ديني

كيف اصل الى حب الله

كيف اصل الى حب الله

معنى حب الله

حبُّ الله -تعالى- يعني: إيثاره على كلّ ما سواه، والتزام أمره واجتناب نهيه، واتّباع رسوله محمّد صلّى الله عليه وسلّم، ونُصرة دينه، ومفاد ذلك أنّ المؤمن المحبّ لله -تعالى- يؤدّي ما أمره الله -تعالى- به وينتهي عن كلِّ ما نهاه عنه، وفي ذلك قال الله -تعالى- في صفات عباده الذين يحبُّم ويحبّونه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)،[٤] والمحبُّ لله -تعالى- لا بدّ له أن يكون متّبعاً للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وفي ذلك قال الله تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، وقد نُقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنّه قال:(فمحبّة الله ورسوله وعباده المتّقين تقتضي فعل محبوباته وترك مكروهاته، والنّاس يتفاضلون في هذا تفاضلاً عظيماً فمن كان أعظم نصيباً من ذلك كان أعظم درجة عند الله)، كما أنّ المحبّ لله -تعالى- لا بدّ أن يكون الله -تعالى- في قلبه، ويكون كذلك أحبّ إليه من كلّ ما سواه؛ ولذا جاء ذمّ الله -تعالى- ومعاتبته لمن قدّم محبّة غير الله -تعالى- على محبّته، فقال في سورة البقرة: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ).

هل حب الله واجب

فإن محبة الله تعالى فرض, ويجب أن تكون فوق كل محبة؛ فهي أصل دين الإسلام, وبكمالها يكمل الإيمان, وبنقصانها ينقص, قال الله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ {البقرة:165}، وقال تعالى: قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ {التوبة:24}، قال البيهقي في الشعب: أبان بهذا أن حب الله ورسوله فرض. وبمثل ذلك جاءت السنة, ففي الحديث: ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ مِنْهُنَّ طَعْمَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا. الحديث متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه. رواه الترمذي والحاكم وغيرهما
ولا يخفى ما في الآية من الوعيد لمن آثر حب الآباء والأبناء على حب الله ورسوله؛ قال القرطبي في التفسير: وَفِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ حُبِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأُمَّةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مُقَدَّمٌ عَلَى كُلِّ مَحْبُوبٍ.

وقال السعدي في التفسير: وهذه الآية الكريمة أعظم دليل على وجوب محبة الله ورسوله، وعلى تقديمها على محبة كل شيء، وعلى الوعيد الشديد والمقت الأكيد، على من كان شيء من هذه المذكورات أحب إليه من الله ورسوله.
فمحبة الله تعالى هي أصل كل محبة، وهو وحده – سبحانه وتعالى – الذي يستحق أن يحب لذاته من جميع الوجوه، ومحبة من سواه إنما هي تابعة لمحبته وفرع عنها.

حب الله تعالى وتعظيمه

       “حب الله” هو أعظم حب في الوجود، ليس قبله حب أو بعده حب، به تعالج أمراض القلوب وتنتهي نزعات النفس، وبه أيضاً ينقذ المجتمع مما يعج به من ويلات مهلكة للنفس والإيمان.

حب الله.. سلعة نادرة يستأثر بها أصحاب القلوب المؤمنة النقية من المسلمين، فالمسلم إذا ما تحرى حب الله ومرضاته في كل قول أو فعل أو عمل يقوم به في دنياه فاز وأجزل الله تبارك وتعالى له العطاء والبركة في العمر، والسعة في الرزق، والسعادة في الدنيا والآخرة.

حب الله ورسوله

     محبة الله ورسوله غاية قصوى، يتوخاها المسلم في أمره كله، ويسعى لنيلها صباح مساء، ويضحي لأجلها بكل أمر من أمور الدنيا؛ إذ هي حجر الزاوية التي يقيم المسلم عليها بنيانه الإيماني، وهي المعيار والمقياس التي يعرف من خلالها المؤمن مدى علاقته بالله ورسوله، قربًا وبعدًا، وقوة وضعفًا .

والطريق الموصلة إلى هذه المحبة طاعة الله ورسوله، وقد قال تعالى: { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } (آل عمران:31)، وقال سبحانه: { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة } (المائدة:35) .

وقد أرشد التوجيه القرآني المسلم، أن يلحظ في سلوكه كله هذا الأساس، فلا يقدم أمرًا من أمور الدنيا على محبة الله ورسوله؛ وتوعد سبحانه من يقدم أمر الدنيا على أمر الدين بالعقاب الأليم، عاجلاً أو آجلاً .

وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان مع جمع من أصحابه رضي الله عنهم، بينهم عمر رضي الله عنه؛ فقال له عمر : يا رسول الله ! لأنت أحب إلي من كل شيء، إلا من نفسي؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك )، فقال له عمر : فإنه الآن – والله – لأنت أحب إلي من نفسي؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الآن يا عمر )، رواه البخاري .

حديث حب الله

محبة الله من أعظم مقامات العبادة عليها تدور رحى الطاعة والسير إلى الله، لأنها تسوق المؤمن إلى القرب وترغبه في الإقبال على الله، وتجشم المشقة والعناء في سبيل رضا الله والفوز بجنته. قال تعالى في وصف المؤمنين: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ}.

وفي صحيح البخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان من كان اللّه ورسوله أحب إليه مما سواهما ومن أحب عبدا لا يحبه إلا للّه ومن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه اللّه كما يكره أن يلقى في النار» فمحبة الله يذوق بها العبد حلاوة الإيمان.

ومحبة الله هي إيثار محبة الله على ما سواه بالتزام أمره واجتناب نهيه واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم في كل كبير وصغير وسلوك طريق المحبين والتحزب لأهل محبة الله ونصرتهم ومودتهم وصرف المحبة الإيمانية لكل محبوب لله والبعد عن كل ما يسخط الله وينافي محبته، وشرط المحبة لله الإحسان في العمل واتباع الشرع. فلا تصح المحبة ولا تقبل الدعوى من أحد إلا يما يوافقها من العمل الصحيح. أما ادعاء المحبة مع عدم التزام بالشرع فدعوى كاذبة وغرور باطل من جنس أماني أهل الكتاب التي لا تساوي شيئا عند الله. قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}، قال بعض السلف: “ادعي قوم على عهد رسول الله أنهم يحبون الله فأنزل الله هذه الآية”. وهذه الآية تسمى عند السلف بآية الامتحان يمتحن بها كل من يدعي محبة الله فإن كان متبعا للسنة كان صادقا في دعواه وإن كان معرضا عن السنة كان كاذبا في دعواه. أما دعوى المؤمن الصادقة لمحبة الله ورسوله تنفعه بإذن الله ولو قصر في العمل أو منعه عذر ولم يلحق بالمقربين لما ثبت عند الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين السائل عن قيام الساعة؟» فقال الرجل: أنا يا رسول الله قال: «ما أعددت لها؟» قال: يا رسول الله ما أعددت لها كبير صلاة ولا صوم إلا أني أحب الله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المرء مع من أحب وأنت مع من أحببت»، فما رأيت فرح المسلمون بعد الإسلام فرحهم بهذا، وهذا محمول على صدقه وإخلاصه واحتسابه المحبة لله ورسوله، واجتماعه معهم في الجنة لا يلزم مشاركتهم في الدرجة والمنزلة.   وأعظم ما يمتحن به العبد في باب المحبة لله ما كان يألفه من دواعي الهوى والنفس الأمارة بالسوء والعوائد السيئة، فإن قدمها على محبة الله وأتبع نفسه إياها فقد باء بالخسران وفاته خير عظيم، وإن قدم محبة الله عليها واعتزلها وتركها لله فقد فاز وكان من أهل الفلاح، ولذلك امتحن الله المؤمنين بتقديم محابهم الثمان على محبته والجهاد في سبيله، فقال: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} .   فتارك الصلاة يمتحن بفعل الصلاة وشارب الخمر يمتحن بترك الخمر والزاني يمتحن بتركه الزنا وآكل الربا يمتحن بتركه الربا والكذاب المفسد بين الناس يمتحن بتركه النميمة، والمرأة المتبرجة تمتحن بالحجاب، والفنان يمتحن بهجر الغناء وهكذا.   ولا يمكن أن يخلو قلب المؤمن من أصل محبة الله لأن ركن العبادة الركين المحبة فما دام قلبه مشتمل على محبة الله فهو يعبده ويقبل على طاعته ويكفر بما دونه من المخلوقين والمؤمنون يتفاوتون في هذا المقام. قال ابن تيمية: “فمحبة الله ورسوله وعباده المتقين تقتضي فعل محبوباته وترك مكروهاته والناس يتفاضلون في هذا تفاضلًا عظيمًا فمن كان أعظم نصيبًا من ذلك كان أعظم درجة عند الله”.

قصص في حب الله تعالى

السابق
عبارات عن حسن الظن
التالي
السيارة الهجينة

اترك تعليقاً