احكام الشريعة الإسلامية

حكم صلاة التراويح

حكم صلاة التراويح في جماعة

اختلفت أقوال الفُقهاء في حُكم الجماعة في صلاة التراويح، كما يأتي:

  • الحنفية: ذهب الحنفية إلى أنّ الجماعة في التراويح سُنّة على الكفاية؛ فلو أدّاها البعض جماعة كان هذا الأمر كافياً عن باقي الناس، أمّا لو تركها الجميع، فإنّ ذلك يُكرَه؛ لتَرك السنّة، وفي حالة تخلُّف شخصٍ واحدٍ فقط من الناس، فقد ذهب عنه أجر الجماعة في المسجد، ولو أدّاها أحدهم جماعة في البيت ولم تكن هناك جماعة في المسجد فقد أساؤوا جميعهم، ونوّهوا إلى أنّ كُلّ صلاة تُسَنّ فيها الجماعة، فصلاتها في المسجد أفضل، وخاصّة صلاة الفقيه الذي يكون قدوة لغيره.
  • المالكية: ذهبوا إلى أنّ صلاتها في جماعة من الأمور المُستَحبّة؛ لبقاء العمل بذلك من عهد عمر بن الخطاب؛ عندما جمع الناس على صلاتها في جماعة، أمّا من خاف على نفسه الرياء فتكون صلاته مُنفرداً أفضل؛ والمقصود بالانفراد: أن يؤدّيها في البيت في جماعة، أو وحده، ويُشترَط في مَن أراد أن يُصلّي في البيت أن تكون صلاته في بيته أنشط له للعبادة من المسجد، وأن لا تكون صلاته في البيت تؤدي إلى تعطيل الجماعة في المسجد.
  • الشافعية: ذهبوا إلى أنّ صلاة التراويح في جماعة سُنّة؛ لأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- جمع الناس عليها عدّة ليالٍ، ولم يخرج إليهم في باقي الليالي؛ مخافة أن تُفرَض عليهم، كما جمع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الناس عليها؛ إذ جمع الرجال على أُبيّ بن كعب، والنساء على سُليمان بن أبي حَثمة.
  • الحنابلة: ذهب الحنابلة إلى ما ذهب إليه الشافعية من سُنّيتها في جماعة.

حكم ترك صلاة التراويح

صلاة التراويح سنة مؤكدة وهي من خصائص شهر مضان المبارك، وقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم فيها ترغيبا أكيدا من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا ، غفر له ما تقدم من ذنبه” فمن لم يصله يكون قد فاته خير كثير، فإن هذه الصلاة هي قيام رمضان، والتي هي سبب لإدراك ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، فعلى المسلم أن يحرص عليها مع الجماعة إن أمكن وإلا في بيته مع أهله أو منفردا بنفسه

متى شرعت صلاة التراويح

صلى النبيّ صلى الله عليه وسلم صلاة التراويح جماعة بأصحابه ثلاث ليال ، ثم تركها مخافة أن تفرض ، فعن عَائِشَةَ – رضي الله عنها – : ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ لَيْلَةً مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ ، فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ ، وَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلاَتِهِ ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا ، فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ ، فَصَلَّوْا مَعَهُ ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا ، فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى ، فَصَلَّوْا بِصَلاَتِهِ ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ ، حَتَّى خَرَجَ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ ، فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ ، فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ : « أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَىَّ مَكَانُكُمْ ، وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا » . فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ))(رواه البخاري رقم الحديث (1908) ، ومسلم وَهُوَ التَّرَاوِيحُ رقم (1819) وزاد : ((قَالَ : وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ)) ) .
قال القيلوبي( حاشيتا القيلوبي وعميرة (1/320) ) : ( هذا يشعر أن صلاة التراويح لم تُشرع إلا في آخر سنيّ الهجرة لأنه لم يرد أنه صلاها مرة ثانية ولا وقع عنها سؤال ) .
وأما تعين الليالي التي قامها النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه فقد روى جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ –رضي الله عنه- قَالَ : (( صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَمَضَانَ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ ، فَلَمَّا كَانَتِ السَّادِسَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا ، فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ نَفَّلْتَنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ . قَالَ : فَقَالَ : « إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ » . قَالَ : فَلَمَّا كَانَتِ الرَّابِعَةُ لَمْ يَقُمْ ، فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ جَمَعَ أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ وَالنَّاسَ فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلاَحُ . قَالَ : قُلْتُ : مَا الْفَلاَحُ ؟ قَالَ : السُّحُورُ ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا بَقِيَّةَ الشَّهْرِ ))( رواه أبو داود رقم الحديث (1377) ، وابن ماجه رقم الحديث (1388) ، والإمام أحمد في المسند رقم الحديث (22030) ، وابن خزيمة في صحيحه رقم الحديث (2206) . إسناده صحيح . ينظر : صحيح أبي داود (5/119) رقم الحديث (1245) ، وإرواء العليل رقم الحديث (447) ) .
وعن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ –رضي الله عنه- قال : (( قُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِينَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأَوَّلِ ، ثُمَّ قُمْنَا مَعَهُ لَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ ، ثُمَّ قُمْنَا مَعَهُ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ لاَ نُدْرِكَ الْفَلاَحَ وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ السُّحُورَ))( رواه النسائي رقم الحديث (1617) ، والإمام أحمد في المسند رقم الحديث (18899) . ينظر : صحيح النسائي رقم الحديث (1606) ) .
ثم أحيى هذه السنة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ، فجمع الناس على قاريء واحد يصلي بهم لأن العلة – وهي الفرض – التي من أجلها ترك النبي صلى الله عليه وسلم الجماعة في التراويح قد زالت بوفاة صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)) . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : (( فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ كَانَ الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ – رضي الله عنهما -))(رواه البخاري رقم الحديث (1905) ، ومسلم رقم (1816) )
قال الإمام النووي في شرح مسلم (6/40) : (قوله : (( فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ كَانَ الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ – رضي الله عنهما – )) معناه استمر الأمر هذه المدة على أن كلّ واحد يقوم رمضان في بيته منفردا حتى انقضى صدرا من خلافة عمر ، ثم جمعهم عمر على أبي بن كعب فصلى بهم جماعة ، واستمر العمل على فعلها جماعة) .
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ قَالَ : (( خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ ، فَقَالَ عُمَرُ : إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ ، ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ ، قَالَ عُمَرُ : نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنْ الَّتِي يَقُومُونَ . يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ ، وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ))(رواه البخاري رقم الحديث (1906) )

صلاة التراويح بدعة

كيفية صلاة التراويح والقيام

تُقام صلاة التراويح بحيث تكون كل ركعتين منفصلتان على حِدة، وهو أمر اتّفق عليه آراء العلماء من المذاهب الأربعة، إضافة إلى رأي الإمام ابن باز، وابن عثيمين،[٥] واستندوا بذلك على حديث الرّسول عليه السّلام: (صلاةُ الليلِ مَثْنى مَثْنى، فإذا رأيتَ أنَّ الصبحَ يُدركُك فأَوتِرْ بواحدةٍ . فقيل لابنِ عمرَ: ما مَثْنَى مَثْنَى؟ قال: أن تُسلِّمَ في كلِّ ركعتَينِ).

صلاة التراويح كم ركعة

ورد في وصف صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- من الليل أنّه -عليه السلام- كان يصليها إحدى عشرة ركعة، إلّا أنه لا حرج على من زاد على ذلك؛ إذ لم يحدد النبي لصلاة التراويح عدداً يجعل الزيادة عنه ممنوعة، وللعلماء في عدد ركعات التراويح آراء وهي كما يأتي:

  • الرأي الأول: يذهب القائلون بهذا الرأي إلى أنّ عدد ركعات صلاة التروايح عشرين ركعة، وقال بهذا الحنفية والشافعية والحنابلة؛ فيصلي الإمام بهم عشرين ركعة يسلم بين كل اثنتين، ويستريحون بعد كلّ أربع ركعات، ويختم الإمام التراويح بصلاة الوتر جماعة. وقد استدل الجمهور بجمع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- المسلمين على إمامٍ واحدٍ يصلّي بهم التراويح عشرين ركعة وقد كان أبيّ بن كعب -رضي الله عنه- هو إمامهم بتعيينٍ من عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.
  • الرأي الثاني: يذهب الفريق الثاني من المالكية إلى أنّ عدد ركعات التراويح تسع وثلاثون ركعة؛ فيستريحون بين كل أربع ركعات تسع مرات، فتكون ستّاً وثلاثين ركعة، ويختمونها بثلاث ركعات وتر، وقد صلّى أهل المدينة هذا العدد لأنهم أرادوا أن يساووا أهل مكة في الفضل حيث كان أهل مكة يطوفون حول الكعبة سبع أشواط بعد كل ثماني ركعات؛ فزاد أهل المدينة أربع ترويحات مكان كل أسبوع، والأربع ترويحات تبلغ ست عشر ركعة، بالأضافة إلى العشرين أصبحت بذلك ست وثلاثين ركعة.
السابق
ما كفارة الغيبة
التالي
أحكام العبادات

اترك تعليقاً