ديني

خالد بن الوليد (سيف الله المسلول)

قصة خالد بن الوليد مختصرة

سيف الله المسلول

يقول الله تبارك وتعالى ﴿ مِنَ المُؤمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدوُاْ اللهَ عَلَيهِ فَمِنهُم مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنهُم مَّنْ يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبدِيلاً ﴾ [سورة الأحزاب آية 23]. من هؤلاء الأبطال الأفذاد الصادقين الموفين بعهودهم، الصابرين الذين أقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، وخافوا من الله حق الخوف وزكوا أنفسهم حتى صارت نفوسًا مطمئنة، رجل أحب الجهاد في سبيل الله، حتى دخل شغاف قلبه، شغفه حبًا، ولكن مات على فراشه ولم يمت في أرض المعركة، إنه سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه وجزاه عن الإسلام خير الجزاء.

قصة إسلام خالد بن الوليد :

حَدَّثَ سيدنا خالد عن مسيره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة، ليأخذ دوره في قافلة المؤمنين فقال: ووددت لو أجد من أُصاحِبُ، فلقيت عثمان بن طلحة، فذكرت له الذي أريد فأسرع الإجابة، وخرجنا جميعا فأدلجنا سحرًا، فلما كنا بالسهل إذا عمرو بن العاص، فقال مرحبًا بالقوم، قلنا: وبك، قال: أين مسيركم؟ فأخبرناه، وأخبرنا أيضًا أنه يريد النبي ليسلم، فاصطحبنا حتى قدمنا المدينة أول يوم من صفر سنة ثمان. فلما طلعت على رسول الله سلمت عليه بالنبوة، فرد علي السلام بوجه طلق. فأسلمت وشهدت شهادة الحق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « قد كنت أرى لك عقلا رجوت ألا يسلمك إلا إلى خير ». وبايعت رسول الله وقلت: استغفر لي كل ما أوضعت فيه من صد عن سبيل الله، فقال: « إنَّ الإسلامَ يَجُبُ مَا قَبْلَهُ ». قُلْتُ: يا رسول الله على ذلك، فقال: اللَّهُمَّ اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع فيه من صد عن سبيلك، قال: وتقدم عمرو بن العاص، وعثمان بن طلحة، فأسلما وبايعا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

خالد بن الوليد سَيفُ اللهِ المسلول في غزوة مؤتة :

عن إبراهيم بن يحيى بن زيد بن ثابت قال: لما كان يوم مؤتة وقتل الأمراء، أخذ اللواء ثابت بن أقرم وجعل يصيح: يا للأنصار، فجعل الناس يثوبون إليه، فنظر إلى خالد بن الوليد، فقال خذ اللواء يا أبا سليمان، فقال لا ءاخذه، أنت أحق به، لك سن وقد شهدت بدرا، فقال ثابت: خذه أيها الرجل، فوالله ما أخذته إلا لك، وقال ثابت للناس: اصطلحتم على خالد؟ قالوا: نعم، فحمل اللواء وحمل بأصحابه ففض جمعًا من جمع المشركين. ولي سيدنا خالد أمره الجيش، بعد أن كان وضع المعركة أصبح واضحًا فضحايا المسلمين كثيرون، وجيش الروم في كثرته الساحقة كاسح، جرار، ولكن صاحب القلب الشجاع والبصيرة النافذة، رمق أرض المعركة الواسعة بعينين كعيني الصقر، وأدار الخطة العسكرية في بديهته بسرعة مذهلة، فقسم جيشه، والقتال دائر، إلى مجموعات، ثم وكل إلى كل مجموعة مهامها، وراح يستعمل فنه العجيب ودهاءه البليغ، حتى خرج بجيش المسلمين سليمًا معافى. وفي هذه الغزوة أنعم الرسول صلى الله عليه وسلم على خالد بن الوليد بهذا اللقب العظيم سيف من سيوف الله.

قصة خالد بن الوليد في فتح مكة :

تنكث قريش عهدها مع الرسول الله صلى الله عليه وسلم فيتحرك المسلمون تحت قيادته لفتح مكة، وعلى الجناح الأيمن من الجيش يجعل الرسول صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد أميرًا، ويدخل خالد مكة واحدا من قادة الجيش المسلم، بعد أن شهدته سهولها وجبالها قائدًا من قواد جيش الوثنية والشرك زمنًا طويلاً، وينتفض تحت روعة المشهد وجلاله، مشهد المستضعفين الذين لا تزال جسومهم تحمل ءاثار التعذيب والتنكيل، يعودون إلى البلد الذي أخرجوا منه بغيًا وعدوانًا، يعودون إليه على صهوات جيادهم، وتحت رايات الإسلام الخفاقة. ويشهد سيدنا خالد هذا الفتح العظيم المبارك وهو بطل من أبطاله.

قصة خالد بن الوليد في حروب الردة :

بعد أن توفي الرسول عليه الصلاة والسلام وحمل أبو بكر رضي الله عنه مسؤولية الخلافة، هبت أعاصير الردة ونشبت نيران الفتنة في قبائل أسد غطفان وعبس وطيء وذبيان، ثم في قبائل بني عامر وهوازن وسليم وبني تميم، وصارت جيوشًا جرارة قوامها عشرات الألوف من المقاتلين، وواجه الإسلام محنة خطيرة، ولكن كان هناك أفضل أولياء أهل الأرض من البشر بعد الأنبياء سيدنا أبو بكر رضي الله عنه، الذي عبأ المسلمين وقادهم إلى حيث كانت قبائل بني عبس وبني مرة وذبيان قد خرجوا في جيش كبير، وانتصر المسلمون.

ثم إلى معركة ثانية يكون فيها سيدنا خالد بن الوليد أمير لواء، وقد قال له سيدنا أبو بكر: سمعت رسول الله يقول: « نعم عبد الله، وأخو العشيرة خالد بن الوليد، سيف من سيوف الله، سله الله على الكافرين والمنافقين »، ومضى خالد إلى سبيله ينتقل بجيشه من معركة إلى معركة ومن نصر إلى نصر حتى كانت المعركة الفاصلة « باليمامة »، حيث كان بنو حنيفة ومن انحاز إليهم من القبائل قد جيشوا أخطر جيوش الردة قاطبة يقودها مسيلمة الكذاب، وقد جاء الأمر من سيدنا أبي بكر الصديق للقائد البطل خالد بن الوليد أن سِرْ إليهم، وسار سيدنا خالد ولم يكد مسيلمة يعلم أن ابن الوليد في الطريق إليه حتى أعاد تنظيم جيشه، ليكون خصمًا رهيبًا وخطرًا حقيقيًا ضد جيوش الحق.

ونزل خالد بجيشه على كثيب مشرف على اليمامة، وأقبل مسيلمة في خيلائه وبغيه وبصفوف جيشه الكثير العدد، وسلم خالد الألوية والرايات لقادة جيشه، والتحم الجيشان ودار قتال وسقط العديد من المسلمين شهداء، ثم أبصر خالد رجحان كفة الأعداء فاعتلى بجواده ربوة قريبة، ونظر إلى سير المعركة وصار ينادي فيالق جيشه وأجنحته، ثم صاح بصوته: امتازوا لنرى اليوم بلاء كل حي. فمضى المهاجرون تحت رايتهم والأنصار تحت رايتهم، واشتعلت الأنفس حماسة، وامتلأت عزمًا، وخالد يرسل بين الحين والحين تكبيرة أو تهليلة أو صيحة يلقي بها أمرا، وفي دقائق معدودة تحول اتجاه المعركة وراح جنود مسيلمة يتساقطون بالعشرات، وقتل مسيلمة الكذاب وملأت جثث رجاله وجيشه أرض القتال، وطويت راية الكذاب تحت التراب.

ثم أرسل أبو بكر الصديق توجيهاته إلى خالد بن الوليد أن يمضي بجيشه نحو العراق. ولقد استهل عمله في العراق بكتب أرسلها إلى جميع ولاة كسرى ونوابه على ألوية العراق ومدائنه جاء فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم: من خالد بن الوليد … إلى مرازبة فارس….سلام على من اتبع الهدى… أما بعد، فالحمد لله الذي فض خدمكم، وسلب ملككم، ووهن كيدكم…فوالذي لا إله غيره لأبعثنَ إليكم قوما يحبون الموت كما تحبون الحياة.

وجاءت طلائعه التي بثها في كل مكان بأنباء الزحوف الكثيرة التي يعدها له قواد الفرس في العراق، فلم يضيع وقته فاستولى بسرعة كبيرة على الأبلة، والسدير، والنجف، والحيرة، فالأنبار، فالكاظمية، مواكب نصر تتبعها مواكب ترتفع فيها رايات الإسلام. وسار بجيشه الظافر يصحبه النصر حتى وقف على تخوم الشام لمحاربة الروم.

قصة خالد بن الوليد في معركة اليرموك :

جند الخليفة الصديق لهذه الغاية جيوشًا عديدة، واختار لإمارتها نفرا من القادة المهرة، فأرسل أبا عبيدة بن الجراح، وعمرو بن العاص، ويزيد بن أبي سفيان.

وأعد الروم للقتال جيشًا قوامه مائتان وأربعون ألفًا. في هذه الأثناء أرسل سيدنا أبو بكر إلى خالد بن الوليد ليأتي إلى الشام، فامتثل سيدنا خالد وأطاع وترك على العراق « المثنى بن حارثة »، وسار مع قواته التي اختارها حتى وصل مواقع المسلمين بأرض الشام، ونظم الجيش ونسق مواقعه في وقت وجيز، ووقف سيدنا خالد خطيبًا فحمد ربه وأثنى عليه وقال: إن هذا يوم من أيام الله، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي، أخلصوا جهادكم وأريدوا الله بعملكم.

وقد دار قتال ليس لضراوته نظير كما قيل، وأقبل الروم في فيالق كالجبال، وبدا لهم من المسلمين ما لم يكونوا يحتسبون، وأبدى المسلمون شجاعة تبهر الألباب، وأقترب أحدهم من أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه والقتال دائر، وقال له: إني قد عزمت على الشهادة، فهل لك من حاجة من رسول الله حين ألقاه، فقال له أبو عبيدة: نعم قل له: يا رسول الله إنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًا، ويندفع الرجل كالسهم المقذوف يضرب بسيفه، ويضرب بالسيوف حتى يرتفع شهيدا وكان هذا عكرمة ابن أبي جهل. وخرج سيدنا خالد بن الوليد مع مائة من الأبطال الأفذاذ ينقضون على ميسرة جيش الروم، وعددها أربعون ألف جندي، وخالد يصيح في المائة الذين معه: والذي نفسي بيده ما بقي من الروم من الصبر والجلد إلا ما رأيتم، وإني لأرجو من الله أن يمنحكم أكتافهم.

قصة خالد بن الوليد وأحد أمراء الروم :

يروى أن أحد أمراء جيش الروم ويدعى «جرجة بن بوذيها» خرج من الصف واستدعى « خالد بن الوليد» رضي الله عنه للمبارزة فجاء إليه حتى اختلفت أعناق فرسيهما، فقال جرجة: يا خالد أخبرني فاصدقني ولا تكذبني، فإن الحر لا يكذب، ولا تخادعني فإن الكريم لا يخادع، هل أنزل الله على نبيكم سيفًا من السماء فأعطاكه فلا تسله على أحد إلا هزمتهم؟ قال: لا! قال: فبم سميت سيف الله؟ قال: إن الله بعث فينا نبيه فدعانا فنفرنا منه ونأينا عنه جميعا، ثم إن بعضنا صدقه وتابعه، وبعضنا كذبه وباعده، فكنت فيمن كذبه وباعده، ثم إن الله أخذ بقلوبنا ونواصينا فهدانا به وبايعناه، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أنت سيف من سيوف الله سله على المشركين » ودعا لي بالنصر، فسميت سيف الله بذلك فأنا من أشد المسلمين على الكافرين.

فقال: يا خالد إلى ما تدعون ؟ قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله والإقرار بما جاء به من عند الله عز وجل. قال: فمن لم يجبكم؟ قال: فالجزية، قال: فإن لم يعطها، قال نؤذنه بالحرب ثم نقاتله. قال: فما منزلة من يجيبكم ويدخل في هذا الأمر اليوم ؟ قال: منزلتنا واحدة فيما افترض الله علينا. قال جرجة: فلمن دخل فيكم اليوم من الأجر مثل ما لكم من الأجر والذخر؟ قال: نعم. قال: وكيف يساويكم وقد سبقتموه؟ فقال خالد: إنا قبلنا هذا الأمر وبايعنا نبينا وهو حي بين أظهرنا تأتيه أخبار السماء ويخبرنا بالكتاب ويرينا الآيات، وحق لمن رأى ما رأينا، وسمع ما سمعنا أن يسلم ويبايع، وإنكم أنتم لم تروا ما رأينا، ولم تسمعوا ما سمعنا من العجائب والحجج، فمن دخل في هذا الأمر منكم بحقيقة ونية كان له فضل كبير.

فقال جرجة: بالله لقد صدقتني ولم تخادعني؟ قال: تالله لقد صدقتك وإن الله ولي ما سألت عنه، فعند ذلك قلب جرجة الترس ومال مع خالد وقال: علمني الإسلام، فقال له خالد: قل: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله فتشهد جرجة ودخل في دين الإسلام، فمال به خالد إلى فسطاطه فصب عليه قربة من ماء ثم صلى به ركعتين. ثم زحف خالد بالمسلمين حتى تصافحوا بالسيوف فضرب فيهم خالد وجرجة من لدن ارتفاع النهار إلى جنوح الشمس للغروب وأصيب جرجة رحمه الله واستشهد ولم يصل لله إلا تلك الركعتين مع خالد رضي الله عنهما.

قصة أثر شعرات النبي في قوة خالد بن الوليد :

كان لسيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه قلنسوة وضع في طيها شعرًا من ناصية رسول الله صلى الله عليه وسلم أي مقدم رأسه لما حلق في عمرة الجعرانة، وهي أرض بعد مكة إلى جهة الطائف، فكان يلبسها يتبرك بها في غزواته. وعنه أنه قال: « اعتمرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة اعتمرها فحلق شعره، فسبقت إلى الناصية، فاتخذت قلنسوة فجعلتها في مقدمة القلنسوة، فما وجهت في وجه إلا فتح لي’’.

وفاة خالد بن الوليد رضي الله عنه:

دخل عليه أبو الدرداء يزوره بسبب مرضه فقال له سيدنا خالد: (إن خيلي وسلاحي على ما جعلته عليه في سبيل الله عز وجل. وداري بالمدينة صدقة، قد كنت أشهدت عليها عمر بن الخطاب، ونعم العون هو على الإسلام، وقد جعلت وصيتي وإنفاذ عهدي إلى عمر).

فقدم أبو الدرداء بالوصية على سيدنا عمر فقبلها وترحم عليه، ومات البطل العظيم خالد بن الوليد سنة إحدى وعشرين، وحكى من غسله أنه ما كان في جسمه موضع صحيح من بين ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم.

وقيل لقد قال كلمات عند موته: لقد لقيت كذا وكذا زحفًا وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعن برمح وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي فلا نامت أعين الجبناء.

رضي الله عن سيدنا خالد بن الوليد ورحمه وأسكنه الفراديس العلى. وصلى الله وسلم على من رباه وأدبه وعلمه وعلى ءاله وأصحابه الطيبين الطاهرين. والحمد لله أولا وءاخرًا.

بحث عن خالد بن الوليد كامل

هو خالد بن الوليد بن المغيرة، يرجع نسبه إلى مرة بن كعب بن لؤي، ويلتقي في النسب مع النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- عند الجد السابع لؤي، أمُّ خالد هي لبابة بنت الحارث الهلالية، وتقول الروايات إنَّ خالد قريب في العمر من عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-، وهو مخزومي من سادة وأثرياء قريش ووجهائها فرسانها، وعائلته لها مكانة خاصة عند بني مخزوم، فعمُّ خالد حكيم من حكماء العرب وأحد كرمائهم المشهورين، ووالده واحد من حكماء قريش وأثريائها أيضًا، ولد خالد بن الوليد في مكة المكرمة، وعاش فيها طفولته ودخل الإسلام في شهر صفر في السنة الثامنة للهجرة، وقد تردد خالد كثيرًا قبل إسلامه، فهو الفارس الذي حارب المسلمين في أحد وفي غزوة الخندق أيضًا، ولكنَّه بعد أن تفحص الأحداث بدأ يميل إلى الإسلام فأسلم بعد صلح الحديبية مباشرة. بعد إسلامه مباشرة شارك خالد بن الوليد في غزوات عديدة ضد الرومان، كان أبرزها غزوة مؤتة التي ظهر فيها بصورة القائد العسكري صاحب الحنكة العسكرية عندما استطاع أن ينسحب من المعركة بجيشه تفاديًا لخسارة مؤسفة بسبب تفوق الرومان بالعدد والعتاد على المسلمين في تلك المعركة، فانسحب وعاد بالمسلمين إلى المدينة وحينها أطلق عليه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لقب سيف الله المسلول، وكان خالد قائدًا لإحدى كتائب المسلمين أيضًا يوم فتح مكة، وكان قائدًا لسرية من سرايا المسلمين في غزوة تبوك أيضًا، كما شارك خالد بن الوليد في خلافة أبي بكر الصديق في حرب اليمامة ضد الخوارج الذين كانوا بقيادة مسيلمة الكذاب، وكان لخالد دورٌ كبير في فتح بلاد فارس وبلاد الشام، ففي العراق بعث الخليفة أبو بكر الصديق خالد بن الوليد مددًا للمثنى بن حارثة الشيباني، وهناك كانت أول معركة لخالد ضد الفرس، حيث واجه خالد الفرس الذين كانوا بقيادة هرمز في معركة ذات السلاسل، وفي بداية المعركة بارز خالد هرمز وقتله، وبعد قتال عنيف انتصر المسلمون في المعركة وفرَّ الفرس، فقام المسلمون بمطاردتهم حتَّى التحموا معهم في معركة أخرى اسمها معركة المذار، وعاد بعدها وانتصر على الفرس في معركة الولجة أيضًا، ثم انتصر أيضًا في معركة عين التمر، وكلُ هذه المعارك تدلُّ على أهمية خالد بن الوليد كقائد عسكري في كلِّ حروب العراق التي كانت سببًا في فتح العراق أمام المسلمين.وفي بلاد الشام ذهب خالد إلى الشام مع نصف جيشه الذي كان يقاتل به في العراق بأمر من الخليفة أبي بكر الصديق ليساند جيوش المسلمين في الشام آنذاك، فجيوش المسلمين الأربعة التي كانت بقيادة كلٍّ من: أبي عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص كانت تحت خطر الهزيمة الساحقة أمام جيوش الرومان التي كانت تفوقهم عددًا وعتادًا، وفي طريقه إلى الشام سلك خالد بجيشه طريق صحراء السماوة في بادية الشام وترك الطريق الآخر الذي سيجبره على المرور بالحاميات الرومانية، ووصل إلى بلاد الشام وهناك خاض خالد بجيشه معارك شرسة، ولكنَّها على ضراوتها حسمت كثيرًا من الأمور ففتحت دمشق في معركة فتح دمشق، وشارك خالد أيضًا في معركة أجنادين ومعركة فحل ومعركة السوق ومعركة اليرموك الكُبرى، وكان في كلِّ معركة يثبت مدى دهائه العسكري وحنكته في القيادة وقدرته على القتال والصبر في الميادين، فُضرب به المثل وأصبح قائدًا عسكريًا ذائع الصيت، ولعلَّ أبرز المعارك التي اشتهر بها خالد هي معركة اليرموك التي تعتبر أعظم المعارك التي انتصر فيها المسلمون على الروم في دمشق في سنة 13هـ، وهذه المعركة هي التي جسدت شخصية خالد العسكرية، وفي ذات الفترة التي كان المسلمون فيها يحاربون الروم في اليرموك توفي خليفة المسلمين أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- في المدينة وخلفه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فبعث عُمر أمرًا يقضي بعزل خالد من قيادة جيش المسلمين في اليرموك وتسليم أبي عبيدة بن الجراح قيادة الجيش، فأخفى أبو عبيدة هذا الأمر حتَّى انتهت المعركة، فانصاع خالد لأمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وشارك تحت إمرة أبي عبيدة بن الجراح في فتح دمشق.وفي خاتمة ما جاء من بحث عن خالد بن الوليد جدير بالقول إنَّه بعد أن انتهت معارك بلاد الشام وانتصر المسلمون وفُتحت دمشق وحمص وغيرها، أقام خالد في حمص، وفيها توفِّي وهو على فراشه بعد أن خاض معارك كثيرة ولم تُكتب له الشهادة، توفي خالد على فراشه سنة 21هـ في فترة خلافة عمر بن الخطاب، وتختلف الروايات حول مكان وفاته، فقيل توفِّي في حمص وقيل توفِّي في المدينة وحضر عمر بن الخطاب جنازته أيضًا، ولكنَّ الراجح أنَّ خالد توفِّي في حمص وفيها دُفن، لذلك تم تسمية أحد جوامع المسلمين في حمص باسم خالد ويزعم الناس أنَّ قبر خالد موجود في حمص في مسجد خالد بن الوليد، والله تعالى أعلم.

صفات خالد بن الوليد

  • قياديٌّ ناجحٌ.
  • بارعٌ في خوض غمار المعارك.
  • بارع في إحراز النصر.
  • قادر على وضع الخطط والاستراتيجيّات العسكريّة بأبسط الطرق وأيسرها، ويظهر ذلك من خلال تفوّقه في معركة أُحد؛ حيث تمكّن من الهجوم على جيش المسلمين، مُستغلاً في ذلك غياب رماة جيش المسلمين.
  • حريص على بناء مجتمع قويّ وفخور بفتوحاته، وذلك يبدو واضحاً من خلال حرصه على الانطلاق من قاعدة ثوية ومأمونة.
  • مُحسنٌ إلى الآخرين، وحريص على نشر دعوة الإسلام، وتبليغ رسالته الخالدة، وتأليف قلوب العباد؛ حيث كان يقول لمجتمع النصارى العرب: لكم ما لنا، وعليكم ما علينا.
  • شُجاعٌ وجريء.
  • صادق القلب.
  • مُظفرٌ وخطيبٌ وفصيح.
  • عميق التفكير، ورويّ ومتبصر في آرائه؛ إذ يُطيل الفكر، وبعد ذلك يتخذ القرار المناسب.
  • كريم، وكثير العطاء؛ إذ كان يُعطي من ماله الخاص، حتّى أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه لامه في ذلك.

اجمل قصص خالد بن الوليد

خالد بن الوليد في غزوة مؤتة

كانت غزوة مؤتة في عهد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في السنة الثامنة للهجرة النبوية، وهي من أشهر قصص خالد بن الوليد رضي الله عنه- في المعارك، فقد كانت بين جيش المسلمين وجيش الرومان الذي كان عدده مئتي ألف مقاتل، بينما اجتمع من المسلمين ثلاثة آلاف فقط، وبعد معركة عنيفة استُشهِدَ فيها كلُّ قادات المسلمين وهم: زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة -رضي الله عنهم-، استلم خالد بن الوليد -رضي الله عنه- قيادة جيش المسلمين واستطاع بأسلوبه العسكري وقدرته الفائقة في القيادة أن ينسحب بالمسلمين انسحابًا تكتيكيًا، أمَّن به على الجيش وتفادى الهزيمة أمام جيش الروم الجرار

طريق خالد بن الوليد من العراق إلى الشام

إنَّ من أعظم الأفعال التي قام بها خالد بن الوليد -رضي الله عنه- هو أنَّه عندما جاءه أمر الخليفة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- بالتحرك من العراق إلى الشام لمساندة الجيوش الإسلامية ضد الرومان، لم يعارض أمر الخليفة ولم يشكُ من سوء الطريق وحرارة الشمس وقلة الماء، بل سلك خالد بن الوليد مع جيشه طريقًا صحراويًا خطرًا ومعدوم المياه، ولكن استطاع بدهائه أن يحمل ما يكفيه في سفره من الماء كما استطاع أن يفتح عددًا من المدن الرومانية في طريقه حتَّى التقى مع جيش أبي عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة -رضي الله عنهما- في الشام وتابع فتح بلاد الشام معهما.

خالد بن الوليد في معركة اليرموك

تعتبر معركة اليرموك من أعظم أيام خالد بن الوليد -رضي الله عنه- فقد استطاع أن ينتصر على جيش روماني منظم قوامه مئتي ألف مقاتل محصن ومدجج بالسلاح، بينما كان عدد المسلمين خمسة وأربعين ألفًا فقط، فعبأ جيش المسلمين تعبئة لم يعرفها المسلمون من قبل، وخاض معركة حامية الوطيس استطاع في نهايتها من شن هجوم حاسم فصل فيه فرسان الروم وترك لهم طريق الفرار حتَّى يُضعف الجيش الروماني، وانتصر المسلمون في اليرموك انتصارًا عظيمًا مهَّد الطريق أمام المسلمين لفتح سائر بلاد الشام.

قصة خالد بن الوليد للاطفال

صحابي جليل، وقائد شجاع، والده الوليد بن المغيرة أحد أشراف وأثرياء قريش، وأمّه لبابة بنت الحارث أخت أم الفضل، أم بني العباس بن عبد المطلب، وخالته ميمونة زوج رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

كان خالد فارساً لامعاً لا يُشَق له غبار، منّ الله عليه بالهداية في السنة الثامنة للهجرة قبل فتح مكة بستة أشهر، وأعلن إسلامه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن يومها لم يرفع سيفه إلا لنصرة الإسلام والمسلمين، فكان نعم القائد والفارس الشجاع، حتى لقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بـ “سيف الله المسلول”.

كان خالد مع رسول الله في الكثير من الغزوات، وأبلى بلاءً حسناً، ففي غزوة مؤتة عندما استشهد القادة الثلاثة الذين عينهم النبي (صلى الله عليه وسلم) اختاروا “خالداً” قائداً عليهم. وأرسله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عند فتح مكة لهدم “العزى” أكبر أصنام قريش وأعظمها، ثم أرسله (صلى الله عليه وسلم) إلى “بني جذيمة” يدعوهم إلى الإسلام، وفي غزوة “حنين” كان خالد في مقدمة الجيش لقتال قبيلة “هوازن”، ثم بعثه (صلى الله عليه وسلم) إلى “بني المصطلق” ثم إلى صاحب “دومة الجندل”.

وبعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) استمر خالد في جهاده وقيادته لجيش المسلمين، فحارب مع أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) المرتدين ومانعي الزكاة، ومدعي النبوة، وأظهر من البراعة والحنكة القتالية ما يفوق الخيال، وكان له شرف التصدي لهذه الفتن والقضاء عليها. ثم فتح الله على يديه العراق وبلاد الشام وقنسرين، وكان الجهاد أحبّ شيء إليه.

استقر خالد في مدينة حمص، ولما شعر بدنو أجله، قال قولته المشهورة: “شهدت مئة معركة أو زهاءها، وما في جسدي شبرٌ إلا وفيه ضربةٌ بسيف أو رميةٌ بسهم، أو طعنةٌ برمح، وها أنذا أموت على فراشي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء).

توفي (رضي الله عنه) في حمص في 18 رمضان سنة 21 هجرية، ودُفن هناك.

سيرة خالد بن الوليد pdf

https://www.alarabimag.com/books/20746-%D8%B9%D8%A8%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%AE%D8%A7%D9%84%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9.html

عدد معارك خالد بن الوليد

عدد معارك خالد بن الوليد -رضي الله عنه- مئة معركة أو قريبًا من ذلك، فلمّا جاءه الموت قال: “لقد شهِدتُ مائة معركة أو زُهاءها، وما في جسدي شبر إلّا وفيه ضربة بسيفٍ، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وهأنذا أموت على فراشي كما يموت البعير، ألا فلا نامَت أعينُ الجبناء”، فقد كان -رضي الله عنه- من قادة المسلمين، وفي معركة مؤتة لقّبه الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بسيف من سيوف الله، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، حيث قال: “أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَعَى زَيْدًا، وجَعْفَرًا، وابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ، فَقالَ: أخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أخَذَ ابنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ وعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ: حتَّى أخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِن سُيُوفِ اللَّهِ، حتَّى فَتَحَ اللَّهُ عليهم”،وفي هذه المعركة انقطع في يده تسعة أسياف حتى قاتل بعدها الروم بصفيحة يمانية، ولقد كان قائداً في معركة اليرموك التي كانت بداية النهاية للإمبراطورية الروماني

عبد الرحمن بن خالد بن الوليد

هو عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بن المغيرة القرشي المخزومي.

وأمه أسماء بنت أسد بن مدرك الخثعمي ويكنى أبا محمد.

أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ورآه، وشهد اليرموك مع أبيه، وسكن حمص. وكان أحد الأبطال كأبيه، وكان معه لواء معاوية يوم صفين. وكان يستعمله معاوية على غزو الروم. وكان شريفًا شجاعًا ممدوحًا.

بعض مواقف عبد الرحمن بن خالد بن الوليد مع الصحابة:
– يروي ابن وهب من طريق عبيد بن يعلى، عن أبي أيوب قال: غزونا مع عبد الرحمن بن خالد، فأتي بأربعة أعلاج من العدو، فأمر بهم، فقتلوا صبرًا بالنبل، فبلغ ذلك أبا أيوب فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن قتل الصبر، ولو كانت دجاجة ما صبرتها، فبلغ ذلك عبد الرحمن، فأعتق أربع رقاب.

وعن عوانة بن الحكم أن معاوية استعمل عبد الرحمن بن خالد بن الوليد على الصائفة ثم قال له: ما تصنع بعهدي؟ قال: أتخذه إمامًا لا أعصيه، وقال: اردد عليَّ عهدي، عليَّ بسفيان بن عوف فكتب له ثم قال له: ما تصنع بعهدي؟ قال: أتخذه إمامًا ما أم الحرم، فإن خالف خالفت، قال: سر على بركة الله، فسار فهلك بأرض الروم.

بعض مواقف عبد الرحمن بن خالد بن الوليد مع التابعين:
لما ولي العباس بن الوليد حمص قال لأشراف أهل حمص: يا أهل حمص، ما لكم لا تذكرون أميرًا من أمرائكم مثل ما تذكرون عبد الرحمن بن خالد فقال بعضهم: كان يدني شريفنا ويغفر ذنبنا ويجلس في أفنيتنا ويمشي في أسواقنا ويعود مرضانا ويشهد جنائزنا وينصف مظلومنا.

بعض الأحاديث التي رواها عبد الرحمن بن خالد بن الوليد عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
روي عن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد أنه كان يحتجم في هامته وبين كتفيه، فقالوا: أيها الأمير لم تحتجم هذه الحجامة؟ فقال: إن رسول الله كان يحتجمها, ويقول: “من أهراق من هذه الدماء فلا يضره أن لا يتداوى بشيء”.

وفاة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد:
قال خليفة، وأبو عبيد، ويعقوب بن سفيان وغيرهم: مات سنة ست وأربعين، زاد أبو سليمان بن زبر، قتله ابن أثال النصراني بالسم بحمص.

 

 

السابق
افضل الزهور الفواحة
التالي
أسباب فطريات الأظافر

اترك تعليقاً