التعامل مع المراقين

ظاهرة انحراف الشباب

تعريف الانحراف

مفهوم انحراف الشباب يُعرّف الانحرافُ لغةً بأنّه الميلُ والخروجُ عن الطّريق الصّحيح وعن كلّ ما هو مُعتاد ويُعرَّف اصطلاحاً بأنّه اختراقُ التّوقعات الاجتماعيّة وانتهاكها، والخروجُ عن المعايير التي يُحدّدها المُجتمع ويرتضيها للسّلوك وعدم الالتزام بها ويُعرّف عالم الاجتماع كوهين الانحراف بأنّه السّلوك الذي يكون خارجاً عن التّنبؤات المُشتركة والممكنة في محيط النَّسق الاجتماعي، ويُعتبر هذا التّعريف من أكثر التعريفات انتشاراً بين علماء الاجتماع.

أسباب الانحراف الاجتماعي

  •  الفقر: يقودُ الفقر لحالةٍ من عدم الاستقرار الاجتماعيّ والحرمان الاقتصاديِّ والتي تقود لمجموعةٍ من المشاكل الاجتماعية التي تُهدّد الأسرة؛ ممّا تُسبّب ابتعاد الأبوين عن أبنائهم، وبالتالي يكونُ قد شكَّل عقبةً في وجه التنشئة والتربية المُثلى؛ ممّا يُنتجُ أفراداً ذوي سلوكاتٍ مُنحرفة.
  • ضعف الوازع الدينيّ: إذ إنّ الشّباب الذي تخلّى أو ابتعد عن تعاليم دينه وشرعه سيقع بلا شك في الانحراف بشكلٍ أكبر من الشّباب الذي تمسّك بها؛ لكون الدّين أحد الأسباب التي تُعزّز مجال الأخلاق والقيم في نفس الإنسان، كما تُنحّيه عن طريق الرّذيلة والفواحش وكلّ ما يُمكن أن يؤذي ويُزعج المُجتمع والأفراد لوجود محاذيرَ شرعيّة تُنحّي الفرد عن الوقوع بمثل هذه الرذائل
  • الفراغ: إذا فرغَ المرء ولم يجد ما يفعله، فسيكون وقوعه في الانحراف أسهل ممّن يشغل وقته بما يفيد، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نِعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفراغُ).
  • فسادُ بيئة الإنسان: إنّ الإنسانَ انعكاسٌ لما في بيئته، فإذا صَلُحت صَلُح وإذا فسدتْ فسَد، فمن نشأ في بيئة تُشجّع الانحراف أو تُيسّر دربه، فإنّه سيكون أكثر احتمالية للوقوع في الانحراف من غيره فقد قال تعالى: (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا).
  • أصدقاءُ السّوء: تزيد احتماليّة انحرافِ الشّباب إذا كان أصدقاؤهم كذلك، وقد بيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مدى أثر الرفيق في قوله: (إنَّما مثلُ الجليسِ الصَّالحِ والجليسِ السُّوءِ كحاملِ المِسكِ ونافخِ الكيرِ، فحاملُ المسكِ، إمَّا أن يُحذِيَك، وإمَّا أن تَبتاعَ منه، وإمَّا أن تجِدَ منه ريحًا طيِّبةً، ونافخُ الكيرِ، إمَّا أن يحرِقَ ثيابَك، وإمَّا أن تجِدَ ريحًا خبيثةً).
  • فسادُ والديّ الإنسان أو أحدهما: يجبُ على المرء أن يختارَ شريكاً صالحاً ليُشاركه حياته وتربية أولاده، فإنّ أخلاقَ الوالدين وتعاملهما وقيمهما تؤثّران على الأبناء؛ إذ إنّ الطِّفل يُولد على الفطرة، وسلوكُ والديه هو ما يؤثِّر به بالإيجاب أو السّلب
  • وفي ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما مِنْ موْلودٍ إلَّا يولَدُ علَى الفِطْرَةِ، فأبواهُ يهوِّدَانِهِ أوْ يُنَصِّرانِهِ ، أوْ يُمَجِّسانِهِ، كما تُنْتَجُ البهيمةُ بهيمةً جمعاءَ، هلْ تُحِسُّونَ فيها مِنْ جَدْعاءَ)
  • اليُتم: عندما يفقدُ الإنسان والده الذي كان يرعاه ويُدبّر أموره وأسباب معيشته سيزوره الهمّ والفقر والغمّ؛ ممّا قد يدفعه لكثيرٍ من السّلوكات السيئة كالسرقة وبيع المخدرات وغيرها، وبالتالي لطريق الانحراف.
  • كثرة المال: لا يعرفُ بعضُ الشّباب مقدار النّعمة التي هُم فيها في حالة الغنى، فيقومون بتبذير المال وإنفاقه بإسراف فيما لا يُفيد، وقد يكون هذا أحد أسباب انحرافهم
  • الحرية المطلقة: عندما يُمارس الشّباب حُريّتهم بشكلٍ مُطلقٍ وغير مسؤول، فإنّ عواقب الأمور تكون وخيمة، فهم يظنّون أنّ معنى الحرية يتجسّد في قول وفعل ما يشاؤون، وفي الخروج والدخول دون رقيب، وفي لبس وصرف ما يُريدون، ولا يدرون أنّ هذه المفاهيم الخاطئة موصلة لطريق الانحراف

ظاهرة انحراف الشباب

مظاهر انحراف الشباب إن الناظر في مجتمعاتنا لَيدرك ازدياد ظاهرة انحراف الشباب بشكل مخيف، ولا شك بأنّ هذه الظاهرة لها جوانب متعددة، ولعل أبرزها الانحراف الأخلاقي، حينما ترى ازدياد نسبة الشباب الذي يتعاطون المواد الممنوعة التي تدمر عقولهم، مثل المخدرات والكحول وغير ذلك، كما نرى تزايداً مطرداً في جرائم الشرف والاغتصاب، وهتك العرض، والتحرش، والعلاقات المحرّمة بين الشباب، ومن جوانب انحراف الشباب التي لا تقل خطورة عن الجانب الأخلاقي، انحرافُهم من الناحية العقائدية عن دينهم.

مظاهر الانحراف

الانحراف بين مرجعيتين

  • الذين يتخذون المرجعية الغربية ميزانا وسبيلا، يرون العديد من الانحرافات ـ مثل الزنا وشرب الخمر واللواط والعري وأكل الربا ـ يرونها من جملة الحريات الفردية التي لا تخرج بصاحبها عن الاستقامة، ويرون في “الصراط المستقيم” الذي يدعو إليه القرآن مرجعية ظلامية تناقض التطور وسبيل الحداثة والتقدم.
  • وهذه أولى أسباب الانحراف، أعني الاختلاف في مرجعية “الصراط المستقيم” والسبيل الموصل إلى الفلاح في الدنيا والآخرة..
  • فمن اتخذ فلسفة اليونان والمنطق الأرسطي ميزانا يزن به الأقوال والأفعال والقيم، مثل ما وقعت فيه بعض الفرق من هذه الأمّة قديما، أو من يتخذ المرجعية الغربية من المعاصرين اليوم ميزانا وحكما، فلا شك أنه سينحرف عن الصراط الذي يرسمه القرآن، ويرى المتمسكين به ظلاميين.
  • وكما أن المرجعية الإسلامية لا تستند إلى العقل أو الفطرة وحدها، بل تستند في معظمها إلى الوحي المتمثل في القرآن وصحيح السنّة، فإن المرجعية الغربية، هي الأخرى، لا تستند إلى العقلانية وحدها، بل تستند أيضا إلى الهوى والشهوة التي تعتبر إحدى ثوابت ما بعد الحداثة.
  • مظاهر للانحراف متفق عليها بين سائر الناس لأنها تخالف الفطرة أو تهدّد السلم الاجتماعي؛ مثل “الإرهاب” وظاهرة “التشرميل” والاغتصاب وتعاطي المخدّرات، وزنا المحارم

الانحراف من داخل المرجعية:

  • الذي يسلمون بالمرجعية الإسلامية معيارا للعقائد والأفكار والقيم والأخلاق، ليسوا بمنأى عن الانحرافات بشتى أنواعها؛ وأخطرها الانحرافات العقدية التي كانت وراء ظهور الفرق الكلامية :
  • بعضها يقدّم العقل على النقل، وبعضها يقدم الكشف والإلهام والذوق على العقل والنقل، وبعضها يأخذ بالقرآن وحده ويترك السنّة والسيرة المجسّدة لقيم القرآن، وبعضها يؤوّل القرآن بحسب هواه ومذهبه؛ وهذه كلها انحرافات تفضي إلى الخروج عن الصراط المستقيم.
  • ومثله الطبيب الذي يحاضر في مخاطر التدخين ويحذر الناس منه، وهو مقتنع بعواقبه الوخيمة على الصحّة ومع ذلك يتعاطى التدخين..أو مثل الذي يعرف أن الزنا قد يكون سببا في اكتساب أمراض جنسية فتّاكة، ومع ذلك يمارسه، بل لا يأخذ حتى أسباب الوقاية من تلك الأمراض.
    فإذا كان علاج الاختلالات العقدية والانحرافات الفكرية يكمن في البحث العلمي الموضوعي واحترام مقدماته ونتائجه؛ فإنّ علاج الاختلالات السلوكية والانحرافات الأخلاقية يكون بالمجاهدة : مجاهدة النفس والهوى والشيطان.
  • والمجاهدة تكون بالمحافظة على الصلاة في وقتها ومع الجماعة، والمواظبة على ذكر الله عز وجل والصلاة على نبيه، ومصاحبة الصالحين، والصيام وإخراج الصدقات، فإن لها مفعولا عجيبا في تقويم سلوك من سلمت عقيدته من الفساد، واستصحاب التوبة والمراقبة والإخلاص في العمل.
  • ومجاهدة النفس والشيطان تتطلب معرفة مداخل الشيطان للنفس، وكيف يفسدها، ودور العقل في صدّه ومدافعته، ومعرفة الأذكار والأسماء، ومنزلة كل واحد منها بحسب الداء الذي يصيب النفس، ومعرفة أمراض القلوب مثل الحسد والحقد والغل والرياء والإعجاب بالنفس، وكلها من المهلكات..

أثر الانحراف على المجتمع

  • إنّ المجتمع المريض الذي يحول دون إشباع حاجات أفراده، والذي يفيض بأنواع الحرمان والإحباطات والصراعات، والذي يشعر فيه الفرد بنقص الأمن وبعدم الأمان.
    كما أن التنافس الشديد بين الناس، وعدم المساواة، والاضطهاد والاستغلال، وعدم إشباع حاجات الفرد، ويُضاف إلى ذلك وسائل الإعلام الخاطئة غير الموجهة، والتي تؤثِّر تأثيرًا سيِّئًا في عملية التنشئة الاجتماعية.
    كل هذه الأسباب إلى جانب أسباب أخرى تدفع الفرد الذي يعيش في مثل هذا المجتمع المريض إلى سوء التوافق الاجتماعي؛ بحيث يكون السلوك المريض والشيخوخة المبكرة وغير السوية – النتاج المتوقع لهذه المساوئ.
  • يقول جليل وديع شكور في كتابه «أمراض المجتمع»: من المعروف أن تدنِّي الحالة الاقتصادية لأية عائلة لا يسمح بتلبية جميع متطلباتها، وتلعب البطالة وفقدان المواد الأولية دورًا فاعلاً في هذا التدنِّيوفي هذا المجال وجد سالوس في دراسة له على الأحياء البائسة والمعدمة اقتصاديًّا أن العوز المادي ليس كافيًا بمفرده لتفسير الانحراف؛ فهناك مُتغيِّرات خمسة تميّز عائلات المنحرفين: غياب الأب، وسوء تفاهم الوالدين، والبطالة، وعدم الاستقرار المهني، والإدمان الكحولي في الأسرة، والماضي الجانح لأحد الوالدين.

بحث عن الانحراف doc

لتحميل الملف اضغط هنا 

انحراف الشباب وطرق العلاج على ضوء الكتاب والسنة

لتحميل الكتاب اضغط هنا 

السابق
التعرف على شخصية الآخرين
التالي
أضرار اللولب: أمور مهمة يجب معرفتها

اترك تعليقاً