القرآن الكريم

لماذا سميت آية الكرسي بهذا الاسم

لماذا سميت آية الكرسي بهذا الاسم

هي آية من آيات سورة البقرة، حيثُ تعتبر قاعدة أساسيّة في الدين لما فيها من توحيدٍ خالص، ويبلغ عدد كلماتها خمسين كلمة، في كل كلمة بركة وأثر؛ وقراءتها تعدل ثُلث القرآن. كما وجمعت سبعة عشر اسماً من أسماء الله الحسنى، وعندما نزلت هذه الآية خرَّ كل صنم، وهربت الشياطين، وقد سُميت بآية الكرسي لأن الكرسي هو أساس الحكم، وهي دالة على الألوهية المطلقة، فهي تبدأ باسم الله، وتنتهي باسمه العلي العظيم.

فضل آية الكرسي

  • لهذه الآية شأن عظيم، فكما ورد في الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام بأنّها أفضل آية في كتاب الله، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سألَه أيُّ آيةٍ في كتابِ اللهِ تبارك وتعالَى أعظمُ قال اللهُ ورسولُه أعلمُ فردَّدها مرارًا ثم قال أبي: آيةُ الكرسيِّ، فقال: (ليهنَك العِلمُ أبا المنذرُ والذي نفسي بيدِه إنَّ لها لساناً وشفتيْنِ تُقدِّسُ المَلِكَ عند ساقِ العرشِ).
  • من قرأها بعد الانتهاء من الصلاة فإن الله تعالى يتولى قبض روحه، فقد قال أبي أُمامة في فضل قراءتها بعد الصلاة المفروضة أن الرسول عليه الصلاة وسلام قال: (مَنْ قرأَ آيةً الكُرسِيِّ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ ، لمْ يمنعْهُ من دُخُولِ الجنةَ إلَّا أنْ يمُوتَ).
  • أنها تحمي البيوت التي تُقرأ فيها من الشياطين والجن؛ فمن جملة الحديث الذي قاله الرسول عليه الصلاة والسلام لأبي هريرة: (إذا أويتَ إلى فراشِك فاقرأْ آيةَ الكرسيِّ، لن يزال معك من الله حافظٌ، ولا يقربك شيطانٌ حتى تصبحَ).

تفسير آية الكرسي

تعتبر آية الكرسي أعظم آيةٍ في القرآن الكريم، وقد نزلت آية الكرسي في المدينة المنورة ليلاً، فأمر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- زيداً بكتابتها، وذكر محمد بن الحنفية أنّه لما نزلت آية الكرسي: سقطت الأصنام، وخرّ الملوك وسقطت التيجان عن رؤوسهم، وهربت الشياطين يضرب بعضها بعضاً حتى أخبروا إبليس بالأمر، فأمرهم بالتحقّق، فجاءوا إلى المدينة المنورة، فوجدوها قد نزلت، ومن الجدير بالذكر أنّ آية الكرسي تضمّنت توحيد الله تعالى وصفاته العلا، وذكر ابن عباسٍ؛ أنّ أشرف آيةٍ في القرآن الكريم، هي آية الكرسي، وفيما يأتي تفسيرها:

  • قوله تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ)؛ فقد سمّى الله تعالى نفسه بالحيّ؛ أي الباقي الذي لا يموت، وقيل حيٌّ؛ لأنّه يُصرّف الأمور مصاريفها، ويُقدّر الأشياء مقاديرها، والقيّوم هو الذي لا يحول ولا يزول كما قال ابن عباسٍ رضي الله عنه، وعرّف الحسن القيّوم: بأنّه القائم على كلّ نفس بما كسبت؛ ليجازيها بعملها، فهو عالمٌ بها لا يخفى عليه شيءٌ منها، وقيل الحيّ: هو اسم الله الأعظم، وقيل: بل القيّوم هو اسم الله الأعظم، وكان دعاء عيسى -عليه السّلام- عند إحياء الموتى بإذن الله: (يا حيّ يا قيّوم)، ولمّا أراد سليمان -عليه السّلام- عرش بلقيس، دعا قائلاً: (يا حيّ يا قيّوم)، وكان دعاء أهل البحر إذ خافوا الغرق: (يا حيّ يا قيّوم).
  • قوله تعالى: (لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ)؛ فقد نفى الله تعالى عن نفسه السِّنة؛ وهي النعاس في العين، والنوم؛ هو الذي يزول معه الذهن في حقّ البشر، ومعنى ذلك؛ أنّ الله تعالى لا يدركه خللٌ، ولا يلحقه مللٌ بحالٍ من الأحوال.
  • قوله تعالى: (لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ)؛ ويكون ذلك بالملك، فهو ربُ كلّ شيءٍ ومليكه.
  • قوله تعالى: (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ)؛ أذن الله تعالى للأنبياء والملائكة والمجاهدين والعلماء بالشفاعة لمن ارتضى لهم الشفاعة، فيشفعون لمّن أدخلوا النار.
  • قوله تعالى: (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ )؛ فبين أيديهم؛ أي الدنيا، وما خلفهم أي؛ الآخرة، كما قال مجاهدٌ؛ فمنعى الآية أنّ الله تعالى يعلم ما في الدنيا والآخرة.
  • قوله تعالى: (وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ)؛ أي لا يعلم أحدٌ شيئاً إلا ما يريد الله له أن يعلمه، كما قال الخضر لموسى -عليه السّلام- عندما نقر عصفورٌ في البحر: (ما علمي ولا علمك من علم الله إلا كما نقص هذا العصفور من البحر).
  • قوله تعالى: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ)؛ فقد اختلف المفسرون في معنى الكرسي، فمنهم من قال: كرسيّه علمه، ومنه الكرّاسة التي تضمّ العلم، وابن عباس والطبري من أصحاب هذا القول، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: بين كلّ سماءين مسيرة خمسمائة عامٍ، وبين السماء السابعة والكرسي خمسمائة عامٍ، وبين الكرسي والعرش خمسمائة عامٍ، وقال آخرون: كرسيه؛ أي قدرته التي يمسك بها السماوات والأرض، وقال مجاهد: ما السموات والأرض في الكرسي إلا كحلقةٍ ملقاةٍ في أرضٍ فلاةٍ، ويدلّ ذلك على عظم الله تعالى وعظم مخلوقاته.
  • قوله تعالى: (وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)؛ فلا يئوده؛ أي لا يُثقله، ويقال آدني بمعنى أثقلني وتحمّلت منه المشقة، والعلي هو القاهر الغالب للأشياء، وكانت العرب تقول: علا فلانٌ فلاناً؛ أي غلبه وقهره، وقيل: العليّ من علو المنزلة والقدر لا علو المكان؛ فالله تعالى منزّه عن التحيّز، والعظيم؛ أي عظيم القدر، والخطر، والشرف.

فضل آية الكرسي ( مهم جداً )

فوائد آية الكرسي

هنالك العديد من الفوائد لآية الكرسي ومنها الآتي:

  • (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ): أكد قوله تعالى في أول جملة منها، إلى معبود حق وبحق إلا الله، وفيها ذكر لتوحيد الألوهية، ولا يجوز عبادة إله غيره، فإن عُبد فهو باطل. (الْحَيُّ الْقَيُّومُ): فيها استحقاق الله وحده للعبادة لأنّه حيٌّ قيوم، فهو صاحب الحياة الكاملة المطلقة، لا يسبقها عدم ولا يلحقها عدم، والقيوم فيها قيام لله بذاته مستغنٍ عن جميع الخلق .
  • (لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ): تعني عدم غلبة النعاس عليه، والنعاس مقدمة النوم، وهذا الوصف يتضمن كمال الله واستغنائه وقيوميته، وفي هذا الكلام رد على من يعبد إله غير الله، فالله الذي لا يغلبه النعاس ولا النوم هو المستحق للعبادة.
  • (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ): فملك الله ملكٌ تام السلطان، فلا يستطيع أحد أن يتصرف في ملك الله إلا بإذن الله، وهذا من تمام ربوبيته، والاستفهام في الآية استنكاري.
  • (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ): فيأذن الله للشفعاء أن يشفعوا، فلا يستطيع أن يشفع إلا بإذنه، وهو رد على المشركين الذين اتخذوا شفعاء من دون فانصرفوا إلى عبادتهم.
  • (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ): أي أنّ الله عالمٌ بالكل، وهو دليل على إحاطة علمه بجميع المخلوقات، في الماضي والحاضر والمستقبل، وبعلمه بالكليات والدقائق والجزئيات، ويعلم أحوال خلقه جميعها، وبعد ذلك فلا أحد يحيط بعلم الله إلا هو ولكن يشاء هو أن يعلم.
  • (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ): هذا دليل على كمال وعظمة الله، والكرسي هو موضع قدمي الله.
  • (وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا): بعد ذكر ملكه وعظمته يذكر الله قدرته على حفظ هذا الملك، وهذا سهل يسير عليه سبحانه، وذلك فيه كمال قوته وقدرته.
  • (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ): أي أنّ لله صاحب العلو المطلق بعلو الذات والصفات.

صفات آية الكرسي

صفات الله تعالى في آية الكرسي

  • “الله”: الذي له جميع معاني الألوهية وأنه لا يستحق الألوهية غيره فألوهية غيره وعبادة غيره باطلة
    فلا معبود بحق سواه.
  • “الْحَيُّ”: الذي له جميع معاني الحياة الكاملة من السمع والبصر والقدرة والإرادة والعلم المحيط بكل شيء
    الكامل من كل وجه، فالحي يتضمن جميع الصفات الذاتية.
  • “الْقَيُّومُ”: الذي قام بنفسه واستغنى عن جميع مخلوقاته وقام بها فأوجدها وأبقاها وأمدها بكل ما تحتاج إليه
    في بقائها فالقيوم يتضمن جميع صفات الأفعال.
  • “لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ” أي نعاس “وَلاَ نَوْمٌ”: لأنهما إنما يعرضان للمخلوق الذي يعتريه الضعف والعجز والانحلال
    وينزه عنهما ذو العظمة والكبرياء والكمال.
  • “لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْ‌ضِ”: أنه مالك لجميع ما في السماوات وما في الأرض فكلهم عبيده ومماليكه
    لا يخرج أحد منهم عن هذا الوصف اللازم، فهو سبحانه المالك لجميع الممالك وهو الذي اتصف بصفات الملك الكامل والتصرف التام النافذ والسلطان والكبرياء.
  • “يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ”: ثم أخبر عن علمه الواسع المحيط
    وأنه يعلم ما بين أيدي الخلائق من الأمور المستقبلة التي لا نهاية لها وما خلفهم من الأمور الماضية
    التي لا حد لها وأنه لا تخفى عليه خافية، وأن الخلق لا يحيط أحد منهم بشيء من علم الله ولا معلوماته
    إلا بما شاء منهما وهو ما أطلعهم عليه من الأمور الشرعية والقدرية وهو جزء يسير جداً بالنسبة إلى علم الله
    ومعلوماته كما قال أعلم الخلق به وهم الرسل والملائكة.
  • “وَسِعَ كُرْ‌سِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا”: بيان عن عظمته وجلاله وأن كرسيه وسع السموات والأرض
    وأنه قد حفظهما بما فيهما من العوالم بالأسباب والنظامات التي جعلها الله في مخلوقاته ومع ذلك فلا يؤده حفظهما
    أي لا يثقله لكمال عظمته وقوة اقتداره وسعة حكمته في أحكامه.
  •  “وَهُوَ الْعَلِيُّ”: بذاته على جميع مخلوقاته وهو العلي بعظمة صفاته، وهو العلي بقهره الذي قهر المخلوقات
    ودانت له الموجودات وخضعت له الصعاب وذلت له الرقاب.
  • “الْعَظِيمُ” الجامع لصفات العظمة والكبرياء والمجد والبهاء الذي تحبه القلوب وتعظمه الأرواح وهو الكبير المتعال

 

السابق
مدينة عراقية ورد ذكرها في القرآن
التالي
قصة طالوت وجالوت

اترك تعليقاً