الاسره والمجتمع

كيفية معالجة التنمر

ماهو التنمر

إن التنمّر هو ظاهرة عدوانيّة وغير مرغوب بها تنطوي على مُمارسة العنف والسلوك العدواني من قبل فردٍ أو مجموعة أفراد نحو غيرهم، وتنتشر هذه الظاهرة بشكلٍ أكبر بين طلّاب المدارس، وبتقييم وضع هذه الظاهرة يتبيّن أن سلوكيّاتها تتّصف بالتّكرار، بمعنى أنها قد تحدث أكثر من مرة، كما أنها تعبّر عن افتراض وجود اختلال في ميزان القوى والسّلطة بين الأشخاص؛ حيث إن الأفراد الذين يمارسون التنمّر يلجؤون إلى استخدام القوّة البدنيّة للوصول إلى مبتغاهم من الأفراد الآخرين، وفي كلتا الحالتين، سواءً أكان الفرد من المتنمرين أو يتعرّض للتنمّر، فإنه معرّض لمشاكل نفسيّة خطيرة ودائمة.

أسباب التنمر

أسباب ظاهرة التنمر كثيرة، وتعود بالأساس طبعًا للاضطرابات النفسية التي يعاني منها المتنمرين، فهم بالنهاية يعانون من عقد النقص ورغبتهم الملحة بإثبات الذات، وأسباب ظاهرة التنمر الظاهرية هي:

  • مهارة الأشخاص المتنمر عليهم من قبل المتنمرين: يحدث التنمر عادة على الأشخاص الذين يمتلكون مهارات لا يمتلكها المتنمر، حيث يعاني المتنمر من عقدة النقص في العادة في هذه الحالة من التنمر، ويستمر هذا السلوك إذا كان الشخص لطيفًا ولا يقابله بقوة.
  • شهرةً أو محبة الناس للأشخاص المتنمر عليهم: تعد فكرة الانطوائية هي أمرٌ غير صحيح، فعادةً ما يتم التنمر على الأشخاص المحبوبين من قبل الناس، فالاضطرابات النفسية التي يعاني منها المتنمر تجعله يشعر بالضيق من محبة الناس للشخص.
  • الصدق والأمانة: يعد الأشخاص الصادقون من الشخصيات التي يتم التنمر عليها، وذلك لأسباب عديدة، فمثلًا في العمل قد يضر المتنمر الموظف الصادق، مما يجعله عرضة للتنمر من المتنمرين وذلك لإسكاته أو لجعله يخاف التحدث بصدق عن عدم إنجاز المتنمر للعمل مثلًا.

كيفية التغلب على التنمر

من أهم النصائح للتغلب على التنمر:

1- فهم التنمر:

التغلب على التنمر يبدأ بفهم مشكلة التنمر، فالتنمر هو سلوك مكتسب وهنالك الكثير من الأسباب التي تدفع الشخص للتنمر أهمها أن يكون تعرض لسوء معاملة في فترة ما من حياته، ومن الأسباب الأخرى للتنمر أيضاً الشعور بالغيرة وعدم الأمان.

2- تحدث مع الشخص المتنمر:

هل سبق لك أن ذكرت شيئًا ما لصديقك وأزعجته عن طريق الصدفة أودون قصد؟ نعم بالتأكيد فهذا يحصل معنا جميعاً بغض النظر عن ما تحمله النوايا، وهذا يعني بأننا جميعاً لدينا تنمر ولكن بدرجات مختلفة، وللقضاء على التنمر يجب أن تتحدث للشخص المتنمر مباشرة إذا كنت تشعر بالأمان معه والثقة به، أخبره بأنك تتضايق من تصرفاته القاسية والمحرجة معه أو من حديثه، فقد لا يكون لديه أي فكرة بأنه يؤثر عليك.

3- لا تسكت عن حقك:

عندما يمر الإنسان بمشكلة مرهقة في حياته فستؤثر بالتأكيد على فكره وستغشي على عينيه وبالتالي سيتشتت الانتباه وستنخفض الإنتاجية لديه وهذا يعني أن كل مجريات حياته سوف تتدمر، والتنمر واحدة من المشكلات التي تؤثر بشكل كبير على الشخص، وللتغلب على التنمر يجب الإبلاغ عنه وعدم السكوت أبداً فقد كشفت الدراسات أن 45% من الأشخاص الذين يعانون من التنمر ليس لديهم الجرأة في التبليغ عن مشكلاتهم بسبب الإحراج والخوف وعدم الثقة، لذلك يجب على الضحية الإبلاغ عن مشكلتها لأي طرف موثوق به كالمعلم أو الوالدين أوغيرهم.

4- العقاب القانوني:

هل تعلم أن التنمر جريمة يعاقب عليها القانون؟ نعم فبإمكانك إبلاغ الشرطة في حال تعرضك لأحد أنواع التنمر كأن يتهجم عليك جسدياً أو جنسياً، أو شارك معلومات خاصة بك أو صور على الإنترنت، فهذه جميعها أمور لا يسكت عليها ويصنفها القانون تحت الجرائم، فعند تطبيق العقوبات على من يستحقها سنتمكن من التغلب على التنمر بكل سهولة وغيرها من الظواهر الاجتماعية المؤذية.

5- لا تعزل نفسك:

عزلتك عن الناس وحرمان نفسك من الدعم لن يزيد المشكلة إلا تعقيداً، لا تجعل نفسك الضحية في هذه المشكلة ولا تقلل من احترامك لذاتك، حرر قيودك وكن شجاعاً بما فيه الكفاية لمواجهة مشكلتك والتحدث بها لشخص مقرب ليقف إلى جانبك ويساندك حتى تنتهي المشكلة.

6- إبحث عن قدوة:

للتخلص من التنمر وأثره النفسي عليك، قم بالبحث عن قصص لأشخاص تعرضوا للتنمر وكيف كان دورهم إيجابياً وفعالاً في القضاء على التنمر، بالتأكيد ستجد خلال بحثك الكثير من القصص المطروحة التي تشبه قصتك وكيف استطاعوا أصحابها التغلب عليها، واجعلهم قدوة لك في حل مشكلتك.

كيفية معالجة التنمر

لا ينبغي تجاهل مشكلة التنمر ويتطلب حلها اتخاذ إجراءات من أعضاء المجتمع بأكمله، ومعالجة المشكلة بشكل مباشر ستؤدي إلى ظهورها في العلن، كما يجب تقديم الدعم لأولئك الذين يتعرضون للمضايقات والمتنمرون أنفسهم، فهذا يقطع شوطًا طويلًا في علاج التنمر، ومن أهم استراتيجيات علاج التنمر ما يأتي:

  • مشاركة الفرد: إذا اعتقد الأهل تعرض أحد أفرادهم للتنمر أهم ما يمكن القيام به هو التكلم معه وإشعاره بالراحة والدعم.
  • الحصول على التعليم: التدريب المستمر والتعليم أمر ضروري لوقف التنمر في المجتمع، من المهم تثقيف جميع أفراد المجتمع من الأطفال والمعلمين والوالدين بطبيعة التنمر، وكيفية فهم السلوكيات التي تعتبر تنمرًا، وآثاره وكيفية العمل على منعه في المجتمع.
  • بناء مجتمع داعم: التنمر قضية مجتمعية تتطلب تحديد مسار للعلاج، ومن المهم عدم مواجهة الشخص المتسلط أو والده فهذه طريقة غير منتجة وقد تكون خطيرة، لذلك لا بد من اللجوء إلى استشاريين وإداريين لتطوير استراتيجية علاج التنمر.
  • تعزيز الثقة واحترام الذات: وبما أن تدني احترام الذات يميل إلى أن يكون عامل خطر في أن يصبح الفرد ضحية للتنمر، فإن التداخلات التي تعزز الثقة واحترام الذات هي طرق مهمة للحد من خطر التعرض للتنمر.
  • المشاركة في الأنشطة: التي يمكن أن تحسن من ثقة الفرد واحترامه لذاته وقوته العاطفية بشكلٍ عام سواء أكانت رياضة أو موسيقى أو أنشطة أخرى، يمكن أن يساعد الانخراط في هذه الأنشطة في بناء الصداقات وتحسين المهارات الاجتماعية.
  • العلاج النفسي أو العلاج بالأدوية النفسية: إذا كان ضحية التنمر لديه أعراض عاطفية كبيرة تتداخل مع قدرته على العمل التي قد تصل إلى حالة صحية نفسية قابلة للتشخيص، يتم اللجوء إلى العلاج النفسي والأدوية.

علاج التنمر في الإسلام

قد حرم الإسلام الإيذاء والاعتداء ولو بكلمة أو نظرة، فقال تعالى: «..وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» [البقرة: 190]، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أخرجه ابن ماجه، موضحًا: والضرر الذي وجه الإسلام لإزالته ليس الجسدي فقط، وإنما وجَّه -كذلك- لإزالة الضرر النفسيّ الذي قد يكون أقسى وأبعد أثرًا من الجسدي، قال صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا» أخرجه أبو داود، وقال أيضًا: «مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ –أي: وَجَّهَ نحوه سلاحًا مازحًا أو جادًا- فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ، حَتَّى يَدَعَهُ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ» أخرجه مُسلم.

كما نهى الإسلام كذلك عن خداع الناس المُؤدِّي إلى إخافتهم وترويعهم -ولو على سبيل المزاح- فيما هو معروف بـ(المقالب)، قال صلى الله عليه وسلم: «لَا يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لَاعِبًا، وَلَا جَادًّا» أخرجه أبو داود. ولا يخفى أن الاستهزاء المستمر من شخص، أو خِلْقَتِه، أو اسمه، أو مجتمعه يسبب له جرحًا نفسيًّا عميقًا قد يستمر معه طوال عمره، وقد يدفعه إلى كراهية المجتمع، أو التخلص من حياته؛ مما يجعل حكم هذه الممارسات هو الحرمة، وحكم مواجهتها هو الوجوب.

نصائح عن التنمر للوقاية منه:

  • غرس التواضع والحلم وحب الآخرين في الطفل منذ صغره.
  • تربية الطفل منذ صغره على توقير الكبير والعطف على الصغير.
  • إيجاد بيئة اجتماعية جيدة للطفل من خلال انتقاء صحبة صالحة تعينه على فعل الخير.
  • تقويم الطفل وعدم تبرير أخطائه حتى لا يختل ميزان الخطأ والصواب لديه، مع مراعاة الرفق واللين.
  • المساواة بين الطلاب في أماكن التعلم، وعدم التمييز بينهم إلا لمكافئة على عمل، أو تخلُّق بخلق حسن.
  • إبعاد الطفل عن مشاهدة العروض والمشاهد التلفزيونية العنيفة، بما في ذلك أفلام الكرتون وألعاب الفيديو التي تنمي العنف.
  • كف الوالدين عن ممارسة العنف والعدوانية داخل الأسرة سواء كان أطفالها يمارسون التنمر أم لا، وإبعاد الأولاد عن مشكلاتهم.
  • عدم مناداة المعلم أحد طلابه بما يكرهه أو ينتقصه أمام زملائه؛ لما لهذا من أثر سيء على صحة الطفل النفسية.
  • تعزيز الاحترام المتبادل بين الطلاب من خلال الأنشطة التربوية الداعمة لذلك.
  • عدم الإسراف في العقاب أو الهجوم اللفظي على الطفل المخطئ، بل ينبغي تناسب العقاب مع حجم الخطأ المُرتَكَب، فأغلب المتنمرين كان سبب ميلهم للعنف هو تعرضهم للعنف والاضطهاد في صغرهم.
  • إرشاد الطلاب إلى أن القوة تكمن في ضبط النفس، والتَّحلِّي بالصبر عند مواجهة الفعل الخاطئ، وتدعيم ذلك الأمر من خلال مقررات دراسية وأساليب تربوية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ» أخرجه البخاري.

علاج التنمر الإلكتروني

يمكن للنصائح الآتية أن تساعد في علاج التنمر الالكتروني:

  • لا ترد على أي رسائل أو منشورات مكتوبة عنك: بغض النظر عن مدى ضررها أو عدم صحتها. لأنّ الرد لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع واستفزازك، وهو بالضبط ما يريده المتنمر، لذلك لا تمنحه ما يريد.
  • لا تسعى إلى الانتقام من التنمر الإلكتروني بأن تصبح أنت نفسك متنمراً: لأنه لن يؤدي إلا إلى تفاقم المشكلة وقد يؤدي إلى عواقب قانونية خطيرة بالنسبة لك. إذا كنت لا تتنمر شخصياً، فلا تتنمر إلكترونياً.
  • احتفظ بدليل على وقوعك ضحيةً للتنمر الإلكتروني: واحتفظ بالرسائل النصية المسيئة أو لقطة شاشة لصفحة ويب، على سبيل المثال، ثم قم بالإبلاغ عنها إلى شخص بالغ موثوق به، وإذا لم تقم بالإبلاغ عن الحوادث، فسيصبح التنمر الإلكتروني أكثر عدوانية عليك.
  • الإبلاغ عن تهديدات الأذى والرسائل الجنسية غير المناسبة للشرطة. في كثير من الحالات، يمكن مقاضاة تصرفات الإنترنت عبر القانون.
  • حجب اتصالات المتنمر من الإنترنت: وذلك عن طريق حظر عناوين بريدهم الإلكتروني وأرقام الهاتف الخلوي أو الجوال وحذفهم من جهات الاتصال على وسائل التواصل الاجتماعي. وقم بالتبليغ عن أنشطتهم إلى موفر خدمة الإنترنت أو أي وسائط اجتماعية أو مواقع ويب أخرى يستخدمونها لاستهدافك.

علاج التنمر الوظيفي

1- ضع حدوداً مع المتنمرين:

  • صف السلوك الذي يقوم به المتنمر وصفاً دقيقاً دون أن تزيد عليه أي وصف، فلا تقل له “تصرفاتك مقززة بالنسبة لي”، ولكن صف له ما يفعله وقل له “أنت تتكئ على كتفي، وتقرأ مراسلاتي الشخصية على شاشة حاسوبي”.
  • أخبر المتنمر بالضبط كيف يؤثر سلوكه على عملك، فمثلاً قل له: “هذا التطفل يؤثر على عملي فلا يجب أن تطلع على تلك الرسائل دون رغبة مني”.
  • ويجب عليك إخبار المتنمرين عن السلوك الذي لن تتحمله في المستقبل، فعلى سبيل المثال: “أنت لست بحاجة لتدخل حجرتي إلا إذا دعوتك للدخول، هذه هي مساحة العمل الخاصة بي وأفعالك غير مرحب بها”.

2- مواجهة المتنمر أمام مديرك

  • مواجهة المتنمر أمر مخيف وصعب، ولكن تذكر أنت شخص بالغ تستطيع الحصول على كافة حقوقك، فقط كن عقلانياً ولا تفقد أعصابك مطلقاً حتى لا تفقد حقوقك.
  • فعلى سبيل المثال، لو يقوم المتنمر دوماً بتوجيه الانتقادات في معظم الأوقات وخصوصاً في أوقات الاجتماعات، اسأله بشكل مباشر عما يريده منك بدلاً من ذلك، إذا لم ينجح الأمر، فاطلب منه مغادرة الاجتماع حتى تنتهي من المناقشة، وإذا رفض، فأخبر مديرك أنك لا تستطيع المناقشة في هذا الوضع، وبالتأكيد سيكون مديرك مهتماً بالحفاظ على بيئة عمل آمنة.

3- توثيق التنمر وحفظ الدليل

  • في أي وقت تشعر فيه بالتنمر والتسلط عليك، قم بتوثيق التاريخ والوقت وتفاصيل الحادث، ولاحظ إذا شاهد موظف آخر الحادث، فإذا كنت تسعى في نهاية المطاف للحصول على مساعدة من الموارد البشرية، فإن هذه الوثائق تعطي رسالة قوية لقسم الموارد البشرية بالتحقيق في الأمر، فالتنمر لا يؤدي فقط لإيذاء للمشاعر إنما أيضاً تخريب أعمال.
  • إذا كان التنمر يحدث خلال البريد الإلكتروني أو النصوص أو المراسلات، احتفظ بنسخة مطبوعة من البريد الإلكتروني والنصوص.
  • إذا لاحظت أن المتنمر يقوم بنفس السلوك مع زملائك الآخرين في العمل، اطلب منهم توثيق سلوك المتنمر وأي مشاهد يشاهدونها عندما يستهدف المتنمر أي زميل عمل آخر، فإذا واجه أكثر من شخص التنمر ووثقه، فيمكنك بناء حالة يستجيب لها قسم الموارد البشرية لأنهم بحاجة إلى أدلة وشهود، حتى لو كان الجميع يعلمون بما يفعل هذا الشخص.

4- أخبر الإدارة والموارد البشرية عن سلوك المتنمر

  • حان الوقت للحصول على المساعدة، انتقل إلى قسم الموارد البشرية أو مديرك مع الأدلة الخاصة بك، وخاصة الأدلة التي توضح تأثير المتنمرين على العمل، وتقدم بشكوى رسمية تؤكد أن المتنمرين يؤثرون على طريقتك في العمل.
  • وبهذه الطريقة يمكنك معالجة سلوك المتنمر في مكان عملك ببعض المثابرة والشجاعة، ويمكنك تحييد سلوك المتنمر واستعادة الهدوء في العمل، وهذا الأمر يحتاج منك إلى قرار بالمواجهة مهما كلفك الأمر.
السابق
4 أساليب مختلفة تساعدك على التعلم بسرعة وذكاء
التالي
دواء ايفلارون – EFLARON لعلاج التهاب القولون الغشائي الكاذب

اترك تعليقاً