ديني

اعز الله به الاسلام وقوي به المسلمين

اعز الله به الاسلام وقوي به المسلمين

اعز الله به الاسلام وقوي به المسلمين ؟ من التساؤلات الديّنيّة التي يجب على كلّ مُسلمٍ ومسلمةٍ أن يكونوا على بيّنةٍ واضحةٍ منها، وذلك حتى يأخذوا منها العظات والعِبر، ويسلكوا مسلكه الذي من خلاله أعز الله به الإسلام، ولا يكاد يخلو كتابٌ من كُتُب السِّيَر من الحديث عن هذا الصحابي الجليل، وفيما يلي سنتعرّف على من هو الصحابي الذي أعز الله به الإسلام وقوي المسليمن.

عمر بن الخطاب

هو عمر بن الخطاب العدوّي القُرشيّ، وكُنيته أبو حفض، وأما لقبه؛ فقد لقّبه النبي -صلى الله عليه وسلّم- بالفاروق، وذلك لأنه كان يفرق بين الحقّ والباطل، كان ثاني الخُلفاء الرّاشدين بعد أبي بكر الصدّيق-رضي الله عنه-، وقبل عُثمان بن عفّان، وأشهر الذين حملوا السّلاح، وقادوا الجُيُوش في التاريخ الإسلام، وأكثرهم تأثيرًا[1]، وأحد المُبشّرين بالجنّة، وقد تولّى الخلافة بعد وفاة أبي بكر الصّديق، وكان ذلك في عام ستمائة وأربعة وثلاثين من الميلاد، الموافق الثاني والعشرين من شهر جمادي الآخر عام ثلاثة عشر من الهجرة النبويّة[2]، عمل بالقضاء، واشتُهر بزُهده، وورعه، وعدله، ويُروى أنه مؤسّس التقويم الهجري، وقد وفّقه الله، وازدادت رُقعة الدولة الإسلاميّة في عهده؛ حتى شملت العراق، ومصر، وليبيا، وفارس، والشام، وخراسان، وجنوب أرمينيا، وشرق الأناضول[3، وقد جعل القُدس تحت إمرة المسلمين لأول مرة، وتُعدّ ثالث أطهر مكانٍ في العالم، وقد أخضع ملوك الفرس، وجعل ممالكهم تحت إمرته، وذلك في أقلّ من عامين.

اعز الله به الاسلام وقوي به المسلمين

عمر بن الخطاب هو الصحابيّ الذي أعزّ الله -عزّ وجلّ- به الإسلام، وقوي المسلمين، وكان له دورٌ كبيرٌ في انتشار الإسلام، وفي حماية النبي -صلى الله عليه وسلّم- وأصحابه من كيد قُريش ومن أذاهم، وكان لعُمر بن الخطّاب مواقف عديدة قبل الإسلام وبعد الإسلام، وحاله قبل إسلامه يختلف تمامًا عن بعد إسلامه، وفيما يلي سنتعرّف على ذلك:

حال عمر بن الخطاب قبل الإسلام

جاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- بدعوة التّوحيد، وكان قُريش آنذاك يعبُدُون الأصنام والأوثان، وعبادتهم تلك لم تكُن عن اقتناع بنفع تلك الآلهة، وإنما لأنها موروثات عن آبائهم وأجدادهم عبدوها، وكانت دعوة النبي في بداية الأمر سرّيّة؛ حتى لا يفتضح أمرها، وتنقضي سريعًا، كانوا يجتمعون في دار الأرقم بن أبي الأرقم يتدارسون القرآن فيما بينهم، ويُبلّغهم النبي بما أنزله الله عليه، وكان عُمر من أشدّ الحاقدين على تلك الدّعوة، يتقصّى أحوال النبي، وأحوال أصحابهم؛ لأنه يُريد أن ينقضي عليهم؛ حتى من شدّة حقده، أراد أن يقتل النبي، ويضع نفسه فداءً له عند قومه ليقتلوه[4]، ويُحكى أنه عذّب جاريةً كانت له من أول النّهار حتى آخره؛ لعلمه أنها أسلمت، وقال لها:” والله ما تركتك إلا ملالة”[5]

إسلام عمر بن الخطاب

متى اسلم عمر بن الخطاب ؟ كان عُمر بن الخطّاب قبل إسلامه قاسي القلب شديد في تعامله، ولكنّ وراء تلك القسوة كان يُخفي رقّة في قلبه، ومما يدُل على ذلك ما حدث بينه وبين عامر بن ربيعة العنزي حينما رآها تستعدّ لأن تُهاجر إلى الحبشة، قال لها ” صحبكم الله”[6]، وكأن تلك الجملة قد أشعرت قلب تلك المرأة بأن إسلام عُمر بات قريبًا جدًّا؛ فأسرعت، وأخبرت زوجها بما حدث معها، فقال لها:” أطمعت في إسلامه”، فقالت: بلى، فقال:” فلا يسلم الذي رأيت؛ حتى يُسلم حمار الخطاب”، وفي كلام زوجها عامر بن ربيعة دليلٌ على أنه من المستحيل أن يُسلم عُمر لما شهده منه من قسوة القلب.[7]

كان عُمر بن الخطّاب يُسارع في نفسه اتجاهين متناقضين، اتجاه إعجابٍ من الثبات الذي عليه أتباع محمّد، وأنهم يبذلون أرواحهم من أجل الدّفاع عن هذا الدّين، وأن محمدًا كان يُلقّب بالصّادق الأمين، وأنه لم يروْا منه إلا صدق الوعد، والوفاء، وكلّ الصفات الأخلاقيّة الجميلة، والاتّجاه الثاني هو: أنه أحد أكابر قُريش، ولا يُريد أن يُخالف الاتّجاه العام في قُريش[8]، وخاصّة بعد الذي حدث من حمزة بن عبد المطلب عمّ النبي -صلى الله عليه وسلّم- مع خاله أبي جهل، ولأن عمر بن الخطاب من طبعه الصّرامة؛ قرّر في نهاية أمره إلى أنه سيقتل محمّدًا.

وفي أثناء سيره إذْ بالصّحابي الجليل نُعيم بن عبد الله القُرشي يقول له: “أين تريد يا عمر؟»، فرد عليه قائلا: «أريد محمدا هذا الصابي الذي فرق أمر قريش، وسفه أحلامها، وعاب دينها، وسب آلهتها فأقتله.»، فلمّا عرف أنه يتجه لقتل النبي قال له: «والله لقد غرتك نفسك يا عمر، أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الارض وقد قتلت محمدا ؟ أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم؟ فإن ابن عمك سعيد بن زيد بن عمرو، وأختك فاطمة بنت الخطاب قد والله أسلما وتابعا محمدًا على دينه؛ فعليك بهما.»؛ فانطلق عُمر بن الخطاب مُسرعًا إليهما؛ فوجد الصحابي الخباب بن الأرت جالسًا معهما، يُعلمهما القرآن الكريم، فضرب سعيدًا، وبعدها ضرب أخته فاطمة؛ فشقّ وجهها[9].

وكانا يتلوان ايات من قوله -تعالى-: ” طه ^ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى ^ إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى ^تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا ^ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ^ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى”[10]؛ فرقّ قلب عُمر بعدها إلى الإسلام، وأسلم، وحسُن إسلامه، وكان ذلك في شهر ذي الحجة من السنة الخامسة من البعثة.

وقيل: إنه أسلم وهو في سنّ الأربعين، أو قبلها بقليل،، وبعد ذلك خرج عمر بن الخطّاب إلى دار الأرقم بن أبي الأرقم؛ حيث كان يجتمع النبي -صلى الله عليه وسلّم- وأصحابه هنالك، واستجاب الله لدعوة النبي:” «اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين، عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام”. قال: “وكان أحبهما إليه عمر”.[11

صفات عمر بن الخطاب

أسلم عُمر بن الخطاب، وحسُن إسلامه، وكان له الكثير من الصولات والجولات في التّاريخ الإسلاميّ، ولعلّ من أبرز الصّفات التي اشتُهر بها:

الزهد

اشتُهر عمر بن الخطاب بين الصّحابة وبين المُسلمين جميعًا بزُهده، فكان كان يعيش حياة التقشُّف، مع أنه كان أمير المؤمنين، ويُروى أنه كان يمتلك ثوبًا واحدًا، يغسله، وينتظر حتى يجِفّ، ومن ثمّ يلبسه؛ فقد تأخّر على المُسلمين يومًا في الخروج إليهم للجمعة، وبعد أن خرج؛ اعتذر منهم، وقال: إنما حبسني غسل ثوبي هذا، كان يُغسل، ولم يكن عندي ثوب غيره”،

ويُروى أيضًا أن السيّدة حفصة أم المؤمنين، قالت له:” إن الله أكثر من الخير، وأوسع عليك من الرزق، فلو أكلت طعامًا أطيب من ذلك، ولبست ثيابًا ألين من ثوبك؟ قال: سأخصمك إلى نفسك، فذكر أمر رسول الله وما كان يلقى من شدة العيش، فلم يزل يذكرها ما كان فيه رسول الله، وكانت معه حتى أبكاها»، ثم قال: «إنه كان لي صاحبان سلكا طريقًا، فإن سلكت طريقًا غير طريقهما سلك بي غير طريقهما، إني والله سأصبر على عيشهما الشديد لعلي أن أدرك معهما عيشهما الرَّخِيّ”، وهذا إن دلّ فإنه يدُل على زُهده وورعه مع مكانته التي كان يحظى بها.

الرحمة

كان عُمر شديدًا في ما يتعلّق بتطبيق حقّ الله -عزّ وجلّ- وحقّ رسوله -صلى الله عليه وسلّم-، أما قلبه فكان رحيمًا، فيُروى أنه ذات يومٍ، وهو سائر مع مولاه، إذا يرون نارًا قد أوقدت في مكانٍ بعيد، فقال لمولاه: هؤلاء قوم قد قصُر بهم الليل؛ فهيّا نتقصّى حالهم، فما ذهبا إلى النّار: وجدا امرأة تضع القدر على النّار، وبجوارها أطفالٌ صغارٌ نائمون، فسألها عُمر عن حالهم، فقالت: ليس أملك طعامًا ولا شرابًا، الله بيننا وبين عمر، فأسرع عمر إلى بيت مال المُسلمين، وحمل الدقيق والسّمن، وإذ بمولاه يقول له: أحمله عنك يا أمير المؤمنين، قال: أو تحمل عني يوم القيامة، ثم ذهب إلى المرأة، ووضع الدقيق والسمن في القدر، وجهّز لهم طعامًا، ثم أيقظ الأطفال، وجعلهم يأكلون، ومن هنا يُستظهر الرّحمة التي كان عليها عُمر، وغيرها من الصفات كالعدل، والحزم.

ومن خلال هذا المقال يُمكننا التعرُّف على اعز الله به الاسلام وقوي به المسلمين ، والتعريف بعمر الخطاب، والحال الذي كان عليه قبل الإسلام، والحال الذي صار عليه بعد أن وفّقه الله -عزّ وجلّ- إليه، وقصة إسلامه، وأهم الصفات التي اشتُهر بها عُمر بن الخطاب، والتي كانت مثالًا يُحتذى به في كل عصرٍ، وفي كل زمانٍ.

السابق
من هي سيدة نساء الجنة
التالي
من هو الصحابي الذي منحه الرسول مفتاح الكعبة

اترك تعليقاً