أدبيات

كيف يكون الحوار مفيداً

تعريف الحوار وانواعه

هو تبادل الكلام شفهياً بين شخصين أو أكثر، ويعرّف أيضاً بـ”ا لمحادثة ” ، أمّا فنّ الحوار فهو مهارة ضرورية لتخطّي العديد من الأمور التي تواجهنا في الحياة ؛ حيث يمكن من خلالها توسيع الدائرة الاجتماعية ، وتسهيل البدء بالأعمال المختلفة ، والنهوض في الحياة العملية ، ومن خلاله يتم التواصل مع أصحاب العمل

انواع الحوار

يدخُل الحوار عدة مناحي مُختلفة وموضوعات مختلفة في الحياة من: دينية وأخلاقية واجتماعية وسياسية واقتصادية وفلسفية، كما يُوجد لها العديد من الأشكال والأساليب، فقد تكون شفهيةً أو كتابيةً، وقد تكون طويلة أو قصيرة وفقًا للموضوع الذي يتم التحاور فيه، وقد يكون الحوار داخلي يفترض فيه المُحاور أنّ الطرف الآخر هو ذاته أو خارجي يقوم فيه الطرف الآخر بالمشاركة في الحوار،

وعليه تُقسم أنواع الحوار إلى ما يأتي: الحوار مع الذات وهو أحد أنواع الحوار العلمي التي يقوم فيها المُحاور على مُراجعة أفكاره، وتصحيح مواقفه؛ اعتمادًا على جلسات النفس والأحاسيس الداخليّة، حيث يقوم فيها الإنسان على مراجعة نفسه، والوقوف معها، والتأمل فيها؛ مما يُؤدي لمُراقبة الإنسان لنفسه وأفكاره، ويُطلق عليها اسم حوار الأنا أو حوار الذات، وتكون من خلال القيام بما يأتي:

مناجاة الله -تعالى- وإخلاص التوجه له من خلال الدعاء والاستغفار. اللوم والمعاتبة للذات وتُعرف باسم النفس اللوامة؛ وهي التي تقوم على مُحاسبة نفسها وتتبين حقيقة هواها وتتجنب خداع ذاتها. الحوار الداخلي وهو الحوار الوطني الذي يعني التعايش الثقافي والحضاري اللذان يُسهلان الحوار. الحـوار مع الآخر ويُعرف باسم حوار الحضارات، أو حوار الشمال والجنوب أو الحوار العربي الأوربي أو الحوار الإسلامي المسيحي أو حوار الشرق والغرب، فهو الحوار بين الأديان والحضارات المختلفة التي تختلف بثقافاتها ونظرتها لوجود الكون، حيث يهدف الحوار مع الآخر إلى التعرف على طبيعة الآخرين والتفاهم معهم؛ من خلال تبادل المعارف والأنماط والتواصل بين الحضارات، ولكن دون تجاوز للخصوصيات الدينيّة والأخلاقيّة، ويتم الحوار مع الآخر من خلال المؤتمرات والندوات واللقاءات العلمية والثقافية لتحقيق التعاون والحوار بين الحضارات المُختلفة والأديان.

 

اداب الحوار

أن يكون موضوع الحوار معلوماً من قبل جميع الأطراف المشاركين فيه، وبالتالي يكون لدى الجميع القدرة على المحاورة والنقاش بشكلٍ فعال وجيد. لا بدّ من أن يمتلك الأطراف المشاركين في الحوار لصفة الاعتراف بالخطأ في حال مخالفته لكل ما هو صائب. الالتزام بالألفاظ الحسنة والمناسبة والابتعاد عن الألفاظ السيئة والبذيئة، مما يؤدي إلى التأدب في الحديث بين الطرفين المشاركين في الحوار وبالتالي تحقيق الهدف المنشود منه. لا بدّ أن يكون الهدف الرئيس والدافع الأساسي من الحوار هو الوصول إلى الحقيقة والصواب والابتعاد عن التشتت وإخفاء الحق. يجب الاعتدال في الحديث حتى انتهاء الحوار، وبالتالي البعد قدر الإمكان عن الغضب ورفع الصوت وكل ما يؤدي إلى ذلك. عدم التزمت أو التشدد لفرض رأي معين، بل يجب أن يتميز بالمرونة والسلاسة. يجب على الأطراف المشاركين في الحوار الإصغاء الجيد لبعضهم البعض أثناء عملية الحوار، ويجب عليهم التأني وعدم التسرع وكبت جماح النفس أثناء الجدال والحوار وهذا يعني أن يكون كل طرف من الأطراف حليماً يمتلك صفات جيدة؛ وهي: الأدب والفهم الإصغاء، وبالتالي الاستفادة من كل ما يطرحه الأطراف الآخرين

مهارات الحوار الناجح

يعدُّ تفعيل دور الحوار الناجح من الأمور الضروريّة التي لا يمكن الاستغناء عنها من وجهة نظر المُفكّرين في العديد من المجالات، مثل الإدارة، وعلم الاجتماع، والاقتصاد، والسياسة. ويَعتمد تطبيق الحوار النّاجح على وجود مجموعة من المَهارات الأساسيّة الآتية:

لإنصات: هو من المَهارات المُهمّة في أيّ جلسة حوار بين أكثر من مُتحاور، ويُؤثّر الإنصات على المُستمع للحوار في خمس حالات هي: التجاهل: هو عدم الاهتمام في كلام المَحاور، مثل الانشغال بشيء ما، كالهاتف، أو قراءة مجلّة، أو مشهد خارج قاعة الحوار. التظاهر: هو ليس إنصاتاً صادقاً أو تجاهلاً واضحاً، بل هو ظهور تعابير على الشخص تدلّ على أنّه مُنصت، ولكنّه يُفكّر بأشياء أخرى خارج موضوع الحوار. الانتقاء: هو اختيار جزء مُحدّد من الحوار والتركيز عليه؛ إذ يختار المُستمِع ما يُهمّه في الحوار ويُهمل العناصر أو المَحاور الأخرى؛ لأنّه يبحث عن شيء يخصّه في كلام المحاور. الانتباه: هو الإنصات الكامل لكافّة كلام المحاور، والفهم التام لمَضمونه، وليس بالضّرورة أنّ يكون المُستمع مُوافقاً عليه. التفاعل: هو عدم اكتفاء المُستمع بالانتباه فقط، بل يتفاعل مع المحاور ويحاول مُناقشته والتعرّف على رأيه؛ وخصوصاً في حال وجود اختلاف في الآراء بين المُستمع والمحاور. المهارات اللفظيّة: هي من المهارات الأساسيّة للحوار التي تُساهم في جعله مُؤثّراً على المُستمعين، ومن أهمّ هذه المهارات ما يأتي: التأني في الحوار، ممّا يؤدي إلى وجود ثقة في الغالب بين أطرافه. التركيز على أهمّ الكلمات أثناء الحوار. الحرص على استخدام طُرق مُتنوّعة في تكرار الأفكار. التنويع في نبرة الصّوت أثناء التكلّم، ممّا يُؤدّي إلى تقليل الشّعور في الملل. تغيير طبيعة سرعة الحوار على نحو مُتدرّج، والتوقّف قبل وبعد الحديث عن الأفكار ذات الأهميّة. تجنّب رفع الصوت (الصراخ)؛ إذ إنّ خفض الصّوت أثناء الحوار مع الأفراد الآخرين يُعتَبر مُؤثِّراً؛ لأنّ المُستمِعين ينجذبون إلى المحاور الذي يتحدّث بصوت مُنخفض، ويكون كلامه أكثر قبولاً عندهم. المهارات غير اللفظيّة: هي عبارة عن مجموعة من المهارات التي تُقسَم إلى ثلاثة مُؤثّرات، هي: تعابير الوجه: هي مجموعة من الإيماءات التي تعتمد على حركات عضلات الوجه، ومن المُهمّ استخدامها وتوظيفها في الحوار. التواصل البصريّ: هو الاتّصال المُعتَمد على التّواصل بالعيون وتوزيع النظر بين الأفراد بالتّساوي. حركة اليدين: هي من المهارات التي تُشكّل انطباعاً إيجابيّاً حول شخصيّة المحاور. الأخلاق: هي عبارة عن صفة تُركِّز على الاهتمام في آداب الحوار، وتُعدُّ ذات تأثير أساسيّ على سير النقاش وتضمن استمراريّته بطريقة صحيحة؛ لذلك يجب تجنّب مجموعة من الأشياء التي لا تتوافق مع أساسيّات الأخلاق في الحوار، وهي: عدم إصدار الأوامر أو استخدام الكلمات التي تحتوي على تعابير إلزاميّة. عدم الأكل والشرب أثناء عقد الحوار إلّا في حال كان ضمن مائدة الطّعام. تجنّب الانشغال عن الحوار بأيّ مُؤثّرات خارجيّة، مثل تلقّي مُكالمات هاتفيّة.

طرق الحوار الناجح

  • أن يكون الحوار موضوعيًا: بمعنى أن يهتم بموضوع النقاش لا بالشخص نفسه ويجب أن يكون الحوار حول شيء محدد، فبعض النقاشات تتحول إلى جدال عميق، لأنّها لا تدور حول نقطة محددة تنتهي عندها.
  • أن يكون الحوار محددًا: من أكثر الأخطاء التي يتعرض لها الناس في فن الحوار الناجح أن هم يفتتحون الحوار حول موضوع ما، ولا يكونوا قد اتفقوا على مفاهيم حول هذا الموضوع، وقد يكونوا متفقين فيها ولكن لم يبحثوا موضوع الاتفاق أو توضيح تلك النقاط المشتركة، وهو ما يجعل الأطراف غير متّفقة أبدًا، في حين أن الحوار يتطلب الاتفاق على نقطة محددة.
  • أن يكون الحوار واقعيًا: بمعنى البحث بالوقائع قبل الذهاب إلى تفسيرها، فيجب العمل على نقاش الوقائع قبل البحث في التخيلات والتأويلات التّي من الممكن أن لا تحدث ومن الممكن أن يرفضها الطرف المقابل.
  • أن يكون الشخص المحاور متفائلًا: فلا يمكن أن نسيء الظن بالطرف الآخر منذ البداية، ويجب أن يُبنى الحوار على افتراض أن الحوار إيجابي، إذ لا يمكن أن ينجح الحوار مع الظن السيء بالطرف الآخر لأن ّه سيؤدي حتمًا إلى فهم كل الرسائل التّي تصل من الطرف المقابل بطريقة سلبية حتى لو كانت ايجابية.
  • تهيئة الجو المناسب لإقامة الحوار: إذ يجب الابتعاد عن الأجواء التي تكون جماعية غير المنظمة، إذ لا يمكن الوصول الى نتائج في مثل هذه الظروف وتضيع حقوق الأشخاص، ويجب مراعاة العامل النفسي والاجتماعي للشخص المحاور، فلا يجوز إقامة حوار مع فرد يعاني من الإرهاق والتعب الجسدي أو النفسي؛ لأن مثل هذه الظروف ستؤثر حتمًا على الحوار.
  • الإخلاص وصدق النية في الحوار: ومعنى ذلك أن يتوفر الإخلاص لله وحسن نية المحاور وأن يبتعد المحاور عن الرياء وحب الظهور على الخصم ومحاولة التفوق على الآخرين، ومحاولة المحاور انتزاع الثناء والإعجاب له وحده ومن دلائل الإخلاص لله والتجرد في العمل أن يعبر المحاور عن سعادته في ظهور الحق والصواب حتى لو ظهر الصواب عن طريق الشخص الذي يقيم الحوار معه، وأن يكون عند المحاور قناعة أن الأفكار والآراء ومسالك الحق ليست ملكًا أو حق لشخص دون غيره.
  • يجب أن يكون هناك انصاف وعدل في الحوار: فمن المبادئ والخطوات الأساسية التي تسهم في نجاح الحوار أن يكون من يقوم بإدارة الحوار عادلًا ويكون قادرًا على إنصاف الخصم، وأن يكون لديه القدرة على الفصل بين الفكرة والقائل، كما أنّه يستطيع أن يثني على الأفكار التي تكون جيدة والأدلة الصحيحة المقدمة من المحاور
  • لالتزام بآداب الحوار: ويعني ذلك أن تكون على قدر من التواضع مع الطرف الآخر، وعدم الإساءة إلى الطرف الآخر في عملية الإقناع، وقبول الحق والإقرار بالصواب والتراجع عن الخطأ.
  • الحلم والصبر: يجب على المحاور أن يتحلى بالصبر والهدوء وألّا يضطر الى الغضب، ولا ينفر لأي أمر وألّا يسمح لأيّ شخص أن يستفزه

حوار بين شخصين

الأب المُسّن وابنه جلس الأب العجوز بجوار النافذة فسمع صوت بلبل جميل، وكان ابنه يجلس إلى جانبه محدقاً في شاشة جهاز الحاسوب المحمول خاصته، فدار بينهما الحوار التالي: سأل الأب : ما هذا الصوت يا بني؟ فأجاب الابن دون أن يرفع رأسه: إنّه صوت بلبل يا أبي. بعد فترة قصيرة سأل الأب ثانية: ما هذا الصوت يا بُني؟ فأجاب الابن: إنه صوت البلبل. صمت الأب قليلاً ثمّ كرر السؤال قائلا: ما هذا الصوت في الخارج؟ فرد الابن عليه ممتعضاً: إنّه صوت بلبل، ألم أقل لك هذا من قبل؟! فقال الأب حزيناً: أحضر لي مفكرتي من الغرفة لو سمحت. ذهب الابن وأحضر المفكرة، ففتحها الأب على صفحة وطلب من ابنه قراءتها. فقال الابن: في هذا اليوم أتمّ ابني الثلاثة أعوام، وقد أخذته إلى الحديقة، فرأى بلبلاً وسألني ما هذا الطائر يا أبي؟ فأجبته بأنّه بلبل، وظلّ يكرر السؤال نفسه وأجيبه دون ملل ما يقارب العشرين مرّة، وظللنا نضحك ونمرح ونلعب سوياً حتى أنهكه التعب وعدنا إلى المنزل.

حوار قصير

ذكر وأنثى دار حوار بين ذكر وأنثى يوماً، وكان كالآتي: Volume 0%   قال لها: ألا تلاحظين أنّ الكـون ذكـر؟ فقالت له: بلى، ولاحظت أنّ الطبيعة أنثى. قال لها: هل تعلميـن أنّ العلـم ذكـر؟ فقالت له: إنني أعرف أنّ المعرفة أنثـى! فأخذ نفسـا ًعميقـاً وقال: ولكنّهم يقولون إنّ الخديعـة أنثـى. فقالت: بل هنّ يقلـن إنّ الكـذب ذكـر. قال لها: لكن هناك من أكّد لـي أنّ الحماقـة أنثـى. فقالت له: وهناك من أثبت لي أنّ الغباء ذكـر. تنحنح ثم أخذ كأس الماء وقال : يبدو أنّكِ محقة، فالطبيعة أنثـى. فقالت له: وأنت قد أصبت، فالجمال ذكـر. قال لها: وأنا أعترف بأنّ التضحية أنثـى. فقالت له: وأنا أُقر بأنّ الصفـح ذكـر. ولا زال الجـدل قائمـاً، ولا زالت الفتنة نائمـة وسيبقى الحوار مستمرا ً طــالــمــا أنّ الـسـؤال ذكـــر، والإجـابـة أنـثــى.

السابق
سمك السمندل
التالي
الخلافات الزوجية

اترك تعليقاً