عدد حجات النبي محمد صلى الله عليه وسلم

كم عدد حجات النبي من الأسئلة الدينيّة التي تُراود الكثير من المُسلمين، ويُريدون أن يجدوا إجابةً وافيةً لها، وذلك لاختلاط الأمر بالنسبة إليهم بين حجات النبي التي كانت قبل الهجرة، والتي كانت بعد الهجرة، والتي كانت قبل الإسلام، وفيما يلي سنتعرّف على عدد حجات النبي -صلى الله عليه وسلّم، وهل كانت له حجّات قبل الإسلام أم لا؟

تعريف الحج

عُرّف الحجّ في معاجم اللغة العربيّة على أنه القصد، والتوجّه،والكفّ،(1)  وأما في اصطلاح علماء الشّريعة فهو قصد المشاعر المقدّسة؛ لأداء مناسك محدّدة، في وقت مخصوص، وفي مكان مخصوص، فأما المناسك المحدّدة؛ فهي مناسك الحجّ، وأما الوقت المحدّد؛ يكمن في الإجابة عن كم عدد أيام الحج ومتى يبدأ ومتى ينتهي ؟ فالحج يبدأ من أول الثامن من ذي الحجة، وحتى انتهاء أيام التّشريق، وأما المكان المحدد؛ فهو مكّة والمدينة، والحج ركن من أركان الإسلام، وهو واجبٌ مرةٌ واحدة في عُمُر الإنسان المستطيع من الناحيتين البدنية والماليّة.

واستدلُّوا على ذلك بقوله-تعالى-:”وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا”(2) ، وقول النبي -صلى الله عليه وسلّم:” fني الإسلام على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلَّا اللَّه وأنَّ محمداً رسولُ اللَّه، وإقام الصَّلاة، وإيتاء الزَّكاة، والحجِّ، وصوم رمضان” (3)، وهو من أفضل العبادات التي يتقرّب بها العبدُ من ربّه، ومما يدُل على ذلك ما ورد في حديث أبي هريرة:” سُئل النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: إيمانٌ باللَّه ورسوله قيل: ثُمَّ ماذا؟ قال: جهادٌ في سبيل اللَّه قيل: ثمَّ ماذا؟ قال: حجٌّ مبرور”(4) ، كما أن من حجّ فلم يرفث أو يفسق؛ رجع كيوم ميلاده خاليًا من الذُّنوب والآثام، ومما يدُل على ذلك حديث أبي هريرة:” من حجَّ للَّه فلم يرفُث، ولم يفسُق، رجع كيوم ولدَتهُ أمُّه”(5)

عدد حجات النبي

كم عدد حجات النبي ؟ اختلف العُلماء في عدد حجات النبي -صلى الله عليه وسلّم- نظرًا لقلة الروايات الواردة أو ندرتها في عدد مرّات حجّ النبي قبل البعثة، وقبل الهجرة إلى المدينة المنورة، ويمكن تقسيم مراحل حجّات النبي إلى ثلاثة مراحل:

مرحلة ما قبل البعثة النبوية

جعل الله -سُبحانه وتعالى- إبراهيم وابنه إسماعيل خدّام للبيت، وأمرهم أن يرفعوا قواعده، ويرجع الحجّ إلى ذلك الوقت، ولكن لم يكُن ينطبق عليه شروط الحجّ التي فُرضت بعد الإسلام، ومنذ ذلك الوقت والعرب يحجّون إلى الكعبة، ولكن على اختلاف أديانهم ومعتقداتهم، فقد كانوا يحجون ويطوفون للأوثان والأصنام التي كانوا يعبدونها من دون الله، وحُكي أن النبي كان يطوف معهم في ذلك الوقت، ولكنه لم يكُن يطوف كما يطوفون للأصنام، ولكن لم يُعرف عدد الحجات التي حجّها في ذلك الوقت؛ لنُدرة الأخبار الواردة في ذلك.(6)

مرحلة ما بعد البعثة

وتتمثّل تلك المرحلة في ما بعد ظهور الإسلام، وتنقسم تلك المرحلة إلى قسمين، هما:

مرحلة ما قبل الهجرة

وهي وقت وجود النبي في مكّة المكرّمة، وهذه المرحلة تمحورت عدد حجاتها في ثلاثة آراء: الرأي الأول يقول: إن النبي -صلى الله عليه وسلّم- لم يحُجّ قبل الهجرة قطّ، والرأي الآخر يقول: بأن النبي لم يترك الحج قط، وهو في مكة، وهو رأي ابن حجر، أما الرأي الثالث، فقال: إن النبي قد حجّ مرّتين قبل الهجرة، ومما يدُل على ذلك، ما رُوي عن جابر بن عبدالله أنه قال:” أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم حجَّ ثلاث حججٍ حجَّتين قبل أن يهاجر، وحجَّةً بعد ما هاجر ومعها عمرةٌ”(7)؛ إذا هناك اختلاف في عدد حجات النبي قبل الهجرة.

مرحلة ما بعد الهجرة

وهي وقت أن هاجر النبي من مكة إلى المدينة المنوّرة، وقيل : إن النبي لم يحُجّ في تلك المرحلة إلا حجة واحدة، وقد اعتمر أربع عُمر، ومما يُستدلّ به  على ذلك:”  سُئل أنس بن مالك -رضي الله عنه- كم حج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (حَجَّةً واحدةً، واعتمر أربع عُمرٍ)(8)، وقد ذُكر في الكتاب القيّم لابن القيّم زاد المعاد: إن النبي لم يحج إلا مرة واحدة بعد الهجرة، ولقد سُمّيت تلك الحجة بحجة الوداع.(9).
ومن خلال هذا المقال يُمكننا التعرّف على كم عدد حجات النبي ، وما هي الحجّات التي كانت قبل البعثة النبوية، وإلى كم قسم انقسمت حجّاته بعد البعثة النبويّة، وكم كانت حجاته قبل الهجرة، وكم كانت بعد الهجرة، وما هو تعريف الحجّ لغة واصطلاحا، وفضله، وأهمية، والأدلة الواردة من القرآن والسنّة على ذلك.