابات البصرية بسبب تداخل الإشارات السمعية مع الإشارات البصرية، كما أنّ احتمالية إصابتهم بهشاشة العظام ترتفع وذلك بسبب فقدانهم 1.5% من كثافة عظامهم.

الآثار الايجابية لتكنولوجيا الفضاء

تكنولوجيا الفضاء رغم تطورها إلا أنها لم تستطع فك العديد من الرموز، ومع ذلك وصلت إلى نتائج مرضية ومتعمقة فيما يتعلق بالكواكب والنجوم والفضاء الخارجي، إذ تمكن الإنسان بفضل تكنولوجيا الفضاء من الهبوط على سطح القمر، ومعرفة الكثير من الحقائق عن الكواكب والمجرّات، وتم اكتشاف العديد من المجموعات النجمية وكواكب المجموعة الشمسية التي تمكنت تكنولوجيا الفضاء من معرفة خصائصها بدقّة، ودراستها دراسة مستفيضة.

وقد تطورت هذه التكنولوجيا تطورًا مذهلًا، ووُجدت الحواسيب الدقيقة التي تُعنى بأنظمة القياس والتقنيات الحديثة المتعلقة بالفضاء والمركبات الفضائية ومداراتها، وفي الوقت الحاضر أصبحت الدول المتقدمة تتنافس في مجال تكنولوجيا الفضاء، بحيث تسعى كل دولة إلى تطوير إمكاناتها للوصول إلى معلومات أكثر حول الكواكب والمجرات، وإيجاد تقنيات تُمكنهم من السيطرة على المعلومات الواردة من الأرض من خلال أنظمة التجسّس المعقدة وغيرها من الطرق العلمية التي تضمن الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات.

وأسهمت تكنولوجيا الفضاء في الكثير من الفوائد العلمية التي كشفت أسرار متعلقة في الفضاء، وساهمت في تطوير أنظمة البث التلفزيوني والإذاعي والاتصالات السلكية واللاسلكية، كما ساهمت في التنبؤ بالعديد من الكوارث الطبيعية، وهذا عاد بآثار إيجابية كبيرة على الإنسان، فتكنولوجيا الفضاء لا تتعلّق فقط بالفضاء وما فيه، بل تتعلق بكوكب الأرض بشكلٍ كبير وتُساهم في تطوّره، بالإضافة إلى أنها زيادة دقة التنبؤات الجويّة وتطوير البرامج الفضائية وأنظمة الرصد الجوي وغير ذلك من تطورات تخص شبكات الإنترنت والاتصال عن بعد، وتُعدّ كلًا من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي سابقًا من أوائل الدول السباقة إلى تطوير تكنولوجيا الفضاء.

السابق
خطورة البق على الانسان
التالي
اللسان المربوط عند الأطفال

اترك تعليقاً