ديني

كيف ننصر الرسول عليه الصلاة والسلام

نصرة النبي

حكم نُصرة الرسول

إنّ من أعظم المنكرات على الإطلاق الإساءة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولذلك وجب على المسلمين نصرة النبي عليه الصلاة والسلام بالقلب، أو باللسان، أو باليد، كلٌ حسب قدرته، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَن رأى مِنكُم مُنكرًا فليغيِّرهُ بيدِهِ، فإن لَم يَستَطِع فبِلسانِهِ، فإن لم يستَطِعْ فبقَلبِهِ، وذلِكَ أضعَفُ الإيمانِ)،[١] فيمكن القول أنّ حكم نُصرة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فرضٌ على الكفاية، بمنعى سقوط الوجوب عن المسلمين في حال قيام طائفةٌ منهم به، فوجوب نصرة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- تكون على كلّ مسلم عند العدوان عليه؛ لأنّ الإسراع لنُصرة النبي -عليه الصلاة والسلام- دليلٌ على وجود الإيمان في القلب، فلا يَقبل بالإساءة إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلا كافرٌ، أو منافقٌ.

تعبير عن الرسول صلى الله عليه وسلم

الرسول محمّد -عليه الصلاة والسلام-، نبيّ الأمة، وأشرف الخلق والمرسلين، وقد ولد في الثاني عشر من ربيع الأول، وأشرقت الأرض بنور سيد البشرية ليكونَ مولده شرارة الخير التي بدأ نورها يسطع ببعثته، وفي ميلاده -عليه السلام- الكثير من العبر التي تملأ الفلب يقينًا وإيمانًا وتملأ النفس راحةً وطمأنينة، فميلاده ثورة على الجهل والكفر والنفاق والعادات البالية، أمّا بعثته برسالة الإسلام فهي وصمة شرف في تاريخ البشريّة؛ لأنّه خاتم الأنبياء والمرسلين، والآن بعد مضيّ كلّ السنوات على مولد الرسول الكريم، لم يزلْ نورُه باقيًا إلى اليوم، وهديه حيًّا في النفوس، فهو نورٌ على نور، وهو الصادق الأمين. الحديث عن الرسول -عليه السلام- لا تتسع له السطور، ولا يمكنُ أن تحتويه الأبجدية والحروف واللغات، ولا يستطيع الكلام وصفه، فسيرته العطرة شاهدةٌ على كلّ خيرٍ في الدنيا، أما حياته فكانت كلّها في سبيل الدعوة إلى الله، فيا لها من سيرة عطرة تنشر الفرح والبهجة والخير الكثير، فالرسول هو القدوة الخالدة لأمته، وسنته هي المنارة التي تُرشد المسلمين إلى دروب الخير، أمّا فمنذ أن اختاره الله تعالى لحمل أمانة الدعوة الإسلامية، بدأت تاريخٌ جديد وميلادٌ لفجرٍ واعدٍ بالخير والإيمان، لأنه أخرج الناس من ظلام الجاهلية والكفر إلى نور التوحيد. في سيرة الرسول -عليه السلام- مواقف لا تُعدّ ولا تحصى من الخير، فقد كان -عليه السلام- جوادًا وكريمًا ومِعطاءً، وهو خير من حمل الرسالة وبلّغ الأمانة، وكان ذا خُلقٍ عظيم، يتّصفُ بأحسن الأخلاق وأعظمها شأنّا، وكان يعطف على الصغار ويصل الأرحام ولم يكذب في حياته قط، كما كان يُعطف على اليتيم ويعطيه حقه، ويحترم الجار ويردّ الحقوق إلى أصحابها، ولا تأخذه في الحق لومة لائم، ولا يثنيه عن الحق أو الدعوة أيّ شيء، أما في الغزوات فقد كان يتقدّم صفوف المحاربين، وفي الوقت نفسه كان عطوفًا ورحيمًا مع أهل بيته ومع الآخرين. إنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- هو القدوة والنموذج الذي لا يمكنُ أن يتغيّر أو يتبدّل؛ لأنّه المعصوم عن الخطأ والمنزّه من العيوب، وهو الذي اختاره الله من بينِ جميع البشر ليحملَ أمانة تبليغ الرسالة، فسبحان مَن جعل الصلاة على نبية بابًا من أبواب الخير وسببًا في نيلِ الشفاعة، وورود حوضِه لارتواء من الظّمأ، فكرامات حبّ الرسول العظيم ليس لها حدّ، والصلاة عليه غنيمة لا يُدركها إلّا مَن كان ذا حظٍ عظيم، فاتباع هديه هو مفتاح دخول الجنة.

 حب الرسول صلى الله عليه وسلم

كلام جميل عن الرسول صلى الله عليه وسلم قصير

كلام جميل عن رسول الله

  • صحيحٌ ما رأيتُ النورَ من وجهِكْ .. ولا يوماً سمعتُ العذبَ من صوتِكْ .. ولا يوماً حملتُ السيفَ في رَكبكْ .. ولا يوماً تطايرَ من هنا غضبي كجمرِ النارْ .. ولا حاربتُ في أُحُدٍ .. ولا قَتَّلتُ في بدرٍ صناديداً من الكفَّارْ .. وما هاجرتُ في يومٍ .. ولا كنتُ من الأنصارْ ولا يوماً حملتُ الزادَ والتقوى لبابِ الغارْ ولكنْ يا نبيَّ اللهْ أنا واللهِ أحببتُك لهيبُ الحبِّ في قلبي كما الإعصارْ .. فهل تَقبل؟ حبيبي يا رسولَ اللهِ هل تقبلْ؟ نعم جئتُ هنا متأخراً جدًّا ولكن ليس لي حيلةْ ولو كانَ قدومُ المرءِ حينَ يشاء لكنتُ رجوتُ تعجيلَهْ وعندي دائماً شيءٌ من الحيرةْ فمَن سأكون أمامَ الصَّحْبِ والخِيرةْ .. فما كنتُ أنا “أنسَ” الذي خدمَكْ ولا “عُمرَ” الذي سندَكْ وما كنت “أبا بكرٍ” وقد صدَقَكْ وما كنت “عليًّاً” عندما حَفِظَكْ ولا “عثمانَ” حينَ نراهُ قد نصرَكْ وما كنتُ .. أنا “حمزةْ” ولا عَمْراً، ولا “خالدْ” وإسلامي أنا قد نِلتُهُ شرفاً من الوالِد ولم أسمعْ “بلالاً” لحظةَ التكبيرْ ولا جسمي انشوى حياً بصحراءٍ بكلِّ هجيرْ وما حطَّمتُ أصنامً ولا قاتلْتُ في يومٍ .. جنودَ الكفرِ والتكفيرْ وما قُطِعَتْ يدي في الحربْ ولم يدخلْ هنا رمحٌ إلى صدري يَشُقُّ القلبْ ولم أُقدِمْ على شيءٍ .. ولم أهربْ ولا يوماً حَملْتُ لواءْ ولا واجهتُ في شَممٍ هنا الأعداءْ ولا يوماً رفعتُ الرايَ خفَّاقةْ .. أنا طفلٌ يُداري فيكَ اخفاقَهْ ولكنْ يا رسولَ اللهْ أنا نفسي لحبِّكَ يا رسولَ اللهْ وحبِّ اللهِ تَوَّاقَةْ.
  • أُحبُّكَ يا رسولَ اللهْ وليسَ الحبُّ تعبيراً عن التقوى أو الإيمانْ وليسَ لأنني المسلمْ وليسَ لأنني الولهانْ وليسَ لأنني عبدٌ ومأمورٌ من الرحمنْ فحبُّكَ داخلي نوعٌ من الظمأِ، من الحرمانْ، أنا الماءُ على شفتي ودوماً في الهوى ظمآنْ .. أحبُّكَ يا رسولَ اللهْ أحبُّ محمدَ الإنسانْ أحبُّ محمدَ العدلَ طليقَ الوجهِ إذْ يعفو .. أحبُّ محمدَ الصادقْ .. إذا ما قالْ أحبُّ محمدَ البرَّ .. بكلِّ الناسِ يُعطيهم بغيرِ سؤالْ .. أحبُّ محمدَ الأخلاقْ أحبُّ محمدَ الإشفاقْ أحبُّ محمدَ الجارَ الذي يُكرِمْ أحبُّ محمدَ الأبَّ الذي يحنو أحبُّ محمدَ الميثاقْ أحبُّ محمدَ الزوجَ الذي يَعدِلْ كما الميزانْ .. إذا قَسَّمْ أحبُّ محمدَ الصدقَ إذا قالَ، وإن أقسَمْ أحبُّ محمدَ الواثقْ .. اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
  • أحبُّ محمدَ المكسورَ للخالقْ أحبُّ محمدَ الطاهرْ أحبُّ محمدَ الصابرْ أحبُّ محمدَ القائدْ أحبُّ محمدَ الزاهدْ أحبُّ محمدَ الرحمةْ أحبُّ محمدَ الطِيبَ الذي يَنضحْ أحبُّ محمدَ الإنسانَ .. إذْ يأسَى وإذْ يفرحْ .. أحبُّ محمداً في الغارِ ينتظرُ .. هنا جبريلْ وغيثَ بكارةِ التنزيلْ وأوَّلَ أحرُفٍ جاءَتْ من الترتيلْ وتقديساً له قد جاءَ في القرآنِ، والتوراةِ، والإنجيل .. أحبُّ محمداً طفلاً بصدرِ “خديجةٍ” يبكي من الخوفِ تُدثِّرُهُ خديجتُهُ بدمعِ الحبِّ والتدليلْ.
  • مولاي صلًِ وسلًم دائماً أبداً على حبيبك خير الخلق كلهم .. أمن تذكر جيرانٍ بذى سلم مزجت دمعاً جَرَى من مقلةٍ بدم .. مْ هبَّت الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمةٍ وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إضم .. فما لعينيك إن قلت اكْفُفاهمتا وما لقلبك إن قلت أستفق يهم .. أيحسب الصب أن الحب منكتم ما بين منسجم منه ومضطرم .. لولا الهوى لم ترق دمعاً على طللٍ ولا أرقت لذكر البانِ والعلمِ .. فكيف تنكر حباً بعد ما شهدت به عليك عدول الدمع والسقمِ .. وأثبت الوجد خطَّيْ عبرةٍ وضنى مثل البهار على خديك والعنم .. نعم سرى طيف من أهوى فأرّقني والحب يعترض اللذات بالألمِ .. يا لائمي في الهوى العذري معذرة مني إليك ولو أنصفت لم تلمِ .. عدتك حالي لا سري بمستتر عن الوشاة ولا دائي بمنحسم .. محضتني النصح لكن لست أسمعهُ إن المحب عن العذال في صممِ .. إني اتهمت نصيح الشيب في عذلي والشيب أبعد في نصح عن التهتمِ .. في التحذير من هوى النفس.
  • محمد سيد الكونين والثقلين والفريقين من عرب ومن عجمِ .. هو الحبيب الذي ترجى شفاعته لكل هولٍ من الأهوال مقتحم .. ثم الرضا عن أبي بكرٍ وعن عمر وعن عليٍ وعن عثمان ذي الكرم .. يا رب بالمصطفى بلغ مقاصدنا وإغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم.
  • أحبُّ محمدَ الأوابْ و”فاطمةٌ” ترُدُّ البابْ وتشكو لو “عليٌ” غابْ تُطمئنُها وألمحُ فوقَ ركبتِكَ هنا “الحسنَ” وذاكَ “حُسينْ” كلؤلؤتين وفي رِفقٍ حملتَهما، حضنتَهما ، وقبَّلتَ عيونَهما، وشعرَ الرأس، والكفينْ .. كأنَّ فراقَكم آتٍ وأنتَ تراهُ في الغيبِ كرؤيةِ عينْ وجبريلٌ يَمُدُّ يديهِ في شغفٍ ويَمسحُ فوقَ خديكَ دموعَ البينْ .. وأصحابُكْ، وأحبابُكْ قناديلٌ مُعلقةٌ بكلِّ سماءْ ودمعُ الناسِ حباتٌ من اللؤلؤْ موزعةٌ على الأرجاءْ وصوتُ الحقِّ في قلبِ المحبينَ كترتيلٍ، وهمسِ دعاءْ هنا يبكي “أبو بكرٍ” ويرتجفُ .. هنا “عثمانْ” “عليٌ” يدخلُ القاعةْ ويقرأُ سورةَ الرحمنْ وتُخضِعُ نفسَهُ الطاعةْ مع الإيمانْ وصوتُ “بلالْ” يَهُزُّ جِبالْ وصدرُ الناسِ يرتجفُ .. من الأهوالْ و”مكةُ” مثلُ قديسةْ تفوحُ بحكمةٍ وجلالْ وعبدٌ يَكسرُ الأغلالْ وبذرةُ أُمَّةٍ زُرِعَتْ فينبُتُ نورُها في الحالْ ووجهُكَ يا حبيبَ اللهِ كالبدرِ بكلِّ كمالْ.
  • الله كرر في تبجيله سوراً .. وألبس الشمس مِنه النور والقمراً .. وأخجل البحر مِن يمناه والمطراً .. فهاك عذري فكم مثلي قد اعتذراً .. إن الذي أعجز المداح والشعراً .. أعيا الورى فهم معناه فليس يرى .. في القرب والبعد فيه غير منفحم .. مولاي صلِ وسلم دائماً أبداً على حبيبك خير الخلق كلهم.

محبة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه

حبا الله تبارك وتعالى نبينا محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الخصائص والصفات العلية والأخلاق الرضية ما كان داعيا لكل مسلم أن يحبه ويُجلَّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ويعظمه بقلبه ولسانه وجوارحه . وقد كان لأهل السنة والجماعة قدم صدق في العناية بجمع خصائصه وشمائله، وإبراز فضائله ومحاسنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ..

فاختار الله ـ عز وجل ـ لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ اسم محمد المشتمل على الحمد والثناء، فهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ محمود عند إخوانه النبيين والمرسلين، ومحمود عند أهل الأرض كلهم ـ وإن كفر به بعضهم ـ، لأن صفاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ محمودة عند كل ذي عقل منصف ـ وإن كابر وجحد ـ، ومن ثم قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن نفسه: ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع ) ( مسلم ) .

 ومما يحمد ويُحَب به ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما فطره الله عليه من محاسن الشمائل ومكارم الأخلاق، فإن من نظر في سيرته وحياته، علم أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أفضل البشر، وأعظمهم خلقا، وأصدقهم حديثا، وأعظمهم أمانة، وأجودهم عطاء، وأشدهم صبرا واحتمالا، وعفوا ومغفرة، وأرحم الخلق بهم، وأكثرهم نفعا، وأصبرهم في مواطن الصبر، وأوفاهم بالعهد، وأشدهم تواضعا، وكان لا يزيده جهل الجاهل عليه إلا حلما ـ صلى الله عليه وسلم ـ ..

ومن سعادة العبد أن يرزقه الله محبة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فإن محبته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أصل من أصول الدين، وشرط من شروط الإيمان، فلا إيمان لمن لم يكن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين، قال الله تعالى: { قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } (التوبة:24)، وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ) ( البخاري )، وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ” إن قيام المدحة والثناء عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتعظيم والتوقير له قيام الدين كله وسقوط ذلك سقوط الدين كله”.

كما أن محبته ـ صلى الله عليه وسلم ـ سبب لحصول حلاوة الإيمان، فقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم – : ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار )( البخاري ) .

وقد نال الصـحابة ـ رضوان الله عليهم ـ شرف لقاء وصحبة الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ،  فكان لهم النصيب الأوفى من محبته وتعظيمه، وقد سئل علي ـ رضي الله عنه ـ كيف كان حبكم لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟ قال: ” كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا، ومن الماء البارد على الظمأ ” .

وكان شأن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في حب وتعظيم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أوضح وأظهر من أن يُسْتدل عليه، قال عروة بن مسعود الثقفي ـ رضي الله عنه ـ لقريش بعد أن رجع من مفاوضة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صلح الحديبية: ( .. والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي والله إنْ رأيت ملكا قَطْ يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما له .. ) ( البخاري ).

وكان أبو سفيان ـ رضي الله عنه ـ قبل إسلامه يقول: ” ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا ” .

ومحبة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتعظيمه يكون بالقلب واللسان والجوارح :

أما محبة وتعظيم القلب : فهو ما يتبع اعتقاد كونه عبدا رسولا، بل أفضل خلق الله ورسله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وذلك بتقديم محبته على النفس والولد والوالد والناس أجمعين، والتي من لوازمها استشعار جلالة قدره وعظيم شأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

وأما تعظيمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ باللسان : فهو الثناء عليه بما هو أهله، مما أثنى به عليه ربه، وأثنى على نفسه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، من غير غلو ولا تقصير، ومن أعظم ذلك الصلاة والسلام عليه، كما أمر الله تعالى بقوله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } (الأحزاب56).

ومن تعظيم اللسان ألا نذكره باسمه فقط بل لابد من زيادة ذكر النبوة والرسالة لقوله تعالى: { لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً } (النور: من الآية63).

ومن تعظيم اللسان تعداد فضائله وخصائصه ومعجزاته ودلائل نبوته ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وتعريف الناس بسنته، وتعليمهم إياها، وتذكيرهم بمكانته ومنزلته وحقوقه، وذكر صفاته وأخلاقه وخلاله، وما كان من أمر دعوته وسيرته وغزواته، وأن يكون ذلك في حدود ما أجازه الشرع، بعيدا عن البدعة ومظاهر الغلو والإطراء المحظور ..

فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه سمع عمر ـ رضي الله عنه ـ يقول على المنبر: سمعت النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ يقول: ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده، فقولوا عبد الله ورسوله ) ( البخاري ). والإطْراءُ : مجاوزة الحد في المدح ..

وأما تعظيم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالجوارح : فيكون بالعمل بشريعته، والتأسي بسنته ظاهرا وباطنا، والتمسك بها والحرص عليها، والدعوة إليها، وتحكيم ما جاء به ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الأمور كلها، والسعي في إظهار دينه، ونصر ما جاء به، وطاعته فيما أمر به، واجتناب ما نهى عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

قال القاضي عياض ـ رحمه الله ـ: ” اعلم أن من أحب شيئا آثره وآثر موافقته، وإلا لم يكن صادقا في حبه وكان مدعيا، فالصادق في حب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من تظهر علامة ذلك عليه، وأولها الاقتداء به واستعمال سنته، واتباع أقواله وأفعاله، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، والتأدب بآدابه في عسره ويسره ومنشطه ومكرهه، وشاهد هذا قوله تعالى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }(آل عمران:31) “.

ومن مظاهر محبته وتعظيمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ الدفاع عنه ونصرته، والتصدي للمنافقين الذين يبثون سمومهم وافتراءاتهم عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في وسائل الإعلام محاربة لله ورسوله، وإيذاء للمؤمنين .

وقد كان الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ يدافعون عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بدافع من الإيمان والمحبة، والقيام بالواجب الشرعي تجاهه، ففي غزوة أحد لما تكالب المشركون عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ انتدب من أصحابه من يكفيه المشركين، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( من يردهم عنا وله الجنة ـ أو هو رفيقي في الجنة ـ ) ( مسلم ) .

وقال لأبي قتادة حين كاد أن يسقط ـ صلى الله عليه وسلم ـ من راحلته وهو نائم ثلاث مرات، فكان أبو قتادة يدعَمُه حتى لا يسقط، فقال له النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( حفظك الله بما حفظت نبيه ) ( مسلم ) .

وقال لحسان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ حين كان يدافع عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( اهجهم وجبريل معك )( البخاري ). وكفى بهذا فضلاً لكل من يدافع عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .. والهجاء: ذكر المساوىء والمعايب .  

إن التطاول على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الغرب لم يكن أمرا عارضا، بل أصبح ظاهرة مستفزة لمشاعر المسلمين، وليس ذلك غريبا عليهم، لكن الغريب كل الغرابة أن ترى بعض المسلمين ـ رغم ادعائه محبة النبي وتعظيمه ـ لا يلتفت إلى ذلك التطاول، ولا يلقي له بالا، ولا يغار على دينه ونبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

ومن ثم فالتهاون  في الدفاع عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسنته وشريعته من الخذلان الذي يدل على ضعف الإيمان، فمن ادعى محبة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم تظهر عليه آثار الغيرة على حرمة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهو كاذب في دعواه، إذ الدفاع عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ والذب عنه وعن دينه وسنته، وآل بيته وصحابته، شرف ورفعة، كما أنه مظهر من مظاهر محبته وتعظيمه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ينبغي على المسلم القيام به ..

تعريف محبة النبي

يقصد بمحبة الرسول ميل قلب المؤمن إليه ميلاً يتحقّق فيه إيثار حبّه على كلّ ما سواه، بل إيثار حبّه على حب النفس، ممّا يدفع المسلم لجعل همه وفكره منشغلان بما يُرضي الله ورسوله من أقوالٍ وأفعالٍ، لذلك كانت محبة الرسول من أَجَلِّ وأرفع أعمال القلوب، وأصلٌ عظيمٌ يتوقف على وجوده كمال الإيمان.

السابق
حل مشكلة رسيفر بي اوت كيو
التالي
كيف اصور شاشة الكمبيوتر

اترك تعليقاً