ديني

الصبر في الاسلام

الصبر في الإسلام

تعريف الصبر في الاسلام

الصبر نقيض الجزع، وأصله: حبسٌ أو إمساكٌ في ضيق، والصبور: القادر على الصبر، والصبار: يقال إذا كان فيه ضرب من التكلف والمجاهدة.

أما اصطلاحًا: فهو حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع، أو عما يقتضيان حبسها عنه، وقيل: هو حبس النفس عن الجزع والسخط، وحبس اللسان عن الشكوى، وحبس الجوارح عن التشويش، وقيل: الصبر قوة مقاومة الأهوال والآلام الحسية والعقلية، وقيل: الصبر هو ترك الشكوى من ألَمِ البلوى لغير الله لا إلى الله.

فالصبر بمجمل أنواعه ومجالاته: تعبير عن قوة إرادة الإنسان، وكمال عقله، وبُعده عن التسرع والطيش والرعونة، وتعامُله مع أمور الحياة ومشكلاتها بحكمة وتحمُّل ومسؤولية.

انواع الصبر

انواع صبر ثلاثة وهي:

  • صبر على الطاعة، فيصبر العبد ويجاهد ليفعل الطاعة المأمور بها، ويجاهد ما ظهر وما بطن من أعدائه، فبقدر هذا الصبر يكون فعله لهذه الأوامر والمستحبات.
  • الصبر على المعصية، وما نُهي عنه، فيصبر على ما تزين له النفس والشياطين وقرناء السوء من المعصية، فبمقدار صبره وقوته يكون تركه للمنهي عنه.
  • الصبر على المصائب التي تصيبه دون اختياره، وهي قسمان، الأولى لا اختيار لأحد فيها، كالمرض، والمصائب الكونية، فيصبر هنا اضطرارًا أو اختيارًا، والقسم الثاني هو الصبر على ما يحصل له بفعل الناس، فيصاب بماله، أو نفسه، أو عرضه، وهو نوع من المصائب من الصعب الصبر عليها، حيث تعرف النفس الجهة المؤذية، وتطلب الانتقام، وهو نوع قليل، لا يصبر عليه إلّا الأنبياء والصديقين.

فضل الصبر في الاسلام

   10 فضائل للصبر:

1- أن الصابر ممتثل لما أمر الله به، قال تعالى: وَاصبِر وَمَا صَبُركَ إلا بِاللّهِ ، وقال جل وعلا: وَاصبِر لِحُكِمِ رَبِكَ . كما أن الله نهي عن ضده وهو الاستعجال، قال تعالى: فَاصبِر كَمَا صَبَرَ أُولُوا العَزمِ مِنَ الرُسُلِ وَلاَ تَستَعجِل لَهُم . وقوله جل وعلا: وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الحُوُتِ .

2- أن الصبر فيه الخير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) رواه مسلم.

3- أن الله يضاعف أجر الصابرين على غيرهم، ويوفيهم أجرهم بغير حساب، فكل عمل يُعرف ثوابه إلا الصبر، قال تعالى: إنَمَا يُوَفَى الصَابِرُونَ أجّرَهُم بِغَيرٍ حِسابٍ.

4- أن الله أثنى على أهل الصبر، قال تعالى: وَالصّابِرِينَ فِي البأسآء وَالضّرآء وَحِينَ البأسِ أُولَئِكَ الّذَينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ المُتَقُونَ

5- أن الصابرين في معية الله، فهو معهم بحفظه وهدايته ونصره وفتحه، قال تعالى: إنّ الله مَعَ الصّابِرينَ . قال أبو على الدقاق: (فاز الصابرون بعز الدارين لأنهم نالوا من الله معية).

6- أن الصبر سبب لمحبة الله لهم، قال تعالى: وَاللّهُ يُحِبُ الصّابِرِينَ ، وفي هذا أعظم ترغيب للصبر على البلاء والرضا بمر القضاء.

7- أن الله جمع للصابرين أموراً ثلاثة لم يجمعها لغيرهم وهي: الصلاة منه عليهم، ورحمته لهم، وهدايته إياهم، قال تعالى: وَبَشّرِ الصّابِرينـ الّذِينَ إذا أصَابَتهُم مُصِيَبَةٌ قَالُوا إنّا للهِ وَإنّآ إلَيهِ راجِعُونَ ـ أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتُ مِن رّبِهِم وَرَحمَةٌ وَأولئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ . وقال بعض السلف وقد عُزِي على مصيبة وقعت به: (مالي لا أصبر وقد وعدني الله على الصبر ثلاث خصال، كل خصلة منها خير من الدنيا وما عليها).

8- ومنها أيضاً أن الله علق الفلاح في الدنيا والآخرة بالصبر، فقال تعالى: « يآ أيُهَا الّذِينَ ءَامَنُوا اصبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتّقُوا اللّهَ لَعَلَكُم تُفلِحُونَ » فعلق الفلاح بمجموع هذه الأمور.

9- تعليق النصر والمدد عليه وعلى التقوى، كقوله تعالى: « بَلَى إن تَصبِرُوا وَتَتَقُوا وَيَأتُوكُم مِن فَورِهِم هَذَا يُمدِدكُم بِخَمسَةٍ آلاف مِنَ المَلائِكَةِ مُسَوِمِين »، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (النصر مع الصبر والفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا وإن مع العسر يسرا). رواه الخطيب في تاريخه.

10- أن الصبر من أعظم النعم والأعطيات من عند الله على العبد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر). رواه البخاري ومسلم.

الصبر في القرآن

ايات القران التي تتكلم عن: الصبر و الصابرين

  • (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ(157)البقرة
  • وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ(115)هود
  • قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ(90) يوسف
  • الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ(20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ(21)وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ(22)جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ(23)الرعد
  • فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ(35)الاحقاف

فوائد الصبر في الدنيا والاخرة

وعدهم الله الصابرين الخير الكثير والعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة وعدهم في الآخرة بالجنة والكرامة قال تعالى: فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [هود:49] .كما قال سبحانه: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:155-156]، وقال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10] وقال تعالى ايضا: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97] وقال ﷺ: ما أعطي أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر، وقال ﷺ: عجبًا لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن.

فالصابر له العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة، أو له الجنة والكرامة في الآخرة إذا صبر على تقوى الله سبحانه وطاعته، وصبر على ما ابتلي به من شظف العيش والفاقة والفقر والمرض ونحو ذلك كما قال الله سبحانه: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ إلى أن قال سبحانه: وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [البقرة:177].
والصبر والتقوى عاقبتهما حميدة في جميع الأحوال، قال تعالى في حق المؤمنين مع عدوهم: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [آل عمران:120]

السابق
ما هو اكبر مطار في العالم
التالي
احترام كبار السن في السلام

اترك تعليقاً