التفسير

تحرير فلسطين من علامات الساعة الكبرى أم الصغرى؟

تحرير فلسطين من علامات الساعة الكبرى أم الصغرى؟ وبم نستدل على ذلك؟ فنشير أن اليهودية ديانة وليست هُوية، فالطبيعي أن الديانات تنتشر في كافة بقاع العالم، لتستقر في نفوس الناس وليس على أرض مادية، فما بال أولئك يريدون قومًا معينًا لهم، وحينما يختاروه يقع اختيارهم على مكانٍ مقدس لكل الأديان، فأيُّ عدل هذا؟

فقد أثارت الأحداث الراهنة الشكوك حول تلك المسألة الجليلة وهي تحرير فلسطين من بطش الصهاينة المُحتلين وإذا كانت تعتبر من دلائل اقتراب الساعة أم لا، وجب علينا أن نقوم بالتوضيح من خلال موقعنا لإجابة سؤال هل تحرير فلسطين من علامات الساعة الكبرى أم الصغرى؟

تحرير فلسطين من علامات الساعة الكبرى أم الصغرى؟

يراود الناس الآن مسألة في غاية الأهمية، خاصةً باعتبار تحرير فلسطين المنشود علامة من علامات الساعة، وهل هي من العلامات الكبرى أم الصغرى، فإذا كانت من العلامات الصغرى فهذا يبرر حدوثها الآن، أما إن كانت من العلامات الكبرى فهل من المنطقي حدوثها قريبًا، وبم نستدل على ذلك؟

فكل تلك الأسئلة خطرت في الأذهان نظرًا لما يعانيه الشعب الفلسطيني في الوقت الراهن من أحداث مضطربة، جعلت الأزمة تتفاقم بينه وبين العدو الصهيوني.

إن الله أخبرنا أن بطش اليهود سينتهي لا محالة، وسيكون ذلك على يد المسلمين، لكننا لا يجب أن نربط بين تحرير فلسطين المتوقع وبين زوال اليهود المُطلق على أيدي المسلمين، ولا يُمكن أن نعتبره من الأساس علامة من علامات الساعة.

لذلك تكون العلامة على قيام الساعة هي الحرب بين المسلمين واليهود، هذا هو ما أشار الرسول إليه، وليس تحرير فلسطين.

نرد على ذلك بأن هناك اختلافًا بالضرورة بينهما، لأن المسلمين ليسوا فلسطينيين فقط، بل الرسول أخبرنا بكافة المسلمين، الذين سينتصرون على اليهود في النهاية، لذلك ليس علينا أن نُجزم أن مسألة تحرير عرب فلسطين من علامات الساعة، حتى وإن كان ذلك الحدث من عظيم الأحداث التي ينتظرها العرب منذ بداية الاحتلال الصهيوني، فمهما كان الأمر من الغرابة لا نستدل به على كونه إحدى العلامات الصغرى أو الكبرى.

ليس لنا أن نرد شيء مثل تلك المسألة لمجرد الاجتهاد في الأمر، حيث إن الأمر يتعلق بالأمور الغيبية وهي حدوث الساعة، أما عن علاماتها فنحن قادرين على أن نشهدها بوضوح لأن الرسول الكريم قد أخبرنا بها في غير موضع، وهذا سنقوم بتوضيحه فيم يلي.

براهين السنة النبوية

إن الأمر الذي لا خلاف عليه أن نهاية اليهود ستكون على أيدي المسلمين، وهذا ما تم نقله عن السنة النبوية الشريفة، عندما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف حيث قال: “لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تُقاتِلُوا اليَهُودَ، حتَّى يَقُولَ الحَجَرُ وراءَهُ اليَهُودِيُّ: يا مُسْلِمُ، هذا يَهُودِيٌّ وَرائي فاقْتُلْهُ” (صحيح البخاري).

ففي حديثنا حول إجابة تحرير فلسطين من علامات الساعة الكبرى أم الصغرى، نشير إلى تفسير الحديث الشريف، فهو يشير إلى هو واضح أمامنا الآن، فعداء اليهود مستمر منذ دهر بعيد، حينما أرادوا جمع شتات أمرهم ومواطنيهم ليستقروا بالاستيطان البغيض في أرض غير أرضهم.

لذا أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن حقد اليهود على الإسلام والمسلمين قائمٌ حتى قيام الساعة، ليكون الحال بين قبول السلم تارةً والحرب تارةً كما نشهد، حتى يكون يوم الخلاص وهو يوم انتصار أهل الحق والعدل، أهل الإسلام والعروبة.

فيكون قتال اليهود على يد المسلمين بقيادة عيسى عليه السلام، أما اليهود فسيحتمون بالدجال لقيادتهم، والله سينصر المسلمين حينها حينما يشاء سبحانه وتعالى أن يتعاون كل شيء مع المسلمين حتى الجمادات.

فيتكلم الحجر وتتكلم الأشجار، فكلما اختبأ يهوديّ وراء شجرة ليحتمي بها من المسلم، تتكلم الشجرة لتخبر المسلم أن اليهودي وراءها ليقتله، وهنا قد استكمل الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: “إلا الغَرْقَدَ، فإنه من شجرِ اليهودِ”، وهو نوع من أشجار الشوك الموجودة في القدس والتي شرع اليهود في غرسها لاعتقادهم أنها ستحميهم.

متى تكون الساعة؟

إن الأمور الغيبية هي التي نقصد بها أنه لا يعلمها أحد سوى الله عز وجل، وذلك لحكمة بالغة بالطبع، فمثلًا لا يخبرنا الله بميعاد الساعة لأنها من حكمته في خلق العباد، فهو أمرهم بالعبادة والطاعات، فكيف إذا علموا ميعاد إغلاق باب التوبة أمامهم، بالطبع ستدفعهم نفوسهم إلى عدم خشية الله عز وجل في القول والفعل طالما كانوا أحياء يُرزقون.

مثلها مثل ميعاد موت الإنسان، لا يعلمه حتى يأتيه بغتة، فهو إما تائب أو عاصي، لذلك يجب على المؤمنين أن يلتمسوا الإيمان الصحيح والتوبة من الله عز وجل، حتى ينالوا حسن الخواتيم.

بالنسبة لأمر تحرير فلسطين من علامات الساعة الكبرى أم الصغرى فهذا نرد عليه بأن أمر الساعة مقترن بصلاح المؤمنين، فلا يحدث نصر المسلمين على اليهود إلا وهم مترابطين متمسكين بدينهم متفقهين فيه.

كما أنه كما أشرنا لا يوجد هناك نصًا بأن فلسطين ذاتها هي أرض وميعاد النهاية بالنسبة للصهاينة، فالأمر كان موضحًا بأنه عامًا شاملًا بين جميع المسلمين وجميع اليهود، وهذا ما يؤكد لنا الإجابة على سؤال تحرير فلسطين من علامات الساعة الكبرى أم الصغرى، لتكون الإجابة المستوحاة مما سبق هي بالطبع لا يُمكن اعتبارها كذلك.

علامات الساعة

بصدد حديثنا حول تحرير فلسطين من علامات الساعة الكبرى أم الصغرى، نشير أن الزوال النهائي لليهود على يد المسلمين، والذي بالضرورة غير مرتبط بتحرير فلسطين، هو إحدى علامات الساعة الكبرى التي ستحدث عند نزول عيسى عليه السلام، وبالتالي يبعد هذا التوقيت عن كونه من علامات الساعة الصغرى.

علامات الساعة الصغرى

يلزمنا الحديث هنا إلى الإشارة لعلامات الساعة الصغرى والكبرى، حتى يتبين الأمر، فعلامات الساعة الصغرى هي التي تسبق حدوث الساعة نفسها وبوقت طويل، ويشعر بها كل من عاصرها، ومنها ما حدث ومنها لم يحدث بعد، ومنها:

  • بعث النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ما تم قديمًا.
  • وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، وهو ما حدث بالفعل.
  • فتح بيت المقدس، الذي تم غير مرة، وكان بدايتها على يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
  • انتشار الفتن، وظهور الخوارج.
  • حدوث نار عظيمة في منطقة الحجاز.
  • فتح القسطنطينية، فقد نبأ الرسول أنها ستفتح بالدين الإسلامي، دون استخدام السلاح.
  • ظهور مدعي النبوَة، والذي كان منهم قديمًا “مسيلمة الكذاب”.
  • انتشار الفساد والظلم وعدم الأمانة بين بني البشر.
  • مشاركة المرأة للرجل في أمور كثيرة منها التجارة.
  • التطاول الشديد في البنيان.
  • كثرة موت الفجأة.
  • كثرة النساء وقلة الرجال.
  • تقارب الزمان وتقارب الأسواق.
  • أن تلد الأمة ربتها، ولها أكثر من معنى، ونشهدها بمعانيها المختلفة الضمنية.
  • ظهور الشرك والفحش وقطيعة الرحم.
  • عودة جزيرة العرب جنات وأنهار، وهذا ما لم يحدث بعد.

علامات الساعة الكبرى

هي تلك العلامات التي تسبق قيام الساعة بشكل مباشر، وهي أشد خطرًا، حيث بمجرد ظهورها سيتم إغلاق باب التوبة أمام العباد، وبعد آخرها يبدأ الحساب من الله عز وجل في يوم الساعة يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ومن هذه العلامات:

  • ظهور المهديّ المُنتظر.
  • خروج المسيح الدجال للناس، وهو أعظم فتنة على وجه الأرض.
  • نزول عيسى عليه السلام.
  • حرب اليهود مع المسلمين، وهذا موضع حديثنا عن مسألة تحرير فلسطين من علامات الساعة الكبرى أم الصغرى.
  • خروج يأجوج ومأجوج ليفسدوا في الأرض.
  • رفع القرآن وهدم الكعبة المشرفة.
  • خروج النار الحاشرة، وهي آخر العلامات قبل النفخ في الصور.

تحرير فلسطين استنادًا للقرآن الكريم

لعله من الضروري الإشارة هنا إلى مسألة تحرير فلسطين نفسها، فبعد أن علمنا إجابة تساؤل تحرير فلسطين من علامات الساعة الكبرى أم الصغرى أم لا، ونشير أنه لا يوجد نص إلهي يشير إلى توقيت محدد سيحدث فيه تحرير فلسطين.

لكن الله قد ذكر سبحانه وتعالى في سورة الإسراء حينما قال: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وَكِيلًا (2)”.

ذُكر عن تفسير تلك الآية، أن معركة تحرير فلسطين بين اليهود والمسلمين ستحدث حينما يحافظ المسلمون على دينهم حتى يكتب الله لهم النصر على أعدائهم.

استنادًا لما يحدث في الوقت الراهن للشعب الفلسطيني مما يعانيه من بطش اليهود، نرجع إلى ما قاله الله تعالى في سورة المائدة: “وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۚ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ” الآية 64.

فندعو الله أن يثبت الشعب الفلسطيني ويلهمهم النصر من عنده، ويثبت أقدامهم للحق، ويلحق بأعدائهم الهزيمة أبدًا.

السابق
من أشهر المفسرين في عهد الصحابة
التالي
ما هي أعراض الجلطة

اترك تعليقاً