العلوم الإنسانية

التفكير الابداعي

تعريف التّفكير الإبداعي

التّفكير الإبداعي هو النّظر إلى شيء ما بطريقة مختلفة وجديدة، وهو ما يُعرف بالتّفكير خارج الصّندوق، حيث يشتمل على التّفكير الجانبيّ أو القدرة على إدراك الأنماط غير الواضحة في أمر ما، كما يمتلك الأشخاص المبدعون القدرة على ابتكار وسائل جديدة لحلّ المشكلات ومواجهة التّحديات .

مهارات التفكير الإبداعي

1- التفكير التحليلي: قبل أن تبدأ بالتفكير بشكل إبداعي في أمر أو قضية ما، عليك أولاً أن تفهمها. ويتطلّب ذلك القدرة على تمحيص جميع جوانب المشكلة بعناية لفهم ما تعنيه كلّ جزئية. سواءً كنت أمام نصّ، مجموعة من البيانات، مخطط منهج دراسي، أو معادلة علمية، عليك دومًا أن تبدأ بتحليلها قبل الشروع في التفكير في حل إبداعي لها.

2- الانفتاح: تنطوي الإبداعية على التفكير في أمور لم يأخذها أحد بعين الاعتبار من قبل. وهنا لا بدّ لك من أن تضع جانبًا أي افتراضات أو تحيّزات تمتلكها، وتنظر للأمور من حولك بطريقة جديدة تمامًا. وهكذا فالتطرق لمشكلة ما بعقل منفتح، سيتيح لك الفرصة للتفكير بشكل إبداعي.

3- حل المشكلات: لا يبحث أرباب العمل عن الأشخاص المبدعين المثيرين للإعجاب وحسب. بل إنهم يرغبون في توظيف أشخاص مبدعين قادرين على حلّ المشكلات المرتبطة بالعمل. لذا عند التقدم لأي وظيفة، لا تكتفِ بذكر قدراتك الإبداعية، وإنّما وضّح كيف ساهمت قدراتك هذه على حلّ قضايا ومشكلات سابقة.

4- التنظيم: قد يبدو هذا الأمر متعارضًا بعض الشيء مع ما هو متعارف عليه من أنّ الأشخاص المبدعين هم في الغالب أشخاص فوضويون. لكن لابدّ من التنويه إلى أنّ التنظيم يعدّ عاملاً مهمًا من عوامل التفكير الإبداعي. قد تجد نفسك فوضويًا بعض الشيء عند تجربة فكرة جديدة، لكنك تحتاج بعدها إلى ترتيب أفكارك وتنظيمها حتى يفهمها الآخرون ويتمكّنوا من السير وراء رؤيتك. أن تكون قادرًا على هيكلة خطة عمل ذات أهداف ومواعيد نهائية واضحة أمر في غاية الأهمية.

5- التواصل: لن يقدّر أحد أفكارك الإبداعية أو الحلول الإبداعية التي أتيت بها إلاّ إذا امتلكت القدرة على إيصالها بفعالية للأشخاص الذين تعمل معهم أو أولئك المعنيين بهذه الحلول. لذا لابدّ لك من امتلاك مهارات تواصل قويّة سواءً شفويًا أو كتابيًا. ليس هذا وحسب، بل يتعيّن عليك أيضًا أن تكون قادرًا على فهم الموقف جيدًا لتتمكن من التفكير فيه بشكل إبداعي، وهذا الأمر لا يتأتّى إلاّ إذا كنت مستمعًا جيدًا وقادرًا على طرح الأسئلة الصحيحة التي تقودك في النهاية إلى فهم المشكلة المطروحة أمامك ومن ثمّ حلّها.

معوقات التفكير الابداعي

  1. عدم ثقة الشّخص بنفسه وقدراته، ممّا يحول بينه وبين مواجهة المواقف التي يتعرّض لها لشعوره بالخوف من عدم النّجاح.
  2. إفراط الحماسة والإقبال مندفعًا على تحقيق النّجاح دون تأنى.
  3. تقييد التّفكير والالتزام بالتّفكير داخل الصّندوق وعدم الجرأة في تجريب وسائل غير مألوفة.
  4. الظّروف المحيطة التي تقفُ عائقًا أمامَ التّفكير الإبداعي.
  5. الصّراع الدّاخلي لرفض التّغيير والخوف من المجهول، فيضعُ الشّخص أمامه عدّة عقبات لتفادي الخطر الذي يظنُ أنّه ربما يتعرّض له أو خوفًا من النّتائج غير المتوقعة.
  6. اعتقاد الفرد أنّ التّفكير الإبداعي يستلزمُ الانضباطَ والابتعاد عن التّرفيه فيدفع به لرفض التّجريب والخروج عن المألوف.
  7. الظّروف الاقتصاديّة والثقافيّة التي تُعدُّ من أهمّ العوامل التي تؤدي للتّفكير الإبداعي. التنشئة الأسرية التي تتعامل مع الفرد بالتّسلط وغياب مساحة الحرية لإطلاق العنان للتفكير الإبداعي.
  8. العادات والتقاليد والقيم المجتمعية القائمة على التّمسك بالماضي، وتقسيم الأدوار بين الجنسين ووضعه ضمن إطار العادات والأعراف.
  9. دور الرّفاق ومدى تأثيرهم على التّوجه الإبداعي نحو بعضهم، ودور المدرسة خاصةً في المراحل الأساسيّة.

 مراحل الإبداع

1 ــ مرحلة الإعداد أو التحضير : ينغمس الفرد المبدع أو الفريق المبدع في هذه المرحلة في المشكلة، فهي مرحلة جمع للمعلومات، أما في عمل الفريق فهي مرحلة جهد تضامني تبدأ فيها صياغة الأدوار، وتعيين مساحات الاهتمامات الخاصة لكل الأعضاء، والتنسيق، والربط بين المهمات، وتشهد هذه المرحلة أحياناً تباطؤ في عملية الإبداع فعلياً، أو ظاهرياً، وخاصة عندما لا ينتج عن كثير من مسالك البحث والتحليل المطروحة إضاءات مُرشدة يمكن أن تلمس جدواها في وقتها، وهناك العديد من البحوث التي تُشير إلى أن من يُخصصون الكثير من الوقت لتحليل المشكلة، ومعرفة عناصرها قبل البدء في حلها هم الأكثر إبداعاً ممن يُسارعون في حل المشكلة.

2 ــ مرحلة الاحتضان :هي مرحلة ترتيب يتحرر العقل من خلالها من العديد من الأفكار، والشوائب التي لا ترتبط بالمشكلة، وهي تشمل هضماً عقلياً شعورياً، ولا شعوري، وامتصاص لكافة المعلومات، والخبرات المكتسبة المناسبة التي ترتبط بالمشكلة، إضافة إلى تميز هذه المرحلة بالجهد الكبير الذي يبذله المبدع من أجل حل المشكلة، وتعود أهمية هذه المرحلة إلى إعطائها فرصة للعقل للقضاء على الأفكار الخاطئة التي بإمكانها إعاقة الأجزاء المهمة منها.

3 ــ مرحلة الإشراق : هي مرحلة الحضانة، وعمل الدماغ الصامت، فباستطاعة الأفكار، والاختراعات في هذه المرحلة الخروج دون أي مُقدمات، أو إشارات، ومن الأمور الأكثر شيوعاً في ولادة الأفكار الجديدة هي أن المبدع لا يُفاجأ بولادة الحل العبقري المكتمل النهائي، بل يُفاجأ بزاوية نظر جديدة تدفعه بشكل مُفاجئ، ومُلح إلى ترك كل ما في يده، والرجوع إلى مُعالجة المشكلة دون معرفته لماذا، وحين قيامه بذلك يشعر بالسعادة، وحينما يكون المشروع الإبداعي عمل فريق فإن مرحلة الإشراق هي المرحلة التي تسوق الأعضاء ليجتمعوا، وليُصدروا أفكاراً، وإبداعات جديدة.

4 ــ مرحلة التحقيق : يتعين على المبدع في مرحلة التحقيق أن يختبر الفكرة، ويُعيد النظر بها ليرى هل هي فكرة كاملة ومُفيدة، أو بحاجة إلى شيء من التهذيب، والصقل، فهي مرحلة تجريب للفكرة الجديدة المبدعة، وهي الفيصل بين الإبداع المجرد، وبين الابتكار الموفق، فالأفكار الجديدة تحتاج إلى الحركة، والإصرار، والقدرة على البناء، والشجاعة، وتلعب الإدارة في هذه المرحلة دوراً مهماً في تشجيع، وإنجاح العمل الإبداعي.

وسائل تنمية التفكير الإبداعي

1 ــ وضع التساؤلات : تعمد طرح الأسئلة الذكية لتنمية الفكر الإبداعي لديك؛ إذ تعتبر الأسئلة من أقوى الأدوات التي تساعد على التفكير بشكل مختلف، لذلك يجب دائماً أن يفكر الشخص بالأسئلة التي تضمن ماذا لو حول كل ما يتعرض له وما يراه. كما يجب على كل شخص يبحث عن الإبداع أن يكون له أسلوبه الخاص، وتطوير نهجاً واهتماماً نوعاَ من التفكير المختلف.

2 ــ صنع حلم : إنّ أعظم ما توصل إليه العلماء البشريين هو أنّ التفكير الإبداعي لا يأتي نتيجة للذكاء الخارق، أو التفكير العصري بل هو مسألة التدريب على ممارسة التخيل والحلم، لذلك يجب على كلّ ما يبحث عن تطوير فكره الإبداعي أن يأخذ وقتاً كافٍ خلال اليوم لممارسة التخيل، أو أحلام اليقظة، وعلى الرغم من أنّ ذلك سيبدوا سهلاً، إلا أنّ طبيعة الحياة المعاصرة تفرض سيطرتها على الاستفادة من هذا الوقت نتيجة للتراكمات اليومية ووسائل التواصل الاجتماعية.

3 ــ تخصيص وقت للتفكير الإبداعي يؤكد العديد من الباحثين أنّ تخصيص وقت محدد للتفكير الإبداعي والابتكار يساعد على تطوير هذه المهارة، وعلى سبيل المثال: تطلب جوجيل من فريقها تخصيص 20% من وقتهم للتفكير الابداعي، أو للتفكير بمشاريع جديدة، وبالطبع لا يكفي تخصيص هذا الوقت بل يتطلب الأمر إلى ممارسة للحلم كما ذكرنا سابقاً، إضافة إلى أهمية التركيز على هذه الأفكار بشكل متسلسل ومنطقي.

4 ــ شرح الأفكار الخاصة يعتبر التعبير والشرح من أهم وسائل تنمية التفكير الابداعي، إذ يساعد ذلك على رؤية جوانب أخرى من الأفكار من خلال مناقشتها مع آلآخرين، وهذا ما كان يعتمد عليه مؤسس شركة أبيل، ستيف جوبز الذي كان يعمل دوماً على شرح الابتكارات التي تدور في رأسه ويشاركها مع المحيط.

5 ــ مشاركة الآخرين أفكارهم يعتبر مشاركة الآخرين أفكارهم وأفكارك من أهم الأساليب التي قد تساعد على تنمية مهارة التفكير الإبداعي لديك، فإذا شاركتهم فكرة فعلى الأغلب ستعود بفكرتين جديدتين على الأقل.

 

السابق
ما هي الانفال
التالي
ما هو الرياء

اترك تعليقاً