الاسره والمجتمع

التربية الإيجابية

التربية الإيجابية

إن التربية الإيجابية هي التربية التي تُستخدم فيها تقنيات مبنية على الحب، والاحترام، والتشجيع، والرعاية، وتأمين بيئة إيجابية، وهي أسلوب التربية التي تساعد الطفل على أن ينمو ويكبر بأمانٍ وأدب، وأن ينمي ثقةً إيجابيةً بنفسه، بدلاً من أن يكبر في بيئةٍ سلبيةٍ مليئة بالانتقاد، والصراخ، ويفقد حسه بالأمان والأدب، ويفقد ثقته بنفسه، وينمي تصرفات غير سليمة، ولا تقتصر التربية الإيجابية على الوالدين فحسب، بل على كل البالغين المحيطين بالطفل والذين يعتنون به، مثل الأجداد، أو المعلمين، أو غيرهم.

وتتطلب التربية الإيجابية أن يكون مقدم الرعاية حساساً تجاه الطفل، أي أن يستشعر رغباته ويحاول تلبيتها بالطرق الفعالة في نفس الوقت.

مبادئ التربية الإيجابية

لتحقيق التربية الإيجابية ينبغي:

  • حصول الأهل على السلام الداخلي: تختلف معتقدات التربية القديمة عن المعتقدات المنتشرة في وقتنا هذا، وقد تجد الكثير من الأهل غارقين في ماضيهم ومآسيهم لدرجةٍ قد تمنعهم من إعطاء أطفالهم الفرصة على الحصول على الطفولة التي حُرموا منها، ولذا يجب أولاً أن يسعى الأهل إلى السلام الداخلي، ويسامحوا والديهم على عدم اتباع التربية الإيجابية معهم، واتباع طرق تربية قد تكون خاطئةً بنظرهم، وأساليب عقاب سلبية مثل الضرب، وأن يحوّلوها إلى دروس لتعلم الطرق الصحيحة للتربية.
  • بناء علاقات وثيقة مع الطفل: يتمكن الطفل الذي يحظى على علاقات وثيقة مع أهله أو مقدمي الرعاية له من التحكم بمشاعره وتصرفاته، ويتمكن من تطوير ثقته بنفسه، وتكون هذه العلاقات بالنسبة له واقٍ من ما سيمر به أو يختبره أو يتعلمه في حياته، وقد أظهرت الدراسات أنّ الأطفال الذين حرموا من هذه العلاقات قد يتجنبون والديهم عندما يشعرون بالسوء، وقد يلجؤون إلى طرق أخرى غير سليمة.
  • الوسطيّة في التعامل مع الطفل: تتطلب التربية الإيجابية أن يكون الأهل متوسطي التعامل مع الطفل بما يخص الصرامة، أي ألا يرخوا زمام الأمور كثيراً ويتركوا الطفل من دون قوانين أو طرق تأديب، وألا يشدوا الأمور عليه كثيراً، وذلك لأنّ الطفل يحتاج إلى الإيجابية حتى يشعر أنّه محبوب، ويحتاج أيضاً إلى القوانين حتى يشعر بالأمان ولا يضطر إلى القلق أو اتخاذ قرارات خاطئة.
  • التركيز على الإيجابيات: قد يكون من الصعب تحويل الأمور إلى الإيجابية عندما يتعلق الأمر بالأطفال، وخاصةً العنيدين منهم والذين يحبون التواصل والتعبير عن ذاتهم بالصراخ، ولكن على الأهل أن يعرفوا أنّ التصرف السلبي الذي يقوم به الطفل ناتجٌ عن حاجة عاطفية، أو فكرية، أو جسدية، أو روحانية، وأنه يلتجئ إلى أهله حتى يحصل عليها، وعليهم في هذه الحالة محاولة فهم حاجات الطفل، ومحاولة تعليمه على طرق تنفيس غضبٍ إيجابية أخرى.

فوائد التربية الإيجابية

تساهم تربية الأولاد تربية إيجابية في غرس وتطوير العديد من الأمور في شخصية الأطفال، ومنها ما يأتي:

  • التعامل مع الآخرين: يُعدّ تعليم الأطفال كيفية معاملة الآخرين باحترام، والتفكير بعواقب ارتكاب أيّ خطأ بحقهم، أحد أهداف التربية، الأمر الذي سوف يجعلهم أفرداً فعّالين ومساهمين في تنمية المجتمع.
  • تحديد الأهداف: تنمّي التربية قدرة الطفل على وضع أهداف واقعيّة يُمكن تطبيقها على المدى القصير والطويل؛ ليبني حياته وفق هذه الأهداف، ويعيش حياه سعيدة، وتزيد وعيه لعدم السعي للحصول على حياة يصعب عيشها، مثل حياة المشاهير المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعيّ.
  • الشعور بالثقة والتحكم بالمشاعر: من أهداف تربية الطفل مساعدته على الشعور بالثقة والرضا، وتنمية الشغف لديه، وتمنية القدرة على تحقيق الأهداف في مرحلة ما قبل الدخول إلى المدرسة، بالإضافة إلى تحسين الأداء الأكاديميّ من خلال تعليمه الصبر والتفاني.
  • التطوّر الجسدي: تغرس التربية الصحيحة في الأولاد نظاماً جيّداً لأسلوب الحياة وتحقيق النموّ الجسدي المثالي، ويكون ذلك بتنشئتهم على ممارسة الرياضة بانتظام، والالتحاق بأحد الأفرقة الرياضية، واتّباع نظام غذائي صحيّ مناسب، والاهتمام بالصحة العامة للجسم من خلال التعلّم واللعب في آن واحد، خاصة في مرحلة الطفولة التي يكون فيها الوالدين قدوة لأولادهم.
  • التطوّر العقلي: تُساهم التربية السليمة على صقل عقول الأولاد منذ الطفولة، وذلك من خلال زيادة قدرتهم على التحكّم في استجابتهم للأمور والمنبّهات المختلفة، والتعلّم بشكل إبداعي، وتقبّل الإخفاقات والتغلّب عليها، بالإضافة إلى فهم الانضباط وممارسته، وقبول النقد البنّاء من الآخرين، وإدراك مفهوم الجائزة والعقاب بشكل سلس وسليم.
  • التطوّر الروحي: تتجلّى التربية الصحيحة في امتلاك الأولاد للقيم الأخلاقية الصحيحة، والمبادئ الفضلى، وتقدير الوالدين، ومعرفة الصواب من الخطأ، والسعي لتصويب الأخطاء وإصلاحها، ويكمُن دور الوالدين في توجيه الأولاد منذ الصغر للإيمان بالمصالح العامّة، وامتلاك القيم والمحافظة عليها، الأمر الذي يزيد من شعور الأولاد بإكتسابهم جملة من الأهداف، والسعي لتحقيقها، وتعزيز الجانب الروحي لديهم.

التربية الإيجابية لطفل سنتين

توقف غالبية الأمهات الرضاعة في عمر عامين، ما يعني أن الطفل الآن مستقل عن الأم تمامًا ليبدأ استكشاف العالم، الأمر الذي قد يجعله يميل لكسر القواعد والعناد، فهذه طريقته ليعبر عن استقلاله وأنه يملك إرادة ورأيًا خاصًا، وللتعامل مع الطفل في العام الثاني بطريقة تربوية سليمة، واصلي قراءة السطور التالية:

  • تجاهلي السلوكيات غير المرغوب فيها: يتعلم الطفل في العام الثاني معظم المهارات من خلال التكرار، وإذا لاحظتِ من الطفل سلوكًا غير مرغوب فيه مثل أن يتلفظ بكلمة سيئة التقطها منكِ أو من والده، فتصرفي وكأنها ليست مشكلة كبيرة، فإذا تصرفت وكأنه أمرًا كبيرًا، فسيكررها كثيرًا لأنه رأى رد فعلك، هو لا يعرف أنكِ منزعجة من سلوكه ولكنه رأى رد فعل غريبًا عما اعتاد عليه، وهو أمر مثير للاهتمام بالنسبة له، ما يشجعه على تكرار السلوك حتى يرى رد فعلك مرة أخرى، لذا إذا لاحظتِ من الطفل سلوكًا غير مرغوب، فلا تبالغي في رد فعلك وحاولي التصرف بهدوء والتحدث بنبرة صوت عادية، فالتجاهل وعدم إبداء ردود فعل كبيرة تفقد الطفل الاهتمام في تكرار السلوك.
  • لا تستخدمي أسلوب النهي معه: بدءًا من العام الثاني يميل الطفل لكسر القواعد والاستقلال، لذا عند نهيهم عن فعل شيء ما، لا تستخدمي جملة لا تفعل والأفضل أن تخبريه دائمًا بما يمكنه فعله، فبدلًا أن تقولي “لا تجري”، قولي له “من الأفضل أن تمشي”، أو بدلًا من “لا تقفز على السرير”، أخبريه أن القفز على الوسادة على الأرض هو أكثر متعة، وهكذا، استخدمي اللغة الإيجابية لإعادة توجيه سلوك الطفل، فهذه الطريقة تجعله ينفذ ما تريدين ويتوقف عن السلوك مندفع.
  • امنحيه مهامًا جديدة: استغلي إحساس الطفل الجديد بالاستقلال، واجعليه مسؤولًا عن شيء ما، أو القيام بمهمة بسيطة، فبذلك تعلميين ابنك الاستقلالية، مهما كان ما تفعلينه اجعليه جزءًا منه، إذ تظهر الأبحاث أنه إذا سمحنا للأطفال الصغار بالمساعدة، حتى عندما تعني المساعدة فوضى أكثر مما لو قمنا بالأمر بأنفسنا، فإن ذلك سيؤتي ثماره على المدى الطويل، ويميل الأطفال الصغار بشكل طبيعي إلى الرغبة في المساعدة، وعند تشجيع ذلك الأمر، فسيتطوعوا للمساعدة في المنزل عندما يكونوا أكبر سنًا، اطلبي من الطفل جمع الألعاب وإعادتها إلى مكانها، أو ترتيب الغرفة، أو وضع ملابسه في الدولاب وهكذا.
  • علمي طفلك التعبير عن مشاعره: يتعلم الطفل في عمر العامين ما هي المشاعر ويعبر عنها بالطريقة الأساسية، وهذه الطريقة قد تكون غير مقبولة اجتماعيًا، فقد يقوم الطفل بضربك عندما يغضب أو الصراخ في وجهك، لذا يجب عليكِ أولًا تسمية المشاعر، وتعليمه أن لا بأس بأن يشعر بأي شيء، وأنكِ متقبلة مشاعره بكل أشكالها، وأرشديه بطريقة بسيطة عن كيفية التعبير عنها، مثل أن تقولي للصغير لا بأس أن تغضب ولكن ليس مقبولًا أن تضرب، يساعد هذا الأمر كثيرًا في التواصل مع الطفل وتحفيزه على السلوك الإيجابي، على عكس كبت مشاعر الطفل، فنرى كثير من الأمهات تخبر أطفالها “بطل عياط، أو بطل كل حاجة تزعل عليها”، وهكذا يتعلم الطفل أن يحتفظ بمشاعره لنفسه.
  • ضعي روتينًا ثابتًا لطفلك: رغم أن الروتين قد يكون مملًا بالنسبة لكِ أو لطفلك، فوضع خطوط عريضة لتنظيم اليوم، سيساعدك كثيرًا في تجنب الصدام معه في الأوقات التي تستعدين فيها للخروج أو النوم أو الذهاب للحضانة والتي قد يعترض عليها طفلك، وبصفه عامة، فإن الأطفال في عمر السنتين ليس لديهم إحساس حقيقي بالوقت، وبالنسبة لهم، قد يبدو الأمر تعسفيًا عندما نقول “انتهى وقت التلفيزيون وحان وقت النوم”، أما وجود جدول أو روتين ثابت لليوم سيمنحهم القدرة على التنبؤ بما عليهم فعله ما يؤدي إلى نوبات غضب أقل، ولا ننصح بروتين محكم، ولكن يجب أن يتعلم الطفل عند استيقاظه الخطوات التي عليه فعلها، مثل أن يساعد في ترتيب سريره، وإعداد الفطور، وتنظيف أسنانه، والاستعداد للحضانة، وهكذا هو يعلم ما عليه فعله فلا يتأفف بسببه.
السابق
سلم رواتب الاطباء في السعودية 2021
التالي
10 نصائح للتخلص من التشاؤم والتفكير بإيجابية

اترك تعليقاً