نصائح طبية

الغيرة عند الأطفال

الغيرة عند الأطفال

يبرز عند الأطفال سلوك يعبّر عن الشعور بالغيرة، في فترات عمريّة معيّنة، والغيرة هي حالة انفعاليّة يشعر بها الفرد وتترجم من خلال سلوكه، يصاحبها نوع من الغضب نحو شخص معيّن، وتظهر الغيرة كأسلوب تعويضي معيَّن يصاحبه نوع من الكذب والتمثيل كأن يظهر الطفل فرحه وحبه للمولود الجديد، وينتهز أيَّ فرصة يخلو بها معه ليقوم بإيذائه بنوع من الضرب كالقرص أو العض، وغير ذلك، وهناك مظاهر للغيرة كما أنّ هناك أسباب تؤدّي إليها، وكذلك يمكن علاجها متى اتّبعت السبل الصحيحة في ذلك.

أنواع الغيرة

تقسم الغيرة بحسب نوعها إلى قسمين:

١- غيرة محمودة:

وهي غيرة الرجل على زوجته وأخواته وأمه وأقاربه، وهذه غيرة فطرية فطر الله تعالى الرجال عليها، كما فطر النساء عليها، ومثال عليها أن يغار الأخ على أخته أو زوجته عندما يراها تخرج متعطرة أو ترتدي ملبساً غير محتشم أو يتكلم معها الرجال الغرباء، ولا شك في أن هذه الغيرة من الأمور الممدوحة في الرجال، ومن الأمور التي تبين معادنهم، وهذه الغيرة المحمودة هي أمر طبيعي مفطور عليه كلا الجنسين، بل إن وجوده مطلوب حتى تحلو الحياة، ويتعزز جانب الأخلاق فيها.

٢- الغيرة غير المحمودة:

وهي الغيرة المرضية وتكون أسبابها نفسية، وغالباً ما يكون شكل هذه الغيرة عنيفاً وحاداً في المواقف التي تستدعيها،  وهي العامل المشترك في كثير من المشكلات النفسية عند الأطفال وتكون مدمرة للطفل والتي قد تكون سبباً في إحباطه وتعرضه للكثير من المشكلات النفسية التي سبق الحديث عنها في مقالات سابقة، وهذه الغيرة ينبغي أن تعالج من قبل أخصائيين نفسيين؛ لأنها غالباً ما تكون نتيجة خبرات وتجارب سابقة مر بها الإنسان، أو بسبب التنشئة الخاطئة من قبل الأبوين.

ولكن قد تكون الغيرة شيء صحي تجعل الطفل طموحا مقداما ويكون الأمر بالنسبة له منافسة شريفة.

متى يبدأ شعور الغيرة وكيف يظهر؟

تبدأ الغيرة عندما يرى الطفل طفلًا آخر في حضن والدته، فلو رأى الطفل انصراف اهتمام والديه عنه ولو بشكل جزئي إلى طفل آخر تبدأ مشاعر الغيرة بالظهور.

وقد تكون هذه المشاعر واضحة يستطيع الوالدين أن يشعرا بها، كالاعتداء على الطفل بالضرب أو توجيه الشتائم والكلمات العدوانية له. وقد تكون خفية تظهر بسلوكيات يخفي وراءها مشاعره الحقيقية، كتحطيم الأشياء والحزن وضعف النشاط، وقد يلجأ إلى أنماط سلوكية طفلية (نكوص) كأن يتبول ليلًا، أو يشرب الحليب من الزجاجة، وقد ينام في سرير الطفل.

هذه الأساليب يظهرها الأطفال في السنوات الأولى، وعندما يبلغ الطفل العاشرة يختلف أسلوبه في التعبير عن الغيرة ويتحول إلى أسلوب أكثر نضجًا.

أنواع الغيرة عند الطفل

يمكن تحديد بعض أنواع انفعال الغيرة كما يلي:

  • الغيرة من المولود الجديد: وهذا النوع يعتبر الأكثر شيوعاً بين الأطفال،حيث يلاحظ الطفل أنه بدأ يخسر عناية والديه لصالح الطفل الوليد، وبالتالي سوف يعتقد أنه فقد حبهما أيضاً.
  • الغيرة من الزملاء الذين يتفوقون في التحصيل الدراسي؛ ويتمتعون بالاهتمام من قبل المعلمين والوالدين.
  • غيرة الإناث من الذكور: فالكثير من الأسر وخاصة في المجتمعات النامية تفرق بين أطفالها على أساس الجنس (وهذه المسألة تؤدي لغيرة الإناث من الذكور، وبالتالي العديد من المشاكل والاضطرابات النفسية).
  • غيرة الأخوة من الأخ المدلل: لأي سبب (المريض أو الأصغر سناً أو الأكبر، الذكر الوحيد أو الأنثى الوحيدة.. الخ).
  • غيرة الطفل من أحد أقرانه أصدقاء اللعب أو زملاء الدراسة أو الأقرباء؛ بسبب تمتعه باهتمام أكبر من قبل الكبار أو لامتلاكه الألعاب أو الملابس والكثير من الأغراض الأخرى.
  • يشعر بعض الأطفال بالغيرة عند ملاحظة أن والديهم يهتمون بطفل غريب: سواء كان من الأقرباء أو الجيران أو من أبناء الأصدقاء.
  • غيرة الطفل الذكر من والده أو الأنثى من أمها: (وهذا ما تحدث عنه عالم النفس والطبيب النمساوي المعروف(سيغموند فرويد Sigmund Freud)في إطار نظريته عن عقدتي ( أوديب وألكيترا) النفسيتين، فالطفل يغار من والده عندما يلاحظ توجه اهتمام والدته نحو الوالد؛ وبنفس الطريقة تشعر الطفلة بالغيرة من أمها لأن والدها يهتم بالأم وتشعر بأن هذا الاهتمام من حقها).

أسباب الغيرة

1ـ الحرمان من العطف والحنان كأن يهتم الآباء بأحد الأبناء لأسباب تتعلق بأنه الوحيد بين البنات أو الوحيدة بين الأولاد أو لجمال الشكل أو لشدة الذكاء أو كثر المرض.

2ـ المقارنة والمفاضلة السيئة بين الأطفال سواء كانت صريحة أو ضمنية وهذا يؤدي إلى الشعور بالنقص وضعف الثقة بالنفس ويخلق العداء بين الإخوة والقلق النفسي والعصيان بدلاً من خلق الحافز للمنافسة والبذل لأنها لا تراعي الفروق الفردية والتكوين النفسي للأطفال.

3ـ مشاجرات الوالدين والتي تهدد أمن الطفل بفقد أحد الطرفين أو ما يلمسه الأطفال من المواقف الجنسية بين الوالدين.

4ـ الغيرة وليدة الأنانية فإذا ازدادت هذه الصفة تولدت الغيرة تلقائياً.

5ـ يغار الطفل أحياناً إذا وجهت الأم إلى والده عناية فائقة وسببها أنه ينازع الطفل المركز الذي يرغب فيه لنفسه عند الأم، فنلاحظ أن الطفل إذا رأى أبويه جالسين جوار بعض يقفز ليجلس بينهما ويفرقهما عن بعض لا شعورياً.

6ـ خوف الطفل من فقدان بعض امتيازاته أو احتياجاته الأساسية كالمحبة والعطف وكون شخص محبوب نظر لمولد أخ جديد له وكلما كبرت الاحتياجات التي تعطى لطفل ما زادت الغيرة عند انتقاصها منه وإعطائها لطفل آخر، وذلك كالطفل الأول أو الأخير أو الوحيد ويشعر حينها بأنه قد أتى من يحاول أن ينزع التاج عن رأسه أو على الأقل من يشاركه مملكته الصغيرة وكلما كثرت الامتيازات التي لدى طفل ما زادت الغيرة.

7ـ يغار الطفل عندما يزورهم طفل آخر ويثير انتباه والديه.

مظاهر الغيرة

للغيرة مظاهر خارجية يمكن الاستدلال منها أحياناً على الشعور الداخلي، وفي غالب الأحيان لا يكون هذا سهلاً لأن الشخص في العادة يحاول أن يخفي الغيرة بإخفاء مظاهرها قدر جهده.. ويمكننا أن نلمس مظاهر الغيرة في التالي:

1ـ الغضب بمظاهره المختلفة من ضرب أو هجاء أو نقد أو تخريب أو ثورة أو عصيان أو ما يشبه ذلك من استخدام العنف وإتلاف الأملاك واللعب، وقد يصل العدوان إلى غيبة الأبوين إلى درجة يكون أكثر خطورة من ذلك.

2ـ الميل للصمت أو التهجم أو الابتعاد أو الإضراب عن الطعام أو النكوص إلى السلوك الذي يعود بالطفل إلى مرحلة سابقة كأن يلجأ الطفل إلى مص الأصابع أو التبول اللا إرادي بعد أن يكون قد ضبط عملية التبول، أو الحبو بعد أن تعلم المشي، أو التأتأة بعد أن يكون قد تعلم الكلام، وكأنما يتخذ الطفل من غريمه نموذجاً يحتذى في الحصول على اهتمام الوالدين.

3ـ محاولة الطفل الحصول على ما فقده بمختلف أساليب التحايل كأن يقوم أحياناً بتقبيل المولود وملاطفته حتى يحتفظ الطفل الأكبر بمركزه عند أمه وقد يكون هذا السلوك تعويضاً للشعور بالنقص.

4ـ الأعراض السايكوماتية مثل القيء والاضطرابات المعوية والعزوف عن الطعام أو فقدان الوزن وشعور بالتعب والصداع وأحياناً الاكتئاب، غير أن هذه المظاهر لا نراها إلا في الحالات المتطورة جداً في الغيرة وهي تشكل نسبة ضئيلة من حالات الغيرة عند الأطفال في هذه المرحلة.

علاج الغيرة عند الأطفال بالقرآن

علينا أن نعرف أن علاج الغيرة عند الأطفال بالقرآن هو علاج روحي وليس عضويًا، ويعتمد على تحصين الطفل، خلال فترتي الصباح والمساء بالأذكار، وقراءة آيات القرآن للتحصين، والنفس في كفك ومسح جسد الطفل كاملًا بكفك، وترديد الأدعية التالية “أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامّة ومن كل عين لامّة ” 7 مرات، ودعاء “أعيذك بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن برّ ولا فاجر من شر ما خلق وبرأ وذرأ ومن شر ما ينزل من المساء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما يخرج من الأرض ومن شر ما يكمن فيها ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر كل طارق إلا طارق يطرق بخير يا رحمن “.

أيضًا التحصين بدعاء “أحصنك بإلهك وإله كل شيء، وأعصمك بربك ورب كل شيء وأوكلك على الحي الذي لا يموت، واستدفعك الشر بلا حول ولا قوة إلا بالله ، حسبك الله ونعم الوكيل ، حسبك الرب من العباد ، حسبك الخالق من المخلوق ، حسبك الرازق من المرزوق ، حسبك الله الذي بيده ملكوت كل شيء وهو يُجير ولا يُجار عليه ، حسبك الله وكفى ، سمع الله لمن دعا ، وليس وراء الله مرمى ، حسبك الله لا إله إلا هو عليه توكلنا وهو رب العرش العظيم “.

معالجة السلوك المترتب على الغيرة

إنّ الغيرة بشكل عام قد تكون مقبولة متى كانت في حدودها المعقولة، ولكن متى اتخذت مظاهر تعبير سلبيَّة كالضرب، والصراخ، والتخريب، وإيذاء الذات أحياناً فلا بدَّ في هذه الحالات من العلاج ، ويكون ذلك بعدّة سبل منها: الحكمة، وذلك بإظهار اهتمام مساوٍ للطفل القديم والجديد، وذلك بالمساواة في التقبيل، والحضن، والحمل، والملاعبة، فهذه تمتص أي شعور سلبي بالغيرة، بل قد يولّد لدى الطفل محبَّة لإخوته الجدد. تجنب التدليل الزائد قدر المستطاع. تحقيق الأمن الأسري. العدل في المعاملة، وتجنُّب المفاضلة والتمييز بين الأطفال. التخفيف من تعلّق الطفل بأبويه قدر الإمكان.

كيفية علاج غيرة الأطفال

الابتعاد عن مقارنة الطفل بالآخرين يمتلك كلّ طفل مواهب ونقاط قوّة وضعف تُميّزه عن غيره من الأطفال، ولذلك لا بُدّ من الامتناع عن مقارنة الطفل بقدرات غيره؛ لأنّ ذلك يُسبّب الغيرة والمشاكل بين الأطفال. يقول الدكتور أفيدان ميليفسكي، مؤلف كتاب”العلاقات الحميمة في مرحلة الطفولة والمراهقة: التنبؤات والنتائج”: يجب أن يتخذ الآباء في معاملتهم مع أطفالهم دور المدربين وليس دور الحكام، كما يجب البُعد عن مُعاقبة الأطفال الذين يملكون مشاعر الغيرة؛ فالغيرة هي مشاعر إنسانيّة طبيعية يشعر بها جميع الأفراد، ولذلك يُفضّل دراسة أسباب الغيرة، وعلاج الحالات والأسباب التي تؤدي إليها، ويمكن أن يقوم الوالدان بتخفيف حدّة الغيرة بين الأخوة، أو بين الطفل والأطفال من حوله من خلال عدم المُقارنة والتمييز بين الأطفال.
تعليم الطفل الامتنان والصفح يجب تعليم الأطفال كيفية التقدير واحترام خبرات الآخرين، وتقدير كل الصعوبات والتحديات التي تُعزّز من مشاعر التعاطف والامتنان والتسامح بين الأطفال والأشقاء، ويساعد الامتنان في الحدّ من مشاعر الغيرة، ويخلق بيئةً مليئةً بالحب والمودة.
الاستماع إلى احتياجات الأطفال يجب الاستماع إلى احتياجات الطفل من خلال السماح له بحريّة التكلّم عن مشاعره بكل بساطة، وقول الكلام الذي يشجّعه، ويُشعره بحب الغير، ويبعده عن الحسد والغيرة.
قراءة قصص حول آثار الغيرة تُسبّب الغيرة آثاراً سلبية في علاقات الصداقة بين الأطفال، ولذلك يجب إعطاء الطفل فرصةً للكشف عن آثار الغيرة، وذلك من خلال قراءة قصص حول هذا الموضوع، أو تطبيق قصص كلاسيكية حول الحسد، والغيرة، والشجاعة، والتسامح.
الحصول على مساعدة مهنية ينبغي الحصول على مساعدة الطبيب النفسي في حالة عدم نجاح التعامل الأسري والمنزلي مع مشكلة الطفل الغيور؛ حيث يمتلك علماء النفس والمتخصّصون في “ديناميات الأسرة والتعامل مع الأطفال” حلولاً مبتكرةً لمشكلات الطفولة، وذلك من خلال تقديم طرق توضّح كيفية التعامل السليم في المنزل، والتي تساعد على التقليل أو التخلُّص من مشكلة الغيرة.
السابق
ما هي أسباب تغير لون كف اليد
التالي
اضرار ارتداء الاحذية الضيقة

اترك تعليقاً