الجهاز البولي

أسباب التبول اللاإرادي

أسباب التبول اللاإرادي

فسيولوجيا التبول

التبول هي عملية إفراز البول من المثانة البولية، حيث تتركّز المراكز العصبية التي تتحكّم في التبوّل في الحبل الشوكي والمخ والقشرة الدماغية، تُرسِل هذه المراكز العصبية إشارات للعضلات الرئيسة في المثانة -كاستجابة على امتلائها عبر إشارات أو منعكسات عصبية حسية واردة إلى الدماغ- لتُحدِث تقلّصات قصيرة ومتقطّعة ليتم تفريغ السائل البولي منها، وسيتم في هذا المقال الحديث عن واحد من أبرز أمراض الجهاز البولي؛ التبوّل اللاإرادي، مع التعريج على أعراضه وأنواعه ومدى انتشاره وطرق علاجه وتشخيصه ونقاطٍ أخرى، بالإضافة إلى تناول أسباب التبول اللاإرادي.[١]

التبول اللاإرادي

التبول اللاإرادي “urinary incontinence” هو ما يُعرَف أيضًا بالسلس البولي، ويتمثّل في عدم قدرة الشخص على التبوّل بمحض إرادته، أي أنّه يفقد السيطرة على العضلة العاصرة البولية تمامًا أو أنّ هذه العضلة تتعرّض للضعف وفقدان الوظيفة التقلصيّة بشكل جزئي، وهو اضطراب شائع بين الناس، ويجدر التنويه أنّ التبوّل اللاإرادي يختلف عن سلس البول الليلي أو التبوّل اللاإرادي الليلي “Nocturnal enuresis”، فالأول -وهو موضوع المقال- لا يرتبط بوقت معين، أمّا الآخر فيحدث أثناء النوم ليلًا، ومن هنا جاءت تسميته، أمّا بالنسبة للتبوّل اللاإرادي فإنّه أكثر شيوعًا في النساء، حيث يُعتقَد أن 30% من النساء اللائي تتراوح أعمارهن بين 30 و 60 عامًا يعانين منه، على عكس نسبته في الرجال والتي تتراوح بين 1.5 إلى 5% فقط، ورغم أنّه سيتم بعد ذلك التعريج على أسباب التبوّل اللاإرادي، لكن يجدر التنويه كتوطئة إلى أنّه -ووفقًا للدراسات الأكاديمية الطبية- السمنة والتدخين هما من أهم أسباب أو عوامل زيادة خطورة حدوث التبول اللاإرادي.[٢]

أعراض التبول اللاإرادي

يجدر التنويه -قبل مناقشة أنواع وأسباب التبوّل اللاإرادي- إلى أعراض هذا الاضطراب، وبشكلٍ عام فإنّ العَرض الرئيس يتمثّل في تسرّب كميات -صغيرة إلى متوسطة- من البول لاإراديًا من المريض بشكل متكرّر، بالإضافة إلى انعكاس ذلك سلبًا على أداء واجباته ومهماته اليومية سواء في العمل أو في المدرسة أو الجامعة، كما يُمكن أن يُسبّب هذا الاضطراب تقييد في تفاعلات المريض الاجتماعية وعلاقاته بشكلٍ عام بسبب ما يعانيه، ويجدر التنويه إلى أنّ التبول اللاإرادي في كبار السن قد يزيد من خطر حدوث حالات من السقوط أو التعثّر عند محاولة الهرع بشكل مستعجل إلى المرحاض عند الشعور برغبة في التبوّل، لكن على نحوٍ عام، فإنّ أغلب ما تمّ ذكره يُمكن أن يُصنَّف ضمن تأثير هذا الاضطراب على جودة الحياة وآثاره التعطلية لحياة المريض، حيث أنّ العَرَض الوحيد عمومًا هو ما تمّ ذكره آنفًا؛ تسرّب كميات من البول بشكل لاإرادي.[٣]

أنواع التبول اللاإرادي

بعد الحديث عن أعراض أو العَرَض الرئيس والوحيد لهذا النوع من الاضطرابات وقبل التعريج على مناقشة أسباب التبوّل اللاإرادي، يجدر ذكر نبذة عن أنواع هذا الاضطراب، وذلك على النحو الآتي: [٣]

  • النوع الأول والذي يُعرَف سلس البول الإجهادي: وهنا كلمة إجهاد لا تُشير إلى التوتّر أو الضغط العصبي، بل إلى الضغط الحاصل على المثانة البولية نتيجة السعال أو العطس أو الضحك الشديد فترة طويلة أو رفع وزن ثقيل.
  • النوع الثاني والذي يُعرَف بسلس البول الحثيث: وهو ما يُمكن ترجمته إلى السلس البولي الطارئ أو المُستعجَل، حيث تكون لدى المريض رغبة شديدة ومفاجئة في التبول والتي تليها سلس بولي مفاجئ، أي أنّ المريض لا يستطيع السيطرة على نفسه والذهاب للمرحاض والتبوّل، ويقترح الأخصائيون أن أسباب التبول اللاإرادي في هذا النوع تتمثّل في حدوث عدوى أو مشاكل الجهاز العصبي أو مرض السكري.
  • النوع الثالث والذي يُعرَف بسلس البول الفائض: ويتمثّل هذا النوع في خروج قطرات من البول بشكل مستمر من المثانة على فترات متلاحقة نتيجة عدم القدرة على تفريغها تمامًا من البول عند التبوّل الطبيعي.
  • النوع الرابع والذي يُعرَف بسلس البول الوظيفي أو سلس البول الوظيفي: حيث يقترح الأطباء والأخصائيون أن أسباب التبول اللاإرادي في هذا النوع تتمثّل في الإعاقة الحركية أو الإعاقة العقلية التي تمنع المريض من الذهاب إلى المرحاض في الوقت المناسب، ومن الأمثلة على الإعاقة الحركية؛ التهاب المفاصل.
  • النوع الخامس والذي يُعرَف بسلس البول المُختلَط : ويتمثّل هذا النوع في الإصابة بأكثر من نوع من الأنواع السابقة.

مدى انتشار التبول اللاإرادي

بعد مناقشة أنواع التبول اللاإرادي وقبل التعريج على أسباب التبول اللاإرادي، لا بُدّ من الحديث عن مدى انتشار هذا الاضطراب، أو بصيغة أكثر علمية؛ الدراسات الإحصائية والحيوية عن هذا المرض، وبشكلٍ عام فإنّ معظم الدراسات تُشير إلى أنّ 25-45% من السيّدات يعانين من هذا الاضطراب، حيث أنّ 7 إلى 37% من النسبة السابقة تتراوح أعمارهن بين 20 و 39 عامًا، أمّا 9 إلى 39% هم من النساء فوق 60 عامًا، وتُشير الدراسات أيضًا إلى أنّ الحمل والولادة وأمراض مثل مرض السكري وزيادة مؤشر كتلة الجسم -الذي يُشير إلى زيادة الوزن أو السمنة- كلها عوامل تزيد من خطورة الإصابة بهذا الاضطراب لدى النساء، أمّا فيما يتعلّق بالرجال، فإنّ نسبة حدوث هذا الاضطراب لديهم قد تصل نصف معدّل ما يحدث لدى النساء، وتُشير دراسة إلى أنّ 11 إلى 34% من الرجال كبار السن تحديدًا يعانون من هذا الاضطراب، ويجدر التنويه إلى مرض البروستات وجراحاتها عند الرجال تزيد من خطورة حدوث هذا النوع من الاضطراب، أمّا فيما يتعلّق بالأطفال، فإنّ النسب قد تصل إلى 10% لدى الذين تتراوح أعمارهن في حدود 7 أعوام، و 3% للذين تتراوح أعمارهن بين 11 و 12 عام، وتقل تدريجيًا لتصل إلى 1% عند الذين تتراوح أعمارهن بين 16 إلى 17 عام.[٤]

أسباب التبول اللاإرادي

أمّا فيما يتعلّق بأسباب التبوّل اللاإرادي، فهي متعددة، وتنقسم إلى أسباب أساسية أو رئيسة أو يُمكن أن يُطلَق عليها أسباب التبول اللاإرادي قصيرة المدى، بالإضافة إلى أسباب طويلة المدى، أي أنّها مجموعة من الأمراض أو الإصابات المرضية التي تحتاج وقتًا طويلًا حتى تُحدِث حالات من التبول اللاإرادي، وفيما يأتي نبذة عن أسباب التبول اللاإرادي:

  • أسباب التبول اللاإرادي الرئيسة أو قصيرة المدى: تشمل أسباب التبول اللاإرادي قصيرة المدى انسداد في الجهاز البولي بالإضافة إلى أمراض المخ والاضطرابات العصبية كالخَرف وغيرها، بالإضافة إلى ضعف عضلات الحوض وتضخم غدة البروستاتا وداء السكري، إلى جانب استخدام بعض الأدوية مثل مدرات البول أو مضادات الاكتئاب أو المهدئات أو بعض أدوية السعال والبرد وأدوية مضاد الهيستامين، كما يندرج تحت أسباب التبول اللاإرادي قصيرة المدى اضطرابات الحمل والضغط الحاصل على المثانة نتيجة حالات الإمساك بالإضافة إلى زيادة الوزن.
  • أسباب التبول اللاإرادي طويلة المدى: تشمل أسباب التبول اللاإرادي طويلة المدى مجموعة من الأمراض من مثيلات مرض الزهايمر وسرطان المثانة وتشنجات المثانة واضطرابات الجهاز العصبي المزمنة من مثيلات التصلّب المتعدّد أو السكتة الدماغية أو تلف الأعصاب أو العضلات الخاصة بالحوض بعد تعرّضها لجرعات من العلاج الإشعاعي في حالة وجود أورام سابقة، بالإضافة إلى التهاب المجاري البولية وإصابات النخاع الشوكي ومضاعفات جراحة المهبل عند النساء وضعف العضلة البولية العاصرة.

عوامل خطر الاصابة بالتبول اللاإرادي

بعد أن تم استعراض أسباب التبول اللاإرادي لا بُد من التعريج على العوامل التي تزيد من خطر حدوث هذا النوع من الاضطرابات، وغالب الدراسات التي تُركِّز على دراسة عوامل خطر مرض ما تُركِّز على العمر والعِرق ومؤشر كتلة الجسم، بالإضافة لنمط الحياة والعادات السلبية كالتدخين والسمنة، وقد خَلُصت دراسة أُجريت على 83355 من النساء منذ عام 1989 حتى عام 2011، واللواتي تتراوح أعمارهن بين 37 و 54 عام إلى ما مجموعة من النِقاط، وذلك على النحو الآتي:[٦]

  • العِرق: أشارت الدراسة إلى أنّ الأميريكيات من أصول أفريقية بالإضافة إلى الأمريكيات من أصول آسيوية لديهن معدلات أكثر انخفاضًا بالإصابة بسلس البول مقارنةً بالقوقازييات.
  • العمر: أشارت الدراسة أنّ التقدّم بالسن يزيد من خطورة حدوث التبوّل اللاإرادي.
  • مؤشر كتلة الجسم: أشارت الدراسة أيضًا أن زيادة مؤشر كتلة الجسم يزيد من نِسب حدوث التبوّل اللاإرادي.
  • عوامل أخرى: أشارت الدراسة أيضًا إلى أنّ النساء المدخنات أو اللواتي يعانين من مرض السكري من النوع الثاني أو اللواتي خضعن لعملية استئصال رحم لديهن نِسب أعلى في الإصابة بالتبول اللاإرادي.

تشخيص التبول اللاإرادي

بعد أنّ تم الحديث عن العديد من جوانب اضطراب التبول اللاإرادي -بما فيها أسباب التبول اللاإرادي- لا بُد من ذِكر نبذة عن سُبل تشخيص هذا المرض، وبشكلٍ عام -وبالنسبة للرجال- يبدأ التشخيص بتحقق الطبيب من وجود أيّة اعتلالات عصبية أو تضخم في البروستاتا من خلال الفحص الرقمي للمستقيم، ويمكن الاستعانة أيضًا بفحوصات التصوير الكهربائي للدماغ “EEG” وذلك لاستشعار أي خلل وظيفي في المخ، بالإضافة إلى إجراء فحوصات تصوير كهربائي أخرى من مثيلات “EMG” والذي يقيس النشاط العصبي في العضلات التي تتعلّق بالأداء الوظيفي للمثانة، أيضًا قد يتم استخدام الموجات فوق الصوتية لتصوير المثانة والكلى، وأخيرًا هناك اختبار يُسمَّى اختبار ديناميكية البول، والذي يُركِّز على قياس قدرة المثانة على تخزين البول وتفريغه بشكل مطّرد وكامل، بالإضافة إلى التركيز على آلية التحكّم والانقباض في العضلة العاصرة، وهذا يكشف عمّا إذا كانت المثانة تعاني من بعض التقلصات غير الطبيعية والتي يُمكن أن تكون وراء حدوث سلس البول، يتضمن الاختبار أيضًا قياس الضغط في المثانة حيث يتم ملء المثانة بالسوائل من خلال قسطرة صغيرة، ويُساعد ذلك في تحديد قدرة المثانة والكشف عمّا إذا كان هناك فرط نشاط أو انعدام نشاط في الأداء الوظيفي للمثانة، بالإضافة إلى الكشف عما إذا كان هناك حالة من حالات انسداد المسالك البولية أو ما شابه ذلك من اضطرابات.[٧]

علاج التبول اللاإرادي

بعد أن تمت مناقشة سُبل تشخيص هذا الاضطراب بالإضافة إلى نقاط أخرى حوله -بما فيها أسباب التبول اللاإرادي- لا بُدّ من التعريج على سُبل علاج التبول اللاإرادي، وسيتم تناولها على النحو الآتي:[٢]

  • تمارين تقوية الحوض: تساعد هذه التمارين على تقوية العضلة العاصرة وعضلات قاع الحوض مما يُعطي المريض قوة على التحكّم بإفراز البول ويُقلّل من عدم سيطرته على حدوث حالات السلس.
  • تدريب المثانة البولية: تتعدد تمرينات المثانة البولية لتشمل تمارين التأخير والتي تتمثّل في تأخير القيام بعملية التبوّل من أجل تعزيز التحكّم بالرغبة بالقيام بذلك، بالإضافة إلى تمارين أخرى مثل الإفراغ المزدوج والذي يتمثّل في القيام بالتبوّل ثم الانتظار لبضع دقائق ثم التبوّل مرة أخرى.
  • التدخّل الدوائي: تشمل الأدوية مضادات الكولين لتهدئة المثانة بالإضافة إلى استخدام الإستروجين الموضعي والذي يُعزّز ويقوّي الأنسجة المحيطة بالمجرى البولي.
  • التدخّل الجراحي: يأتي الخيار الجراحي في حالة لم تحقّق الأساليب السابقة أي تقدّم ملحوظ، ومن الأمثلة على التدخل الجراحي إدخال شبكة تحت عنق المثانة للمساعدة في دعم المجرى البولي ومنع تسرّب البول، بالإضافة إلى التنظير المهبلي لدى المريضات الإناث والذي يعمل على رفع عنق المثانة للمساعدة في تدعيم مجرى البول والتخفيف من نوبات السلس، بالإضافة إلى إجراءات أخرى من مثيلات القسطرة البولية والعضلة العاصرة الصناعية.

تطور التبول اللاإرادي

بعد أن تمت الإشارة إلى العديد من النقاط حول التبول اللاإرادي -بما فيها أسباب التبول اللاإرادي- لا بُدّ من التعريج على تطوّر هذا المرض ومقدار تحسّن أعراضه وتأثير ذلك على حياة المريض في حالة الكشف السريع والعلاج المناسب، بالإضافة إلى مناقشة النقيض من ذلك في حالة تُرِك المرض دون علاج، ويجدر التنويه إلى أنّ التشخيص المبكّر والخطط العلاجية الحديثة قد رفعت من معدلات التحسّن بنسبة 87% إلى 88%، وذلك باستخدام الأدوية من مثيلات مضادات الكولين والتدخلات الجراحية وأساليب العلاج الطبيعي وغيرها، لكن ينبغي التنويه إلى أنّه في حالة التبوّل اللاإرادي المختلط تسهم التمارين الرياضية للمثانة وعضلات الحوض في نسبة شفاء أعلى مما تحققه أدوية من مثيلات مضادات الكولين، أمّا في حالات التبوّل اللاإرادي المتقدمة والمزمنة فتكون الأدوية والتدخلات الجراحية أكثر فاعلية في تحسين الأعراض، ولا بُد من التنويه إلى أنّه في حالة تُرِك هذا الاضطراب دون علاج، فإنّ مضاعفاته كثيرة، ومن مثيلات ذلك حدوث التهابات جلدية نتيجة لمس البول للجلد بشكل متكرر، مما يُؤدي لحدوث تقرحات جلدية وتهيّجات في الجلد وغيرها، بالإضافة إلى مضاعفات على الصعيد النفسي تشمل الانسحاب الاجتماعي والعزلة والتأثير السلبي على التواصل الجنسي مع الشريك والاكتئاب وغيرها.[٨]

السابق
أمراض الكلى
التالي
التهاب مجرى البول المتكرر

اترك تعليقاً