القرآن الكريم

سبب نزول عبس وتولى

سبب نزول سورة عبس

قال الله تعالى في مطلع سورة عبس: (عَبَسَ وَتَوَلَّى*أَن جَاءَهُ الْأَعْمَى*وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى*أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى*أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى*فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى*وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى*وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَى*وَهُوَ يَخْشَى*فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى)،[٢] فالآيات السابقة نزلت في الصحابي عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه الذي كان فقيراً ضريراً، وذلك عندما أعرض عنه الرسول صلى الله عليه وسلم بسبب انشغاله بدعوة كبراء قبيلة قريش، طمعاً في إسلامهم وإسلام أتباعهم، إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يقصد من ذلك الانحياز إلى الطبقة الغنية وترك الطبقة الفقيرة من المجتمع، ولكن وقع الظن في قلبه أن إسلام الغني ربما يؤثر في الدعوة أكثر من إسلام الفقير الأعمى، فنزلت الآيات السابقة في عتاب النبي عليه الصلاة والسلام، إلا أنّ العتاب كان رقيقاً هيّناً، فالله تعالى لم يوجّه الخطاب له رحمةً وليناً به، فالخطاب ورد في صيغة المجهول، حيث قال: (عَبَسَ وَتَوَلَّى)،[٣] ثمّ خاطبه الله في الآية التي تليها، فقال سبحانه: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى).

فذلك يدل على حب الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم، فالله تعالى يعلم أنّ الرسول أعرض عن ابن أم مكتوم ليس لتكبّرٍ أو غير ذلك، وإنما للحرص الشديد على إسلام كبار قريش، ففي ذلك عزة وقوة للإسلام والمسلمين، فالله تعالى بيّن لرسوله أنه غنيٌ كلّ الغنى عن إسلامهم، وبيّن له أنّه ليس عليه تحميل نفسه مشقةً زائدةً لهداية من يرفض الهداية والخير، حيث قال: (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفسَكَ عَلى آثارِهِم إِن لَم يُؤمِنوا بِهـذَا الحَديثِ أَسَفًا) فالآيات السابقة التي تبيّن عتاب الله تعالى للنبي عليه الصلاة والسلام تدلّ على صدق النبي محمد، وتدلّ أيضاً على أنّ القرآن الكريم نزل من عند الله تعالى، ومن الآيات التي وردت أيضاً في عتاب النبي قول الله سبحانه: (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكونَ لَهُ أَسرى حَتّى يُثخِنَ فِي الأَرضِ تُريدونَ عَرَضَ الدُّنيا وَاللَّـهُ يُريدُ الآخِرَةَ وَاللَّـهُ عَزيزٌ حَكيمٌ) فكان العتاب للنبي بترك قتل الأسرى من كفار.

سبب نزول سورة التكوير

سورة التكوير افتتحت آياتها بالحديث عن أهوال يوم القيامة ثم القسم بمجموعة أشياءٍ للدلالة على صدق النبوة والرسالة ثم اختتمت الآيات بقوله تعالى:”لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ”[٤]؛ فقال أبو جهلٍ:”ذَلِكَ إِلَيْنَا إِنْ شِئْنَا اسْتَقَمْنَا وَإِنْ لَمْ نَشَأْ لَمْ نَسْتَقِمْ” أي أنّ اختيار طريق الهداية والاستقامة أو الضلال والاعوجاج أمرٌ عائدٌ إلى الفرد ذاته؛ فأنزل الله تعالى ردًّا على قوله هذا آخر آيةٍ في السورة:”وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ” أي أن مشيئة العبد تابعةٌ ولاحقةٌ لمشيئة رب العالمين.

عبس وتولى تفسير الميزان

معنى عبس وَتَوَلَّى

العبس معناه‏:‏ عبس الإنسان إذا قطب جبينه وظهرت عليه الكراهة يعني‏:‏ يتضايق الإنسان من شيء فيظهر على وجه الكراهة والعبوس وعدم الانبساط هذا هو الأصل‏.‏

و{‏عَبَسَ وَتَوَلَّى‏} ‏ في القرآن‏.‏ معناها‏:‏ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حصل منه بعض الكراهية والتضايق بسبب أن عبد الله ابن أم مكتوم الأعمى ـ رضي الله تعالى عنه ـ جاءه يسأله عن أمور من أمور دينه، وكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بحضرته ناس من أكابر قريش، وكان عليه الصلاة والسلام يطمع في إسلامهم وترغيبهم والتحدث معهم لعل الله أن يهديهم ليدعوهم إلى الله عز وجل، فلما جاء عبد الله ابن أم مكتوم ـ رضي الله عنه ـ يسأله وهو مشغول مع هؤلاء كأنه كره مجيء عبد الله ابن أم مكتوم في هذه الساعة وكره سؤاله، لأنه يشغله عن التحدث مع هؤلاء فعاتبه الله ـ عز وجل ـ على ذلك وقال‏:‏ ‏{‏عَبَسَ وَتَوَلَّى، أَن جَاءَهُ الأَعْمَى، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى، أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى، أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى، فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى، وَمَا عَلَيْكَ أَلا يَزَّكَّى، وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَى، وَهُوَ يَخْشَى، فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى‏}‏ ‏[‏سورة عبس‏:‏ الآيات 1-10‏]‏‏.‏

موضوعات سورة عبس

إنَّ أوَّل مقاصد سورة عبس أول المقصد الرئيس من مقاصد سورة عبس هو عتاب الله تعالى لرسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في موقفه مع الصحابي الجليل الضرير عبد الله بن أم مكتوم -رضي الله عنه-، حيث تقول القصة إنَّ عبد الله بن أم مكتوم -رضي الله عنه- جاء إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وطلب منه أن يعلمه من العلم الذي علَّمَهُ الله تعالى، وكان عند رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عدد من كبار القوم في قريش يدعوهم رسول الله إلى الإسلام فأعرض رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- عن عبد الله بن أم مكتوم، وهذه القصة وردتْ في الآيات التالية: {عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ * أَن جَاءَهُ الْأَعْمَىٰ * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَىٰ * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَىٰ * فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّىٰ * وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَىٰ * وَهُوَ يَخْشَىٰ * فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ} .

ومن مقاصد سورة عبس في الآيات اللاحقة هو أنَّ الله تعالى يُذكِّرُ النَّاس بأنَّ هذا القرآن تذكرة وموعظة لهم، قدَّرهُ الله في اللوح المحفوظ في صُحفٍ عالية القدر، كتبها الملائكة البررةُ الصَّالحون، قال تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ * مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ}[٦]، ثمَّ ينتقل الخطاب الإلهي للحديث عن الإنسان، الإنسان الذي يكفر ويجحد نعمَ الله تعالى وهو الذي خلقه من نطفة وقدره في بطن أمه، ثمَّ أحياه حينًا من الدهر ثمَّ أماته وقدَّر لجسده القبر والتراب والفناء، ثمَّ إذا أراد الله أحياه وبعثه من جديد للحساب في يوم النشور وهو على الرغم من كلِّ هذا يأبى أن يقضي ما أمره الله تعالى به، قال تعالى: {قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنشَرَهُ * كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} .

ومن مقاصد سورة عبس أيضًا إنَّ الله تعالى يذكر الناس بما حولهم من النعم التي أنعم بها عليهم، فيدعوهم إلى النظر إلى طعامهم وشرابهم ومأكلهم، فهو الذي صبَّ الماء للناس وشقَّ الأرض فأنبتَ منها النبات الذي يأكلون منه، أنبت العنبَ والزيتون والنخل والبساتين الخضراء من الفاكهة، كلُّ هذا متاع للناس ونعيم من الله -سبحانه وتعالى-، قال تعالى: {فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ} .

يختم الله تعالى سورة عبس بالحديث عن يوم القيامة، ويسمِّيه في هذه السورة بالصَّاخَّة، ويصف حال الإنسان في هذا اليوم العظيم، الإنسان الذي يفرُّ من أخيه وأمه وأبيه وخاصته من الناس وأبنائه وزوجته، فكلُّ إنسان في ذلك اليوم همُّه نفسه فقط، ولا يعنيه أي شأن آخر، والناس يومئذ مختلفون، منهم الفرحون مشرقو الوجوه وهم المؤمنون، ومنهم القاتمون المعتمون الحزانى وهم الكافرون الفاجرون، قال تعالى: {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُولَٰئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ}  والله تعالى أعلم.

سبب نزول سورة النبأ

لقد وردتْ أحاديث كثيرةٌ عن سبب نزول سورة النبأ، ولأنّها سورة مكية، نزلتْ في أوائل بعثةِ النَّبيِّ -عليه الصّلاة والسّلام- وكانتْ تأكيدًا لعقيدة البعث التي أنكرها المشركون، فقد وردتْ روايات عديدة عن سبب نزول سورة النبأ، ومن هذه الروايات:

  • لقد روي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- ما يقتضي أن هذه السورة نزلتْ في أولِ بعثة النَّبيِّ -عليه الصّلاة والسّلام-، حيثُ قال ابن عباس: “كانت قريش تجلسُ لمَّا نزل القرآن فتتحدث فيما بينها؛ فمنهم المصدِّقُ ومنهم المكذِّبُ بهِ، فنزلتْ عمَّ يتساءلون”، ويقصد سورة النبأ.
  • ووردَ عن الحسن أنّهُ لمَّا بُعِثَ النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- جعلُوا يتساءلونَ بينَهُم، فأنزل الله تعالى: “عمّ يتساءلون * عن النبأ العظيم”، يعني: الخبر العظيم.
السابق
ما أسباب الطفح الجلدي عند الاطفال
التالي
سبب عدم وجود البسملة في سورة التوبة

اترك تعليقاً