قصة سيدنا موسى والخضر والحوت
قصة موسى والخضر للاطفال
تأملات في قصة موسى والخضر
تأملات في قصة موسى والخضر لفهم مسألة القضاء والقدر
لعل أحد أكثر الأسئلة التي تدور في أذهان المسلم خاصة.. هو ما يعرف فلسفيا باسم سؤال الشر.. وهو بكل ببساطة ..
لماذا خلق الله الشر والفقر والمعاناة والحروب والأمراض؟
لماذا يموت الأطفال في سورية؟
لماذا يموت الأطفال جوعا في إفريقيا؟
أليس الله هو الرحمن الرحيم؟
فكيف يمتلئ الكون بكل هذه المآسي؟
طبعا سيكون من الرائع لو تمكننا من فهم تلك الأشياء التي ترهق عقولنا…
وقد حدث مثل هذا قبل عدة قرون ،
كان نبي الله موسى عليه السلام لديه كما لدينا الكثير من الأسئلة ..
ليس أقلها رؤية الله (رب أرني أنظر إليك.. )
لكن الأهم على ما يبدو وموضوعنا اليوم هو عندما سأل موسى ربه عن القدر.. وكيف يعمل..
وهي بالذات عين أسئلتنا اليوم..
فطلب منه الله عز وجل أن يلاقي الخضر عليه السلام..
والحقيقة التي يجب أن تذكر هنا..
أن الأدبيات الإسلامية تسطح مفهوم الخضر وتختزله في صفة ولي من أولياء الله ….
لذلك نحن الآن سنقرأ حوارا بين نبي(بَشَر ) مثلنا تماما..
لديه نفس أسئلتنا.. وبين الخضر ..
ولنقرأ هذا الحوار من زاوية جديدة.
أول جزء في الحوار كان وصف الخضر ب .. آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما..
أي أنه رحيم وعليم.. وهذا أصل مهم جدا..
ثم يقول موسى عليه السلام..
“هل أَتَّبِعُكَ على أن تُعَلِّمَنِي مما عُلِّمْتَ رُشْدَا”..
يرد الخضر ……
“إنَّكَ لن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرَا وكيف تَصْبرُ على ما لم تُحِطْ به خُبْرَا.. “.
جواب جوهري جدا.
فهم أقدار الله فوق إمكانيات عقلك البشري، ولن تصبر على التناقضات التي تراها.
فيرد موسى عليه السلام ..
“ستجدني إِنْ شَاءَ اللهُ صَاِبراً ولا أَعْصِي لَكَ أمرا”..
ويرد الخضر
“فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا”..
ويمضي الرجلان.. ويركبا في قارب لمساكين يعملون في البحر.. ويقوم الخضر بخرق القارب..
وواضح تماما أن أصحاب المركب عانوا كثيرا من فعلة الخضر..
لأن موسى تساءل بقوة عن هذا الشر كما نتساءل نحن..
“أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا.. لقد جِئْتَ شَيْئَا إمرا”..
عتاب للقدر تماما كما نفعل …
يسكت الخضر ويمضي..
طبعا الشاهد الأساسي هنا أن أصحاب المركب عانوا أشد المعاناة.. وكادوا أن يغرقوا..
وتعطلت مصلحتهم وباب رزقهم.. لكن ما لبثوا أن عرفوا بعد ذهاب الخضر ومجىء الملك الظالم أن خرق القارب كان شرا مفيدا لهم.
لأن الملك لم يأخذ القارب غصبا..
نكمل : موسى لا زال في حيرته.. لكنه يسير مع الخضر الذي يؤكد لموسى.. “ألم أقل لك أنك لن تستطيع معي صبرا؟”
ألم أقل لك يا إنسان أنك أقل من أن تفهم الأقدار.. يمضي الرجلان..
ويقوم الخضر الذي وصفناه بالرحمة والعلم بقتل الغلام.. ويمضي.. فيغضب موسى عليه السلام .. ويعاتب بلهجة أشد .
“أَقَتَلْتَ نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا”.
تحول من إمراً إلى نكراً.
والكلام صادر عن نبي أوحي إليه..
لكنه بشر مثلنا… يؤكد له الخضر مرة أخرى
“ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا”..
طبعا هنا أصل مهم..
أننا كمسلمون قرأنا القرآن ننظر إلى الصورة من فوق.. فنحن نعرف أن الخضر فعل ذلك لأن هذا الغلام كان سيكون سيئا مع أمه وأبيه..
“وكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا”..
والسؤال : هل عرفت أم الفتى بذلك؟
هل أخبرها الخضر؟………
الجواب : لا..
بالتأكيد قلبها انفطر وأمضت الليالي الطويلة حزنا على هذا الفتى الذي ربته سنينا في حجرها ليأتي رجل غريب يقتله ويمضي..
وبالتأكيد.. هي لم تستطع أبدا أن تعرف أن الطفل الثاني كان تعويضا عن الأول..
وأن الأول كان سيكون سيئا.. فهنا نحن أمام شر مستطير حدث للأم.. ولم تستطع تفسيره أبدا..
ثم يصل موسى والخضر إلى القرية..
فيبني الجدار ليحمي كنز اليتامى..
هل اليتامى أبناء الرجل الصالح عرفوا أن الجدار كان سيهدم؟
لا..
هل عرفوا أن الله أرسل لهم من يبنيه؟
لا..
هل شاهدوا لطف الله الخفي..
الجواب قطعا لا..
هل فهم موسى السر من بناء الجدار؟
لا…….
ثم مضى الخضر…
بعد أن شرح لموسى ولنا جميعا كيف يعمل القدر والذي يمكن تلخيصه ببساطة كالآتي..
الشر شيء نسبي..
ومفهوم الشر عندنا كبشر مفهوم قاصر لأننا لا نرى الصورة كاملة، فما بدا شرا لأصحاب المركب اتضح أنه خير لهم..
وهذا أول نوع من القدر..
شر تراه فتحسبه شرا..
فيكشف الله لك أنه كان خيرا..
وهذا نراه كثيرا.
النوع الثاني مثل قتل الغلام……
شر تراه فتحسبه شرا..
لكنه في الحقيقة خير..
ولا يكشف الله لك ذلك فتعيش عمرك وأنت تعتقد أنه شر.. مثل قتل الغلام..
لم تعرف أمه أبدا لم قتل……
النوع الثالث وهو الأهم..
هو الشر الذي يصرفه الله عنك دون أن تدري..
لطف الله الخفي..
الخير الذي يسوقه إليك..
مثل بناء الجدار لأيتام الرجل الصالح..
فالخلاصة إذن.. أننا يجب أن نقتنع بكلمة الخضر الأولى
“إنك لن تستطيع معي صبرا”
لن تستطيع يا ابن آدم أن تفهم أقدار الله..
الصورة أكبر من عقلك..
قد تعيش وتموت وأنت تعتقد أنك تعرضت لظلم في جزئية معينة..
لكن الحقيقة هي غير ذلك تماما..
الله قد حماك منها..
مثال بسيط.. أنت ذو بنية ضعيفة..
وتقول أن الله حرمني من الجسد القوي..
أليس من الممكن أن شخصيتك متسلطة..
ولو كنت منحت القوة لكنت افتريت على الناس؟
حرمك الله المال..
أليس من الممكن أن تكون من الذين يفتنون بالمال وكان نهايتك ستكون وخيمة؟
حرمك الله الجمال..
أليس من الممكن انك ذو شخصية استعراضية..
ولو كان منحك الله هذا الجمال لكان أكبر فتنة لك؟
لماذا دائما ننظر للجانب الإيجابي للأشياء؟
ونقول حرمنا الله .
استعن بلطف الله الخفي لتصبر على أقداره التي لا تفهمهما..
وقل في نفسك.. أنا لا أفهم أقدار الله..
لكنني متسق مع ذاتي ومتصالح مع حقيقة أنني لا أفهمها..
لكنني موقن كما الراسخون في العلم أنه كل من عند ربنا..
إذا وصلت لهذه المرحلة.. ستصل لأعلى مراحل الإيمان.. الطمأنينة..
وهذه هي الحالة التي لا يهتز فيها الإنسان لأي من أقدار الله.. خيرا بدت أم شرا..
ويحمد الله في كل حال.. حينها فقط.. سينطبق عليك كلام الله
“يا أيتها النفس المطمئنة ….”
حتى يقول …. “وادخلي جنتي”
ولاحظ هنا أنه لم يذكر للنفس المطمئنة لا حسابا ولا عذابا…
أسئلة عن قصة موسى والخضر
السؤال : إذا نظرنا إلى قصّة النبيّ موسى مع الخضر في سورة الكهف ، لوجدنا أدلّة تثبت عدم عصمة النبيّ موسى (عليه السلام) ، في البداية نسيانه الحوت ، ثمّ نسيانه للوعد الذي قطعه مع الخضر ، ثمّ عدم اعتباره من قصّة السفينة والولد حتّى سأل الخضر عن الأجر .
الجواب : إذا رجعنا إلى الآيات القرآنية الواردة بعد هذه الآية ، نجد أنّها ترفع اللبس الذي طرحتموه في السؤال ، فالآية التي ذكرتموها ظاهرة في أنّ موسى (عليه السلام) قد عرض عليه النسيان ؛ قال تعالى : { فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا … } (1) ، لكن الآيات التي بعدها تقول : { فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ } (2) .
فالملاحظ أنّ الفتى نسب النسيان إليه ، وجاء بضمير المفرد { فَإِنِّي نَسِيتُ } ، ولم يقل : ” فإنا نسينا ” كي تكون النسبة لكليهما ، فالحوت كان موضوعاً في سلّة السفر ، وكان الفتى هو المكلّف بحملها ، فلمّا جلسا طلب موسى من فتاه أن يأتي بالحوت ، فلم يجد الفتى الحوت ، وقال نسيته .
ولا يتصوّر أنّ هذا كلام الفتى وليس كلام المعصوم كي نتمسّك به ، أو نعتمد عليه ، وذلك لأنّ القرآن الكريم في طرحه القصص لا يطرح القصّة هباءً منثوراً ، وإنّما يطرحها ضمن ضوابطها الإلهية وقوانينها الربانية ، أي يحكي الحالة الواقعية لتلك القصّة .
وعليه فيراعي كيفية النسبة والأسلوب ، والآية القرآنية الأُولى وإن أتت بألف التثنية ، لكن ذلك لا يدلّ مع وجود القرائن الأُخرى على أنّ النسبة حقيقة