ديني

الفرق بين التوكل والتواكل

قصص عن التوكل والتواكل

التوكل والتواكل



يحكى أن رجلاً متعبداً في قرية كان قدوة للجميع لمستوى تدينه الرائع ، و كان كل أهل القرية يسألونه في أمور دينهم و يتخذونه نموذجاً يحتذى في الإيمان بالله.
ويوما ما …. حل طوفان بالقرية أغرقها بالماء و لم يستطع أحد النجاة إلا من كان معه قارب …
فمر بعض أهل القرية على بيت المتعبد لينقذوه فقال لهم : ” لا داعي ، الله سينقذني .. اذهبوا”..
ثم مر أناس أخرون و قال لهم نفس الكلام : ” لا داعي ، الله سينقذني ..اذهبوا”..
و مرت أخر أسرة تحاول النجاة بنفس المتعبد و قالوا له :” اركب معنا نحن أخر من في القرية فإن لم ترحل معنا ستغرق” ، فأجاب : ” لا داعي ، الله سينقذني ..اذهبوا”..
انتهى الطوفان وتجمع أهل القرية فوجدوا جثة المتعبد فثار الجدل بين الناس ، أين الله؟ .. لماذا لم ينقذ عبده؟… قرر البعض الارتداد عن الدين !..حتى جاء شاب متعلم واعٍ و قال : ” من قال لكم إن الله لم ينقذه ؟… إن الله أنقذه 3 مرات عندما أرسل له ثلاث عائلات لمساعدته لكنه لم يرد أن ينجو!”.
الحكمة : إن الله لا يساعدنا بطرق خرافية ووهمية ، إنما هو يجعل لكل شيء سبباً وعلى الإنسان الاجتهاد و الأخذ بالأسباب كي ينال مساعدة الله .

معنى التوكل

  1. التوكل لغةً: هو من وَكَلَ، ويعني الاعتماد على الغير لتسيير أمرٍ ما وتفويضه، وإظهار العجز أمامه، فعندما نقول وكلت أمري لفلان فذلك يعني أنني اعتمدت عليه، ووكّل فلان فلاناً إذا استكفاه أمره ثقةً بكفايته، أو عجزاً عن القيام بالأمر بنفسه، ويُقال وكل إليه الأمر وَكْلاً ووكولاً: أي سلمه وترك، والوكيل الذي يقوم بأمر موكله، بينما التوَكُّل في علم الكلام هو جمع العزم على الفعل في اطمئنان القلب إليه تعالى.
  2. التوكل اصطلاحاً: هو صدق الاعتماد على الله في تسيير الأمور، واستجلاب المصالح، ودفع مضارّ الدنيا والآخرة، فيكون العبد واثقاً مما عند الله تعالى، وراضياً به، ويائساً ممّا في أيدي الناس، قال تعالى: (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) ‏[‏المائدة‏:‏ 23‏‏‏]‏، وقال تعالى‏:‏ (إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ) ‏‏[‏يونس‏:‏ 84‏‏]‏.

حكم التوكل على الله

يختلف حكم التوكل حسب معناه، وحكمه كالتالي:

  • التوكل بمعنى الثقة بالله والاعتماد عليه في الأمور كلّها واجبٌ، وأمر به الله سبحانه وتعالى في آيات كثيرة من القرآن الكريم، فأمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين بالتوكل عليه، فقال في كتابه الكريم: (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).
  • التوكل بمعنى أن يجعل الشخص غيره وكيلاً عنه يتصرَّف في شؤونه فيما يقبل النيابة: فهو جائز.
  • التوكل بمعنى الاعتماد على الله والثقة به والرجوع إليه في كل الأمور، لا يدخل في مباحث الفقه، وإنّما موطنه الأصلي كتب الأخلاق والتّوحيد؛ لأن التوكل هنا من الأعمال القلبية مثل: الإيمان، والتّفكر، والصّبر، والرِّضا بالقضاء والقدر، ومحبَّة الله سبحانه وتعالى ومحبّة نبيّه، ومعرفة الله، وتطهير النَّفس من الرذائل كالحسد، والحقد، والرياء في العمل.

نتائج التوكل على الله

الأول :الاستفادة من الطاقات المادية والمعنوية.
إنّ التوكل على الله يدفع الإنسان إلى أن يبذل قصارى جهده في الاستفادة من طاقاته المادية والمعنوية، بَيدَ أنه لا يعتمد عليها اعتماداً كلياً،بل يعتمد على الله تعالى باعتباره السبب الأقصى والنهائي لكل شيء،وقد جاء في بعض الأدعية الواردة عن أهل البيت عليهم السلام ما يُبين هذا الأمر، كماجاء في أدعية الرزق: ((اللهم يا سَبَبَ من لا سَبَبَله،يا سَبَبَ ُكل ذي سَبَبٍ،يا مُسَبِبَ الأسباب من غِير سَبَبٍ،سَببْ لي سَبَباً لن أستطيع لهُ طَلباً))ففي بعض الأحيان إذا أوصدت جميع الأبواب أمام الإنسان فسوف يجد باباً لا يُوصد أمامه وهو باب الله تعالى،القادر على إزالة الكرب وتفريج الملمة.

الثاني :الاطمئنان والاتزان والسكينة.

إنّ التوكل على الله يُحقق الاطمئنان والاتزان ـ الذي أشرنا إليه فيما تقدم ـ وذلك لأنّ التوكل على الله توأم مع ذكرالله تبارك وتعالى، فمن يتوكل على الله ويرى أنّ الأمور بيده تعالى،فهو ذاكر لله في كنه وجوده وفي سريرة نفسه، ولذا، يقول الله تعالى في الذكرالحكيم: {أَلاَبِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }،فالإنسان إذا بذل قصارى جهده مع السير بثبات من خلال توكله على الله يعيش الاتزان والاطمئنان والسكينة في خطواته.

الثالث :تحمل الصعاب واجتياز العقبات.

إنّ المتوكل على الله يستطيع أن يتحمل الصعاب ويجتاز العقبات الكبرى وأن يواجه أعتا القِوى في العالم من دون خوف، وذلك من خلال التوكل على الله بشرط أن يسير على وفق وطبق المنهج الإلهي، فإذا سار الإنسان على طبق الموازين الشرعية والإلهية معتمداً على نفسه ومتوكلاً على الله، فإنّ الصعاب والعقبات الكبرى تتضاءل أمام ناظريه إلى أن تتلاشى، وبالتالي يتحول ذلك المستحيل إلى ممكن، وذلك الممكن إلى واقع، وقد رأينا في سيرة الأنبياء والرسل، بل وحتى في سيرة الصالحين كيف استطاعوا بالاعتماد على ذواتهم، وبتفعيلهم لقدراتهم الذاتية مع توكلهم على الله تعالى أن يُحققوا الإنجازات الكبرى في التاريخ، فمن ينظر إلى سيرة موسى عليه السلام أو إبراهيم عليه السلام في مواجهة تلك القوه الهائلة وذلك الجبروت الكبير، وكذلك من ينظر إلى سيرة ذي القرنين يجد أنّ الاعتماد على النفس والتوكل على الله توأمان،أمكن بهما تحقيق تلكم الإنجازاتالكبرى.

الرابع :السيروفق المنهج الإلهي.

إنّ المتوكل على الله لابد أن يسير على وفق المنهج الإلهي، مع الأخذ بالأسباب الطبيعة الموصلة إلى النتائج – كما أشرنا إلى ذلك سابقاً – ولذا، نجد أنّ القران الكريم أشار مفصحاً وموضحاً لهذه النقطة بالذات، من خلال قوله تعالى : {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}، وهذه الآية هي من غُرر وروائع القران الكريم، وكل آي القرآن الكريم غُرر وروائع، فنلاحظ في هذه الآية أنّ القرآن يأمر النبي(ص) كشرح لمنهج رباني عام أن يستشير ذوي الخبرة والاختصاص في المجالات المتعددة، كي يسير على وفق ما توصل إليه من الاستشارة، مع أننا نعتقد أنّ النبي(ص) هو الأعلم والأفضل والأكمل ولا يحتاج إلى أحدٍ سوى الله تعالى، كما أنالله تعالى يريد من ذلك أن يُؤسس منهجاً ربانياً في القرآن الكريم من خلاله يبلورهذا المفهوم العام، لأنّ المسار العام للإنسان الإلهي لابد أن يكون على وفق الاستفادة من الآخرين في تخصصاتهم وحقولهم العلمية المختلفة، وبالتالي، على الإنسان قبل أن يصل إلى المراحل الأخيرة والنهائية للعزم أن يستشير، كما أنه إذا وصل إلى مرحلة العزم والجزم والجزء الأخير من العلة النهائية ـ كما يُعبر عن ذلك العلماء ـلا يكتفي بذلك وحده، بل يحتاج أن يَقرُنَ ذلك بالتوكل على الله.
والآية عندما تقول: {وَشَاوِرْهُم فِي الأَمْرِ}، فلا يعني ذلك أنّ الإنسان يستشير أي شخص حتى لو كان لا يملك تجربة أو لا يحمل اختصاصاً ، بل الاستشارة تكون لذوي الخبرة وأصحاب الاختصاص، ولكنه مع ذلك لا يركن إلى الأسباب الظاهرية وحدها من دون أن يعتقد أنّ الله تعالى بيده جميع الأسباب وهو مسبب الأسباب – كما أشرنا إلى ذلك فيما تقدم .

الخامس :عدم الغرور والتكبر .

وأيضاً من نتائج التوكل على الله أنّ الإنسان لا يُصاب بالغرور، ولا يعتريه الكبرياء مهماحقق من إنجازات، لأنه يرى أنّ تلكم الإنجازات الكبرى والعظيمة لم تتحقق من خلال ذاته وحدها، وإنما كانت بتوفيق ومعونة وتسديد من الباري تبارك وتعالى، وباعتباره يسير في صراط العبودية المستقيم فلا يُصاب بالغرور ولا تعتريه الكبرياء،لأنّ ذلك يُدلل على وجود مرض وحقارة في ذاته، لا تنسجم مع صراط العبودية ـ الذي أشرنا إليه ـوذلكما يوضحه الأئمة من أهل البيت عليهم السلام، ولذا،يقول إمامنا الصادق عليه السلام: ((ما من رجل تكبّر أوتجبّر إلا لذلةٍ وجدها في نفسه ))، ويقول عليه السلام أيضاً))ما من أحدٍ يتيه( التيه هو الكبرياء مع اختيال )إلا من ذِلَةٍ يجدها في نفسه ((،وهذا الإنسان المؤمن الذي يسير في ذلك المسار الراشد ويُعلّم أبناءه على السير فيه،لا يجد ذِلَةً في نفسه بتوكله على الله ،{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}.

السادس :معرفة الحدود والقدرات والإمكانيات.

إنّ المتوكل على الله يعرف حدوده، ويدرس إمكانياته دراسةً متقنةً ومقننةً، وهذا يُدلل عليه ما أوضحناه فيما تقدم، غير أننا نشير إليه بتفصيل أكثر، فالإنسان إذا انطلق في قرارته من تهور ودون دراسة أو أقدم على فِعلٍ دون حكمة واستشارة فإنّ النتيجة لنتكون كما يصبو إليه.
وذلك بخلاف، ما لو انطلق من خلال معرفة الحدود والإمكانيات والدراسة الدقيقة والمتوازنة،ثم سار على وفق معرفته لقدراته وإمكانياته، فإنه سيصبح مورداً وموئلاً لتقديرواحترام المجتمع الذي يعيش في كنفه، وبالتالي سوف تتعزز ثقته بنفسه، وسوف يتمكن من التقدم إلى الأمام بخطواتٍ ملؤها الثبات والنجاح، يقول إمامنا أميرالمؤمنين عليه السلام موضحاً لهذا الأمر: (( من وقف عند قَدرِهِ أكرمه الناس))، ويقول عليه السلام: (( من تعدى حدَّه أهانه الناس))، (كتاب الغُرر للآمدي).
إذاً هذه النتائج تترتب على مسألة التوكل على الله، والمربي الناجح الذي يريد أن يُوصل أسرته إلى قمة الكمال لابد أن يُعزز في هذه الأسرة هاتين الجنبتين:
الأولى:الاعتمادعلى النفس بتفعيل الطاقات، والذي قلنا أنّ الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام تُشير إلى هذه الأمر بعنوان اليأس عما في أيدي الناس .
الثانية:هو أن يَقرُنَ الثقة بالنفس والاعتماد على ذاته بالتوكل على الله،حتى لا يُصاب باليأس أو يعتريه الغرور، بل يصل إلى شاطئ الأمان وساحل النجاة.

اعقلها وتوكل

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال، قال -عليه الصلاة والسلام-:”قال رجلٌ يا رسولَ اللهِ: أعقِلُها وأتوكَّلُ أو أُطلقُها وأتوكَّلُ قال: اعقِلها وتوكَّلْ” ، يعتبر حديث اعقلها وتوكل من أكثر الأحاديث النبوية المتداولة على ألسنة الناس وقبل الخوض في تفسير هذا الحديث لا بُد من الإشارة إلى أنّ حديث اعقلها وتوكل من الأحاديث المُختلف على صحتها فقد حسّنه الألباني والأرناؤوط وصححه ابن حبان وأنكره وضعفه عددٌ لا بأس به من المحدثين كابن القطان وابن حجر العسقلاني لكنه من الأحاديث التي يُستأنس بها في مسألة التوكل على الله والأخذ بالأسباب طالما هناك من حسّنه من المحدثين الثقاة.

يُخبر أنس بن مالك -رضي الله عنه- إجابة الرسول الكريم لأحد الوافدين عليه حين سأله عن إحكام وَثاق الناقة وأيهما الأنسب ربطها مع الإتكال على الله أم تركها دون وثاقٍ مع الإتكال على الله، فكانت إجابته -عليه الصلاة والسلام- متماشيةً مع النواميس الكونية والتي جعلت لكل شيءٍ سببًا وهذا السبب لا بتعارض مع الإيمان بالله تعالى، فإجابة النبي -عليه الصلاة والسلام- بكلمتيْن تحملان في طياتهما دروسًا في الإيمان إذ قال للرجل: اعقلها أي أحكم شدّ ركبة الناقة مع ذراعها بحبلٍ متينٍ كي لا ينفك عقالها وتهيم على وجهها وهو ما يُعرف بالأخذ بالأسباب أي دفع الضرر وجلب الخير ببذل الأسباب المعينة على ذلك مع ما يقبله العقل السليم والمنطق والفطرة وفي ذات الوقت وبالتزامن مع الأخذ بالسبب توكلْ على الله، فلا تعارض بينهما البتّة بل يجب تزامنهما معًا ولا يصح أحدهما دون الآخر مع الإيمان المطلق أنّ قدر الله نافذٌ في الوقت المحتوم.

كيف أتوكل على الله

أمور كثيرة إن فعلها العبد المسلم تحقق لديهِ التوكل على اللهِ سبحانه، منها:

  • البعد عن الذنوب والمعاصي التي تُغضب الله عز وجل، فإقدام العبد على فعل معصيةٍ ينافي مفهوم التوكل على الله سبحانه. قال تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى).
  • يتحقق التوكل على الله بإيمانِ العبد بأنَّ ما كتب الله سبحانه نافذٌ، وما قدّره الله له كائنٌ، وإن بدت الأمور بعكس ما يريد العبد فعليه الإيمان بأنَّ الله سبحانه قد اختارَ لهُ الأفضل. قال تعالى: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).
  • تحقيق التوكل لدى العبد لا ينافي السعي والأخذ بالأسباب، التي قدَّر الله عزّ وجل المقدورات بها، وجرت سنة الله في خلقهِ بذلك، فالله سبحانه وتعالى أمر العبد بالأخذ بالأسباب، كما أمرهُ بالتوكلِ عليه سبحانه، فالسعي في الأسباب يكون بالجوارحِ طاعة لهُ، والتوكل على الله يكون بالقلبِ إيماناً بهِ سبحانه، قال الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ)،[٩] وقال سبحانه: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ)،[١٠] وقال سبحانه في سورة الجمعة: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ)،[١١] ويغفل الكثير من الناس عن التوكل على الله سبحانه وتعالى، ويقفون على الأسباب الظاهرة المحيطة بهم، ويُتعبون أنفسهم بالأخذِ بالأسباب، ويجتهدون غايةَ الاجتهادِ، ومع هذا كله لا يأتيهم إلا ما كتبهُ الله وقدَّرهُ لهم، ولو أنَّهم إلى جانب أخذهم بالأسباب حققوا التوكل على الله سبحانه بقلوبهم لساق الله إليهم أرزاقهم، مع أدنى وأصغر سببٍ. كما يَسوق للطيور أرزاقها، بمجردِ الغدو والرواح وهو سعيٌ للرزقِ يسير، ولذلك على المسلم أن يتذكر أموراً ثلاث، وهي:
  1. ليس هناك تعارضٌ بين التوكّلِ والأخذ بالأسباب.
  2. يجب على المسلم الأخذ بالأسباب، وإن كانت في نظرهِ ضعيفة في نفسها أو ليس لها تأثيرٌ، فهذه السيدة مريم عندما أراد الله سبحانه أن يُطعمها، أمرها سبحانه بهزِ جذعِ النخلةِ، فأخذت بالأسبابِ رغم ضعفها، روى معاذ بن جبل فقال: (كنتُ ردفَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على حمارٍ يقال له عفيرٌ، فقال: يا معاذُ، هل تدري حقَّ اللهِ على عبادِه، وما حقُّ العبادِ على اللهِ. قلت: اللهُ ورسولهُ أعلمُ، قال: فإنَّ حقَّ اللهِ على عباده أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئًا، وحقُّ العبادِ على اللهِ أن لا يعذبَ من لا يشرك به شيئًا. فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أفلا أبشر به الناسَ؟ قال: لا تبشِّرهم فيتَّكلوا).
  3. عدم الاعتماد بشكلٍ أساسي وقاطعٍ على الأسباب فقط، وإنَّما يعتمدُ المسلمُ في البداية والنهاية على الله سبحانه، مع أخذهِ بالأسباب، فالله يُقدّر الأمور بأسبابها.
  • يتحقق التوكل بمعرفةِ المسلم أنَّ بتوكلهِ هذا ينالُ رضا الله سبحانه ومحبته، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)، ويُجازى المتوكل بالجنة، والتي هي أسمى أماني المؤمن، قال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ*الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).
  • يتحقق التوكل بشعور العبد بضعفهِ، وفقرهِ، وحاجته لله سبحانه وتعالى، فمهما بلغ من أسباب القوة يبقى ضعيفاً، ويحتاج إعانة الله له في أمور حياته، وفي التغلب على مصائبهِ، وكروبهِ، قال تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا).

منهم المتوكلون على الله

جزاء التوكل على الله

  • النصر من الله سبحانه وتعالى ثمره من ثمرات التوكل عليه فمن يتوكل عليه سبحانه فهو حسبه ونصيره فالأمر كله بيد الله تبارك وتعالى، كذلك يقوي التوكل على الله إيمان العبد فالتوكل علي الله نصف الإيمان كما يقول سعيد بن جبير.
  • جعل الله عز وجل جزاء التوكل عليه أعظم جزاء وهو كفاية العبد في جميع شؤونه فيكون الله حسيبه وكافيه ويجعل له مخرجا من  كل ضيق، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” إذا خرج الرجل من باب بيته كان معه ملكان موكلان به فإذا قال:بسم الله قالا:هديت فإذا قال:لا حول ولا قوة إلا بالله قالا:وقيت فإذا قال:توكلت على الله قالا:كفيت قال: فيلقاه قريناه فيقولان:ماذا تريدان من رجل قد هدي ووقي وكفي”. رواه الترمذي.
  • التوكل على الله يورث الشجاعة في القلب والصبر وقوة التحمل و والثقة بالله والرضا بقضائه وقدره وسببا في دخول الجنة والنجاة من النار يوم القيامة.
السابق
دواء كالسير – calsyr لعلاج هشاشة العظام.
التالي
دواء كالسيوم جلوكونيت – Calcium gluconateيستخدم لتعويض النقص في مستويات الكالسيوم في الدم والإنعاش القلبي

اترك تعليقاً