ديني

أنواع الامانة

الأمانة في الإسلام

تعدّ الأخلاق الكريمة الحسنة من أهمّ العوامل التي تؤدّي بالأمة إلى الحضارة والرقي، وتعمل على نشر المودة والمحبة بين الأفراد على اختلاف مستوياتهم، إذ إنّ الأخلاق المرآة التي تعكس حضارة الأمة وتطوّرها، ومن أجلّ الأخلاق التي يجدر بالفرد التحلّي بها الأمانة التي تُصان بها حقوق الأفراد وتُحفظ بها أموالهم وخصوصيتهم، وبالتالي يتحقّق الصلاح في الدنيا والآخرة، وتجدر الإشارة إلى أنّ الأمانة من الأخلاق التي لا تختلف باختلاف الدين؛ إذ تؤدّى لجميع الأفراد دون تمييزٍ بينهم، ولا تقتصر الأمانة على حفظ الأموال بل تتعدّاها لتشمل العديد من جوانب الحياة المختلفة، وتتفق جميعها في شعور الفرد بتحمّل المسؤولية وإدراكه بأنّه محاسبٌ عنها أمام الله -سبحانه-، وبذلك تتحقّق الراحة والطمأنينة في المجتمع ككلّ، ويسعى كلّ فردٍ فيه إلى الوصول بالآخر للسكينة، وبالتالي يتخلّص الأفراد من الأنانية وحبّ الذات.

الأمانة

فضل الأمانة

  • يتحقق الخير، ويعم الحب عندما يلتزم الناس بالأمانة.
  • يفوز الأمناء برضا الله وبالجنة.

مكانة الأمانة في الإسلام

الأمانة أم الفضائل ومنبع الطمأنينة، وهي من أبرز علامات الإيمان ودلائل التّقوى، بل إنّ الإيمان نفسه أمانة في عنق العبد، فلا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له ، وهي صدق في القول وإخلاص في العمل، وحسن في المعاشرة ورفق في المعاملة، وهي الحفاظُ على ما عهد به وَرَعْيُهُ، مع الحذر من الإخلال به سهوا أو تقصيرا، حتّى لا يوصم من يفعل ذلك بالتفريط والتضييع، أو التهاون، وينعت بالخيانة،
بالأمانة يسود الأمن، وتعطى الحقوق، وتؤدى الواجبات. لقد أمر الله تبارك وتعالى المؤمنين بالمحافظة على الأمانة، وأدائها إلى أهلها: ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها…)، وقال الرّسول صلى الله عليه وسلم:” أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك”، قال الشّاعر:
إذا ائتمنت على الأمانة فارعها إن الكريم على الأمانة راعي
وقال آخر: أدّ الأمانة، والخيانة فاجتنب واعدل، ولا تظلم يطيب المكسب ،

إنّ الإسلام حين يأمر المسلمين بالتحلّي بصفة الأمانة، يدرك أنّ الأمين هو الذّي يلتزم طاعة ربّه، والخائن هو الذي ينحرف ويعصي الله؛ لأنّه يتخلى عن العهد وينقض الميثاق اللّذين يربطانه بالله الواحد القهّار.

قد وعد الله تبارك وتعالى الملتزمين بالأمانة، أمانةِ الطّاعة خيراً وجّناتِ عدن:” الذّين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق… جنّاتُ عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذريا تهم والملائكة يدخلون عليهم من كلّ باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدّار)(الرّعد/20 – 23)

فالله تبارك وتعالى عدّد صفات المؤمن الموفّي بالعهد، المحافظ على الميثاق، بعد أن ذكر الأمانة والعهد. فيفهم من هذا أنّ الفرد لن يكون مؤمنًا حقّ الإيمان، ولن ينال الأجر الكبير، ولن يدخل حنّات عدن، ويكرم معه أهله…حتّى يكون أمينًا، ملتزمًا بشرع الله التزامًا شاملا، من دون نقصان.

من جهة أخرى عدّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم الخيانة علامة بارزة من علامات النّفاق، فقال : ” آية المنافق ثلاث، إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان. وإن صام وصلّى زعم أنّه مسلم ” وقال أيضًا: ” إذا ضُيّعت الأمانة فانتظر السّاعة “.

ولقد كانت الأمانة من أبرز أخلاق الرّسل صلوات الله وسلامه عليهم، وكانت الشّرط الأساس في اصطفائهم واختيارهم لحمل الرّسالات وتبليغها إلى النّاس. قال تعالى حكاية عن رسله : نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وغيرهم في سورة الشّعراء : ” إنّي لكم رسول أمين “. وقال الملك ليوسف عليه السّلام حين كلّمه: “... إنّك اليوم لدينا مكين أمين قال اجعلني على خزائن الأرض إنّي حفيظ عليم “ (يوسف/ 54، 55) وقال هود لقومه عاد: ” قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكنّي رسول من رب ّ العالمين أبّلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصحٌ أمين “ (الأعراف/ 67، 68). وجاء على لسان عفريت من الجّن لمّا سأل سليمان عليه السّلام، أيّكم يأتيني بعرش بلقيس قبل أن يأتيني قومها مسلمين: (… أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإنّي عليه لقوّي أمين ) ( النّمل/ 39). وذكر القرآن ما قالته إحدى ابنتي شعيب حين طلبت من أبيها أن يستأجر موسى عليه السّلام في العمل في رعي أغنامه : ( قالت إحداهما يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القوّي الأمين ) (القصص/ 26) ولقد كان الرّسول صلّى الله عليه وسلّم منذ صباه وقبل البعثة مثلاً للأمانة والصدق والوفاء، وكان قومه يلقّبونه بالصادق الأمين؛ حتى إنّه كان مستودع الأمانات. وقد كان الحكم في وضع الحجر الأسود في مكانه، في الحادث المشهور. وبفضل أمانته جنّب القبائل العربية فتنة هوجاء، قالوا فيه ” هذا الأمين ارتضيناه حكما “.

فضل الأمانة

أمر الله تعالى بأداء الأمانات إلى أهلها؛ حيث قال في كتابه: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ)، ونهى عن الخيانة التي هي ضدّ الأمانة، وعلامة المنافق ودليل نقاقه وعصيانه لله، والأمانة من أوصاف المؤمنين الذين نالوا الفلاح في الدنيا والآخرة، ولمّا وصف الله تعالى الإنسان بالهلع وشدّة الجزع، استثنى من ذلك المصلّين الذين وصفهم الله بعد ذلك بمراعاة الأمانة وأدائها والحفاظ عليها، وعندما يكون كلّ واحدٍ من المسلمين في المجتمع حريصاً على أداء الأمانة؛ تتيسّر أمورهم، وتسير معاملاتهم وحاجاتهم، فالأمانة خلقٌ عظيمٌ يحظى صاحبها بالخلق الكريم، والاهتمام من الناس، فلا يقوى كلّ إنسان على حمل هذا الخُلق والاتّصاف به، فعن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- أنّه قال: (قلتُ: يا رسولَ اللهِ، ألا تستعملُني؟ قال: فضرب بيدِه على منكبي، ثم قال: يا أبا ذرٍّ، إنّك ضعيفٌ، وإنّها أمانةٌ، وإنّها يومَ القيامةِ، خزيٌ وندامةٌ، إلا من أخذها بحقِّها وأدَّى الذي عليهِ فيها).

أهمية الأمانة

للأمانة أهميةٌ كبيرةٌ في الدِّينُ الإسلاميّ، لما لها من علاقةٍ وثيقةٍ بجميع الفرائض والأحكام والأخلاق والآداب التي جاء بها الإسلام، كما أنها تُشير إلى تحلي المسلم بأهم خُلُقٍ يحتاج إليه البشر جميعاً في المعاملات الماليّة، والشخصيّة فيما بينهم، مما يزيد الثقة بين الناس، ويدعو للأمان والألفة والتماسك بين أفراد المجتمع ككل، وقد ظهر ذلك من خلال تعريف الأمانة سالف الذكر، ويمكن إبراز أهمية الأمانة كخُلُقٍ إسلامي من خلال النقاط الآتية:

  • الأمانة دليلٌ على صدق إيمان المسلم وحُسن إسلامه: فالأمانة تدلُّ على التزام المسلم العملي بما أمره به الله سبحانه وتعالى من الأحكام، وأنه يعتقد صلاحية ما جاء به الله ليكون شريعةً ينتهجها في حياته، ولو كان ذلك سبباً في أن يدع ملذاته وشهواته.
  • الأمانة تدعو لحفظ الدين، وأداء حقوق الله عز وجل: فالأمانة كما أُشير في معناها الاصطلاحي تعني الالتزام بما أمر الله به وافترضه على المسلم من تكاليف وفرائض وواجبات، لذلك فإن الالتزام بالأمانة يعني الالتزام بكل ما أمر الله به، وفرضه على عباده.
  • الأمانة دليلٌ على حُسن الخلق وتمام الأخلاق الحميدة عند الذي يتحلى بها: فالمسلم إن تحلّى بالأمانة لا بدَّ أن يتحلّى بباقي الأخلاق، التي هي بالنتيجة تندرج تحت خُلُق الأمانة كما مرَّ في التعريف اللغوي لها، فالصدق جزءٌ من الأمانة، وحفظ العهود والمواثيق من الأمانة، وصون أعراض الناس من الأمانة، إلى غير ذلك من الأخلاق والفضائل، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك: (إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ).
  • الذي يتحلى بالأمانة يصل إلى حب الله -سبحانه وتعالى- وحب الناس واحترامهم: فإن الذي يتحلى بالأمانة يُحبه الله، وخير دليلٍ وشاهدٍ على ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يحبه أهله وعشيرته حتى قبل أن يُبعث بالرسالة لأمانته وصدقه.
  • الأمانة صفةٌ من الصفات المهمة التي تؤدي إلى حفظ حقوق الناس وتأديتها وقت حاجتهم لها: فالأمانة بمفهومها العام تعني تأدية الحقوق لمن استأمنك عليها وقت حاجته لها تامةً غير ناقصة، وهي صفةٌ مهمةٌ في التعامل بين الناس، إذ تؤدي لأن تسود الثقة والألفة فيما بينهم.
  • الأمانة تؤدي إلى حفظ الأعراض والأموال: فالذي يتحلّى بالأمانة يُدرك أنّ من الأمانة أن يحفظ أعراض الناس فلا يكشفها ولا يفضحها، فضلاً عن أن ينتهكها، أو يرتع فيها.
  • الأمانة تؤدي بصحابها إلى الفوز بالأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى، وذلك لعظمتها عند الله، وثقلها على المسلم الذي تحمَّل وجود الملذات، ثم امتنع عنها محبَّةً في الله ورغبةً فيما عنده.
  • الأمانة طريقٌ لحفظ العلوم والمعارف: فإن الأمين يُدرك أنَّ من الأمانة إيصال ما تعلَّمه من العلوم والمعارف إلى طلاب العلم دون تحريفٍ أو تزييف، مما يؤدي إلى حفظ العلوم وبقائها.
  • الأمانة من العوامل نشر الأمن في المجتمع: حيث بالأمانة تنتشر الثقة بين الناس ويحسُن التعامل، وتظهر الأخلاق الحميدة، ويأمن الناس على أمولهم وممتلكاتهم وأعراضهم.
  • الأمانة تؤدي إلى تصالح الفرد مع نفسه ورضاه عنها: فالأمين يعي جيداً قيمة الأمانة وأثرها على نفسه ومجتمعه مما يجعله يرضى عن نفسه ويُحب أعماله، وبالتالي ينعكس ذلك على رضا المجتمع عنه.
  • الأمانة صفةٌ إن وُجدت في المسلم ستنتفي معها جميع الصفات السيئة عنه: وأهم الصفات التي تنتفي بوجود الأمانة الخيانة، والغدر، والكذب، والنفاق، والفحش بالقول أو العمل، وغير ذلك من الصفات السيئة، حيث إنّ الأمانة تدعو للتحلي بالأخلاق الحميدة ونبذ السيئ من القول والعمل.
  • الأمانة تؤدي إلى خيرية المجتمع إن أصبحت صفةً يتحلى بها أبناؤه: فإن شيوع الأمانة في مجتمعٍ من المجتمعات يجعل ذلك المجتمع يصبح مجتمعاً مثالياً بعيداً عن المشاكل والعراقيل التي تؤدي إلى تعطيل عجلة التطور الحضاري والفكري فيه.
  • الأمانة تؤدي إلى إتقان الأعمال التي كُلِّف بها المسلم، ويصبح الفرد فاعلاً في مجتمع منتجاً بدل أن يكون مستهلكاً كسولاً، ويؤدي التحلي بالأمانة إلى إظهار الأكفياء وأصحاب الطاقات العالية، مما يزيد في تقدم المجتمع المسلم ويزيد من صلابته وتماسكه وبالتالي قوته.

أثر الالتزام بالأمانة على الفرد والمجتمع

تأثير الإلتزام بصفة الأمانة على الفرد والمجتمع :
– رضا الله سبحانه وتعالى على  العبد .
– كسب محبة وثقة الآخرين له .
– الحفاظ على ترابط المجتمع
– تسود المحبة بين أفراد المجتمع .
– علو شان ومكانة الأمة .

أشكال الأمانة في المجتمع

أنواع الأمانة

  • التمسك بدين الله تعالى، وذلك بالعبادة من صلاة وصوم وزكاة وغير ذلك من العبادات؛ فكل ما اقترض على العباد فهو أمانة ولزم العمل بها وأداؤها بأكمل وجه.
  • حفظ الجوارح؛ فالأعضاء والجوارح أمانة يجب الحفاظ عليها ولا يستعملها الإنسان إلاّ فيما يرضي الله سبحانه وتعالى، فالعين لا ينظر بها إلى حرام والأُذن لا يسمع بها ما يغضب الله، وكذلك باقي الأعضاء لا يستخدمها إلا فيما يرضي الله.
  • العرض أمانة، وذلك بحفظ العرض من الفاحشة، وأن يحفظ العبد كل ما تحت يديه فيما يغضب الله فهو مسؤؤل عن رعيته.
  • العمل أمانة، فالعمل الذي يوُكل به الإنسان عليه أن يتقنه بأكمل وجه ممكن، فإن الله يحب إذا عمل العبد عملاً أن يتقنه.
  • السر أمانة يجب المحافظة على السر وعدم إفشائه، فعلى الزوجين مثلاً كتمان سر بعضهما البعض وعدم الحديث عما يدور بينهما.
  • الكلام أمانة وذلك بأن يتحدث الشخص بالكلام الحسن ويبعد عن الكلام البذيء فعليه حفظ لسانه فهو محاسب على أقواله.
  • الولد أمانة يجب الحفاظ عليه وذلك بالتربية الصالحة والرعاية له وتوفير جميع ما يحتاج.
  • الأمانة في الودائع وذلك بردّ الوديعة إلى أصحابها فمن أمن شخص على وديعته وجب عليه ردها لأصحابها.
السابق
طرق الاهتمام بالحبيب
التالي
كم فرق السنوات بين التاريخ الهجري والميلادي

اترك تعليقاً