قصص

قصة سيدنا ابراهيم

قصة سيدنا ابراهيم

قصة سيدنا إبراهيم مختصرة

مولد النبي إبراهيم ورحلاته

ولد إبراهيم -عليه السلام- في بابل في العراق، وكانت ولادته في وقتٍ يمرّ فيه الناس بظروفٍ صعبةٍ؛ إذ كان النمرود الذي كان يدّعي الألوهية، ويظلم الناس ويبطش بهم؛ يحكمهم، وبقي إبراهيم -عليه السلام- في بابل فترةً من الزمن نشأ فيها وكبر، وحمل الرسالة فأصبح داعياً في قومه، فواجه القوم والنمرود، وحاول أن يهديهم طريق التوحيد لله -تعالى-، وبالرغم من العديد من الابتلاءات التي مرّت بإبراهيم خلال دعوته؛ إلّا أنّه ما برح يتركها ما استطاع، وحمل همّها محاولاً إيصالها للناس حتى توفاه الله -تعالى-، وكانت وفاته في مدينة الخليل في فلسطين.

ابتلاءاتٌ مرّ بها النبي إبراهيم

ابتُلي إبراهيم للعديد من الابتلاءات في حياته مع قومه وأبنائه، وفيما يأتي ذكر موقفين من مواقف الابتلاء التي مرّ بها النبي إبراهيم -عليه السلام-:

قذف إبراهيم في النار

كان قوم إبراهيم -عليه السلام- في منطقة حرّان يعبدون الأصنام، ولطالما حاول النبي إبراهيم أن ينهاهم عن عبادة الأصنام، ويذكّرهم بأنّها لا تضرّ ولا تنفع، لكنّهم لم يستجيبوا له، فرأى إبراهيم أن يُقيم عليهم الحُجّة الدامغة ليرى ما سيفعلون، فاستغلّ فترةً من الوقت قد خرج فيها القوم من القرية؛ فحطّم لهم أصنامهم جميعاً، إلّا كبيراً لهم، فلمّا عاد القوم ورأوا ما حلّ بأصنامهم تساءلوا عن الفاعل، فطلب إليهم إبراهيم أن يسألوا الصنم الأكبر علّه يجيبهم، فقامت الحُجّة عليهم؛ فاضطروا إلى أن يعترفوا أنّ هذه أصنامٌ لا تتكلّم أبداً، ولما شعر القوم أنّ إبراهيم قد أقام عليهم حجةً واضحةً، قرّروا أن يقتلوه جزاءً له على صنيعه، فحفروا حفرةً عظيمةً، وأضرموا فيها النار، وألقوه بها، إلّا أنّ الله أنجاه منها.

الأمر بذبح إسماعيل

جاء الابتلاء الثاني من الله -تعالى- لنبيّه إبراهيم أن أراه في منامه أنّه يذبح ابنه إسماعيل، فأدرك إبراهيم أنّ هذا أمرٌ من الله -تعالى- له، فلم يتردّد الأب بذبح ابنه ابتغاء رضوان الله -تعالى-، وتنفيذاً لأمره؛ فأقبل يخبر ابنه عمّا رأى، فبادر الابن إسماعيل بالرضا والقبول، ولمّا وضع إبراهيم السكين على رقبة ابنه لم تذبح إسماعيل؛ بل أرسل الله -تعالى- لهما كبش الفداء عن إسماعيل، ومرّ البلاء بالرضا والتسليم من النبيَّين -عليهما السلام

قصة سيدنا إبراهيم والنار

كان قوم إبراهيم -عليه السلام- يعبدون الأصنام، وكان أبوه آزر ممّن يصنعونها، فبدأ إبراهيم دعوته بدعوة أبيه، وتذكيره بأنّ هذه الأصنام لا تضرّ، ولا تنفع، وكان يدعو والده باللين، والرِّفق، ولا يخاطبُه إلّا بقوله: “يا أبتِ”، إلّا أنّ أباه أصّر على موقفه، وطلب من إبراهيم أن يهجره، ويتركه، ثمّ انتقل إبراهيم إلى دعوة قومه؛ فأمرهم أوّلاً بترك عبادة الأصنام، ثمّ حاجَجهم في عبادة الكواكب، وقد ذُكِرت هذه المُحاجَجة في سورة الأنعام؛ حيث سألهم أوّلاً عن الكوكب الذي ظهر له إن كان هو إلهه، ثمّ لمّا غاب الكوكب قال لهم إنّ الإله لا يأفل ولا يغيب، وكرَّر ذلك مع كلٍّ من الشمس، والقمر، إلّا أنّهم أصرّوا على موقفهم. وقد واصل إبراهيم -عليه السلام دعوته لهم، فلمّا رأى منهم صدوداً أقسم لهم أنّه سيكيد أصنامهم، فلّما خرجوا من القرية أخذ يُكسِّر الأصنام كلّها إلّا كبيرها الذي تَرَكه، فلمّا عاد القوم إلى قريتهم، ورأوا أنّ أصنامهم قد تحطّمت، ذهبوا إلى إبراهيم كي يسألوه عن ذلك، فقال لهم إنّ كبيرَها هو من حطّمها فاسألوه، وإنّها لو كانت تعقل لاستطاعت حماية نفسها من الاعتداء، وعلى الرغم من أنّ صوابهم عاد إليهم في حينها؛ فكبيرها صَنَمٌ لا يسمع، ولا يبصر، إلّا أنّهم عادوا عن رشدهم، وتجدر الإشارة إلى أنّ إبراهيم -عليه السلام- كان مثالاً للداعية الصابر المُخلِص؛ حيث بذل للدعوة الكثير؛ فناظر قومه، وحاجَجهم، ولمّا لم يجدوا حُجّة، قرّروا أن يكيدوا له؛ وذلك بأن يُلقوه في النار التي جمعوا لها حطباً عظيماً، ثمّ أشعلوها، ولشدّة حرارتها وضعوا إبراهيم -عليه السلام- على منجنيق وقذفوه فيها، فقال -عليه السلام-: “حسبي الله ونعم الوكيل”، حيث روى البخاري في صحيحه عن ابن عبّاس -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ آخِرَ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ حِينَ أُلْقِيَ في النَّارِ: حَسْبِيَ اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ)،فأمر الله -تعالى- النار بأن تكون برداً وسلاماً عليه، وأنجاه منها،قال -تعالى-: (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ)

قصة سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل

بناء إبراهيم الكعبةَ مع ابنه إسماعيل

بيّن الله -تعالى- لإبراهيم وإسماعيل أساسات البيت الحرام التي كانت قد دُفِنت في الأرض منذ وقت طويل، ثمّ أمرهما ببناء الكعبة المُشرَّفة؛ فكان إسماعيل يجمع الحجارة، ويأتي بها إلى أبيه الذي كان يرفع البناء، فلمّا ارتفع البناء وضعَ إبراهيم حجراً ووقف عليه، وقد عُرِفَ هذا المكان ب(مقام إبراهيم)، وتجدر الإشارة إلى أنّهما -عليهما السلام- كانا يبنيان الكعبة، ويدعوان الله -تعالى- ويقولان: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)،وقد طهّرا البيت ممّا لا يليق به من النجاسات، والقذارات؛ امتثالاً لأمر الله؛ ليكون مكاناً مناسباً للصلاة، والعبادة، ودعَوا الله أن يجعل من ذريّتهما أمّة مسلمة مُوحِّدة لله لا تُشرك به شيئاً، فاستجاب -سبحانه- لهما، وجعل في ذُرّية العرب من نَسل إسماعيل أمّة مُوحِّدة، كما بعث من ذُرّيته محمد -صلّى الله عليه وسلّم-، حيث ورد في قوله -تعالى-: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ*رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)

قصة سيدنا اسماعيل

تعدُّ قصة النبي إسماعيل -عليه السلام- من القصص التي ورد ذكرها في القرآن الكريم في أكثر من موضع، وجاءت هذه القصة كغيرها من قصص الأنبياء؛ كي تُثبِّت فؤاد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام -رضوان الله عليهم- وكي يتعلم الصحابة من قصص الأمم السابقة وتزديهم ثباتًا على دعوة الناس إلى الله تعالى، وإسماعيل هو ابن سيدنا إبراهيم -عليهما السلام- وزوجته هاجر، وقد تأخّر سيدنا إبراهيم في إنجابه لابنه إسماعيل -عليه السلام-، وهذا كان سببًا في شعوره بالفرح الشديد حين جاءه نبأ حمل سيدتنا هاجر بولد يرثه ويحافظ على نسله. وقد جاء أمر الله تعالى بأن يذهب سيدنا إبراهيم -عليه السلام- بابنه الرضيع وزوجته إلى مكة وأن يتركهما هناك، وكان هذا الأمر صعبًا عليهما، وحزنت سيدتنا هاجر على بقائها وحدها، فدعا لها زوجها -عليه السلام-، وأخبرها بأن هذا أمر من الله تعالى، وأن الله لن يضيعهما فقد استجابا لأمره -عزّ وجل-، وبعد أن رحل سيدنا إبراهيم -عليه السلام- عن زوجته وابنه، أخذت تبحث عن مصدر للماء تروي به عطشها وعطش ابنها، وبدأ تسعى بين الصفا والمروة سبعَ مراتٍ مذعورةً، باحثة عن مصدر للماء أو الغذاء، وهنا جاء الفرج من ربِّ الأرض والسماوات، فإذْ بالماء يتدفق من تحت سيدنا إسماعيل -عليه السلام- وهو بئر زمزم الذي سيبقى معجزة خالدة إلى يوم الدين، وليبقى السعي بين الصفا والمروة سنة لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- يقومون بها عند أداء الحج أو العمرة. وبعد ذلك جاء ركبٌ من اليمن من قبيلة تُسمّى جرهما كانت تقطع الصحراء باحثة عن مصدر للماء تعيش منه، فرأى أفراد هذه القبيلة الطيور تحوم في المنطقة التي يوجد فيها النبي إسماعيل -عليه السلام- وسيدتنا هاجر، فاستأذنوها بأن يقيموا في ذات المنطقة فأذنت لهم بذلك، وهكذا آنسَ الله وحشتها وسط الصحراء القاحلة، وأنعمَ عليها بمصدر للماء كان سببًا في أن تعيش مع ابنها في ظل قبيلة تحميهما وتراعاهما حتى يعود إليها سيدنا إبراهيم -عليه السلام- مرة أخرى. وما إن عاد سيدنا إبراهيم -عليه السلام- إليها مرة أخرى حتى جاء الامتحان الصعب على سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل -عليهما السلام- وسيدتنا هاجر، إذا رأى نبي الله إبراهيم في منامه بأنه يذبح النبي إسماعيل، ورؤيا الأنبياء حقٌّ، فعلم سيدنا إبراهيم -عليه السلام- بأن هذا أمر الله تعالى فأخبر ابنه وزوجته بذلك، وسلَّمَ أمره لله تعالى، وجاءت اللحظة الفاصلة وتلَّ سيدنا إبراهيم -عليه السلام- ابنه لجبينه حتى لا يرى وجه ابنه وهو يذبحه، وعندما وضع سيدنا إبراهيم -عليه السلام- السكين ليذبحه جاء النداء من رب العالمين بأن هذه الرؤيا لم تكن إلا امتحانًا له -عليه السلام- وفداه بكبش عظيم، فذبحه سيدنا -عليه السلام- ليتخذ المسلمون بعد ذلك سنة الذبح في عيد الأضحى اقتداءً بقصة النبي إسماعيل -عليه السلام-.

قصة سيدنا إبراهيم مع أبيه

موقف إبراهيم من عبادة أبيه للأصنام

كان إبراهيم -عليه السلام- فتىً فطناً نبيهاً، أنعم الله عليه بالفهم والحكمة، فكان يكره الأصنام والتماثيل، ويعجب أشدّ العجب ممّا كان يفعله أبوه وقومه من عبادتهم لتلك الأصنام الصماء، حيث إنّها لا تضرّ ولا تنفع، رغم أنّه وُلد وترعرع في أسرةٍ كافرةٍ تعبد الأصنام، إلّا أنّه لم يتّبع أسرته، وفكّر كثيراً قبل أن يتّبعهم؛ ليهتدي إلى الحقّ، وهكذا يجب أن يكون حال المسلم، لا يتبع ما يفعله الناس دون وعيٍ؛ وإنّما يتحرّى الحقّ في كلّ أموره.

دعوة إبراهيم لأبيه

كان النبي إبراهيم -عليه السلام- مثلاً أعلى في دعوته إلى عبادة الله -تعالى- وحده، وفي أسلوبه اللين في حواره ومجادلته لأبيه وقومه، الذين ابتعدوا كثيراً عن الحقّ والهداية بعبادتهم للأصنام، إذ إنّ الحوار مع الوالدين يجب أن يكون بأسلوبٍ حسنٍ، فالله -تعالى- أوصى بهما في كتابه العزيز، وأوجب برّهما وطاعتهما بالمعروف،قال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا).

موقف والد إبراهيم وقومه من دعوته

استمرّ إبراهيم -عليه السلام- يدعو والده إلى توحيد الله -تعالى- بالتي هي أحسن، ويتخيّر ألفاظه، ويُظهر له حبّه وشفقته عليه من الكفر، الذي سيؤول به إلى عذاب الله -تعالى- في نهاية المطاف، ويدعوه مراراً وتكراراً لعدم اتّباع الشيطان، فما كان من أبيه إلّا أن قابله بالتهديد، والغضب، والقسوة، كما قال -تعالى- على لسان أبيه آزر: (قالَ أَراغِبٌ أَنتَ عَن آلِهَتي يا إِبراهيمُ لَئِن لَم تَنتَهِ لَأَرجُمَنَّكَ وَاهجُرني مَلِيًّا)،ولم يؤمن والده، ومات على شركه. استغل إبراهيم -عليه السلام- فرصة غياب قومه في يوم عيدٍ لهم، فحطّم أصنامهم جميعها، إلّا الصنم الأكبر؛ ليستثير عقولهم، ويُقيم الحجّة عليهم، قال تعالى: (فَجَعَلَهُم جُذاذًا إِلّا كَبيرًا لَهُم لَعَلَّهُم إِلَيهِ يَرجِعونَ)،فلمّا عادوا وجدوا أنّ آلهتهم المزعومة هُدمت وتحطمت، فغضبوا وذُهلوا، وفكّروا في أنّ إبراهيم هو مَن يمكن له أن يُقدم على فعلٍ كهذا، فاتفقوا على حرقه في النار، ولكنّ الله أنجاه منها.

قصة سيدنا إبراهيم للأطفال مكتوبة

قَصَّ الله -سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم بعض قصص الأنبياء السّابقين، ومن تلك القصص قصة النبي إبراهيم عليه السّلام، الذي ولد ونشأ في أرض بابل في العراق، وكان قومه يعبدون الأصنام والكواكب، وكان أبوه آزر يصنع الأصنام ويبيعها لقومه ويعبدها معهم، ورغم ذلك لم يعبد النبي إبراهيم -عليه السّلام- شيئًا منذ ذلك، فقد حفظه الله -سبحانه وتعالى- من تلك الشرور والآثام، وآتاه منذ صغره عقلًا رشيدًا. وعندما جعله الله -سبحانه وتعالى- رسولًا، بدأ النبي نوح -عليه السّلام- بدعوة أبيه آزر بألطف عبارة وبكل أدب واحترام لترك عبادة الأصنام التي لا تَسمع ولا تبصر، ولا تجلب نفعًا ولا تدفع ضرًّا، إلّا أنّ أباه قد قابل دعوته بالرفض والتهديد والوعيد، وكذلك فعل قومه رغم دعوته لهم مرارًا وتكرارًا؛ فأراد النبي إبراهيم – عليه السّلام- أن يثبت لهم أن هذه الأصنام التي يعبدونها لا تستطيع حماية نفسها وأنها ليست آلهة، ولا تستحق العبادة، فقام بتكسير الأصنام إلّا الصنم الكبير، إذ علق الفأس عليه لعلهم يسألونه عن الذي حطم أصنامهم. ولمّا رجع قوم إبراهيم من عيدهم الذي يخرجون فيه للسياحة والنزهة، ووجدوا أصنامهم محطَّمة غضبوا غضبًا شديدًا واتهموا النبي إبراهيم -عليه السّلام- بتحطيمها، ولما سألوه عن ذلك، قال لهم: “بل فعله كبيرهم هذا فاسألوه إن كانوا ينطقون “، ومُراد إبراهيم -عليه السلام- من ذلك أن يبين لقومه أن الأصنام التي يعبدونها لا تستطيع حتى ان تدافع عن نفسها، فكيف يمكن أن تكون آلهة، وقد اعترف قومه بعجز أصنامهم حيث ردوا على إبراهيم بقولهم: “لَقَد عَلِمتَ ما هـؤُلاءِ يَنطِقونَ”، فرد عليهم النبي إبراهيم -عليه السّلام- بقوله : “أفتعبدون من دون اللّه ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضركم ، أفٍ لكم ولما تعبدون من دون اللّه أفلا تعقلون” ، أي كيف تعبدون هذه الأصنام وأنتم تعلمون بأنّها عاجزة، وأنّها لا تنفع ولا تضر، ولكنهم بدل أن يستجيبوا لدعوة النبي إبراهيم -عليه السّلام- استكبروا واتفقوا فيما بينهم على القيام بحرق النبي إبراهيم -عليه السّلام- نصرةً لأصنامهم، فجمعوا حطبًا كثيرًا وأشعلوه نارًا، ثم ألقوا النبي إبراهيم -عليه السّلام- في تلك النّار ولكن الله أنجاه منها، قال تعالى: “قُلنا يا نارُ كوني بَردًا وَسَلامًا عَلى إِبراهيمَ” . ورغم رؤيتهم لتلك المعجزة التي حدثت أمام أعينهم إلا أنهم استمرّوا في كفرهم وظلمهم وعنادهم، فلمّا لم يجد النبي إبراهيم -عليه السّلام- منهم قبولًا لدعوته هاجر ومعه زوجته سارة وابن أخيه لوط -عليه السّلام- من بابل في العراق إلى أرض الشام، ومنها إلى مصر، ثم عاد إلى الشام وأقام مع زوجته سارة في فلسطين، ثم تزوج من هاجر، وأنجب منها إسماعيل -عليه السّلام- ورحل بهما إلى مكة، وهناك تركهما بأمر الله -سبحانه وتعالى- بوادٍ غير ذي زرع، وقد تكفل الله بحفظهما بعد رجوعه إلى فلسطين، وبعد مدة رأى النبي إبراهيم -عليه السّلام- في المنام أنه يذبح ابنه إسماعيل -عليه السّلام-، ولمّا هم بذبحه افتداه الله -سبحانه وتعالى- بكبش عظيم. وقد بشره الله -سبحانه وتعالى- بعد تلك الحادثة بإسحاق -عليه السّلام-؛ تكريمًا له ولزوجته سارة، ثم أمره -سبحانه وتعالى- ببناء ورفع قواعد بيت الله الحرام في مكة المكرمة، فكان إبراهيم يبني وولده إسماعيل يناوله الحجارة.  وفي قصة النبي إبراهيم -عليه السّلام- ما يدل على نبذِهِ التقليدَ الأعمى، والثبات على الحق، وصبره وثباته عند الشدائد، وثقته بالله -سبحانه وتعالى-، وصدق طاعته له وتوكله عليه، وحرصه على بر والديه من خلال استعماله لأرق الألفاظ في مخاطبة والده، وحواره معه بكل أدب وتودد وتلطف، وحرصه الشديد على ما ينفعه، وعلى إرادة الخير له

قصة سيدنا ابراهيم كاملة mp3

https://www.khotab.info/audio/5744/%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%B3%D9%8A%D8%AF%D9%86%D8%A7-%D8%A7%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85

قصة سيدنا إبراهيم مع النمرود

مناظرة إبراهيم الخليل مع من أراد أن ينازع الله العظيم الجليل في العظمة ورداء الكبرياء فادعى الربوبية، وهوَ أحدُ العبيد الضعفاء. يذكر الله تعالى مناظرة خليله إبراهيم مع هذا الملك الجبار المتمرد الذي ادعى لنفسه الربوبية، فأبطل الخليل عليه دليله، وبين كثرة جهله، وقلة عقله. وقيل هذا الملك هو ملك بابل، واسمه النمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح وكان أحد ملوك الدنيا، فإنه قد ملك الدنيا فيما ذكروا أربعة: مؤمنان وكافران. فالمؤمنان: ذو القرنين وسليمان. والكافران: النمرود وبختنصّر. وذكروا أن النمرود هذا استمر في ملكه أربعمائة سنة، وكان طاغية وظالما، وآثر الحياة الدنيا. ولما دعاه إبراهيم الخليل إلى عبادة الله وحده لا شريك له حمله الجهل والضلال وطول الآمال على إنكار الصانع، فحاجّ إبراهيم الخليل في ذلك وادعى لنفسه الربوبية. فلما قال إبراهيم: (ربي الذي يحي ويميت) ( قال: أنا أحي وأميت) أي النمرود ومعنى قول النمرود أنه يحيي ويميت أنه إذا أتى بالرجلين و قد وجب قتلهما لأمر ما، فإذا أمر بقتل أحدهما، وعفا عن الآخر، فكأنه قد أحيا هذا وأمات الآخر. وهذا ليس بمعارضة لإبراهيم، بل هو كلام خارجي عن مقام المناظرة. ولما كان انقطاع مناظرة هذا الملك قد تخفى على كثير من الناس ممن حضره وغيرهم، ذكر إبراهيم دليلاً آخر بين به وجود الصانع وبطلان ما ادّعاه النمرود وانقطاعه جهرة: قَال ابراهيم: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ} أي هذه الشمس مسخرة كل يوم تطلع من المشرق كما سخرها خالقها ومسيرها وقاهرها. وهو الذي لا إله إلا هو خالق كل شيء, فإن كنت كما زعمت من أنك الذي تحي وتميت فأت بهذه الشمس من المغرب فإنّ الذي يحي ويميت هو الذي يفعل ما يشاء ولا يمانع ولا يغالب بل قد قهر كل شيء، ودان له كل شيء، فإن كنت كما تزعم فافعل هذا، فإن لم تفعله فلست كما زعمت، وأنت تعلم ، أنك لا تقدر على شيء من هذا بل أنت أعجز وأقل من أن تخلق بعوضة أو تنتصر منها. فبين ضلاله وجهله وكذبه فيما ادعاه، وأبطل ما سلكه وتبجح به عند جهلة قومه، ولم يبق له كلام يجيب الخليل به بل انقطع وسكت. ولهذا قال: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}. وقد بعث الله بعد ذلك إلى ذلك النمرود ملكاً يأمره بالإيمان بالله فأبى عليه. ثم دعاه الثانية فأبى عليه. ثم دعاه الثالثة فأبى عليه. وقال: اجمع جموعك وأجمع جموعي. فجمع النمرود جيشه وجنوده، وقت طلوع الشمس فأرسل الله عليه ذباباً من البعوض، بحيث لم يروا عين الشمس وسلّطها الله عليهم، فأكلت لحومهم ودمائهم وتركتهم عظاماً ، ودخلت واحدةٌ منها في منْخَر الملكِ فمكثت في منخره زمنا طويلاً، عذبه الله تعالى بها في هذه المدة كلها حتى أهلكه الله عز وجل بها.

قصة سيدنا ابراهيم الحلقة 1

 

 

 

السابق
الضفضع
التالي
القتفذ

اترك تعليقاً