ديني

أهمية أسماء الله الحسنى

أثر معرفة أسماء الله الحسنى

لمعرفة أسماء الله الحسنى الكثير من الآثار والفوائد على العبد، وفيما يأتي ذكر بعضها:

  • تعدّ من أعظم أسباب دخول الجنّة.
  • طريقةٌ رئيسيةٌ ليتعرّف العبد إلى ربه عزّ وجلّ.
  • تعدّ أصل كلّ العبادات التي يؤديها المسلم.
  • تعدّ سبباً من الأسباب المهمة لإجابة الدعاء.
  • جلب محبة الله -عزّ وجلّ- للعبد، فالله يُحبّ من يُحبّ أسماءه.
  • معرفة أسماء الله الحسنى بالطريقة الصحيحة معرفةٌ بكلّ شيءٍ، فإذا عرف العبد أنّ الله تعالى هو الخالق؛ عرف أنّ كلّ ما سواه مخلوقاً، وإذا عرف أنّ الله هو الرازق؛ عرف أنّ كلّ من سواه مرزوقاً، وإذا عرف أنّه سبحانه الباقي؛ عرف أنّ كلّ من سواه إلى فناءٍ.
  • تحقيق الخشية من الله جلّ في علاه.
  • التخلّص من الذنوب والمعاصي، والإقبال إلى الله -عزّ وجلّ- بالطاعات والحسنات.
  • الاتصاف والتخلّق بها.
  • طريقةٌ لتزكية النفس، وصلاح القلب.

ثمرات معرفة أسماء الله الحسنى

دراسة أسماء الله الحسنى تجدد الإيمان في القلوب وتعلقها بالله جل وعلا بعد أن غلبت المادية على عقول وقلوب الكثير منا فأنستنا حلاوة الإيمان بالله

والذي أبغيه في هذه الدراسة أن نبتعد عن المسائل الخلافية وفلسفات علماء الكلام لأني أؤمن أن العقيدة يقين يحرك وليست جدالا يؤرق ، فنتناول كل اسم تناولا إيمانيا ليكون لكل اسم في القلب أثرا كبيرا يحركه ويوقظ إيمانه المخدر ليصير إيمانا يقظا متحركا ، أسأل الله أن يرزقنا شرف التعرف عليه ، وحلاوة الأنس به .

وقبل البدء في شرح أسماء الله الحسنى نتكلم عن ثمرات معرفة أسماء الله الحسنى

الثمرة الأولى /الإيمان بالله العظيم

يقول الشيخ محمد النابلسي : الإيمان بالله شيء ، والإيمان به عظيماً شيء آخر ، قال تعالى في شأن مًن استحق دخول النار : ﴿ إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ﴾ سورة الحاقة

( العظيم ) ركز على هذه الكلمة

للتقريب : الله عز وجل يقول :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً﴾ الأحزاب

الأمر ينصب على الكثرة لا على الذكر ، لماذا ؟

لأن المنافقين يذكرون الله ، قال تعالى :﴿ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً﴾ النساء

المنافق يذكر الله ، لكنه يذكره الذكر القليل ، لذلك حينما قال الله عز وجل :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً﴾الأمر منصب على الكثرة لا على الذكر .

إذن ﴿ إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ﴾الأمر منصب على العظيم لأن إبليس آمن بالله :﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ﴾آمن به رباً وعزيزاً وخالقاً :﴿ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾

وآمن باليوم الآخر ، ومع ذلك هو إبليس ، فالذي يؤمن دون أن يستقيم يمكن أن نسمي إيمانه إيماناً إبليسياً ، الذي يؤمن دون أن يلتزم ، الذي يؤمن دون أن يقف موقفاً يؤكد إيمانه ، لأن الإيمان ما وقر في القلب ، وأقر به اللسان ، وأكده العمل

فأول شيء من آثار الإيمان بأسماء الله الحسنى تعظيم الله ، ويجب أن تؤمن أن هناك علاقة مطردة بين تعظيم الله و طاعته .

كلما تعمقت في أسماء الله الحسنى كان تعظيمك لله أكبر ، وكانت طاعتك أكثر ، وكانت مسارعتك إلى رضوانه أكثر ، فأصل الدين معرفة الله .

مقارنة بين يونس وهو في بطن الحوت وفرعون وهو يغرق :

إذن فالطاعة مرتبطة بالتعظيم والتعظيم مرتبط بأسماء الله الحسنى ، فمعرفة الله والإيمان به وتعظيمه ليس شيئا طارئا لينقذ الإنسان نفسه من الهلكة كما فعل عدو الله فرعون حينما أدركه الغرق لجأ إلى الله وقال : (آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠) يونس

فيجيبه الله (آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (٩٢)يونس

ومن الملفت للنظر أن المد في ( آلآن ) في قراءة حفص مد لازم ست حركات

(آلآن) لم تتذكر أن لك إلها تؤمن به إلا الآن

أمَّا سيدنا يونس حينما ابتلعَهُ الحوت ( فنادى في الظلمات أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) الأنبياء

لماذا قُبِلَت هذه الكلمة من يونس ولم تُقبل من فرعون ؟ كلاهما في المحنة قال : لا إله إلا الله ؟

فرعون ما عَرَفَ الله قبل المحنة لذلك ما نفعته عند المحنة

سيدنا يونس عَرَفَ الله قبل المحنة فلما جاءت المحنة نفعته هذه الكلمة هذا أول فرق فرعون الذي قال بكل كبر وغرور (أنا ربكم الأعلى ) النازعات24

أما يونس نادى وهو مكظوم ( لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ )(٨٧) الأنبياء

هناك شيءٌ آخر : وهو أنَّ سيدنا يونس قال ” لا إله إلا أنت سبحانك” كلمة (أنت) يخاطبه وجهاً لوجهٍ .

أما فرعون فماذا قال؟ قال ” لا إله إلا الذي آمنت به بنو اسرائيل ”

سيدنا يونس قال : “لا إله إلا أنت” وكأنه يرى الله معه

أما فرعون سمع أنه يوجد إله لموسى بيده كل شيء فلما شرع في الغرق شعَر أن إله موسى هو الذي أغرقه فقال ” آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو اسرائيل ” ، فذِكرُ ضمير الغائب دليل على أنه غير مُتحقق .

قُبلتْ (لا إله إلا الله) من سيدنا يونس لأنه كان من المُسبحين ولم تُقبل من فرعون لأنه لم يكن من المُسبحين .

ففِرعون حينما قال :لا إله إلا الله قبل أن يغرق قالها ليتخلّص من الغرق

الثمرة الثانية / تحقيق شرف العلم بالله

فالإنسان يشرف بقدر ما يعلم وهل هناك أشرف من العلم بالله فهو أشرف معلوم كما قال الإمام الغزالي .

ومن أعجب الأمور أن الإنسان الغربي بلغ ما بلغ من العلم وعلى الرغم من ذلك تجده إنسان جاهل بالله الذي خلقه ، فهذه مصيبة الحضارة المادية التي علقت الناس بالمادة وأنستهم الله الذي خلقهم .

يذكر الدكتور عبد المجيد الزنداني في إحدى محاضراته :

جرت مجادلة بيني وبين أحد علماء بريطانيا: البروفسور كروستوفر بالس ، وهو طبيب من مشاهير علماء بريطانيا في الطب ، فقلت له : هل وُجِدَت عينك لحكمة ؟
قال : نعم .
قلت : وهل وُجِدَ أنفك لحكمة ؟
قال : نعم.
وأخذت أعدد أعضاء الجسم .
فقال لي : هذه مواضيع أبحاث علمٍ يسمى علم وظائف الأعضاء لا يتخرج الطبيب من أي كلية في الطب إلا إذا درسه .
فقلت له : هل الحكمة من هذا العضو خاصة بالعضو نفسه ، أم أنها من أجل الكل؟
(أردت أن يعترف أن الحكمة من الأجزاء ليست من أجل الأجزاء نفسها وإنما من أجل الكل).
فقال: أرأيت لو جئت بالجهاز الهضمي وحده من دون الجسم أله قيمة؟
قلت: لا .
قال: كيف تقول: إن الأعضاء والأجهزة أحكمت من أجل نفسها ولم تحكم من أجل الكل؟
قلت له: أنا كنت أسأل وأنت قد أجبتني .

فما الحكمة من هذا الكل؟ (يقصد الإنسان )
فبهت وأطرق برهةً وأدرك أنه وقع في الفخ!!
وقال: هذه فلسفة !
قلت له: قبل قليل كان علماً (علم وظائف الأعضاء)!! لقد هربت ، وكنت أعلم أنك ستهرب ، وأنا أعلم لماذا ستهرب. ولكن قبل ذلك عندي سؤال .. أفي استعمال حذائك حكمة ؟
قال: نعم لها فائدة: فهي تقيني الأذى، فهي تحمي قدمي من الاصطدام بالأجسام الثقيلة ومن الخدش بالأجسام الحادة ، ومن التضرر بالسوائل الضارة ، ومن تقلبات الجو ، ومن اختراق بعض الكائنات وغير ذلك .
فقلت له: ألوجودك حكمة ؟
فبهت مرة ثانية !
فقلت له: والله أني لأعجب يا برفسور من حضارتكم التي تقول لكم: إن الإنسان أحقر من نعله !! فلاستعمال الحذاء حكمة، ولابسها لا حكمة من وجوده!!
أما لماذا لم تعرفوا الحكمة ولماذا هربت فذلك لأن الحكمة من خلقك لا تعرف إلا بتعليم من الخالق ، وأنتم لا تعرفون الخالق ، فكيف ستعرفون حكمة وجودكم؟! لذلك سيبقى الإنسان في نظركم أقل شأناً من الحذاء.

ولا طريق للتخلص من هذا إلا أن تعرف ربك لكي تعرف لماذا خلقك. وقلت له: يا دكتور سأضرب لك مثالاً: لو أن لدينا جهازا إلكترونيا معقدا غاليا ونريد أن نعرف الحكمة منه فليس هناك إلا طريق واحد وهو أن نتصل بالذي صنعه ؛ لأن الحكمة من هذا الجهاز مختفية في نفس الصانع .
فأضاف قائلاً: أو نتصل بمندوبه .
قلت : صدقت. فإذا أردت أن تعرف الحكمة من خلقك فليس لك إلا أن تتصل بمندوبي الذي خلقك، وهم رسل الله عليهم الصلاة والسلام .
وسيبقى الإنسان أحقر من حذائه ما لم يؤمن بالله ورسوله! لا يعرف الحكمة من وجوده، ولا يعرف ربه ، ولا يعرف لماذا دخل إلى هذه الدنيا ولماذا يخرج منها!
وهذا التخبط والحيرة والتيه الذي يعيشه هؤلاء عبر عنه أحد الشعراء في قصيدة سماها “الطلاسم” والتي تدل على عمق حيرتهم، بقوله:
جئت لا أعلـم مـن أيــن ولكنـي أتيت
ولقد أبصرت قدامــي طريقـا فمشيــت
كيف جئت ؟ كيـف أبصــرت طريقي ؟!
وسأبقـــى سائـراً إن شئت هذا أم أبيت
لســـت أدري !! …..الخ هذا الضلال

وهذا يدفعنا إلى معرفة الثمرة الثالثة

الثمرة الثالثة / السعادة في توافق الحركة مع الهدف
فالإنسان إذا عرف الله عرف نفسه والغاية التي من أجلها خلق (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )

يقول الشيخ النابلسي : عبادةُ الله علّةُ وجود الإنسان و السعادة في توافق الحركة مع الهدف .
وضرب لذلك مثالا للتوضيح :ذهب رجلٌ إلى باريس ، ونام في الفندق ، واستيقظ في صبيحة اليوم الأول ، وسأل : إلى أين أذهب ؟ ما هذا السؤال ؟ نسأله نحن : لماذا أتيت إلى هنا ؟ إن أتيت طالباً فاذهب إلى المعاهد والجامعات ، وإن أتيت تاجراً فاذهب إلى المعامل والمؤسسات ، وإن أتيت سائحاً فاذهب إلى المتاحف والمتنزهات ، متى يصح عملك في مكان ما ؟ إذا عرفت سر وجودك ، وغاية وجودك ، لذلك لا شيء يعلو في حياة الإنسان على معرفة سر وجوده ، وغاية وجوده ، وقد تجد إنسانا في أعلى درجات العقل يطلب العلم ، يبحث عن عمل صالح يرقى به عند الله ، يربي أولاده تربية صحيحة ، يتعامل مع الناس وفق منهج الله ، هذا عرف سر وجوده ، وغاية وجوده

إن طالبًا عنده امتحان في آخر سنة ، مادة أساسية أخيرة ، وأصعب مادة ، والامتحان بعد أيام ، ما الحركة المناسبة له ؟ أن يقبع في البيت ، وأن يقرأ الكتاب المقرر، لو أن أصدقائه الخلَّص أخذوه إلى مكان جميل مطلٍّ على البحر ، والجبل فيه نبات أخضر ، والطعام نفيس جداً ، وهو يحبهم ، جالس مع أصدقاء يحبهم ، والمكان جميل ، والطعام طيب ، لماذا يشعر بانقباض شديد ؟ لأن هذه الحركة لا تتناسب مع الهدف القريب .

إذاً أنت متى تسعد ؟ تسعد إذا جاءت حركتك متوافقة مع هدفك .اسأل تاجرا لا بيع ولا شراء عنده ، وهو جالس طول النهار في المحل ، هاتوا شاي ، هاتوا قهوة ، هاتوا مجلة ، هاتوا جريدة ، تجده مسموم البدن ، مع أنه مرتاح ، الراحة لا تتناسب مع هدف المحل التجاري ، أما لما ينسى أن يتغدى من كثرة البيع فهو أسعد إنسان ، ما يجلس دقيقة ، من محل لمحل ، فلما يكون البيع شديدا يكون معه تعب شديد ، ويكون التاجر في أسعد لحظاته ، ولما يكون في راحة تامة واسترخاء ، وضيافة مستمرة ، وأصدقاء وصحف ومجلات ، تجده في أتعس حالاته .
متى تسعد ؟ إذا جاءت حركتك موافقة لهدفك

ومتى تشقى ؟ إذا جاءت الحركة ليست موافقة لهدفك .

فعلة وجودنا في الأرض أن نعبده و السعادة في توافق الحركة مع الهدف .
قال تعالى : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا … (١٢٤) طه

الثمرة الرابعة / (فَادْعُوهُ بِهَا )

قال تعالى (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) الأعراف:180.

(فَادْعُوهُ بِهَا ) فاسألوه بها من أجل أن يكون الدعاء مستجاباً

وقد جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اللّهم إنّي أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك….)

و: (يا حيُّ يا قيّوم، برحمتك أستغيث.)

و ( اللهم اذهب البأس ربالناس اشف وأنت الشافي ……..)

وينبغي أن يستحضر من أسماء الله ما يناسب مطلبه فيراعى فيها التناسب ، كما تقول: يا غفور اغفر لي، ويا رزاق ارزقني، ويا منان منّ عليَّ .

ولا يقبل أن يقول اللهم عليك بمن ظلمني يا أرحم الراحمين ، أو يا شديد العقاب اغفر لي !!!

قال الأصمعي: كنت أقرأ” َوالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)

وكان بجانبي أعرابي فقال: كلام مَن هذا ؟؟
فقلت: كلام الله
قال: أعِد
فأعدت؛فقال: ليس هذا كلام الله

فانتبهتُ فقرأت: )وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيم)

فقال: أصبت
فقلت: أتقرأ القرآن؟؟
قال: لا
قلت: فمن أين علمت؟؟

فقال: يا هذا،
عزَّ فحكم فقطع، ولو غفر ورحم لماقطع

ففهم الرجل بفطرته أن القطع لاتناسبه الرحمة

ولهذا السبب نجد أن سورة التوبة لم تفتتح بالبسملة خلافا لسور القرآن لأنها افتتحت بالبراءة من المشركين (براءة من الله ورسوله) فلم يناسب لفظا ومعنى أن تفتتح بالبسملة المتضمنة لمعاني الرحمة (بسم الله الرحمن الرحيم) ، إذ لا يتفق معنى أن تفتتح خطابك بالرحمة ثم مباشرة تخبر المخاطب بالبراءة منه ، فبين المعنيين تفاوت كبير .

الثمرة الخامسة / إحصاء أسماء الله الحسنى باب من أبواب الجنة

ورد في الصحيحين عن أبي هريرة (إن لله تسعة وتسعين اسما ، مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة )

ومعنى أحصاها ليس حفظها ؛ فالحفظ وحده غير مراد إنما على الراجح من تفسيرات العلماء أن معنى أحصاها أن يعرف الاسم ويفهم معناه وأن يتعبد لله بمقتضاه

وهذا سيكون منهجنا في شرحنا للأسماء أن نتناول الاسم ونتعرف على معناه من خلال تأملات في القرآن والسنة وكلام السلف الصالح ، ثم نختم بالحديث عن ثمرات الإيمان بهذا الاسم .

وهذه الثمرات الخمس ليست هي كل ثمرات معرفة أسماء الله الحسني ؛و إلا فكل اسم سنتناوله إن شاء الله على حدة له ثمرات سنتكلم عنها

أسماء الله الحسنى ومعانيها

أسـماء الله الحسـنى ومعانيهـا

الرقم الأسم المعنى
1 الأحد المنفرد ليس معه غيره
2 الأول لا شيء قبله ووجوده سبحانه ذاتي
3 البارئ الخالق لما فيه روح
4 الباسط موسع الرزق والعلم وموسع ما شاء من كونه ومخلوقاته ورحمته
5 الباطن لا يعلم أحد ذاته
6 الباعث باعث الرسل إلى الناس وباعث الموتى من القبور وباعث الحياة كلها
7 الباقي لا يناله تغير ولا تبدل ولا زوال
8 البديع أوجد كل شيء ولا مثيل له
9 البر كثير العطايا والإحسان
10 البصير المبصر العالم الخبير من أسمائه تعالى
11 التواب يقبل توبة عباده
12 الجامع يجمع شتات الحقائق والخلائق في الدنيا والآخرة
13 الجبار المنفذ لأمره دون اعتراض
14 الجليل له صفات الجلال
15 الحسيب يكفي عباده ويحاسبهم
16 الحفيظ يحفظ عباده وكونه من الخلل والاضطراب ويحفظ أعمال العباد للحساب
17 الحق هو الحق بذاته وأمره حق
18 الحكم الحاكم الذي لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه الحكم من يفصل بين المتنازعين ويحكم في الأمور وبين الناس
19 الحكيم المدبر بحكمة عليا
20 الحليم الصفوح الساتر ذو الحلم
21 الحميد المحمود بذاته
22 الحي له الحياة الكاملة والدائمة والذاتية
23 الخافض يخفض من يستحق الخفض
24 الخالق الموجد للمخلوقات
25 الخبير العليم ذو الخبرة التامة العارف بكنه الأشياء وحقائقها
26 الرؤوف عظيم الرأفة والرحمة
27 الرافع يرفع من يستحق من عباده وما شاء من كونه
28 الرحمن المنعم بجلائل النعم
29 الرحيم المنعم بدقائق النعم
30 الرزاق خالق الرزق وأسباب الرزق ومقدر الأرزاق
31 الرشيد المرشد لعباده
32 الرقيب يراقب كل صغيرة وكبيرة ولا يغيب عنه شيء مهما دق
33 السلام الأمان لخلقه وواهب السلام لعباده
34 السميع المسمع والسامع وهو للمبالغة يسمع تعالى كل الأصوات والكلمات ويستجيب لعبيده
35 الشكور يعطي الكثير على القليل
36 الشهيد العالم بكل مخلوق
37 الصبور لا يتعجل بالعقوبة وكل شيء عنده بحكمة ومقدار
38 الصمد يقصد وحده
39 الضار ينزل غضبه على من عصاه
40 الظاهر أظهر وجوده بآياته
41 العدل العادل الكامل في عدالته
42 العزيز الغالب
43 العظيم البالغ أقصى مراتب العظمة والجلال والكمال
44 العفو يمحو سيئات من يستغفره
45 العلي المتعال ولا يدركه أحد
46 العليم العالم بكل شيء ولا يغيب عنه شيء
47 الغفار كثير المغفرة وستر الذنوب
48 الغفور كثير الغفران
49 الغني المستغني بذاته عن سواه من الخلق وكل الوجود مفتقر إليه
50 الفتاح الذي يفتح خزائن رحمته لعباده
51 القابض قابض الأرواح والأرزاق والقابض على السماوات والأرض والكون
52 القادر القوي
53 القدوس المتعالي عن كل النقائص
54 القهار القابض على كل شيء والقاهر لكل الخلائق
55 القوي بذاته ولا يحتاج إلى سواه
56 القيوم القائم بنفسه والمقيم لشؤون عباده
57 الكبير لا تستطيع الحواس والعقول إدراكه
58 الكريم يعطي من غير سؤال أو بديل
59 اللطيف العالم بخفايا الأمور ودقائقها البر بعباده المحسن إليهم
60 الله علم على الذات الإلهية المقدسة
61 المؤخر الذي يؤخر الثواب والعقاب والأجل إلى وقت معلوم عنده
62 المؤمن المؤمِّن لخلقه من العذاب والخوف
63 الماجد له المجد والكبرياء
64 المانع يمنع أسباب الهلاك ويمنع ما شاء وعمن يشاء
65 المبدئ الخالق
66 المتعالي المنزه عن مشابهة خلقه
67 المتكبر المنفرد بذاته بالعظمة
68 المتين لا يغلب ولا يقهر
69 المجيب يستجيب دعاء عباده
70 المجيد له المجد الأعلى كله
71 المحصي لا يغيب عنه شيء
72 المحيي خالق الحياة في كل حي
73 المدبر يقضي أمر ملكه ويدبر الكائنات
74 المذل يُذِلّ أعداءه وعُصاته
75 المصور المعطي كل شيء صورة تميزه
76 المعز يُعِزّ من استمسك بدينه
77 المعيد يعيد الخلق والحياة
78 المغني المتفضل بإغناء سواه
79 المقتدر المتمكن من الشيء
80 المقدم يقدر الأشياء والأوامر فيقدم بعضها على بعض وفق حكمته
81 المقسط يعطي كل ذي حق حقه
82 المقيت يكفل خلقه بالبقاء والنماء
83 الملك المتصرف بملكه كيف يشاء
84 المميت سالب الحياة من الأحياء
85 المنتقم المعاقب لمن يستحق العقوبة
86 المهيمن المسيطر
87 النافع يعم خيره كل الوجود
88 النور الظاهر بنفسه والمظهر لغيره
89 الهادي يهدي إليه عباده ويهدي كل مخلوق إلى أسباب بقائه وطريق حياته
90 الواجد لا يحتاج لعون فكل ما يريده يكون
91 الواحد المنفرد الذي لا نظير له
92 الوارث الباقي بعد فناء الموجودات
93 الواسع عمت رحمته كل شيء ووسع علمه كل شيء
94 الوالي يتابع الأشياء ويناصر من يشاء
95 الودود المحسن لعباده
96 الوكيل القائم بأمور عباده وبكل ما يحتاجون
97 الولي يتولى أمر خلقه بالرعاية
98 الوهاب كثير النعم دائم العطايا
99 بديع خالق مبدع جميل رائع محدث عجيب
100 ذو الجلال والإكرام له الكمال والجلال والإنعام

أسماء الله الحسنى

من معالم القرآنِ الكريم وسِماته المثيرةِ للانتباه كثرةُ ورودِ أسماء اللهِ الحسنى في مختلف سورِه وآياته، وفي شتَّى مواضيعه ومجالاته، وهو أمرٌ له دلالتُه المقصودة!

إنَّ كثرةَ الأسماء الإلهيَّة تدلُّ على عَظَمة الله تبارك شأنُه، وهذا ما يفتحُ لبصيرة المسلم عوالمَ رحيبة ويُفيض في أعماقه ثراء واسعًا؛ إذ إن الغايةَ القصوى من ذلك الحشدِ المتنوع للأسماء الحسنى في تضاعيف السور والآيات – هو تعريفُ الإنسانِ بالله تعالى، فالوجودُ كلُّه ليس سوى مرايا متألِّقة لأنوارِ بعض الأسماء المقدَّسة.

إذًا تعريفُ الإنسان بالإله الخالق هو غايةُ ومقصدُ ورودِ الأسماء الحسنى في القرآن الكريم، ولا شكَّ أنَّ هذا يَنسجِمُ مع طبيعة المَهمة التي خلق اللهُ تعالى لأجلِها الإنسانَ في عالم الدنيا، والتي حدَّدها في: العبوديَّة؛ أي: اتِّباع منهجِ شريعتِه في نشاطاتِ الفكر والسلوك والتنظيم كافَّة: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].

والعبوديَّة تتضمن ثلاثة أصول:

 المعرفة: توحيدُ اللهِ كما يريد الله جلَّ جلاله.

 السلوك: عبادةُ الله كما يريدُ اللهَ عز وجل.

 التشريع: اتِّباع الشريعة كما يريد اللهُ جلَّ جلاله.

و هذه هي المجالات القرآنيَّة للأسماء الحسنى.

 المعرفة والتوحيد:

حرص القرآن الكريمُ على نقاء التوحيد من كلِّ الشوائب، وشدَّد على المعرفة الصافية من كل ما يمكن أن يشوِّه جمالها، فالله سبحانه خلق الوجودَ بالحقِّ وللحقِّ؛ إذ هو الحقُّ لا إله إلا هو، وجوهرُ الحقِّ ولُبابه وبرهانُه هو التوحيد الخالصُ لله تعالى.

ومن هنا حشد القرآنُ الكريم آيات شتَّى لتحقيق هذا الهدف:

 ﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [لقمان: 27].

 ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18].

 ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 44].

 ﴿ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الشورى: 5].

• ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 29].

 ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [المائدة: 72].

وغير هذا من الآيات الكثيرة والمتنوِّعة.

♦ السلوك والعبادة:

لا يعترفُ المنهجُ القرآنيُّ بالمعرفة الباردة التي تزحمُ العقل، ولا تُترجم في واقع عملي، ولئن كان جوهرُ مَهمة الإنسان في الحياة هو معرفةَ الله تعالى وتحقيق التوحيد الخالص، فإنَّ المظهر الأول للبَرْهنة على صحة المعرفة وإخلاص التوحيد لله تعالى يتجلَّى في: إفراد اللهِ سبحانه بالعبادةِ، والتزام ضوابطِه في السلوك.

و من هنا حشَد القرآن الكريم آياتٍ شتَّى لتحقيق هذا الهدف:

 ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].

 ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [البقرة: 271].

 ﴿ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ﴾ [هود: 90]، ﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ ﴾ [الشورى: 19]، ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 199].

 ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

 ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25].

 ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].

و غير هذا من الآيات الكثيرةِ والمتنوعة.

♦ التشريع والحكم:

من سمات المنهج الإسلامي أنَّه كما لا يوجد انفصالٌ بين “العقيدة” و”العبادة”، فكذلك لا يوجد انفصالٌ بين “العقيدة” و”التشريع”؛ أي: إنَّ المسلم كما هو مُطالَبٌ بتلقِّي أخبار العقيدة وطقوس العبادة من الله سبحانه، فكذلك هو مُطالَبٌ بتلقِّي أحكام التشريع منه جلَّ مجدُه.

و من هنا حشد القرآن الكريم آيات شتَّى لتحقيق هذا الهدف:

 ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59].

 ﴿ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾ [المائدة: 48].

 ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ﴾ [النساء: 105].

 ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65].

 ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ﴾ [يوسف: 40]، ﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 10].

وغير هذا من الآيات الكثيرة والمتنوعة.

وسرُّ هذه الأصول الثلاثة أنَّ هناك تلازمًا وثيقًا وجوهريًّا بينها، فالتشريع القانوني تتحدَّد طبيعتُه في إطار المرجعيَّة المعرفيَّة والإطار السلوكي للإنسان؛ إذ لا يشعر الإنسان بقيمة المنظومة المعرفيَّة والعقائديَّة التي يتبنَّاها إلا بآثارِها في ذاته على المستوى السلوكي والتعبُّدي، وفي الحياة على المستوى التشريع والتنظيم، وهذا هو المأزقُ الذي وقعت فيه “العلمانيَّة” في العالم الإسلامي؛ فقد حاولت تجاوزَ هذه الحقيقة المركزيَّة في الإنسان بعد أن تجاوَزَتِ الحقيقة الشرعيَّة، فوقعَتْ في تناقضٍ حادٍّ، كثيرًا ما أدَّى بأقطابها لإعلانِ التمرُّد والثورة على المرجعيَّة الإسلاميَّة التي ينتمي إليها المسلم!

نُلخِّص هذا البيان المختصر في: أنَّ الأسماءَ الحسنى لله تعالى بمختلفِ مواقعِ ورودِها، في الأنفس والآفاقِ، وفي الدنيا والآخرة، وفي ظاهر الحياة وباطنِها، وظيفتُها هي:

 تعريفُ الإنسانِ بخالقه العظيم تعريفًا صحيحًا.

 ربط الكيان العقلي والوِجداني للإنسان بالله تعالى.

على أنَّ ثمراتِ هذَيْنِ المقصدَيْنِ تتجلَّى في:

 تحرير الإنسان عقلًا وضميرًا من الأهواء والنَّزَعات المنحرفة.

 إطلاق طاقات الإنسان العقليَّة والنفسيَّة لتحقيقِ العمران الربَّاني الجميل.

ولقد فهم المسلمون الأوائلُ هذه الحقائقَ الكبيرة، فكانت تلك الحضارة الإسلاميَّة الخالدة التي لم تعرف البشريَّة مثلَها من قبل ولا من بعد، والمسلم اليوم مُطالَبٌ بالعودة إلى هذه الحقائق؛ إذ لا يمكنُ القيام بالمهمة العظيمة الملقاةِ عليه؛ وهي إخراجُ البشريَّة من ضلالها الشرود إلى أنوار الحقِّ والهدى، إلا بمعرفة الله تعالى، ولا يمكنُ معرفةُ اللهِ تعالى إلا بمعرفة الأسماء الحسنى.

أول أسماء الله الحسنى

أوّل أسماء الله تعالى أوّل أسمائه -سبحانه وتعالى- وأعظمها: اسم االله، وكلمة الله عَلمٌ دالٌ على الذات العليَّة الواجبة الوجود، والتي تجمع كلّ صفات الألوهيّة، ومن دلالة الاسم فإنّه لا يجوز أن يتسمّى باسم الله أحدٌ من الخَلق، وتفخّم اللام في اسم الله ما لم يسبق الاسم بحركة الكسرة أو بحرف ياء، ويذكر اسم الله عادةً مقروناً بألفاظٍ تدلّ على معاني الجلال، مثل: بسم الله الرحمن الرحيم، ولا إله إلّا الله، أمّا أصل الكلمة فهي إلاهٌ، ولكن دخلت عليه أل، ثمّ حُذفت همزة إلاه وأدغمتْ اللام المضافة مع لام إلاه بعد حذف الهمزة؛ فأصبحت الكلمة: “الله” تبارك وتعالى،[٢] وقد ذكر بعض أهل العلم أنّ اسم الله هو اسم الله الأعظم الذي ما سأل به عبدٌ ربّه إلّا استجاب له.

الأسماء الحسنى

الأسماء الحسنى في القرآن

حث الله المسلمين بأن يدعوه بأسمائه الحسنى، ففي سورة الأعراف : وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{{180}} و في سورة الإسراء: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا{{110}}

السابق
أجمل قصص الصحابة
التالي
ما هو فضل القران الكريم

اترك تعليقاً