ديني

قصة اصحاب الجنة

قصة اصحاب الجنة

تلخيص قصة أصحاب الجنة مختصرة

ذكر الله تعالى في سورة القلم قصة أصحاب الجنة، حيث قال عزوجل:( إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ * فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ * وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ * فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ * قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ * عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ * كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)، فقد كان أصحاب الجنة من اليمن، وسكنوا بالقرب من صنعاء في ضروان، وقيل أنهم كانوا من الحبشة، ويقول عكرمة البربري أنهم كانوا من الحبشة.

وكان أبوهم يملك جنة، وكانت الجنة تحتوي على خير كثير من فاكهة وخضار، وكان الوالد دائما ما يطعم الفقراء والمساكين، ولما مات الأب، أقسم الفتية وهم خمسة على أن يتوقفوا عما كان والدهم يفعله، وقالوا لن نطعم أي مسكين كان.

وقال قتادة بن دعامة أن والدهم كان يتصدق بالفائض عن حاجتهم، ولما مات الرجل العجوز، توقف أولاده عن الصدقة، وقيل أيضا أن الرجل العجوز كان يقسم إنتاج الجنة لثلاثة أقسام جزء للفقراء والمساكين وجزء لأهل بيته، والجزء الأخير يستخدمه في زراعة الأرض.

وبعد ذلك أتى صقيع كثيف على الجنة، وقيل أتت نار شديدة أحرقت الجنة كلها، فتلف المحصول في الحال، وقال عبدالله بن العباس احترقت فأصبحت الثمار منكمشة وتلفت من قلبها، وذبلت أوراقها، وأسود ورقها، فأصبحت كالمحترقة.

ولقد كانت العقوبة بليل لأنهم اتخذوا القرار بعدم إطعام المساكين في الصباح، ولما رأوا ما حدث للجنة أدركوا أنهم كانوا ضالين، وبهذا عادوا لرشدهم وعادوا لله وتابوا إليه بعد أن ندموا على ما فعلوا.

وقيل أن أوسط الأبناء كان يشبه والده في العقل والحكمة حيث قال لهم وحذرهم وقال لهم سيروا على نهج أبيكم لكنهم رفضوا ذلك.

وبهذا كانت قصة أصحاب الجنة تذكير من الله تعالى للناس لكي ينفقوا من أموالهم في سبيله عز وجل، فمن يعطي الفقراء يبارك له الله في ماله وأهله.

قصة أصحاب الجنة للصف السادس

قصة أصحاب الْجَنَّةِ إسلام ويب

قال الله تعالى : إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم فتنادوا مصبحين أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين فانطلقوا وهم يتخافتون أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا على حرد قادرين فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون [ القلم : 17 – 33 ] . وهذا مثل ضربه الله لكفار قريش ، فيما أنعم به عليهم من إرسال الرسول العظيم الكريم إليهم ، فقابلوه بالتكذيب والمخالفة ، كما قال تعالى : ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار [ إبراهيم : 28 ، 29 ] . قال ابن عباس : هم كفار قريش . فضرب تعالى لهم مثلا بأصحاب الجنة المشتملة على أنواع الزروع والثمار التي قد انتهت واستحقت أن تجد ; وهو الصرام ، ولهذا قال : إذ أقسموا فيما بينهم ليصرمنها أي : ليجدنها ، وهو الاستغلال ( مصبحين ) أي : وقت الصبح ، حيث لا يراهم فقير ولا محتاج فيعطوه شيئا ، فحلفوا على ذلك ولم [ ص: 579 ] يستثنوا في يمينهم ، فعجزهم الله ، وسلط عليها الآفة التي أحرقتها ; وهي السفعة التي اجتاحتها ولم تبق بها شيئا ينتفع به ولهذا قال فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم أي : كالليل الأسود المنصرم من الضياء وهذه معاملة بنقيض المقصود فتنادوا مصبحين أي : فاستيقظوا من نومهم فنادى بعضهم بعضا قائلين : اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين أي : باكروا إلى بستانكم فاصرموه . قبل أن يرتفع النهار ويكثر السؤال فانطلقوا وهم يتخافتون أي : يتحدثون فيما بينهم خفية قائلين : لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين أي : اتفقوا على هذا واشتوروا عليه وغدوا على حرد قادرين أي : انطلقوا مجدين في ذلك قادرين عليه مصممين مصرين على هذه النية الفاسدة . وقال عكرمة والشعبي : وغدوا على حرد أي : غضب على المساكين . وأبعد السدي في قوله ; أن اسم حرثهم حرد . فلما رأوها أي : وصلوا إليها ، ونظروا ما حل بها ، وما قد صارت إليه من الصفة المنكرة بعد تلك النضرة والحسن والبهجة ، فانقلبت بسبب النية الفاسدة ، فعند ذلك قالوا إنا لضالون أي : قد تهنا عنها وسلكنا غير طريقها . ثم قالوا : بل نحن محرومون أي : بل عوقبنا بسبب سوء قصدنا ، وحرمنا بركة حرثنا قال أوسطهم قال ابن عباس ، ومجاهد ، وغير [ ص: 580 ] واحد : هو أعدلهم وخيرهم . ألم أقل لكم لولا تسبحون قيل : تستثنون . قاله مجاهد ، والسدي ، وابن جريج . وقيل : تقولون خيرا بدل ما قلتم من الشر قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين فندموا حيث لا ينفع الندم ، واعترفوا بالذنب بعد العقوبة ، وذلك حيث لا ينجع ، وقد قيل : إن هؤلاء كانوا إخوة وقد ورثوا هذه الجنة عن أبيهم ، وكان يتصدق منها كثيرا ، فلما صار أمرها إليهم استهجنوا أمر أبيهم ، وأرادوا استغلالها من غير أن يعطوا الفقراء شيئا ، فعاقبهم الله أشد العقوبة ; ولهذا أمر الله تعالى بالصدقة من الثمار وحث على ذلك يوم الجداد ، كما قال تعالى : كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده [ الأنعام : 141 ] . ثم قيل : كانوا من أهل اليمن من قرية يقال لها : ضروان . وقيل : من أهل الحبشة . والله أعلم . قال الله تعالى : كذلك العذاب أي : هكذا نعذب من خالف أمرنا ، ولم يعطف على المحاويج من خلقنا ولعذاب الآخرة أكبر أي : أعظم وأطم من عذاب الدنيا لو كانوا يعلمون .

وقصة هؤلاء شبيهة بقوله تعالى : وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون [ النحل : 112 ، 113 ] . [ ص: 581 ] قيل : هذا مثل مضروب لأهل مكة . وقيل : هم أهل مكة أنفسهم ، ضربهم مثلا لأنفسهم . ولا ينافي ذلك ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

ما الاستفادة من قصة أصحاب الْجَنَّةِ

قال ابن كثير -رحمه الله-: “وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ هَاهُنَا دُعَاءَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى قُرَيْشٍ، حِينَ اسْتَعْصَتْ عَلَيْهِ، بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ، وَأَوْرَدَ مَا أَخْرَجَاهُ فِي “الصَّحِيحَيْنِ” عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: خَمْسٌ مَضَيْنَ: اللِّزَامُ، وَالرُّومُ، وَالدُّخَانُ، وَالْبَطْشَةُ، وَالْقَمَرُ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: “إِنَّ قُرَيْشًا لَمَّا اسْتَعْصَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبْطَؤُوا عَنِ الْإِسْلَامِ، قَالَ: (اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ). قَالَ: فَأَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى فَحَصَّتْ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى أَكَلُوا الْجِيَفَ وَالْمَيْتَةَ، وَحَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ كَانَ يَرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الْجُوعِ، ثُمَّ دَعَا فَكَشَفَ اللَّهُ عَنْهُمْ. ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ هَذِهِ الْآيَةَ: (إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ) (الدخان:15). قَالَ: فَعَادُوا فَكَفَرُوا فَأُخِّرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَوْ قَالَ: فَأُخِّرُوا إِلَى يَوْمِ بَدْرٍ” (البداية والنهاية).

أي لعلهم إذا عاقبهم الله بالضراء (الجدب) تفكروا في أنفسهم، ورجعوا عن الكفر إلى الإيمان، ولكن (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (الحج:46)، وفي هذا فائدة عظيمة أن الله -تعالى- مِن رحمته بعباده إذا وقعت منهم المعاصي أنه يؤدبهم ببعض العقوبات رجاء أن يرجعوا إلى ربهم -تعالى- نادمين، قال الله -عز وجل-: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم:41)، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ العُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

فإذا أصاب الواحد منا بلاءً أو تغيّر حال يحبها فليرجع إلى نفسه يحاسبها، ويُحدث توبة ويُحسن، وقد وعد الله المحسنين ألا يضيع عملهم.

الحذر مِن الهمِّ السيئ، فإنه يعاقب به، كما في هذه القصة، وكما قال الله -تعالى-: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) (الحج:25).

الحذر مِن منع الزكاة (حق المسكين في المال)، فإن هؤلاء لما عزموا على منعهم حق المساكين، فأذهب الله مالهم.

والراحمون يرحمهم الرحمن، فمَن رحم ضعيف المسلمين -رحمه الله تعالى-، وزاده بركةً وخيرًا، عن أبي هريرة -رضى الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ، فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ، فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ – لِلِاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ – فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللهِ لِمَ تَسْأَلُنِي عَنِ اسْمِي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ، لِاسْمِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟ قَالَ: أَمَّا إِذْ قُلْتَ هَذَا، فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ) (رواه مسلم).

قال بعض العلماء بكراهة حصاد الثمار بالليل كراهة أن يأخذ الفقراء نصيبهم لنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الجذاذ بالليل.

المعصية مِن أسباب العقاب الديني والدنيوي: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) (الشورى:30)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا،) (رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني).

 

اذكر قصة أصحاب الْجَنَّةِ باختصار

كانت بداية القصة بامتلاك أحد الرجال الصالحين في اليمن بستانًا ذي ثمارٍ وخيرٍ عميمٍ، وكان رجلًا شكورًا لأنعُم الله عليه إذ لا يُدخِل إلى بيته شيئًا من ثمار تلك الجنة حتى يُقسِّم ذلك المحصول إلى ثلاثة أقسامٍ متساويةٍ هي: ثلث المحصول للفقراء والثلث الثاني للمساكين والثلث الأخير لأهل بيته، وبعد أن قُبض الرجل الصالح ورثه بنوه الخمسة وفي تلك السنة حملت جنتهم حملًا لم يروا مثله في حياتهم إذ تضاعف المحصول عدة مراتٍ وعندما رأوا هذا الرزق الكثير طغوا وبخلوا به، وقال بعضهم لبعضٍ: لقد كان أبونا أحمقًا إذ كان يُوزِّع ثلثيْ تلك الثمار والمحاصيل الوفيرة على الفقراء والمساكين فقرروا منعها عنهم تلك السنة بحُجة مضاعفة أموالهم الخاصة، وهناك قال أخوهم الأوسط: لا تفعلوا ذلك وسيروا على نهج أبيكم فرفضوا الاستماع للنصيحة فاضطُّر به إلى مجاراتهم مُكرهًا؛ فكانت النتيجة أن عوقبوا بحرمانهم من تلك الثمار إذ قال المفسرون في ذلك: أن نارًا إلتهمت المحصول وقال آخرون بل هو الصقيع أتلفها عن بُكرة أبيها وهم نائمون. وفي الصباح اجتمعوا لتنفيذ خطتهم المُتفق عليها فانطلقوا نحن جنّتهم لجني الثمار وعندما وصلوا رأوها محترقةً تمامًا فلا أثر لثمرٍ كي يُجنى، فأدركوا أن الله انتقم منهم وأخذوا بإلقاء اللوم على بعضهم البعض، فقال لهم أخوهم الأوسط: لو شكرتم الله على نعمائه وسبحتموه، فأقروا بالذنب وظلمهم لأنفسهم، واسترجعوا وطلبوا من الله العوض في الدنيا والعفو في الآخرة

قصة أصحاب الجنة كتابه

قال الله تعالى:
(( إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلَا يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ))
وهذا مثل ضربه الله لكفار قريش، فيما أنعم به عليهم من إرسال الرسول العظيم الكريم إليهم، فقابلوه بالتكذيب والمخالفة،
كما قال تعالى:
(( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَار ))
قصة اصحاب الجنة :
قال إبن عباس:
إنه كان شيخ كانت له جنة، وكان لا يدخل بيته ثمرة منها ولا إلى منزله حتى يعطي كل ذي حق حقه. فلما قبض الشيخ وورثه بنوه -وكان له خمسة من البنين- فحملت جنتهم في تلك السنة التي هلك فيها أبوهم حملا لم يكن حملته من قبل ذلك، فراح الفتية إلى جنتهم بعد صلاة العصر,
فأشرفوا على ثمرة ورزق فاضل لم يعاينوا مثله في حياة أبيهم. فلما نظروا إلى الفضل طغوا وبغوا، وقال بعضهم لبعض: إن أبانا كان شيخا كبيرا قد ذهب عقله وخرف، فهلموا نتعاهد ونتعاقد فيما بيننا أن لا نعطي أحدا من فقراء المسلمين في عامنا هذا شيئا، حتى نستغني وتكثر أموالنا، ثم نستأنف الصنعة فيما يستقبل من السنين المقبلة. فرضي بذلك منهم أربعة، وسخط الخامس وهو الذي قال تعالى: (قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون).
فقال لهم أوسطهم: إتقوا الله وكونوا على منهاج أبيكم تسلموا وتغنموا، فبطشوا به، فضربوه ضربا مبرحا. فلما أيقن الأخ أنهم يريدون قتله دخل معهم في مشورتهم كارها لأمرهم، غير طائع، فراحوا إلى منازلهم ثم حلفوا بالله أن يصرموه إذا أصبحوا، ولم يقولوا إن شاء الله.
فإبتلاهم الله بذلك الذنب، وحال بينهم وبين ذلك الرزق الذي كانوا أشرفوا عليه.
بهذه الهدفية يجب أن نطالع القصص ونقرأ التاريخ. فهذه قصة أصحاب الجنة يعرضها الوحي لتكون أحداثها ودروسها موعظة وعبرة للإنسانية.
ومن الملفت للنظر، إن القرآن في عرضه لهذه القصة لا يحدثنا عن الموقع الجغرافي للجنة، هل كانت في اليمن أو في الحبشة، ولا عن مساحتها ونوع الثمرة التي أقسم أصحابها على صرمها.. لأن هذه الأمور ليست بذات أهمية في منهج الوحي، إنما المهم المواقف والمواعظ والأحداث لمعبرة، سواء فصل العرض أو إختصر.
ومكروا ومكر الله:
فأشار القرآن إلى أنهم كيف أقسموا على قطف ثمار مزرعتهم دون إعطاء الفقراء شيئا منها، وتعاهدوا على ذلك. ولكن هل فلحوا في أمرهم؟ كلا..
(فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم).
إن الله الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، ما كان ليغفل عن تدبير خلقه، وإجراء سننه في الحياة. فقد أراد أن يجعل آية تهديهم إلى الإيمان به والتسليم لأوامره بالإنفاق على المساكين وإعطاء كل ذي حق حقه.. وأن يعلم الإنسان بأن الجزاء حقيقة واقعية، وإنه نتيجة عمله.
وهكذا يواجه مكر الله مكر الإنسان، فيدعه هباء منثورا، (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين). وإذا إستطاعوا أن يخفوا مكرهم عن المساكين، فهل إستطاعوا أن يخفوه عن عالم الغيب والشهادة؟ كلا.. وقد أرسل الله تعالى طائفة ليثبت لهم هذه الحقيقة:
(فتنادوا مصبحين* أن أغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين* فإنطلقوا وهم يتخافتون* ان لايدخلنها اليوم عليكم مسكين* وغدوا على حرد قادرين* فلما رأوها قالوا إنا لضالون* بل نحن محرومون) [القلم/ 21-27].
في تلك اللحظة الحرجة إهتدوا إلى ان الحرمان الحقيقي ليس قلة المال والجاه، وإنما الحرمان والمسكنة قلة الإيمان والمعرفة بالله.
وهكذا أصبح هذا الحادث المريع بمثابة صدمة قوية أيقظتهم من نومة الضلال والحرمان، وصار بداية لرحلة العروج في آفاق التوبة والإنابة، والتي أولها إكتشاف الإنسان خطئه في الحياة.
ومن هنا نهتدي إلى أن من أهم الحكم التي وراء أخذ الله الناس بالبأساء والضراء وألوان من العذاب في الدنيا، هو تصحيح مسيرة الإنسان بإحياء ضميره وإستثارة عقله من خلال ذلك، كما قال ربنا عزوجل: (فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون).
قصة تستحق التأمل:
فما أحوجنا أن نتأمل قصة هؤلاء الأخوة الذين إعتبروا بآيات الله، وراجعوا أنفسهم بحثا عن الحقيقة لما رأوا جنتهم وقد أصبحت كالصريم، فنغير من أنفسنا ليغير الله ما نحن فيه. إذ ما أشبه تلك الجنة وقد طاف عليها طائف من الله بحضارتنا التي صرمتها عوامل الإنحطاط والتخلف ولو أنهم إستمعوا إلى نداء المصلحين لما أبتلوا بتلك النهاية المريعة. وهكذا كل أمة لا تفلح إلا إذا عرفت قيمة المصلحين، فإستمعت إلى نصائحهم، وإستجابت لبلاغهم وإنذارهم.
لهذا الدور تصدى أوسط اصحاب الجنة، فعارضهم في البداية حينما أزمعوا وأجمعوا على الخطيئة، وذكرهم لما أصابهم عذاب الله بالحق، وحملهم كامل المسؤولية، وإستفاد من الصدمة التي أصابتهم في إرشادهم إلى العلاج الناجع.
(قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون) من هذا الموقف نهتدي إلى بصيرة هامة ينبغي لطلائع التغيير الحضاري ورجال الإصلاح أن يدركوها ويأخذوا بها في تحركهم إلى ذلك الهدف العظيم، وهي: إن المجتمعات والأمم حينما تضل عن الحق وتتبع النظم البشرية المنحرفة، تصير إلى الحرمان، وتحدث في داخلها هزة عنيفة (صحوة) ذات وجهين، أحدهما القناعة بخطأ المسيرة السابقة، والآخر البحث عن المنهج الصالح. وهذه خير فرصة لهم يعرضوا فيها الرؤى والأفكار الرسالية، ويوجهوا الناس اليها.
من هذه الفرصة إستفاد أوسط اصحاب الجنة، بحيث حذر أخوته من أخطائهم، وأرشدهم إلى سبيل الصواب.
(قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين* فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون* قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين* عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون).
وقصة هؤلاء شبيه بقوله تعالى:
((وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ))
قيل: هذا مثل مضروب لأهل مكة . وقيل: هم أهل مكة أنفسهم، ضربهم مثلا لأنفسهم. ولا ينافي ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.

 

كتابه قصة أصحاب الجنة

هذا المثل الذي ضربه الله تعالى لكفار قريش، ولكل إنسان أعطاه الله نعمًا من المال، والولد، والصحة، والعمر، ونحو ذلك، ثم حمله هذا على الأشر، والبطر، والبخل، ومعصية الله سبحانه وتعالى، ومحاربته، ولم يؤد حق الله فيما أنعم عليه، فإن عذاب الله له بالمرصاد؛ لأنك كلمة العذاب إذا حقت وقعت، فيمحق الله النعمة، ويسلبها من صاحبه إياها، هذا غير ما ينتظره يوم القيامة من العذاب الشديد، إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ [القلم: 17].
إذًا هناك ابتلاء، واختبار كل صاحب نعمة يجب أن يعلم بأنه مبتلى، ومختبر من الله بهذه النعمة، سواء كانت مال، منصب، زوجة، أولاد، صحة، عمر، بيت، استقرار، أمن، وهكذا مكانة اجتماعية، إذًا هي ابتلاء، ما أعطيتها إلا وأنت مختبر ممتحن، كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ [القلم: 17]، البستان العظيم المشتمل على ألوان الثمار والفواكه، لقد أينعت أشجارها، وزهت أثمارها، وحان وقت صرامها وقطافها، وجزموا أنها في أيديهم، وطوع أمرهم، وأنهم مستحوذون عليها، ليس هناك مانع يمنعهم -في ظنهم- منها، ولذلك أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ [القلم: 17]، حلفوا ليقطعن ثمارها في الصباح الباكر، لماذا يريدون التبكير بقطع الثمار؟
لئلا يعلم بهم الفقير والسائل؛ ولكي يستحوذوا على الثمر كله، ولا يتركوا منه شيئًا، ولم يعلموا أن الله سبحانه وتعالى لهم بالمرصاد، لدرجة أنهم لا يستثنون، وَلَا يَسْتَثْنُونَ [القلم: 18]، لم يقولوا: إن شاء الله فيما حلفوا عليه، بل عزموا على الفعل، وهكذا فإنهم لم يستثنوا في الحلف، ولم يستثنوا فقيرًا ولا مسكينًا من المنع، إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ [القلم: 17-18]، لا يستثنون أحدًا من المستحقين، لو كان فيهم خير لقالوا: سنأخذ الثمار إلا ما نعطيه أصحاب الحاجات، إلا ما خصصناه للفقراء، لكن لقد استقر رأيهم على أن يقطعوا الثمار في الصباح الباكر دون أن يستثنوا شيئًا للمساكين، وهنا حلت العقوبة، أليس قد عزموا على المعصية؟ بيتوا الأمر بالليل، بيتوا الجريمة، خططوا لها، فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ [القلم: 19]، ما هو هذا الطائف؟ آفة سماوية، عذاب نزل من السماء من الله سبحانه وتعالى، أتى ليلاً، وَهُمْ نَائِمُونَ [القلم: 16]، والطائف بلغة العرب لا يكون إلا ليلاً، فإذا قال: فَطَافَ عَلَيْهَا يعني: بالليل، وَهُمْ نَائِمُونَ مستغرقون في سباتهم، غافلون عن مكر الله بهم، فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ [القلم: 20]، كالليل الأسود في احتراقها، وكالبستان الذي قطع ثماره فلم يبق منه شيء، كَالصَّرِيمِ مصروم، فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ [القلم: 21] على حسب اتفاقهم السابق، وهم على الخطة سائرون، ونادى بعضهم بعضًا ليذهبوا إلى الجذاذ والصرام وقطع الثمار، فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ [القلم: 21]، هلموا، هيا لنذهب، أَنِ اغْدُوا [القلم: 22]، اخرجوا غدوة أول النهار، عَلَى حَرْثِكُمْ [القلم: 22]، بستانكم، إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ [القلم: 22]، تريدون جني ثماره، إن كنتم عازمين على رأيكم، وصارمين فيما أردتموه، فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ [القلم: 23]، يتناجون فيما بينهم بحيث لا يُسمعون أحدًا كلامهم، مسرين بالكلام خوفًا من أن يصل الخبر إلى أسماع الفقراء، ولكن وصلت هذه المخافتة، لقد علم الله خبرها، يعلم السر وأخفى سبحانه، كيف يخفى عليه هذه المخافتة؟ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ [القلم: 23].
يتواصون فيما بينهم بحرمان الفقراء، يتواصون فيما بينهم ويتعاهدون بألا يبذلوا منها شيئًا لله، انظروا إلى هذه الجريمة ما أبشعها، انظروا إلى هذه النية السيئة ما أعظمها وأسوأها، فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ [القلم: 23-24].
هذه هي الخطة اليوم، ولا واحد ولا مسكين لا تمكنوا فقيرًا يدخل عليكم، سنغلق علينا ونقطف الثمار، ولن نعطي أحدًا منها شيء، البخل ومنع حق الله في الثمرة، ومنع الفقراء من نصيبهم، ولذلك أمرنا الله بقوله تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [الأنعام: 141] لقد انطلق هؤلاء النفر، وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ [القلم: 25] جد، وقصد، وغيظ، وغضب، وقوة، وشدة، وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ [القلم: 25] على إمساك ومنع لحق الله، هذه النفوس المريضة المملؤة بالغصب والغيظ لا يمكن أن تعطي الآخرين شيِئًا، وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ [القلم: 25] في زعمهم، وفي ظنهم أنهم سيستطيعون، وأن المساكين لن ينالوا شيئًا.
وعندما وصلوا إلى المكان، ونظروا فيه ظنوا أن العنوان خطأ، فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ [القلم: 26] فلما أشرفوا عليها، وإذا هي محترقة سوداء، اعتقدوا أنها أخطؤوا الطريق، سلكوا طريقًا غير الطريق المعتاد، ليست هذه جنتنا، ولا هذا بستاننا، ليس هذا مكاننا، ليس هذا الذي نعرفه، هذا يختلف تمامًا، إذًا نحن ضللنا الطريق، إِنَّا لَضَالُّونَ لكن لما تأكدوا، ونظروا، ورجعوا، وفكروا، فإذا هي هي، هذا هو المكان، ولذلك اكتشفوا الحقيقة فقالوا: بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ [القلم: 27] حرمنا الله جنتنا بعزمنا على المعصية، اكتشفوا الحقيقة الهائلة، وماذا حصل في الليل، وأدركوا أن الله انتقم منهم، وهنا سيرجع بعضهم باللوم على بعض، ويظهر الأسف والحزن، وتعلو الكآبة الوجوه لحجم الكارثة.
قَالَ أَوْسَطُهُمْ [القلم: 28] أعدلهم وأخيرهم إن كان فيهم خير، الناس يتفاوتون في الشرور كما يتفاوتون في الخير، فقال أحسنهم حالاً أوسطهم، وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة: 143] يعني: خيارًا عدولاً، قَالَ أَوْسَطُهُمْ أفضلهم، أقلهم سوءًا، أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ [القلم: 28]، لولا تستثنون، والاستثناء هو قول: إن شاء الله، وقيل: إن استثناءهم في ذلك الزمان كان تسبيحًا، وقيل: معناه فهلا سبحتم الله، وشكرتموه بإعطاء الفقراء، أو هلا نزهتم الله عما لا يليق به عندما ظننتم أن قدرتكم تامة، وأنه لا يقدر عليكم، هلا سبحتموه واعتقدتم أنه يقدر عليكم بدلاً من أن تظنوا أنه لا يقدر عليكم، وأنكم ستفعلون ما تريدون بلا شك ولا ريب ولا استثناء؟ هلا جعلتم مشيئتكم تابعة لمشيئة الله بدلاً من أن يجري عليكم ما جرى؟ هلا تذكرتم الله، وتبتم إليه من خبث نيتكم؟ هل يمكن أن يكون هذا الشخص مخالف لهم في النية؟ أو أنه نهاهم فعصوه؟ أو أنه رجع كان أقلهم سوءًا؟ فالله أعلم.
قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ [القلم: 29]، أقروا على أنفسهم بالظلم، وسبحوا الله، واعترفوا بذنبهم حين منعوا المساكين، بعدما نزل بجنتهم العذاب الذي لا يرفع، إن تسبيحهم هذا وإقرارهم على أنفسهم بالظلم يمكن أن ينفعهم في تخفيف الإثم، ويمكن أن يكون توبة، لكن لا يرفع عذاب الدنيا الذي نزل.
فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ [القلم: 30] بعد الندامة العظيمة التي حصلت يتلاومون، كل واحد يلقي بالخطإ على الآخر، كل واحد يتهم الآخر، وهكذا يحصل بين المجرمين عندما يسقط في أيديهم، عندما يحاصرون، عندما يعثر عليهم، عندما يواجهون الموقف الصعب، كل واحد يرمي على الآخر القضية.
قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ [القلم: 31]، اعترفوا بالذنب، لقد اعتدينا، وبغينا، وطغينا، وجاوزنا الحد حتى حل بنا ما حل، عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ [القلم: 32]، رغبوا في بدلها في الدنيا، أو احتسبوا ثوابها في الآخرة، إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ ، بالعفو عما فرطنا فيه، والتعويض عما فاتنا، إذًا هؤلاء القوم بعدما حلت بهم المصيبة رجعوا إلى أنفسهم، ورجعوا إلى الله، واعترفوا بالذنب، ورغبوا إلى الله بالتعويض، عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا ، وربما يكون العذاب نعمة، ربما تكون المصيبة في الدنيا إذا حصلت للواحد من الناس نعمة من جهة أنها ترده إلى صوابه، وتعيده إلى طريق الحق.
قال الله تعالى: كَذَلِكَ الْعَذَابُ [القلم: 33]، هكذا عذاب الله الدنيوي لكل من خالف أمره، ومنع الحقوق، وبدل نعمة الله كفرًا، هذه عادتنا في الانتقام من العصاة والطغاة في الدنيا، ولكن الآخرة أشد، وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [القلم: 33]، هذه القصة نحن لا نعلم من الآيات أين حصلت؟ وما أسماء الأشخاص؟ وما اسم المنطقة؟ وما اسم البلد؟ هل كانت في اليمن؟ هل كانت في الحبشة؟ هل كانت في أهل الكتاب؟ هل كانت في غيرهم؟ هذا لا يهم، المهم هو أخذ العبرة والعظة والاعتبار، أما التعويل على روايات إسرائيلية، وقصص لا تعرف صحتها، فما الفائدة منها، فليفكر المسلم، ويركز على المهم في الموضوع أخذ العبرة.

 

قصة أصحاب الجنة pdf

https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%A3%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A9-pdf

 

السابق
القرفة باللبن
التالي
طريقة عمل المكرونة بالبشاميل

اترك تعليقاً