تعليم

تعلم فن الحوار

فن الحوار والإقناع

إنّ التواصل البشري هو في المقام الأول دراسة معمقة لعملية الحوار والإقناع والاتصال الشفهي وغير الشفهي والتأثيرات الداخلية والخارجية، إن معرفة هذا الأمر يساعد الفرد على المحافظة على علاقاته الاجتماعية والعملية والعاطفية من جهة أخرى، وعلم فن الحوار والإقناع هو بمثابة بناء جسر بين المعرفة والفهم، فهذا الفن يمكّن الفرد من إحداث تغيير في نمط تفكير الآخرين، ويعرّف الإقناع بأنه هو تدبير وحسن تصرف يستخدمه الفرد للتأثير على الآخرين وتغيير قناعاتهم، ويعني الحوار هو التواصل بين اثنين أو أكثر من خلال تفاعلات لفظية وغير لفظية بهدف تبادل الأفكار وإبداء الرأي، ويحتاج الفرد لتعلم فن الحوار والإقناع إلى الممارسة والانتباه لتصرفاته بدقة وفهمها.

ومن الأشخاص الذين هم بحاجة فعلية لإتقان هذا الفن هم الآباء فهم يحاولون دائما إقناع أبنائهم بالكثير من الأفكار، والأشخاص الذين يعملون في التخصصات الإنسانية فهم بحاجة للحوار والإقناع لمساعدة الناس، وأيضًا البائعون والتجار ليتمكنوا من بيع منتجاتهم وتقديم خدماتهم، ولكن كل من الناس بحاجة أن يتعلم أساليب الحوار والإقناع، فمن يتقن فن الحوار والإقناع يتمكن من إقناع الأشخاص باحترام ويتمكن من فعل ما يجب فعله في الوقت المناسب من خلال منح الدوافع للأشخاص الآخرين لاتباع القوانين.

فن الحوار الناجح

يعدّ فن الحوار الناجح أساسيًا في بناء جسر للتواصل والتخاطب مع الآخرين، وقد تعمل كلمات قليلة على بناء ثقة تمتد لعشرات السنين وقد تسهم كلمة واحدة في هدم ثقة بُنيت منذ عشرات السنين، وهنا تكمن أهمية فن الحوار الناجح في أن يكون الإنسان منتبهًا إلى خطابه مع الآخرين، ويعدّ الحوار ضروريًا لأن ّه يميز البشر عن سائر المخلوقات، ومن خلال الحوار يتمّ الوصول صل إلى المراد ونبتعد عن أي وسيلة تعمل على تقليل احترام الذات أو تنتقص من شأن الآخرين أو تؤدي إلى عدم احترامهم حتى يكون فن الحوار ناجحًا ينبغي مراعاة الآتي:

  • أن يكون الحوار موضوعيًا: بمعنى أن يهتم بموضوع النقاش لا بالشخص نفسه ويجب أن يكون الحوار حول شيء محدد، فبعض النقاشات تتحول إلى جدال عميق، لأنّها لا تدور حول نقطة محددة تنتهي عندها.
  • أن يكون الحوار محددًا: من أكثر الأخطاء التي يتعرض لها الناس في فن الحوار الناجح أن هم يفتتحون الحوار حول موضوع ما، ولا يكونوا قد اتفقوا على مفاهيم حول هذا الموضوع، وقد يكونوا متفقين فيها ولكن لم يبحثوا موضوع الاتفاق أو توضيح تلك النقاط المشتركة، وهو ما يجعل الأطراف غير متّفقة أبدًا، في حين أن الحوار يتطلب الاتفاق على نقطة محددة.
  • أن يكون الحوار واقعيًا: بمعنى البحث بالوقائع قبل الذهاب إلى تفسيرها، فيجب العمل على نقاش الوقائع قبل البحث في التخيلات والتأويلات التّي من الممكن أن لا تحدث ومن الممكن أن يرفضها الطرف المقابل.
  • أن يكون الشخص المحاور متفائلًا: فلا يمكن أن نسيء الظن بالطرف الآخر منذ البداية، ويجب أن يُبنى الحوار على افتراض أن الحوار إيجابي، إذ لا يمكن أن ينجح الحوار مع الظن السيء بالطرف الآخر لأن ّه سيؤدي حتمًا إلى فهم كل الرسائل التّي تصل من الطرف المقابل بطريقة سلبية حتى لو كانت ايجابية.
  • تهيئة الجو المناسب لإقامة الحوار: إذ يجب الابتعاد عن الأجواء التي تكون جماعية غير المنظمة، إذ لا يمكن الوصول الى نتائج في مثل هذه الظروف وتضيع حقوق الأشخاص، ويجب مراعاة العامل النفسي والاجتماعي للشخص المحاور، فلا يجوز إقامة حوار مع فرد يعاني من الإرهاق والتعب الجسدي أو النفسي؛ لأن مثل هذه الظروف ستؤثر حتمًا على الحوار.
  • الإخلاص وصدق النية في الحوار: ومعنى ذلك أن يتوفر الإخلاص لله وحسن نية المحاور وأن يبتعد المحاور عن الرياء وحب الظهور على الخصم ومحاولة التفوق على الآخرين، ومحاولة المحاور انتزاع الثناء والإعجاب له وحده ومن دلائل الإخلاص لله والتجرد في العمل أن يعبر المحاور عن سعادته في ظهور الحق والصواب حتى لو ظهر الصواب عن طريق الشخص الذي يقيم الحوار معه، وأن يكون عند المحاور قناعة أن الأفكار والآراء ومسالك الحق ليست ملكًا أو حق لشخص دون غيره.
  • يجب أن يكون هناك انصاف وعدل في الحوار: فمن المبادئ والخطوات الأساسية التي تسهم في نجاح الحوار أن يكون من يقوم بإدارة الحوار عادلًا ويكون قادرًا على إنصاف الخصم، وأن يكون لديه القدرة على الفصل بين الفكرة والقائل، كما أنّه يستطيع أن يثني على الأفكار التي تكون جيدة والأدلة الصحيحة المقدمة من المحاور.
  • الالتزام بآداب الحوار: ويعني ذلك أن تكون على قدر من التواضع مع الطرف الآخر، وعدم الإساءة إلى الطرف الآخر في عملية الإقناع، وقبول الحق والإقرار بالصواب والتراجع عن الخطأ.
  • الحلم والصبر: يجب على المحاور أن يتحلى بالصبر والهدوء وألّا يضطر الى الغضب، ولا ينفر لأي أمر وألّا يسمح لأيّ شخص أن يستفزه.

طرق الحوار الناجح

طرق و اساليب فن الحوار الناجح

يعتبر الحوار الناجح من أهم الأمور التي لا يمكن أن يتم الإستغناء عنها في الكثير من المجالات المختلفة ومن هذه المجالات هي علم الإجتماع والإقتصاد وعلم السياسة والإدارة، ونلاحظ أن الحوار الناجح يقوم على مجموعة من المهارات الأساسية والتي تتمثل في :

 الإنصات

وهو يعتبر من المهارات الهامة في جميع جلسات الحوار المختلفة، ونلاحظ أن الإنصات يؤثر بصورة واضحة على المستمع للحوار في مجموعة من الحالات المختلفة والتي تتمثل في التجاهل وهو عدم إعطاء أهمية لحديث المحاور كالإنشغال بفعل شيء مثل الحديث بالهاتف وقراءة مجلة معينة، وأيضًا التظاهر وهو يشير للإنصات المزيف والغير واضح، بالإضافة للإنتقاء وهو يقصد به تحديد جزء من الحوار والتركيز عليه بشكل واضح، حيث يقوم المستمع بتحديد بعض الأشياء التي تهمه ويقوم بإهمال باقي العناصر الأخرى.

الانتباه

الإنصات والإنتباه جيدًا حيث يعتبر الإنصات بصورة كاملة من وسائل نجاح الحوار، بالإضافة لضرورة التفاعل والذي يشير لعدم إنصات المستمر فقط للحوار الذي يسمعه بل يجب عليه أيضًا أن يتفاعل مع هذا الحوار بشكل جيد، ويسعى لمناقشته من أجل التعرض على الأراء المحيطة به وخاصة في حالة وجود إختلاف بالأراء حول هذا الموضوع.

 المهارات اللفظية

وهي  تعتبر من المهارات الهامة من أجل الحوار الناجح والتي تجعل الحوار مؤثر على جميع المستمعين، ومن أفضل طرق نجاح المهارات اللفظية هي ضرورة البطء في الحوار والتحدث بطريقة جيدة، مع ضرورة التركيز في الوقت نفسه على الكلمات الجيدة بالحوار، واستعمال طرق مختلفة بتكرار الأفكار ويجب أن يتم التنوع بنبرة الصوت خلال التكلم حيث يؤدي ذلك لقلة الشعور بالملل، كما ينبغي أن يتم الإبتعاد تمامًا عن رفع الصوت خلال الحوار مع الأخرين.

وذلك يرجع لأن الدراسات العلمية أشارت أن الأشخاص المستمعة دائمًا ما تلتفت في الحوار للصوت المنخفض، وذلك لأن الأشخاص التي تتحدث بصوت منخفض يكون حديثهم أكثر قبولاً عن الأشخاص التي تتحدث بصوت مرتفع.

المهارات الغير لفظية

وهي عبارة عن مهارات عديدة تنقسم لثلاثة مؤثرات وهي تشمل تعابير الوجه والتي تكون عبارة عن مجموعة من التعبيرات التي تقوم على حركة عضلات الوجه، وينبغي أن يتم استعمال هذه الحركات وتوظيفها بطريقة جيدة بشكل يتناسب مع الحوار، بالإضافة للتواصل البصري وهو عبارة التواصل الذي يعتمد على التواصل بين الأفراد بعضها وبعض من خلال العيون وكذلك حركة اليدين وهي واحدة من المهارات التي تعطي إنطباع جيد عن شخصية المحاور.

الأخلاق

وتقوم على مجموعة من العناصر من أجل نجاح الحوار وتشمل على ضرورة أن يتم تجنب إصدار الأوامر أو استعمال الكلمات التي تضمن على كلام وتعبير إلزامي.

كما يجب أن يتم تجنب الحوار خلال تناول الطعام وذلك إلا في حالة كان الحديث على مائدة الطعام، مع ضرورة أن يتم تجنب الإنشغال بالمؤثرات الأخرى الخارجية كاستقبال مكالمة خلال الحديث.

كيف أتعلم فن الرد

تعلم فنون الرد

هناك طرق عديدة يمكن اتباعها لتعلم فنون الرد وأسلوب الحوار وإثبات الحجة عند النقاشات المختلفة، ومنها ما يلي:

  • الإنصات الاستماع إلى محدثك جيداً والتركيز فيما يقول أهم النقاط التي تساعدك على الرد الصحيح والمباشر، فيجب عدم مقاطعة المتحدث لعدم استفزازه وحتى يشعر أنك مهتم بما يقول، فيكون منصتاً جيداً لك عند دورك في الرد، كما يجب أن تطلب منه إعادة الأجزاء التي لم تفهمها جيداً وهو ما سيضاعف شعوره بالاهتمام، وهذا أول طريق الرد الحاسم.
  • التمهل الاندفاع في الحديث قد يجعلك تقول أشياء تندم عليها، لذا حاول أن تتمهل قليلاً وتفكر في كيفية عرض حديثك، وهو ما يضفي تأثيراً على من تحدثه، فلا يشعر بأنك تهاجمه ويصبح ميالاً أكثر للاقتناع برأيك.
  • تجنُّب العناد العناد يضعف من موقفك في الحديث، فإن لم تمتلك المعلومات الكافية لإثبات وجهة نظرك يمكنك التوقف عن الحديث والبحث، ثم إعادة الحوار في وقت آخر، ورغم ذلك فيمكنك أن تضعف من وجهة نظر محدثك عبر التركيز على الفجوات في حديثه، والتوقف عن الحديث في حالة عدم انتصار رأي على الآخر مع الاتفاق على استكماله في وقت لاحق.
  • التثقيف فن الرد لا يأتي إلا بوجود قدر كافٍ من الثقافة اللغوية والعامة، فعبر اللغة يمكن انتقاء الكلمات المناسبة للمواقف والمواضيع المختلفة وقولها في مكانها الصحيح، بينما الثقافة العامة تمكنك من الحديث في كل المواضيع الهامة بتفاصيلها الدقيقة، لذا عليك بالقراءة اليومية في مختلف المجالات، بدءاً من قراءة الصحف ومتابعة أبواب الرأي والتقارير الإخبارية في السياسة والاقتصاد والثقافة.
  • كما ينصح بتعلم لغة جديدة أو التمكن من لغتك الثانية؛ لأن الدراسات تؤكد أن تعلم لغة جديدة يزيد من نسبة الذكاء عند الإنسان وسرعة بديهته.
  • التواضع التواضع سمة ذوي الأخلاق الحميدة الذين يحظون باحترام الجميع، وفي حالة الانتصار على شخص في الحوار بردودك القوية ووجهة نظرك المتماسكة عليك ألا تشعره بأنه أقل منك في الثقافة أو الذكاء، بل احرص على التعبير عن شكرك على ذلك الحوار البناء الذي أفادك، وهو أمر حقيقي، فكل حوار تدخله يضيف إليك على مستوى المعلومات أو المهارة في الرد.

فن إدارة الحوار

يمكن تعلم فن الحوار وفن الكلام من خلال تطبيق النقاط التالية:

  • الصدق مع الآخرين والتعامل حسب الطبيعة الشخصية في المواقف المختلفة.
  • التركيز على الأمور المتشابهة في النفس مع الآخرين أثناء إجراء الحوار معهم.
  • الطلب من الآخرين التحدث عن الأمور التي يهتمون بها، والأشياء التي يحملون لها الكثير من الشغف.
السابق
أنواع الاتصال
التالي
كيف تبدأ يومك بتفاؤل

اترك تعليقاً