أدبيات

قصص عن ادخال السرور على المسلم

ادخال السرور على الاهل

حديثُنا اليوم معشر المؤمنين في مجالٍ من مجالاتِ الإحسانِ إلى الوالدين عظيم، إنّهُ ” إدخالُ السرور عليهما “، والتسبّبُ في نفعِهِما حيَّينِ وميّتين، بأعمالٍ ومواقفَ تُثقلُ الميزان وتوجِبُ المغفِرَة والرّضوان، فنسألُ الله التوفيقَ إلى ما يحبُّ ويرضَى، ونبدأُ في الخطبة الأولى بالوالدين الحيّين، وعلى كلّ واحدٍ منَّا أن يُحاسبَ نفسَه:

أيها الإخوةُ في الله: من أعظمِ ما يُدخلُ الفرحَ والسرورَ على قلوبِ الوالدين:

تحقيقُ أمنيةِ الوالِدين بالنّجاحِ والفلاح:

فإنَّ ما يبذُلُهُ الوالدُ والوالِدَةُ من شبابِهِما ومالِهِما وأوقاتِهما وعرَقِهِما وكرامَتِهِما إنَّما هو في الحقيقة في سبيلِ تحقيقِكَ النجاحَ والتفوُّق، في سبيل أن يريَانِكَ أفضلَ منهما حالاً وأسعدَ وأريَح. وهاهنا وقفةُ محاسَبَة:

أنتَ حينما تُفسِدُ علاقتَكَ مع اللهِ إنَّما تقضِي على أمنيَةِ الوالدين في رؤيتكَ ناجحًا!.

أنتَ حينما تُخفقُ في تحقيق التفوُّق العِلمي والمدرسي ويتفوَّقُ عليكَ أولادُ الناس إنَّما تقضِي في الحقيقةِ على أمنيةِ والدَيكَ في رؤيتكَ ناجحًا!.

أنتِ حينما تبتسِمِين للسُّفَهاء، وتُقيمِين علاقاتٍ مع الجنسِ الآخَر، وتفرّطينَ في عرضِكِ المصون المحتَرم طلبًا للشهوةِ الرخيصَة إنَّما تقضينَ في الحقيقةِ على أمنيةِ والدَيكَ في رؤيتِكِ ناجحَةً كغيرِكِ من بناتِ الرّجال الشريفات!.

أنتَ حينما تتزوَّجُ خضراءَ الدّمَنِ – أعزّكُم الله – إيثارًا للجمالِ على الصلاح، وتفضيلاً للشهوةِ الرخيصَة الفانية، ثمّ تُنجِبُ منها الضّائِعينَ التافِهِين الذين لا يبعثُونَ المجدَ ولا يبنُونَ السؤدد؛ إنَّما تقضِي في الحقيقةِ على أمنيةِ والدَيكَ في رؤيتكَ ناجحًا! وهكذا في غير هذه النماذِج!

أيها الإخوةُ في الله: ومن أعظمِ ما يُدخلُ الفرحَ والسرورَ على قلوبِ الوالدين:

الزيارَةُ والتفقُّد:

وهذا خاصٌّ بالولدِ المتزوّجِ الذي انفصَلَ بحياتِهِ عن الوالِدين، فليعلمَ من كان هذا حالُهُ أنَّ الوالدَين الكريمين يشتاقانِ له كبيرًا كما يشتاقانَ له صغيرًا، فإذا كان مداوِمًا على زيارتِهِما بالمعروف وتفقُّدِ أحوالِهِما وخِدمتِهِما والانبساطِ لهما وإرسالِ أولادِهِ لخدمتِهِما؛ أدخلَ عليهما السرورَ والسعادة ونالَ البركَة، بخلافِ الهاجِرِ لوالِدَيهِ المعرِضِ عنهما الأيّامَ الطويلة، ولنا في حديثِ الثلاثةِ الذين انطبقت عليهم الصخرةُ في الغارِ أكبر العظَة: قال أحدهم:” اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران، ولي صبية صغار أرعى عليهم، فإذا أرحت حلبت فبدأت بوالدَيَّ فسقيتهما قبل بَنِي، وإني نأى بي ذات يومٍ الشَّجَرُ فلم آتِ حتى أمسيت فوجدتهما قد ناما؛ فحلَبْتُ كما كنت أحلُبُ؛ فجئت بالحِلاب فقمت عند رءوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أسقي الصّبيَةَ قبلَهُمَا والصبية يتضاغون عند قدمي فلم يزل ذلك دأبي ودأبَهم حتى طلع الفجر!؛ فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا فرجة نرى منها السماء، ففرج الله منها فرجة فرأوا منها السماء ” (صحيح الجامع: 2870)!.

أيها الإخوةُ في الله: ومن أعظمِ ما يُدخلُ الفرحَ والسرورَ على قلوبِ الوالدين:

الإعانةُ الماليّةُ والهديّةُ المعبِّرَة والرّحلةُ السياحيّة:

فالوالِدَان يفرَحانِ بهذا أشدَّ الفَرح، بغضِّ النظَرِ عن القيمة المادّية للمال أو الهديّة أو الرّحلة والفُسحَة، وللأسف – معشر المؤمنين- كم من وَلَدٍ وبنت صارَ له راتبٌ أو مدخولٌ معتَبَر ما أعطَى منه والدَهُ ولا والِدَتَهُ شيئًا السّنينَ الطويلة!. وهما في الحقيقَةِ سببُ قُوّتِهِ ووظيفتِهِ ومالِه، قال – صلى الله عليه وسلم -:” أنتَ ومالُكَ لأبيك ” ( صحيح: سنن ابن ماجه 2291 ).

وآخرُ لا يترُكُ مكانًا إلاّ وأخذَ إليه زوجته وأولادَه ولكنَّهُ ما أخذَ والِدَهُ يومًا في رحلةٍ إلى صديقٍ أو قريبٍ أو الريف أو غيرِه ممّا يعلمُ أنَّ الوالِدَ يحبُّهُ ويشتهيه، وخاصّةً الحج والعمرة:

في صحيح مسلم أن رجلا أتى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: أبايعك على الهجرة والجهاد، أبتغي الأجر من الله، فقال – صلى الله عليه وسلم -:”فهل من والديك أحد حي؟ “، قال: نعم، بل كلاهما، قال:”فتبتغي الأجر من الله؟” قال: نعم، قال: “فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما “. وفي رواية:” ففيهما فجاهد ” متفق عليه. نسأل الله التوفيق إلى ما يحب ويرضى،أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

معشر المؤمنين: إذا كان هذا حالُ السرورِ والفرَح والمكافَأَةِ في الحياة، فكيف بحالِها بعد وفاةِ الوالدين وفراقِهِما الولَد؟!: واللهِ من أشدّ المظاهر طعنًا في إحسان الوالدين ونسيانًا لجميلِهِما: نسيانُ الوالدين بعد الوفاة:

سعد بن عبادة – رضي الله عنه – وهو من أوفى الصحابة لأمه في حياتها وبعد وفاتها – تموتُ أمُّهُ وهو غائبُ عنها فتتوقُ نفسُهُ إلى الصَّدقة عليها، عساهُ يُرجعُ ولو جُزْءًا يسيرًا من حقِّها عليه، فيسألُ النبيَّ – صلى الله عليه وسلم -، فيقول: يا رسول الله إن أم سعد ماتت ( وأنا غائبٌ عنها )، فأي الصدقة أفضل؟ ” فقال – صلى الله عليه وسلم -: ” الماء، فحفر بئراً، وقال: ” هذه لأم سعد ” (حسن: سنن أبي داود 1681).

بل وفي البخاري يتصدَّقُ هذا الصحابيُّ الجليلُ على أمَّه ببستان كامل لله – عز وجل – وفاءً لحقها: قال- رضي الله عنه -: فإني أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عنها” ( رواه البخاري 2605 ). وحائطُ المخراف بستانٌ مشهورٌ في المدينة يبلغُ ثمنهُ مئات الملايين. كل هذه التصرُّفات تُقِرُّ أعين الوالِدَين بعد وفاتِهِما:

قال مجاهدٌ – رحمه الله -:” إنَّ المؤمِنَ يُبشَّرُ بصلاحِ ولَدِهِ من بعدِهِ لتَقَرَّ عينُه ” ( أخرجه أبو نُعيم 3/ 279 وصححه ابن القيّم في الروح ص 20 ).

فاحذر- أخي في الله – أن تكون ممَّن ينسى والديه بعد وفاتهما، فلا يفكّرُ إلا في نجاة نفسه – إن فكَّر – فبإمكانك إن كنتَ من الموفَّقين أن تُقِرَّ أعيُنَهُما وتَرفعَ درجاتِهِما عندَ اللهِ بسعيِكَ لهما بعد الوفاة: قال – صلى الله عليه وسلم -: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعوا له” رواه مسلم.، وقال – صلى الله عليه وسلم -: “ترفع للميت بعد موته درجته، فيقول أي ربي أي شيء هذا؟ فيقول له: ولدك استغفر لك” ( سنن ابن ماجه: 3660).

ادخال السرور على الاخرين

  • أن يلقاه بالابتسامة: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:

    مارآني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي. (رواه البخاري)

  • تقديم هدية: قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:

    ” تَهَادُوا تَحَابُّوا”. (السنن الكبرى : ١١٩٤٦)

  • أن يقدم النفع والخير: قيل: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

    أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ. (المعجم الأوسط : ٦٠٢٦)

  • أن يعينه على نوائب الحياة: قال صلى الله عليه وآله وسلم:

    مِنْ أَفْضَلِ الْعَمَلِ إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ: تقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، تقْضِي لَهُ حَاجَةً، تنَفِّسُ عَنْهُ كُرْبَةً. (شعب الإيمان : ٧٢٧٤)

  • وقال صلى الله عليه وآله وسلم:

    أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن؛ كسوت عورته، وأشبعت جوعته، أو قضيت له حاجة

 

خطبة عن ادخال السرور على المسلم

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ، أَمَّا بَعْدُ:

فاتَّقُوا اللهَ – عبادَ اللهِ – حقَّ التَّقوَى ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

أيُّها المؤمنونَ: لاَ يَخفَاكُمْ أنَّ مَحبَّةَ الخَيرِ للمسلِمِينَ والْفَرَحَ لِفَرَحِهِمْ مِنْ أَظهَرِ وأوضَحِ صُورِ الوَلاءِ والبَراءِ، بَلْ وهِيَ أَوْثَقُ عُرَى الإِيمانِ، فَضلاً عَن أَنَّهَا فِي الأَصلِ مِنْ وَاجِبَاتِ الدِّينِ وَأُسُسِ الْعَقِيدَةِ، وَهَذَا مَا جَاءَ صَرَاحَةً في قولِهِ صلى الله عليه وسلم:

“مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى” مُتَّفقٌ عليهِ.

فَالابتِسَامَةُ والكَلِمةُ الطَّيبَةُ وإِعَانَةُ المسلِمِينَ ومَواسَاتُهُمْ، وتَهنِئَتُهمْ بالأفراحِ ومُشارَكَتُهُم في الأَحزَانِ، والتَّواضُعُ ولِينُ الجَانِبِ، والنَّفعُ بمَا نَملِكُ مِن خِبرَةٍ ومَعلومَاتٍ.. كلُّ ذلكَ عِندَ اللهِ مَنزِلَةٌ عَظيمَةٌ وفَضلٌ كَبِيرٌ.

وَلْنَعْلَمْ – يَا رَعاكُمُ اللهُ – أنَّ إدْخَالَ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ مِنْ أفْضَلِ الْأَعْمَالِ وَأَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ إِلى اللهِ تَعَالَى، لَا سِيَّمَا فِي حَقِّ الوَّالِدَينِ وَالْأَبْنَاءِ والأَخوَاتِ؛ فَهُمْ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ بِالْبِرِّ وَالْإحْسَانِ وَإدْخَالِ السُّرُورِ وَالْمُعَامَلَةِ الطَّيِّبَةِ.

وإنَّ النَّاظرَ في تَارِيخِنَا – يا عِبادَ اللهِ – لَيَجِدُ أَمْثَالاً مُشَرِّفَةً في حُبِّ المُسلِمِ لأَخِيهِ وإدخَالِ السُّرورِ عليهِ، والفَرَحِ لِفَرَحِهِ والحُزنِ لحُزنِهِ.. ولِمَ لاَ؟ ومُعَلِّمُ الأُمَّةِ وسَيِّدُ البَشَرِيَّةِ رَسولُكُمْ صلى الله عليه وسلم كانَ أَحسَنَ النَّاسِ خُلُقًا في ذلكَ، يَلعَبُ معَ الصَّغِيرِ فيُفْرِحُهُ، ويُوَاسِي الكَبِيرَ فيُذْهِبُ هَمَّهُ، ويَمشِي معَ الرَّجُلِ والمَرأَةِ فيَقْضِي لَهُمُ الْحَاجَةَ، قَالتْ عَنهُ خَدِيجَةُ رَضيَ اللهُ عنها في أَوَّلِ يَوْمٍ مِن أيَّامِ الْوَحْيِ: “وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ” وقَد صَدَقَتْ – ورَبِّ الكعبةِ – رضي اللهُ عنها، كَيفَ لا؟!. وهُو القَائِلُ صلى الله عليه وسلم: “مِنْ أَفْضَلِ الْعَمَلِ إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ” أخرَجهُ البَيهَقِيُّ.

نَعَمْ، كَانَ رَسُولُكُمْ صلى الله عليه وسلم أَكثَرَ النَّاسِ إِدخَالاً للسُّرورِ علَى النَّاسِ -صَغيرِهِم وكَبيرِهِمْ، ذَكرِهِمْ وأُنثَاهُمْ، عَجَمِهِم وعَرَبِهِم -، رَوَى الإمامُ مُسلمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنهُ أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَقَالَ: «يَا أُمَّ فُلَانٍ انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ، حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ» فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا.

 

هَكَذَا كَانَ الْحَبيبُ المصطَفَى صلى الله عليه وسلم، وعَلَى هَذَا الْمِنوَالِ نَشَأَ أَصحابُهُ رِجالاً كَانُوا أَو نِسَاءً، فهَذَا أَبو الْهَيثمِ بِنُ التَّيِّهَانِ يَزُورُهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وصَحَابَيْهِ فيَقُومُ إلى أَحسَنِ شَاةٍ عِندَهُ فَيَذْبَحُهَا ثُمَّ يُقَدِّمُهَا للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

 

وفي الصَّحيحينِ مِن حَديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ فَقُلْنَ: مَا مَعَنَا إِلَّا المَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَضُمُّ أَوْ يُضِيفُ هَذَا»، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: مَا عِنْدَنَا إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي، فَقَالَ: هَيِّئِي طَعَامَكِ، وَأَصْبِحِي سِرَاجَكِ، وَنَوِّمِي صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا عَشَاءً، فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا، وَأَصْبَحَتْ سِرَاجَهَا، وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا، ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ، فَجَعَلاَ يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلاَنِ، فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ، أَوْ عَجِبَ، مِنْ فَعَالِكُمَا» فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]…

 

لَقَدْ فَضَّلُوا شِبَعَ بَطْنِ ضَيْفِهِمْ عَلَى شِبَعِ بُطونِهِمْ, وَقَدَّمُوا سُرُورَ صَاحِبِهِمْ الْمُسْلِمِ عَلَى سُرُورِ ذَوَاتِهِمْ, وَإِنْ كَانَتْ ذَوَاتُهُمْ قَدْ نَعِمَتْ بنَوْعٍ آخَرَ مِنَ السُّرُورِ هُوَ أَعْلَى وَأَكْبَرُ.

 

وهذَا صَّحَابِيُّ جَلِيلٌ يُسرِعُ بكُلِّ قُوَّتِهِ لِيُبَشِّرَ الثَّلاثَةَ الَّذِينَ خُلِّفُوا بَعفْوِ اللهِ عَنهُمْ وصَدْرُهُ يَمتَلِئُ حُبًّا وفَرَحًا وسَعادَةً وسُرُورًا حتَّى إِنَّه لَمْ يَنتَظِرْ حَتَّى يَصِلَ إليهِمْ بَل بَدَأَ يُنَادِيهِمْ مِن بَعِيدٍ مِنْ أَعْلَى الجَبَلِ بأَعْلَى صَوتِهِ، يَقولُ كَعبٌ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ، أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ…

 

قَالَ: فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ، وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلاَةَ الفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ، وَرَكَضَ إِلَيَّ رَجُلٌ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ، فَأَوْفَى عَلَى الجَبَلِ، وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي، نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ، فَكَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا، بِبُشْرَاهُ وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا، وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا، يُهَنُّونِي بِالتَّوْبَةِ، يَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ، قَالَ كَعْبٌ: حَتَّى دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ…

فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ، وَلاَ أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ، قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ: «أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ»… فَانْظُروا إِلَى ذَاكَ الْبِشْرِ وَالسُّرُورِ الَّذِي عَلَى مُحَيَّا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّحَابَةِ بَعْدَ عِلْمِهِمْ بالبُشرَى التِي نَزَلَتْ بِصَاحِبِهِمْ.. لَا سِيَّمَا مَوْقِفَ قِيامِ طَلْحَةَ الَّذِي لَمْ يَنْسَهُ لَهُ كَعْبٌ، بَلْ حَفِظَهُ لَهُ وَحَفِظَهُ التَّارِيخُ مَعَ بَسَاطَتِهِ، رِضْوانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.

ولَمْ تَنْسَ عاَئشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنهَا مَوقِفَ امْرَأةٍ مِنَ الأَنصَارِ جَاءَتْ فَبَكَتْ مَعَهَا في مِحنَتِهَا وبَلائِهَا في حَادثةِ الإِفكِ؛ تَقولُ عَائِشةُ رَضيَ اللهُ عَنهَا:

“فَبَيْنَا أَبَوَايَ جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي”، مَوقِفٌ بَسيِطٌ في أَعيُنِنَا لكنَّهُ عَظِيمٌ وكَبيرٌ فِي نُفُوسِ العُظَمَاءِ الذِينَ يُقدِّرونَ مَوَاقِفَ النَّاسِ وأَفعَالِهِمْ مَعَهُم.

قَالَ القَاسِمِيُّ رَحمهُ اللهُ: “وللأُخُوَّةِ حَقٌّ في قَضَاءِ الحَاجَاتِ وَالْقِيَامِ بِهَا قَبْلَ السُّؤَالِ وَتَقْدِيمِهَا عَلَى الْحَاجَاتِ الْخَاصَّةِ، وَهَذِهِ أَيْضًا لَهَا دَرَجَاتٌ فَأَدْنَاهَا الْقِيَامُ بِالْحَاجَةِ عِنْدَ السُّؤَالِ وَالْقُدْرَةِ وَلَكِنْ مَعَ الْبَشَاشَةِ وَالِاسْتِبْشَارِ وَإِظْهَارِ الْفَرَحِ وَقَبُولِ الْمِنَّةِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: «وَإِذَا اسْتَقْضَيْتَ أَخَاكَ حَاجَةً فَلَمْ يَقْضِهَا فَذَكِّرْهُ ثَانِيَةً فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَسِيَ، فَإِنْ لَمْ يَقْضِهَا فَكَبِّرْ عَلَيْهِ» وَاقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ﴾ [الأنعام: 36] وَكَانَ فِي السَّلَفِ مَنْ يَتَفَقَّدُ عِيَالَ أَخِيهِ وَأَوْلَادَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَقُومُ بِحَاجَتِهِمْ يَتَرَدَّدُ كُلَّ يَوْمٍ إِلَيْهِمْ وَيَمُونُهُمْ مِنْ مَالِهِ فَكَانُوا لَا يَفْقِدُونَ مِنْ أَبِيهِمْ إِلَّا عَيْنَهُ، بَلْ كَانُوا يَرَوْنَ مِنْهُمْ مَا لَمْ يَرَوْا مِنْ أَبِيهِم فِي حَيَاتِهِ. وَكَانَ أَحَدُهُمْ يَتَرَدَّدُ إِلَى بَابِ دَارِ أَخِيهِ يَقُومُ بِحَاجَتِهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْرِفُهُ أَخُوهُ وَبِهَذَا تَظْهَرُ الشَّفَقَةُ. وَالْأُخُوَّةُ إِذَا لَمْ تُثْمِرِ الشَّفَقَةَ حَتَّى يُشْفِقَ عَلَى أَخِيهِ كَمَا يُشْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا خَيْرَ فِيهَا”. أهـ، وفي واقِعِنَا مَصائِبُ وعَظائِمُ نَسألُ اللهَ أَنْ يَتوبَ عَلينَا.

ونَسأَلُه سبحانه أنْ يَجعلَنَا إِخوةً مُتحَابِّينَ فيهِ؛ إنَّه سميعٌ قريبٌ مجيبُ الدَّعَواتِ، والحمدُ للهِ ربِّ العَالَمِينَ.

 

عبارات عن ادخال السرور على الاطفال

  1. مما يبعث السعادة مشاهدة الأطفال وهم يلعبون في سعادة تتداخل أصواتهم ضجيجا، تعبيرا عن ذواتهم البريئة معلنة أننا نمارس طفولتنا بكل شجاعة.
  2. الأطفال هم سعادة الكبار ب سعادتهم ف ي رب ادم السعادة على أطفالنا. على قيد الصباح وضحكات الأطفال وتلك الأمسيات الليلية مابين لاهي ومناجي وللحكايات القديمة ولأحلام ننسجها ليلا لنرتديها مع شروق شمسها للأشخاص الذين استيقضوا وقلوبهم ملهوفة شوقا لأحبتهم صباحكم سعادة. سعادة الأطفال وإبتسامتهم الجميلة تنسيك تعب ومجهود اثقل كاهلك.
  3. ليس عليك سعادة أحد ولكن عليك أن لاتؤذيهم خذمن مرح الأطفال ومن هدوء المسنين ومن تواضع العلماء ومن أحلام الفقراء وستعرف معنى الحياة.
  4. الأطفال أرواحهم نقيه يبكون وسرعان م ينسون الذي أبكاهم ويضحكون بشكل هستيري على أشياء بالنسبة لنا تافهه وبالنسبة لهم سعادة لا توصف. الأطفال بهجة سعادة يقومون بتلوين حياتي يارب أحفظهم أحبهم لذاتهم ولطهارتهم من الذنوب.
  5. من دواعي الأمل الصبح الأطفال وبرائتهم~سعادة من أحب وإبتسامة أبي.
  6. إحتضان الأطفال تقبيلهم واللعب معهم جنه مصغره تنسينا بعضا من همومنا.
  7. عندما تكون أقل وعيا ستكون اكثر سعاده لهذا الأطفال سعداء جدا ولا يكترثون ل احزانهم.
  8. احب ان اترك لنفسي مساحه خاليه من البشر تماما نقيه كنقاء الندى لكي احافظ على سعاده الاطفال اللتي تعتريني.
  9. العراك اللطيف مع الأطفال ضحكة تنجب ضحكه و سعادة في رحم البراءه.

 

 

اجر ادخال السرور على قلب مسلم

عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ: إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ، كَسَوْتَ عَوْرَتَهُ، أَوْ أَشْبَعْتَ جَوْعَتَهُ، أَوْ قَضَيْتَ لَهُ حَاجَةً» .

النَّبِيُّ ﷺ يَجْعَلُ فِي قِمَّةِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَفِي قِمَّةِ الْأَعْمَالِ الْمَقْبُولَةِ عِنْدَ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: إِدْخَالَ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ: «كَسَوْتَ عَوْرَتَهُ، أَوْ أَشْبَعْتَ جَوْعَتَهُ، أَوْ قَضَيْتَ لَهُ حَاجَةً».

وَذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ الْحَاجَةَ مُنَكَّرَةً لِيَدُلَّ عَلَى أَيِّ حَاجَةٍ قُضَيْتَ، قَضَيْتَ لَهُ حَاجَةً بِمُطْلَقِ الْحَاجَةِ.

فَيَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-: سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جَزَعًا، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا» 

ادخال السرور على قلب المؤمن حديث

1- عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن أحب الأعمال إلى الله تعالى بعد الفرائض إدخال السرور على المسلم . رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه إسماعيل بن عمرو البجلي وثقه ابن حبان وضعفه غيره . (مجمع الزوائد) .
وضعفه الألباني كما في ضعيف الجامع .
2- عن الحسن بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن من موجبات المغفرة إدخال السرور على أخيك . رواه الطبراني في الأوسط والكبير ، وفيه جهم بن عثمان وهو ضعيف . (مجمع الزوائد) ضعفه الألباني كما في ضعيف الجامع .

3- عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أدخل على أهل بيت من المسلمين سروراً لم يرض الله له ثواباً دون الجنة . رواه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه عمر بن حبيب القاضي وهو ضعيف . (مجمع الزوائد) .

4- عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لقي أخاه المسلم بما يحب الله ليسره بذلك سره الله عز وجل يوم القيامة . رواه الطبراني في الصغير وإسناده حسن . (مجمع الزوائد)

5- عن عمر بن الخطاب قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أفضل ؟ قال : إدخالك السرور على مؤمن أشبعت جوعته ، أو سترت عورته ، أو قضيت له حاجة . رواه الطبراني في الأوسط وفيه محمد بن بشير الكندي وهو ضعيف (مجمع الزوائد) . قال الألباني : حسن لغيره كما في صحيح الترغيب والترهيب .

6- عن جابر مرفوعا : من أدخل على أهل بيت سروراً خلق الله من ذلك السرور خلقاً يستغفرون له إلى يوم القيامة . (ميزان الاعتدال في ترجمة بشر بن عبد الله القصير البصري ، قال ابن حبان في ترجمته : منكر الحديث جدا) .

 

السابق
أين تذهب في إسبانيا
التالي
اسباب ظهور الشيب

اترك تعليقاً