العلوم الإنسانية

تاريخ الفلسفة المعاصرة

الفلسفة المعاصرة

  • يشير مصطلح الفلسفة المعاصرة إلى الحقبة التاريخية الحالية الفلسفة الغربية التي بدأت مع نهاية القرن التاسع عشر بـالإعداد المهني لهذا الفرع من فروع المعرفة ونشوء علم الفلسفة التحليلية والقارية.
  • وتعبير “الفلسفة المعاصرة” ما هو إلا مصطلح تقني في الفلسفة يقصد به فترة خاصة في تاريخ الفلسفة الغربية. إلا أن هذا التعبير يختلط على الكثيرين مع مصطلح فلسفة الحداثة (الذي يشير إلى فترة أخرى سابقة في الفلسفة الغربية) ومصطلح فلسفة ما بعد الحداثة (الذي يشير إلى كتابات نقدية لفلسفة الحداثة كتبها فلاسفة أوروبيون).

تاريخ الفلسفة المعاصرة

  • ترتبط فلسفة أي عصر وزمان بفلسفة العصور والأزمان التي سبقتها، حيث إنها لا تنبثق فجأة من العدم، ولكنها تأتي معتمدة على ما سبقها كما هو حال جميع العلوم.
  • كما يرتبط تاريخ الفلسفة المعاصرة بتاريخ الثورة الصناعيّة، حيث إنّ التطوّر الصناعي والاقتصادي طرح في أذهان الكثير من الفلاسفة المعاصرين مسألة الإنسانيّة وما تعنيه، ومعنى الفرديّة وما يجعل كل إنسان مميّزاً عن غيره من المخلوقات وغيره من البشر، وذلك في عصر يسود فيه التعميم على كل شيء، حتى على البشر، حيث يصبح كل ما يهم هو الأرقام والإحصاءات، فظهرت هذه الفلسفة كنوع من الدراسة والتحليل لهذا العصر فسُميّت “فلسفة معاصرة” نسبة إلى ما تعاصره من ظواهر في المجتمعات المختلفة.

الفرق بين الفلسفة الحديثة والمعاصرة

  • تُجدر الإشارة إلى أنه يوجد فرق بين الفلسفة المعاصرة والفلسفة الحديثة ؛ حيث أن الفلسفة المعاصرة هي التي تشتمل على مفاهيم متعلقة بزمن أو وقت ما ، وهي التي قد توصلنا إليها حتى وقتنا هذا ، في حين أن الفلسفة الحديثة هي التي قد بدأ تسطيرها منذ بداية القرن الـ 21 وهي تُعد من أهم إنجازات القرن الماضي .
  • الفلسفة المعاصرة هي التي تتضمن النقد والدراسة والتحليل للمعرفة العلمية في إطار ما هو معروف في الأوساط البحثية باسم الدراسات النقدية للعلوم بمختلف أنواعها ، وهي تنصب بشكل أساسي على دراسة الوجود البشري والإنساني وتناول مختلف القضايا السياسية والاجتماعية ومحاولة إيجاد حلول منطقية لها .
  • وفي الوقت الحالي ؛ هناك اتجاه من فلاسفة العصر الحديث الذين يميلون إلى نقد عدد كبير من المفاهيم والسلوكيات والأفكار الخاصة بالفلسفة القديمة الكلاسيكية بهدف تصحيح المفاهيم والاهتمام بالجوانب والأفكار التي تم تهميشها في الفلسفة القديمة .
  • الفلسفة الحديثة:في مقالة جدلية حول الفلسفة الحديثة ؛ تم الإشارة إلى أن هذا النوع من الفلسفة يُعبر في صورته الحديثة عن الاعتماد بشكل أساسي على كل من المنطق والتقنيات الحديثة أيضًا ، وبذلك فقد اختلفت الفلسفة الحديثة عن الفلسفة القديمة التي كانت تتناول مواضيع مُحددة مثل الحق والعدل وغيرهم ؛ حيث اشتملت الفلسفة الحديثة على بعض النظريات المتعلقة بالعقل والمعرفة والأخلاق واللغة وقد تطرقت الفلسفة الحديثة أيضًا إلى تناول مختلف أنواع العلوم والفنون والفلسفة الخاصة بكل منهم .
  • وقد ظهرت الفلسفة الحديثة في أوروبا مع قدوم القرن الـ 17 ، وهي تعد الأكثر استخدامًا اليوم بين الدارسين والباحثين والقراء ، ويُرجع بعض المؤرخين ظهور هذه الحقبة الجديدة من الفلسفة إلى ظهور ما هو معروف بفلسفة الشك عند ديكارت والتي اعتبروها نواة بزوغ تلك الفلسفة الحديثة ، ومن جهة أخرى ؛ يُرجع البعض هذه الفلسفة إلى عصور النهضة الحديثة .
  • ومن اهم فلاسفة الفلسفة الحديثة كل من : ( مالبرانش ، سبينوزا ، ديكارت ، باروخ ، وغيرهم ) وكانوا ينتمون إلى المدرسة الفلسفية العقلانية ، بينما كان هناك بعض الفلاسفة الذين كانوا ينتمون إلى المدرسة الفلسفية التجريبية التي كانت تتبع مبدأ أن المعرفة لا بد أن يسبقها تجربة حسية ، ومنهم : ( جون بيركلي ، ديفيد هيوم ، وجون لوك ) وغيرهم .

مدارس الفلسفة المعاصرة

أهم المدراس الفلسفيّة

  • المدرسة الفلسفيّة الفيثاغورية تعود نسبتها إلى فيثاغورس، الذي قام بإنشائها في جنوب إيطاليا، وترى هذه المدرسة أنّ الحركة أساس الحياة ومنها تصدر الأصوات على أنّها أنغام موسيقى، ويقال بأنّ التطور في العمران الحديث يعود للمدرسة الفيثاغوريّة، وتلقّب بأعجب مدرسة في التاريخ.
  • المدرسة الفلسفيّة الأكاديميّة أسّسها الفيلسوف أفلاطون، وتعدّ أشهر المدراس الفلسفيّة وأطولها عمراً، وتعتبر المدرسة الأكادمية في عقيدتها الأقرب إلى المدرسة الفيثاغوريّة، وكان لها دور كبير في تطوير علوم الرياضيات والفلك وخاصةً المدرسة الأكاديميّة في العصور القديمة، لكنّ المدرسة الأكاديميّة في العصور الوسطى تأثّرت بالشك كثيراً لما يدور من حولها، أمّا الأكادميّة الجديدة تطورت مع تطور الرواقة.
  • المدرسة الفلسفيّة المشائيّة تأسست هذه المدرسة على يدّ أرسطو الذي كان تلميذ أفلاطون، وسميّت أيضاً بمدرسة اللوقيون أو الليسية، وسميت بالمدرسة المشائيّة وفقاً لاسمها، أي أنّهم كانوا يتعلّمون وهم يمشون، وقدّ استطاعت المدرسة بقيادة أرسطو كبير الفلاسفة في اليونان أن تسيطر مدرسته على التفكير البشريّ بشتى اتجاهاته لفترةٍ قرونٍ متواليةٍ، فاستخدم أرسطو قالباً علميّاً دقيقاً، وأسس منطقية وعقلية في المدرسة المشائيّة، وتمحورت قواعد المدرسة المشائيّة حول قواعد عقليّة لها الفضل في فصل الخصومات والنزاعات، وأساسها الفكر الصحيح، والاستدلال القويم، كما أنَّ هذه المدرسة تحاول ربط أبحاث الفلسفة بقضايا الإنسان، والتي هذه القواعد بالاضافة إلى قواعد أخرى ما زال يعمل بها حتى هذه اللحظة، فلقب بذلك أرسطو بالمعلم الأول، ويعدّ الكنديّ، والفارابي، وابن سينا، والطوسي، والميرداماد، وابن رشد، أهم الفلاسفة المسلمون اللذين ينتمون إلى هذه المدرسة العظيمة.
  • المدرسة الفلسفيّة الرواقيّة قام زينون الرواقي بإنشاء مدرسة الرواقّة في مدينة أثينا، نسبة إلى الرواق وهو المكان الذي كانت تدرس فيه المدرسة علومها، فقدّ تعمق الرواقيين في الفكر الإنساني، ويعتقد الرواقيون أنَّ العواطف التي تصيبنا تجاه أمور معينّة تنتج عن أخطاء في الحكم، وأنَّ الشخص الذي يكون كامل أخلاقياً وفكرياً لن يُعاني من هذه العواطف، لأنّه يستطيع الحكم على الأمور وتقديرها بأنها سوف تحدث لا محاله، وقام الرواقيين بطرح فكرة أن المعرفة لا يمكن أن تتحقق من خلال استخدام العقل، فالحقيقة يمكن تمييزها عن الخطأ، وأنَّ الكون هو مادة منطقية، والمادة المعروفة باسم الله أو الطبيعة، كما أنّها تدعو إلى الكونيّة أي أن يعيشوا في محبة وأخوة، لأن الناس عبارة عن روح عالميّة واحدة، ويقول أوبتيتكوس أنَّ كل إنسان هو في المقام الأول مواطن لذاته، لكنه أيضاً عضو في مدينة كبيرة من الآلهة والرجال.

الفلسفة المعاصرة قضايا واتجاهات

قضايا اهتمت بها الفلسفة المعاصرة

  • الفلسفة والانسان
  • الفلسفة والعلم
  • الفلسفة والحقيقة

الفلسفة والإنسان:

  • اهتمت الفلسفة المعاصرة بالإنسان إذ اعتبرت أنّ أهم ما يميزه هو الحريّة، فيستطيع الإنسان أن يحقق لنفسه ما يريده في المستقبل، إضافةً إلى مسؤوليته تجاه البشرية جمعاء ليس فقط تجاه نفسه وهذا الأمر مرتبط بحريّته، فالإنسان يختار الخير لنفسه وللبشريّة جمعاء.

الفلسفة والعلم:

  • يعتقد أصحاب الفلسفة المعاصرة، أنّ المعرفة العلميّة لا تعد انعكاسًا للواقع بل ترجمةً له، فتحوله إلى نظريات قابلة للتكذيب لأنها متغيّرة، ولأنّ النظريّة العلميّة فانيّة، والعلم هو المعركة الّتي تقود إلى الحقيقة.

الفلسفة والحقيقة:

  • يعدُّ التقدم العلمي هو المحرك الأساسي للفلسفة المعاصرة وقد تزامن مع ذلك زيادة شعور الإنسان بتفرّده عن الآخرين، إضافةً إلى نزعة التحرر من سيطرة الكنسية وقيودها، وظهور النزعة الرومانسية، الّتي تهتم بالعاطفة والشعور، وتعدُّ الحقيقةُ مجموعة من التشبيهات والمجازات والاستعارات المرتبطة بالإنسان، ومع الاستخدام المستمر لها أصبحت تتصف بالإكراه والشرعيّة والسلطة، ومن أهم ما يميّز الفلسفة المعاصرة هو تعدد المصادر المعرفيّة للفلاسفة، والتخلّص من الحواجز الفكريّة بينهم، وأخيرًا تبادل الخبرات والمهارات.

مذاهب الفلسفة المعاصرة

أهم مّذاهب الفلسفة المُعاصرة

أصل كلمة فلسفة جاءت من اللغة اليونانيّة القديمة فيلوسوفيا “philosophia”، وتعني حب الحكمة والسعي من أجلها، وتكمن أهميّتها في أنّها من أقدم العلوم المعروفة وقد تفرّعت منها علومٌ أُخرى على مر السنين مثل الفيزياء والفلك والأحياء والرياضيّات، والفلسفة المعاصرة هي أحدث فلسفة وصلت إليها الفلسفة الغربيّة إذ تطوّرت وعاصرها فلاسفة جدد في القرن العشرين والواحد والعشرين، ومن أهم مذاهبها ما يلي:

  • الوجوديّة: يهتم هذا المذهب بالإنسان وحياته وموته وعلاقاته مع الآخرين، وتهتم أيضًا بوجوده الواقعي وهو موضوع الفلسفة، وأهم شروط تحقيق هذا الوجود للإنسان هو الحريّة.
  • البنيويّة: هو مذهب يتألّف من عدّة ظواهر متقاربة يتوقّف كلٌ منها على الآخر، ويشتمل على البنيّة الشخصيّة والمجتمع والنص الأدبي، وقد نشأ هذا المذهب في ظل ظروف البناء والتطوّر إذ كان المجتمع الأوروبي يتّجه نحوها، ويتّجه نحو تطوير العلوم الإنسانيّة؛ لتلحق بالعلوم التجريبيّة.
  • البرجماتية: البرجماتية هي كلمة مشتقة من كلمة يونانيّة الأصل وتعني مزاولة العمل بجديّة أو العمل المفيد، بدأت الفلسفة البرجماتية مع بداية القرن العشرين، كمذهب فلسفي في الحياة، وتعدُّ الفلسفة البرجماتية من المذاهب الفلسفيّة السياسيّة، وتحمل عدّة أسماء مثل فلسفة الذرائع والمذهب العملي، وترى أنّ المقياس الحقيقي هو النجاح في العمل، وما يحكم على الإنسان هو عمله، وأبرز مؤسسيها هو (تشارلز بيرس)، وهو المؤسس والواضع لحجر الأساس للبرجماتية، (وليم جيمس) وهو أحد روّاد علم النفس الحديث، (جون ديوي) وهو أحد المؤسسين الأوائل للفلسفة البرجماتية الحديثة، وأحد أشهر أعلام التربيّة الحديثة.

أهم أعلام الفلسفة المعاصرة

أبرز فلاسفة الفلسفة المعاصرة

ظهر في العصر الحديث العديد من الفلاسفة، وعدت صفة التطور العلمي السريع هي أبرز ما أثر على أفكارهم الفلسفية والمنطقية، وفيما يأتي أبرز فلاسفة هذا العصر مع ملاحظة أن بعض الفلاسفة منهم وُلدوا وتوفوا قبل العام 1832م، وهو التاريخ الذي يعتمده بعض العلماء كبداية للفكر الفلسفي المعاصر، ولكن من جهة أخرى البعض الآخر لم يضع نقطة لبداية هذا العصر وقال أن فلاسفة هذا العصر هم من برزوا بعد العصور الوسطى، وهم كالآتي:

  •  رينيه ديكارت : ولد العالم الفرنسي في العام 1596م، وتوفي في العام 1650م، وقد برز في علوم الرياضيات والفيزياء، وهو من تحدث في كتاباته الفلسفية عن الوجود التي تلخصت في العبارة الشهيرة المنسوبة إليه ” أنا أفكر إذًا أنا موجود”، فآمن بإزالة المفاهيم السابقة الموروثة والبدء من جديد دون أي بقايا للأفكار القديمة.
  • فرنسيس بيكون : ولد الفليسوف البريطاني في العام 1561م، وتوفي في العام 1626م، وقد عمل في مجال المحاماة وبرز في الأبحاث العلمية لتطوير مناهج علمية حديثة، وله العديد من المؤلفات والأعمال الهامة؛ إذ كتب مذكرة سياسية كانت السبب في شهرته هي “رسالة نصح للملكة إليزابيث”، فحاول رسم نظام علمي جديد، ولكنه لم يَنَلْ الدعم والتأييد من الملكة، ولكنه استمر في كتاباته وحصل على العديد من المراكز السياسية الهامة؛ فكان يُلقب بالفارس، ولكن حياته السياسية انتهت عندما اتهم بالرشوة، فترك السياسة وانتبه للتأليف وكتابة المقالات.
  • جان بول سارتر : ولد الكاتب والفيلسوف الفرنسي في العام 1905م، وتوفي في العام 1980م، وهو أبرز الفلاسفة المرتبطين بالمذهب الوجودي والجدلية، وقد فاز بنوبل ولكنه رفضها، وقد عمل في الأرصاد الجوية التابعة للجيش الفرنسي، ووقع في أسر الجيش الألماني عام 1940م، وبعد فك أسره عمل في مجال التدريس بضواحي باريس، فعاد لها مشاركًا في تأسيس حركة سرية تحت عنوان “الاشتراكية والحرية”، ولكن لم يكتب لهذه الحركة النجاح، فتفرغ للكتابة في الفلسفة الوجودية مستفيدًا من تجاربه في الحرب العالمية الثانية، واهتم في كتاباته بمعاداة السامية، فكتب ووضح مفهوم هذه الكراهية في كتابة “معاداة السامية واليهود”، فعارض الحكم في فرنسا وأعلن اعتناقة للماركسية، فزار كوبا والتقى بزعيمها كاسترو وجيفارا.
  • إيمانويل كانت : ولد الفليسوف الألماني في العام 1724م، وتوفي في العام 1804م، وعُدَّ آخر من أثروا بأفكارهم في ثقافة أوروبا الحديثة، وتحدث في مؤلفاته عن نظرية المعرفة الكلاسيكية، فقد ركز على الأخلاق والأفعال المعنوية، وقال أن الأخلاق مشتقة من العقلانية، فحكم الأخلاق يتبع العقلانية، فالصحيح يكون صحيحًا والباطل يكون باطلًا، فلا يوجد لون بين الأبيض والأسود يُسمى رماديًا في الأخلاق، وهو أمر ملزم به البشر إذا ما أرادوا اتباع الأخلاق.
  • فريدريك نيتشه : ولد الكاتب والفليسوف الألماني في العام 1844م، وتوفي في العام 1900م، والذي ركز في فلسفته عن الخير والشر، وكيف أن الإيمان ينتهي في المجتمع الحديث، والمبدأ الذي يخلد الإنسان، وانتهت حياته في مشفى الأمراض العقلية بعد معاناته من مرض الاختلال العقلي.
  • جورج فيلهلم فريدريش هيغل : ولد الأديب والفلسيوف الألماني هيغل في العام 1770م، وتوفي في العام 1831، وقال العلماء أنه آخر فلاسفة الفلسفة الحديثة، فقد شرح الأفكار الفلسفية السابقة لأرسطو وأفلاطون.
  • ألبير كامو : وُلد الفليسوف الصحفي في الجزائر عام 1913م، وتوفي العام 1960م، وهو كاتب فرنسي من أصول جزائرية، فقد اشتهر بكتاباته التابعة للمدرسة العبثية، ونال جائزة نوبل للآداب في العام 1957م.
  • كارل ماركس : ولد الصحفي والخبير الاقتصادي والفليسوف في ألمانيا عام 1818م، وتوفي في العام 1883م، وهو من أشهر الثوار الاشتراكيين، فهو من أسس الماركسية المناهضة للرأسمالية الغربية.

أهم تيارات الفلسفة المعاصرة

االظاهراتية (الفنومنولوجيا)

  • يقوم المنهج الفنومنولوجي في أساسه على تحليل جوهر المعطى أو الظاهرة. وهو يمثل الاتجاه الثاني بعد المنطق الرياضي الذي ظهر في الفكر الأوروبي وساهم في قطع الجسور مع اتجاهات القرن التاسع. والاختلاف الرئيس بين هذا المنهج والمنطق الرياضي يتمثل في أن المنهج الفنومنولوجي لا يستخدم الاستنباط على الإطلاق، ولا يهتم إِلاّ قليلاً باللغة، ولا يقوم بتحليل الوقائع التجريبية بل بتحليل الماهيات.
  • ومؤسس هذا المنهج هو ادموند هوسرل(1859 _ 1938م) الذي كان قد درس الرياضيات والفلسفة في لايبتزيج وبرلين وفينا، قبل أن يصبح فيلسوفاً يطبع عصره بطابعه المنهجي الخاص. ولا يخلو فكر هوسرل من اللبس أحياناً والغموض أحياناً أخرى، لذلك قد لا يكون ممكناً تقديم عرضٍ موجزٍ يفصح عن تمام أبعاده.

الوضعية المنطقية :

  • اسم أطلقه بلومبرج وفايجل عام 1931م على الأفكار الفلسفية الصادرة عن الجماعة التي أطلقت على نفسها (جماعة فينا). وقد أنشأت هذه الجماعة في أوائل العشرينات من القرن العشرين حلقةً للمناقشة غير رسمية بجامعة فينا، يتزعمها موريس شليك(1882 ـ 1936م) أستاذ كرسي العلوم الاستقرائية في هذه الجامعة.
  • ومن أعضاء هذه الجماعة البارزين رودلف كارناب(1891 ـ 1970م)، وفردريك فايزمان، وكلاهما تعلم تعليماً رياضياً في بداية الأمر، وكارل بوبر(1902 ـ 1991 م). وانخرط في هذه الجماعة مجموعة من العلماء توزعت اهتماماتهم العلمية في عدة تخصصات، فمثلاً كان(هانزهان) و(كارل مينجر) و(كورت جودل) من علماء الرياضيات، بينما كان (أوتونيورات) عالم اجتماع، و(فكتور كرافت) مؤرخاً، و(فليكس كوفمان) رجل قانون، و(فيليب فرانك) أستاذ فيزياء بجامعة براغ. أما سبب لقاء هذه الجماعة في حلقة معرفية مشتركة، فيعود الى توحدها في هم مشترك بينها، يتمثل في الاهتمام بالمنهج كمدخل أساسي، والسعي لتأسيس الفلسفة العلمية أو التنظير للفلسفة علمياً من خلال ممارسة التحليل المنطقي، فضلاً عن السعي لتوحيد العلوم جميعا

الوجودية :

  • تطلق الوجودية على اتجاهات فلسفية متعددة، تتفق على أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يسبق وجودُه ماهيَّته، وان الإنسان لا يمكن فهمه إلا في المواقف التي يختارها لنفسه .
  • وتندرج في الوجودية اتجاهات يقول بعضها بوجودية مسيحية يمثلها كل من سورين كيركغارد (1813 ـ 1855م)، وغبرييل مارسيل(1889 ـ 1973م)، ووجودية ملحدة يمثلها كل من مارتين هيدغر(1889 ـ 1976م)، وجان بول سارتر(1905 ـ 1980م ) ، أو وجودية فردانية نجدها عند كيركغارد وسارتر، ووجودية منطبعة بالماركسية كما عند هنري لوفيفر. وقيل بوجودية لا تنطوي تحت هذه التصنيفات كوجودية كارل ياسبرز(1883 ـ 1969م)، وموريس مرلوبونتي(1908 ـ 1961).
  • لقد كان للوجودية تأثير واسع على الثقافة والأدب والفنون، مثلما نلاحظ في روايات ومسرحيات سارتر، وألبير كامو، وسيمون دي بوفوار، وجان جينيه وغيرهم، وامتد تأثيرها على مظاهر الحياة الاجتماعية لاسيما لدى الشباب.

مدرسة فرانكفورت :

  • نشأت هذه المدرسة في جامعة فرانكفورت حول معهد البحث الاجتماعي الذي تأسس عام 1923 م، وكان مؤسسوها أربعة من الفلاسفة وعلماء الاجتماع، وهم: ماكس هوركهايمر (1859 ـ 1973م) مؤسس معهد البحث الاجتماعي ومديره لمدة طويلة، وأدورنو(1903 ـ 1969م) الذي عمل أستاذاً في جامعة فرانكفورت، وماركوز (1898 ـ 1979م) الذي درس الفلسفة في برلين وفريبورج وحاضر في جامعات كولومبيا وهارفارد، وكان أستاذاً للفلسفة والسياسة في جامعة براندايز، ثم اصبح استاذاً للفلسفة في جامعة كاليفورنيا بسان ديبجو، وهابرماس (1929م) الذي كان أستاذا للفلسفة وعلم الاجتماع في جامعة فرنكفورت ثم أصبح مديراً لمعهد ماكس بلانك في شتارنبرج. أسس المعهد (مجلة البحث الاجتماعي) لنشر أبحاث هذا الفريق، فكانت الأبحاث تحقيقاً لمشروع مشترك، وهو تأسيس النظرية النقدية للعلوم الاجتماعية في صيغة برنامج مشترك، وهو يعادل في الفكر المعاصر المذهب في الفلسفة الحديثة .
  • كانت هذه المدرسة تعمل كفريق مشترك، إذ يأخذ هوركهايمر الموقف، ويقوم زملاؤه بالبحث: (بولوك) في الاقتصاد السياسي، و(فروم) في التحليل النفسي، و(لوفنتال) في النقد الأدبي، و(ماركوز) في الفلسفة، و(أدورنو) في الموسيقى خاصة وفي النقد الادبي والتحليل النفسي وعلم الاجتماع عامة .
  • أجرت مدرسة فرنكفورت مراجعة شاملة للوعي الأوروبي تكويناً وبنية، وأعادت النظر في أهم مذاهب الفلسفة الغربية وتياراتها، وقد بيَّنَ هوركهايمر وأدورنو حدود التنوير بأنه أعلى ما وصل إليه الوعي الأوروبي، وأعلنا نهايته.

البنيوية :

  • بلغت البنيوية أو (البنائية) ذروة ذيوعها كاتجاه فكري فلسفي في الستينات من القرن العشرين، وبات مألوفاً بين المثقفين أن يُنظَر إليها كمذهب فلسفي يتسم بالشمول ويهدف إلى تقديم تفسير موحد لعدد واسع من قضايا الفكر والمعرفة، فقد امتدت إلى ميادين متنوعة انبسطت على عدة مجالات، ففي مجال اللغويات نجد (جاكوبسون) و(شومسكي)، وفي التحليل النفسي نجد (لاكان)، وفي النقد الأدبي (رولان بارت) الذي فتح عهداً جديداً في تفسير النصوص على أساس بنائي، وفي الفلسفة كان (ميشال فوكو) يبهر الجماهير بآرائه في كتابه ( الكلمات والأشياء)، أما (التوسير) فقد كان يقرأ التراث الماركسي (رأس المال) قراءة بنائية جديدة، وكان عالم الانتربولوجيا (كلود ليفي شتراوس) يواصل جهوده الحثيثة في قراءة القرابة والأسطورة في المجتمعات التقليدية، هذه الجهود التي حققت مكانة بارزة للبنيوية بين المذاهب الفلسفية في النصف الثاني من القرن العشرين.

 ما بعد البنيوية :

  • منذ بداية السبعينات في القرن العشرين ظهرت محاولات في أوروبا لبناء فلسفة جديدة تملأ الفراغ الفلسفي في الثلث الأخير من هذا القرن، بعد تراجع البنيويه وتزايد الأعمال النقدية لمقولاتها، فولدت الفلسفة التفكيكية كأقوى اتجاه فلسفي معاصر من بين عدة اتجاهات بعد هذه الفترة، وأصبحت هي السائدة في فرنسا، وانتشرت بعد ذلك في الولايات المتحدة واليابان .
  • ورائد هذه الفلسفة الفيلسوف الفرنسسي جاك دريدا(1930) الذي بدأ بالظاهريات ثم ثنى بهيدغر، ثم تميز بعد ذلك بتحليلاته اللغوية الفلسفية الخاصة وأسس “الكلية الفلسفية” لممارسة الفلسفة التفكيكية كفريق .
السابق
أسباب تشقق الأظافر عند الأطفال
التالي
أدوات الأظافر وكيفية استخدامها

اترك تعليقاً