مواضيع دينية متفرقة

حكم المرتد في المذاهب الأربعة

حكم المرتد في المذاهب الأربعة من الأحكام التي يختلف عليها الفقهاء؛ لأن المذاهب الأربعة هي مذاهب فقهية يأخذون فقههم من القرآن والسنة والسلف الصالح، والمرتد هو من كفر بدين الله بعد أن أسلم ولم يكن هناك مرتدين في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- بل ظهروا بعد وفاته، وفي هذا الموضوع سنعرض لكم حكم المرتد في المذاهب الأربعة وحكم المرتد عند الصحابة والتابعين من خلال موقعنا.

حكم المرتد في المذاهب الأربعة

نبدأ بحكم المرتدين في مذهب الأئمة الأربعة وهم (الإمام مالك، الإمام أحمد بن حنبل، الإمام الشافعي، والإمام أبو حنيفة النعمان)، ولكل واحدٍ منهم حكم على المرتد من خلال علمه، وكل واحد منهم له تابعين على مذهبه، ولا يوجد مشكلة في اختلاف المسلمين في المسائل الفقهية ففيها رحمة من الله للمسلمين، ومن تلك الأحكام ما سنشير إليه عبر السطور المقبلة بشيء من التفصيل.

حكم المرتد في المذهب المالكي

نبدأ بالمذهب المالكي وهو الخاص بالإمام مالك والتابعين له وحكمه على المرتد عن دين الله، فهناك بعض الأقاويل في مذهب المالكية التي تختص بحكم المرتد ومن تلك الأقاويل ما يلي:

  • قال القاضي عياض اليحصبي المالكي في كتابه الشف ج 214/2 الباب الأول في تفسير حكم المرتد أن المرتد ليس فقط من ظاهر بالكفر فمن الممكن أن يكون نسب الدين أو النبي فقال نصًا: من سب النبي -صلى الله عليه وسلم- أو عابه أو ألحق به نقصًا في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله أو عرَّضَ به أو شبهه بشيء على طريق السب له أو الإزراء عليه أو التصغير لشأنه أو الغض منه والعيب له فهو ساب له… قال محمد بن سنحون أجمع العلماء أن شاتم النبي -صلى الله عليه وسلم- المُنتَقِصَ له كافر والوعيد جار عليه بعذاب الله له، ومَنْ شكّ في كفره وعذابه كَفَرَ”.
  • أما الشيخ أبو عبد الله محمد أحمد عليش المالكي ـ مفتي الديار المصرية السابق فقد كان رأيه من كتاب منح الجليل على مختصر الخليل الذي يقول نصًا: “وسواء كفر بقول صريح في الكفر كقوله كفرت بالله أو برسول الله أو بالقرآن أو الإله اثنان أو ثلاثة أو المسيح ابن الله أو العزير ابن الله أو بلفظ يقتديه أي يستلزم اللفظ للكفر استلزاما بينا كجحد مشروعية شيء مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة، فإنه يستلزم تكذيب القرءان أو الرسول، وكاعتقاد جسمية الله وتحيزه. أو بفعل يتضمنه أي يستلزم الفعل الكفر استلزاما بينا كإلقاء أي رمي مصحف بشيء قذر”.

إذًا نتعرف من هذه الأقاويل أن المالكية أخذوا من كتاب مختصر الخليل والذي قيل في شرحه أيضًا: “وحكم المرتد إن لم تظهر توبته القتل، لما في البخاري وغيره من بدل دينه فاقتلوه”، إذًا فإن حكم المرتد في المالكية هو القتل.

حكم المرتد في المذهب الحنبلي

استكمالًا إلى عرض حكم المرتد في المذاهب الأربعة، فإن حكمه عند الحنابلة الذي إمامهم هو أحمد بن حنبل جاء فيه بعض الأقاويل، ومنها ما سنشير إليه عبر النقاط المقبلة:

  • قال موفق الدين عبد الله بن أحمد ابن قدامة المقدسي الحنبلي في كتاب كشف القناع صحيفة 307: “فمن أشرك بالله أو جحد ربوبيته أو وحدانيته أو صفة من صفاته أو اتخذ لله صاحبة أو ولدا أو جحد نبيًا أو كتابًا من كتب الله تعالى أو شيئًا منه أو سب الله -تعالى- أو رسوله كفر، ومن جحد وجوب العبادات الخمس أو شيئًا منها أو أحل الزنا أو الخمر أو شيئًا من المحرمات الظاهرة المجمع عليها لجهل عرّف ذلك، وإن كان ممن لا يجهل ذلك كفر”.
  • قال الفقيه الحنبلي منصور بن إدريس البهوتي في كتاب شرح منتهى الإرادات ج3/386: “وشرعًا من كفر ولو مميزًا بنطق أو اعتقاد أو فعل أو شك طوعًا ولو كان هازلًا بعد إسلامه”.

إذًا نتعرف من هذه الأقاويل أن الحنابلة أخذوا من كتاب كشف القناع، والذي قيل فيه نصًا: وأجمعوا على وجوب قتل المرتد”، إذًا حكم المرتد في الحنبلية هو القتل، وعليه فإنهم يتفقون مع أتباع المذهب المالكي.

حكم المرتد في المذهب الشافعي

كان لاتباع المذهب الشافعي نصيب من الحكم على المرتد، فقيل في هذا المذهب بعض الأقاويل والأحكام، ومن هذه الأقاويل ما يلي:

  • قال الإمام الشافعي‏ في كتابه الأم ج 6/160‏: “وإذا ارتد الرجل عن الإسلام وله زوجة، أو أمراه عن الإسلام ولها زوج… لا تقع الفرقة بينهما حتى تمضي عدة الزوجة قبل يتوب ويرجع إلى الإسلام، فإذا انقضت عدتها قبل أن يتوب فقد بانت منه ولا سبيل له عليها وبينونتها منه فسخ بلا طلاق”.
  • قيل في كتاب تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي: “فإن أصرا أي الرجل والمرأة على الردة قتلًا”.

من هنا نتعرف على حكم الشافعية على المرتد، فلم يكتفوا بقول أن الرجل إذا ارتد مُنعت منه زوجته، بل قالوا أن من يرتد عن دين الله وجب قتله.

حكم المرتد في المذهب الحنفي

الحنفية هو مذهب الإمام أبو حنيفة النعمان، وقد اتبع بعض من الناس هذا المذهب، أما عن حكم المرتد في الحنفية فقد قيل فيه ما يلي:

  • قال الشيخ عبد الغني الغنيمي الدمشقي الميداني الحنفي في اللباب في شرح الكتاب ج3/28: وإذا ارتد أحد الزوجين عن الإسلام وقعت الفرقة بينهما بغير طلاقٍ“.
  • قال بدر الرشيدي الحنفي في كتاب بيان الالفاظ الكفرية: “من كفر بلسانه وقلبه على الإيمان إنه كافر ولا ينفعه ما في قلبه، ولا يكون عند الله مؤمنًا”.

بالاستناد إلى ما قاله اتباع المذهب الحنفي في كتاب حاشية ابن عابدين: “من بدل دينه فاقتلوه”، فإنهم قد اتفقوا مع باقي المذاهب في حكمهم على المرتد، وأضافوا أن من كفر بالله وقلبه مؤمن فإنه كافر؛ لأن شرط الإيمان هو الإيمان بكامل الجوارح.

أقوال الصحابة في حكم المرتد

إن السلف الصالح الذي تبع النبي -محمد صلي الله عليه وسلم- قد أصدروا أحكامًا بشأن المرتدين عن دين الله، فهم الأصل ومن هؤلاء أُخذت الأحكام، ومن هذه الأحكام على سبيل المثال ما يلي:

  • إن المرتدين في عهد أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- لم يكتفوا بالكفر؛ بل وامتنعوا عن دفع الزكاة، فقام أبو بكر بمحاربتهم في حرب سميت بحروب الردة.
  • قيل أن الإمام علي -كرم الله وجهه- أتى بمجموعة من المرتدين والزنادقة فقام بإحراقهم، فعاتبه ابن عباس -رضي الله عنه- بتذكيره بقول رسول الله: ” لا تعذبوا بعذاب الله”.
  • عن عمرو بن العاص أنه كتب إلى الفاروق عمر بن الخطاب أن رجلًا قد كفر بعد إسلامه، فكتب له عمر: “استتبه فإن تاب فاقبل منه وإلا فاضرب عنقه”.

أقوال التابعين في حكم المرتد

هناك من تتبعوا أثر الصحابة والسلف الصالح واقتضوا بهم، فوجب علينا أن نأخذ بفتواهم بشأن حكم المرتد في الدين الإسلامي، ومن هذه الأقاويل ما سنعرضه لكم عبر النقاط المقبلة:

  • كتب عمر بن عبد العزيز في قومٍ قد استنصروا بعد إسلامهم: “استتيبوهم، فإن تابوا وإلا فاقتلوهم”.
  • قال ابن شهاب الزهري: “من ارتد يُدعى إلى الإسلام ثلاث مرات فإن أبى تضرب عنقه”.
  • قال الحسن في حكم المرتدين: “يقتل، وميراثه لورثته من المسلمين”.
السابق
حديث الرسول عن تحرير فلسطين وأول من حرر فلسطين
التالي
تفسير حلم رؤية الليل في المنام

اترك تعليقاً