منوعات

كيف أهلك الله قوم ثمود

بماذا اهلك الله قوم لوط

حين خلق الله سبحانه و تعالى الخلق جعلهم أزواجاً شتّى ، فحيثما نظرت في خلق الله و تمعّنت رأيت المزاوجة العجيبة بين الذّكر و الأنثى ، و التي تدلّ على عظمة الخالق سبحانه و قدرته ، و قد كان البشر كذلك أزواجاً فلا يستغني الذّكر عن الأنثى و لا تستغني الأنثى عن الذّكر بما فطر الله به كلّ جنسٍ من غرائز و ميلٍ اتجاه الجنس الآخر ، و بوجود الذّكر و الأنثى مع بعضهما و ارتباطهما برابطة الزّواج التي شرعها الله تتكامل أدوار البشر و تستمرّ مسيرة الحياة ، و يستمرّ الجنس البشريّ .

و قد كان من الأقوام السّابقة من عدل عن فطرة الله سبحانه ، و من بين هؤلاء قومٌ اشتهروا بذلك و هو قوم لوطٍ ، فقد شاعت الفواحش بينهم و المنكرات ، و بلغ طغيانهم و انحلالهم أن أصبح الرّجل فيهم يتزوّج الرّجل ، و أصبحت شهواتهم و غرائزهم تتوجّه نحو رجالهم من نفس جنسهم ، و قد أسّسوا نوادي يتعاطون فيها كلّ ما حرّم الله سبحانه من أنواع المنكرات و الضّلالات ، و قد كانوا يجاهرون بالمعاصي و يتفاخرون بها ، و يتفاخرون كذلك بشذوذ نفوسهم و انحرافها ، و قد أرسل الله سبحانه لهم نبيّه الكريم لوطٌ عليه السّلام فنهاهم عن أفعالهم المنكرة و حذّرهم من وعيد الله لهم في حال عدم توبتهم عن ذلك ، و ما كان جواب القوم المستكبرين الضّالين الذي أبوا إلا البقاء على حالهم من الضّلال إلا أن قالوا أخرجوا آل لوطٍ من قريتكم إنّهم أناسٌ يتطهّرون ، فتوعّد قوم لوط نبيّهم بإخراجه من بلده و من آمن معه ، و عندما أتى لوط رسل ربّه من الملائكة بالبشارة بهلاك القوم الظّالمين ، و عندما رأى القوم حسن وجوههم ظنّوا أنّهم من البشر و قد أخبرت بخبر الضّيف زوجة لوط التي كانت من الهالكين ، فراود القوم لوطاً على ضيفه فنهاهم عن ذلك و حذّرهم ، حتى أتى أمر الله سبحانه و أمر الله لوطاً بالخروج من هذه القرية الظّالمة ليبعث الله الملائكة فتحمل هذه القرية عالياً ثم تقلبها رأساً على عقب و تهوي بها إلى الأرض ، ثم يأمر الله السّماء بإنزال مطرٍ من سجيلٍ منضود زيادةً في العقاب ، لتكون تلك البقعة آيةً و عبرةً للظّالمين على امتداد العصور .

بماذا أهلك الله قوم فرعون

ذكرت هذه الضربات في التوراة والإنجيل بنفس الترتيب السابق، كما ذكرت في القرآن الكريم في سورة الأعراف، قال تعالى: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ) [الأعراف: 133]، وبعد هذا أتت لحظة الحسم والعقاب لفرعون وقومه التي كانت بعيدة عن الأهل والديار عند نهر النيل، وكان ذلك بخروج موسى بتابعيه من بني إسرائيل، حيث لاحقهم فرعون مع جنده، ولكنّ الله شقّ الماء لسيّدنا موسى عليه السلام وتابعيه حتى يعبروا بسلام، ولما لحقهم فرعون وقومه أطبق الله عليهم الماء، مما أدى إلى غرقهم وهلاكهم أجمعين.

قوم عاد

قوم عاد

عاد هو اسم مؤسّس هذه القبيلة وجدّها الأكبر، ويقال في روايات متعدّدة أنّ هذا الاسم هو اسم عربي، وفي أكثر الروايات منطقية فإن عاد هو بن عوص بن أرم بن سام، وإلى عاد ينسب نبي الله تعالى هود – عليه السلام – الذي أرسله الله تعالى إلى قوم عاد ليدعوهم إلى طريق الحق والخير ويبعدهم عما كانوا فيه من غي وجهل وضلالة. أمّا عن الأماكن التي كانوا يقيمون فيها، فهناك العديد ممن رجحوا أنّهم قطنوا منطقة الأحقاف، وهي التي تقع إلى الجهة الغربيّة من عُمان، وإلى الجنوب من الربع الخالي.، وهذا الموقع حالّياً هو موقع خالٍ من أية معالم، فهو موقع صحراوي لا يمكن أن يسكن فيه الإنسان في هذا الوقت.

بماذا أهلك الله الأمم السابقة

أنواع العذاب التي وقعت على الأقوام الغابرة :

1. الغرق والطوفان:

عذب الله به الكافرين من قوم نوح {فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ وَهُمْ ظَـٰلِمُونَ}
[العنكبوت:14] . قال ابن كثير: “من كثرة ذنوبهم وعتوهم وإصرارهم
على كفرهم ومخالفتهم رسولهم أغرقوا]. ثم عذب الله فرعون وجنوده
بالغرق في اليم {فَأَغْرَقْنَـٰهُمْ فِي ٱلْيَمّ}.[الأعراف:136]. {فَأَغْرَقْنَـٰهُمْ
أَجْمَعِينَ} [الأنبياء:77]. كما عذب بالسيل والطوفان مملكة سبأ
{فَأَعْرَضُواْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ ٱلْعَرِمِ وَبَدَّلْنَـٰهُمْ بِجَنَّـٰتِهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَىْ
أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَىْء مّن سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَـٰهُمْ بِمَا كَفَرُواْ وَهَلْ
نُجْزِى إِلاَّ ٱلْكَفُورَ}[سبأ:16-17] . وهدد الله الآمنين من مكره بعذاب
الغرق فقال:{أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَىٰ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مّنَ
ٱلرّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا} [الإسراء:69].
يقول ابن كثير : أى يُعِيدكُمْ ” فِي الْبَحْر مَرَّة ثَانِيَة ” فَيُرْسِل عَلَيْكُمْ
قَاصِفًا مِنْ الرِّيح ” أَيْ يَقْصِف الصَّوَارِي وَيُغْرِق الْمَرَاكِب .

2.الريح:

وهو عذاب الله عذب به قوم عاد لما كفروا بربهم.{وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ
بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ} [الحاقة:6]. {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً}
[فصلت:16].{فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هَـٰذَا عَارِضٌ
مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الأحقاف:24] ،
{كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً
فِى يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرّ * تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ}
[القمر:18-20]. وقد كان نبينا إذا رأى ريحاً خاف وظهر ذلك في
وجهه، وفي مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله كان إذا
عصفت الريح يقول: ((اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما
أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسـلت به))
[مسلم ].
تقول عائشة رضي الله عنها: وكان إذا رأى غيماً أو ريحاً عرف ذلك
في وجهه، قالت: يا رسول الله الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن
يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية؟ فقال:
((يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب، قد عذب قوم بالريح، ورأى
قوم العذاب فقالـوا: {هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا})) [البخـاري، مسلم].

3. الصيحة:

وهي عذاب الله الذي عذب به قوم صالح . والصيحة هي كما قال
القرطبي في تفسيرها: “صيح بهم فماتوا، وقيل صاح بهم جبريل، وقيل
غيره. وقال أيضاً: كانت صيحة شديدة خلعت قلوبهم” {وَأَخَذَ ٱلَّذِينَ
ظَلَمُواْ ٱلصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِى دِيَارِهِمْ جَـٰثِمِينَ} [هود:67].
وقال: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وٰحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ ٱلْمُحْتَظِرِ}
[القمر:31]. وقال ابن كثير فى تفسيره ”جَاءَتْهُمْ صَيْحَة مِنْ السَّمَاء
وَرَجْفَة شَدِيدَة مِنْ أَسْفَل مِنْهُمْ فَفَاضَتْ الْأَرْوَاح وَزَهَقَتْ النُّفُوس فِي
سَاعَة وَاحِدَة ”.
ويهدد الله المشركين بمثل هذا العذاب فيقول: {وَمَا يَنظُرُ هَـؤُلآء إِلاَّ
صَيْحَةً وٰحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ} [ص:15].

4. الحاصب: الحجارة

والحاصب كما قال أبو عبيدة هى ”الحجارة“ وقال ابن حجر: الحصباء
في الريح. وهو العذاب الذي عذب الله به قوم لوط لما كفروا وارتكبوا
الموبقات فقال: {فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً} [العنكبوت:40]
وقال:{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَـٰصِباً إِلاَّ الَ لُوطٍ نَّجَّيْنَـٰهُم بِسَحَرٍ} [القمر:34]
وهو قوله تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مّن سِجّيلٍ مَّنْضُودٍ مُّسَوَّمَةً
عِندَ رَبّكَ وَمَا هِى مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود:82، 83].
ونقل القرطبي في تفسيره {وَمَا هِى مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود:83].
وهو العذاب الذي عذب الله به أصحاب الفيل {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ
بِأَصْحَـٰبِ ٱلْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِى تَضْلِيلٍ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مّن سِجّيلٍ} [الفيل:1-4].

ومن جنسه الحد الذي جعله الله عقوبة للزاني المحصن، وهو الرجم.
والحاصب هو العذاب الذي حذر الله قريشاً به فقال: {أَمْ أَمِنتُمْ مّن فِى ٱلسَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَـٰصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} [الملك:17].
وقال: {أَفَأَمِنتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ ٱلْبَرّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا}
[الإسراء:68].

5.الخسف:

والخسف هو كما عرفه القرطبي هو “الذهاب في الأرض” [تفسير
القرطبي] ؛وهو ذهاب المكان ومن عليه وغيبوبته في بطن الأرض.
وهو عذاب الله به قارون لما بغى وأفسد فقال:{فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ
ٱلأرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ
ٱلْمُنتَصِرِينَ} [القصص:81]. {وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلأرْضَ}
[العنكبوت:40]. وهو أحد أنواع العذاب التي تكون في آخر الزمان كما
في حديث عمران بن حصين حيث سمع النبي صلى الله عليه وسلم
يقول: ((في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، إذا ظهرت القينات
والمعازف، وشرب الخمور)) [الترمذي، أبو داود] .
وقد حذر الله العصاة من هذا العذاب:{أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيّئَاتِ أَن يَخْسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلأرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ}
[النحل:45]. وقال:{إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ ٱلأرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مّنَ ٱلسَّمَاء إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً لّكُلّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ} [سبأ:9].
ومن صور الخسف الزلازل التي تميد بالأرض فتخرب المدن بعد
عمارها ، وقد ذكر صلى الله عليه وسلم أن الزلازل تكثر بين يدي
الساعة قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان
عظيمتان، … وحتى يقبض العلم وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان.. )) [ صحيح البخاري]. قال ابن حجر: “وقد وقع في كثير من البلاد
الشمالية والشرقية والغربية كثير من الزلازل، ولكن الذي يظهر أن
المراد بكثرتها شمولها ودوامها” [فتح الباري ].

6. الجوع والعطش وضيق الأرزاق:

وهو ما عذب به قوم سبأ حيث قال: {وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ ءامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مّن كُلّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} [النحل:112].قال ابن كثير: “بان النقص في الثمار والزروع بسبب المعاصي ليذيقهمبعض الذي عملوا”. وقال صلى الله عليه وسلم محذراً من وقوع بعض هذا البلاء: ((يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن : …..ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا .. ))[صحيح ابن ماجه والحاكم ]
وكما اصاب أصحاب الجنة :قال تعالى فى سورة القلم : {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ * طَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ *
فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ * فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَن لَّا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ*.. (17 – 25) .
قال ابن عباس:إنه كان شيخ كانت له جنة ،وكان لا يدخل بيته ثمرة
منها ولا إلى منزله حتى يعطي كل ذي حق حقه. فلما قبض الشيخ
وورثه بنوه طغوا وبغوا وتعاهدوا ألا يعطوا أحدا من فقراء المسلمين شيئا هذا العام حتى تكثر أموالهم فرضي بذلك منهم أربعة، وسخط الخامس أوسطهم كما قال تعالى : {قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون} ، يقول رب العزة “إنَّا بَلَوْنَاهُمْ” أى امْتَحَنَّا أَهْل مَكَّة بِالْقَحْطِ وَالْجُوع “كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَاب الْجَنَّة” أَيْ أَصْحَاب الْبُسْتَان ،
“إذْ أَقَسَمُوا لِيَصْرِمُنَّهَا” يَقْطَعُونَ ثَمَرَتهَا “مُصْبِحِينَ” وَقْت الصَّبَاح كَيْ لَا يَشْعُر بِهِمْ الْمَسَاكِين فَلا يُعْطُونَهُمْ مِنْهَا مَا كَانَ أَبُوهُمْ يَتَصَدَّق بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْهَا . وتعاهدوا على ذلك. ولكن لم يفلحوا في أمرهم . يقول تعالى :{فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم } .
كذلك ذكر هذا العذاب فى فى قصة المؤمن والكافر في سورة الكهف :
قال تعالى : وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا * وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا* وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا* وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا *( 32 – 6 ).
والمشهور أن هذين كانا رجلين مصطحبين، وكان أحدهما مؤمنا
والآخر كافرا، ويقال: إنه كان لكل منهما مال ، فأنفق المؤمن ماله في طاعة الله ومرضاته ابتغاء وجهه ، وأما الكافر فإنه اتخذ له بستانين ، وهما الجنتان المذكورتان في الآية ولما اغتر هذا الجاهل بما خوله الله
به في الدنيا ، فجحد الآخرة وادعى أنها إن وجدت ليجدن عند ربه خيرا مما هو فيه، وسمعه صاحبه يقول ذلك قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أي ؛ يجادله { أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا} ويذكر لنا القرآن أنه جاءه أمر أحاط بجميع حواصله وخرب جنته.
وأصحاب الرس قال تعالى فيهم::{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ} (سورة ق آية 12) .وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : أصحاب الرس هُمْ قَوْم بِأَذْرَبِيجَانَ قَتَلُوا أَنْبِيَاء فَجَفَّتْ أَشْجَارهمْ وَزُرُوعهمْ فَمَاتُوا جُوعًا وَعَطَشًا

7. – الخوف وتسليط الأعداء والذل وكثرة القتل والحروب:

هذا النوع من العذاب عذب الله به بني إسرائيل فجعلهم فرقاً كثيرة
وأضاف إلى ذلك الهوان والذلة إلى يوم القيامة {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوء ٱلْعَذَابِ} [الأعراف:167].
وقوله تعالى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مّنْ ٱللَّهِ وَحَبْلٍ مّنَ ٱلنَّاسِ}[الأعراف:112].ومنه قوله تعالى:{قُلْ هُوَ ٱلْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرّفُ ٱلآيَـٰتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُون} [الأنعام:65].

8. المسخ:

والمسخ كما عرفه المباركفوري التغير في الصورة . وقد عذب الله بني إسرائيل عندما اعتدوا في السبت {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَواْ مِنكُمْ فِى ٱلسَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَـٰسِئِينَ} [البقرة:65].
وقال: {وَجَعَل مِنْهُمُ ٱلْقِرَدَةَ وَٱلْخَنَازِيرَ} [المائدة:60].
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن هذا العذاب يكون في هذه الأمة، ووصف ذنب أولئك الممسوخين والذي بسببه يمسخهم الله، فقال صلى الله عليه وسلم: ((يكون في هذه الأمة أو في أمتي خسف أو مسخ أو قذف في أهل القـدر)) [الترمـذي،ابن ماجه] وعن عمران بن حصين مرفوعاً:
((في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف فقال رجل: يا رسول الله، ومتى
ذلك؟ قال: إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمـور)) [الترمـذي ونحوه في أبي داود]. وعن ابن حبان: ((لا تقوم الساعة حتى يكون في أمتي خسف ومسخ))[صحيح ابن حبان بإسناد حسن].
قال ابن تيمية: “المسخ واقع في هذه الأمة ولا بد، وهو واقع في
طائفتين : علماء السوء الكاذبين على الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، الذين قبلوا دينه، والمجاهرين المنهمكين في شرب الخمر والمحارم…”. وقال: “إنما يكون الخسف والمسخ إذا استحلوا هذه المحرمات بتأويل فاسد فإنهم لو يستحلوها مع اعتقاد أن الشارع
حرمها كفروا ولم يكونوا من أمته، ولو كانوا معترفين بحرمتها لما
عوقبوا بالمسخ كسائر من يفعل هذه المعاصي، مع اعترافهم بأنها
معصية”.
9.الأمراض والبلايا والطواعين:

وهو نوع آخر من العذاب يصبه الله على الأمم المتجبرة الكافرة أو
المسلمة العاصية، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الطاعون رجسٌ أرسل على طائفة من بني إسرائيل أوعلى من كان قبلكم)) [البخاري،
مسلم]. وقد توعد الله فيه عصاة الأمم ؛قال صلى الله عليه وسلم:
((لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون
والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا)) [ابن ماجه،
( صحيح) ].

عذاب قوم صالح

حين دعا صالح -عليه السلام- قومه ثمود إلى الإيمان بالله -تعالى- وتوحيده، قابل قومه تلك الدعوة بالإنكار وطلبوا من صالح -عليه السلام- أن يأتي بدليل على صدق دعوته واشترطوا أن يُخرج ناقة وابنها من صخرةٍ صمّاء وبيّنوا له صفاتها، فأخذ صالح يدعو الله -تعالى- أن يخرج له من صُلْب الصخرة ناقةً فاستجاب الله -تعالى- دعوته وخرجت الناقة وابنها من الصخرة، ولم يؤمن رغم المعجزة إلّا قلّة من قوم ثمود، وأوصى صالح -عليه السلام- قومه بأمر من الله -تعالى- بألّا يمسُّوا النّاقة بسوءٍ وأن يتركوها تشرب من مائهم ويشربون هم في اليوم الذي يليه، فتآمروا على قتلها وقتلوها فعلاً، ثمّ حاولوا أن يأتمروا على صالح -عليه السّلام- ليقتلوه، ونجّاه الله -تعالى- منهم، وتوعّدهم صالح بعقاب شديد من الله -تعالى- يأتيتهم بعد أن يمكثوا في ديارهم ثلاثة أيام، ففي اليوم الأول من أيام انتظار العذاب الذي كذّبوا وشكَّكوا بوقوعه اصفرّت وجوههم، وفي اليوم الثّاني أصبحت وجوههم محمرّة، وفي اليوم الثّالث اسودّت وجوههم، وحين أصبحوا بعد أن تمّت الأيام الثلاثة بعث الله -تعالى- عليهم صحيةً من السّماء من فوقهم ورجفةً من تحتهم فزهقت أرواحهم وهمدت جثثهم في مساكنهم، قال الله -تعالى- في عذابهم: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَىٰ عَلَى الْهُدَىٰ فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).

وقد حملت قصّة قوم ثمود مع نبيهم صالح -عليه السّلام- والآيات التي تناولت قصتهم عِبراً ودروساً كثيرةً؛ منها: التزام الحكمة والمجادلة بالتي هي أحسن في مخاطبة الآخرين كما كان جدال وخطاب صالح -عليه السّلام- لقومه، وأنّه بذل كلّ ما بوسعه في دعوة قومه واستعمل وسائل الترغيب والترهيب، كما أنّ على الإنسان إن كان عاقلاً متبصِّراً أن يتّعظ ويعتبر من قصص الأقوام الظالمين وينأون بأنفسهم عن فعل ما فعلوه وتكرار ما عملوه.

ارسله الله إلى قوم ثمود

قصة قوم ثمود 

ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم قصص الأمم السابقة،  ولم يذكرها رب العزة للتسلية، ولكنه ذكرها؛ لآخذ العظة والعبرة، وعدم تكرار ما وقعت فيه الأمم السابقة من كفر وتدليس . ونذكر اليوم  قصة قوم ثمود، وما وقع عليهم من عذاب وسخط من الله سبحانه وتعالى؛  بسبب معصيتهم وكفرهم بالله. قوم ثمود وهم عرب سكنوا في منطقة الحجر، وهي شمال غرب  المدينة،  وتسمى اليوم مدائن صالح، وتعود أصول هؤلاء القوم إلى نفس اصول قبيلة عاد، ولكنهم   سكنوا منطقة مختلفة، أرسل الله لهم النبي صالح بن عبيد بن هشام ينتسب الى ثمود بن عاد بن آرم بن سام،  وقد كانوا ذوي قدرة جسمانية هائلة فحفروا البيوت في الجبال وبنوا القصور فيها.

أما عن النبي صالح عليه السلام فقد كان قبل أن يبعث من أشرافهم  من عائلة  عظيمة وعريقة جدا،  وكان يتصف بالعقل والحكمة، وكانوا يرجعون اليه في خصوماتهم، ويسترشدون برأيه في مشاكلهم، بل إنهم كانوا على وشك أن  ينصبونه ملكا عليهم . عند بدأ الرسالة دعاهم النبي صالح عليه السلام إلى توحيد الله والايمان به، وترك الأصنام وعبادتها،  وذكرهم بأنعم الله عليهم وأنه حكمهم في الأرض، وأسبغ عليه برحمته الواسعة، وحذرهم من خسران ذلك كما حدث لقوم عاد، فتعنتوا وتجبروا ورفضوا  ولم يلقوا بالا لكلامه، فلم يمل أو يتعب  بل أنه دعاهم للتفكر والتدبر في خلق الله  وعدم اتباع كبرائهم  المسرفين المضللين فلم يصدقوه، وتسائلوا  فيما بينهم  لماذا اختارك الله  لتبلغنا الرسالة من بيننا؟ واتهموه بالكذب، وأنه قد سحر من قبل الالهة . ثم انهم ذهبوا  لمن آمن بدعوة النبي –صالح عليه السلام –، وقالوا لهم إنا كفرنا بما آمنتهم  به زيادة في الاستهزاء بهم  وعتوا  وتكبرا وتجبرا منهم، ولكن نبي الله لم يمل أو يتعب من الدعوة لتوحيد العزيز القدير، فاحتار كبرائهم وجعلوا يبحثون عن الطرق  وينسجون الخطط لإيقافه  في دعوته،  حتى وصلوا إلى حيلة غريبة  تبعد الناس عن  دعوة  صالح عليه السلام، حيث أنهم قاموا بنشر اشاعة في القوم مفادها أن صالح ومن معه قوم مشؤومين:  أي أن من يتعامل معهم أو يؤمن بهم سوف  يبتلى بالمصائب والنحس، و أن من يبتعد عنهم  تكن له  حياة سعيدة كريمة .

ولكن دعوى الحق كانت يجب أن تستمر ولذلك استمر صالح عليه السلام في دعواهم  وتذكيرهم، ثم قال قائل منهم “يا صالح  إن كنت نبيا حقا فأتنا بمعجزة لنصدقك”، وكان ذلك في اجتماع كبرائهم  فبدأوا بالاستهزاء والسخرية، ومن ثم قالوا نحن نريد أن نختار هذه المعجزة وليس أنت  فطلبوا منه إخراج ناقة  من صخرة كبيرة؟،  واشترطوا أن تكون هذه الناقة من الضخامة  حيث أن كمية الماء الذي تشربه تعادل ما تشربه القرية مجتمعة، وأن تكون عشراء . فطلب الني الكريم بجمع الناس فجمعوا وعكف على دعاء ربه بأن يخرج الناقة من هذه الصخرة،  فتبدأ الصخرة بالتزلزل والاهتزاز، وتخرج الناقة الضخمة جدا في مشهد مهيب تقشعر له الأبدان، بجميع المواصفات التي طلبوها،  فتشخص أبصارهم وتجف حلوقهم وتربط ألسنتهم . ومن ثم قال لهم  صالح عليه السلام  أن هذه الناقة هي ناقة الله سوف تعيش بينكم تلمسونها وترونها وهي أية الله الموجهة لكم ونظرا لحجمها فهي سوف تشرب  من شربكم يوم ولكم أنت يوم، فذروها تأكل وتشرب في أرض الله الواسعة  ومن ثم نبههم  بأن أي شيء يحدث لها  فسوف ينزل الله عليكم العذاب والعقاب . ثم عندما رأى  كبرائهم  أن كثيراً من الناس بدأت تلين لصالح في وجود الناقة  التي هي معجزة إلهية، اجتمعوا  واتفقوا على قتل الناقة، وأوكلوا هذه المهمة لرجل منهم. وقام هؤلاء  النفر بمشاورة كبراء  القوم  عن نيتهم في عقر وقتل الناقة، فوافقوا على ذلك فقاموا بقتلها، فهددهم صالح عليه السلام بإنزال العذاب عليهم خلال ثلاثة ايام،  فاجتمع النفر الذين قتلوا  الناقة وبدأوا يخططون لقتل صالح عليه السلام ومن معه من المؤمنين، فجاءت الأوامر لصالح عليه السلام ومن معه  من المؤمنين قبل أن يهجموا عليهم بالخروج من القرية، وأرسل الله صيحة عظيمة فلم يبق من المشركين أحد.

عذاب قوم ثمود

بعد أن استحقَّ قوم ثمود عذاب الله بقتلهم النّاقة التي نُهوا عن قتلها؛ ظهرت علامة استحقاقهم للعذاب برغاء ابن الناقة الذي شهد مقتل أمه؛ حيث صعد إلى جبلٍ قريبٍ ورغا ثلاث رغيات، فقال لهم صالح عليه السلام: إنّ تلك الرغيات هي علامة عقوبتهم ومدّتها، وأنّ عذاب الله سيأتيهم بعد ثلاثة أيام، فكذبوه وأرادوا قتله حتى لا يأتيهم عذاب الله؛ ظنّاً منهم أنهم سينجون بذلك، قال تعالى: (وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ* قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ*وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ).

حينها أرسل الله -سبحانه وتعالى- على الذين أرادوا قتلَ صالح حجارةً فقتلتهم، وبعد تمام الثلاثة أيّام التي وعدهم بها صالح جاءهم العذاب الذي استحقّوه، وصادف ذلك يوم الخميس الأوّل من أيّام النّظرة، وقد انقسم عذابهم على عدة مراحل، وكانت المرحلة الأولى تتمثّل بأن أصبحت وجوهُهم قريبةً للصُّفرة، ثم في اليوم الثاني أي يوم الجمعة أصبحت وجوههم قريبةً من الحُمرة، فإذا جاء اليوم الثّالث أصبحوا وقد اسودّت وجوههم، وكانوا يذكَّرون أنفسهم في كلِّ يومٍ بدُنُوِّ العذاب استخفافاً بصالح عليه السّلام، حتى إذا انتهى يوم السبت (اليوم الثّالث للإنذار بالعقوبة) نادوا صالحاً عليه السلام أن قد مضى الأجل الذي أجلته لنا، فلمّا كان يوم الأحد قاموا من فُرشهم واستعدلوا للخروج، وجلسوا بانتظار وعد الله وعذابه، حتى إذا أشرقت شمس يوم الأحد جاءَتهم صيحة بغتةً من فوقهم، وأعقبتها رجفةٌ من أسفلِهم، فماتوا على حالهم الذي كانوا عليه جميعاً، وأصبحوا في دارهم جاثمين لم يتحرَّك منهم أحد، ولم ينجُ منهم إلّا جارية مُقعَدةً كان اسمها كلبة بنت السّلق، فلمّا رأت تلك الجارية ما جرى لقومها أُطلِقت رجلاها وقامت تمشي، فأتت أحد أحياء العرب وأخبرتهم بما جرى، وطلبت منهم شربة ماء، فلمّا شربت ماتت على فورها، قال تعالى: (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ*كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا ۗ أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ ۗ أَلَا بُعْدًا لِّثَمُودَ).

السابق
فوائد الإكثار من شرب الماء
التالي
طرق لعلاج الاظافر المتقصفة

اترك تعليقاً