ديني

ما أهمية الهجرة في التاريخ الاسلامي

مفهوم الهجرة

الهجرة لُغةً لفظٌ مشتقٌ من الكلمة الثُلاثيّة (هَجَرَ)، ومعناها الرّحيلُ عن المكان، أو التَخليّ عن شيءٍ ما، وأيضاً تُعرفُ الهجرة بأنّها انتقالُ الأفراد من مكانٍ إلى الآخر بغرضِ الاستقرار في المكان الجديد. أمّا اصطلاحاً تُعرفُ الهجرة بأنّها الانتقالُ مِنَ البلد الأمّ للاستقرار في بلدٍ آخر، وهي حركة أفراد التي يتمّ فيها الانتقالُ بشكلٍ فرديّ أو جماعيّ من موطنهم الأصليّ إلى وطن جديد، وعادةً ما توجدُ ظروفٌ عديدةٌ تُؤدّي إلى الهجرة، مثل انتشار الحروب الأهليّة أو الخارجيّة في الدّول، أو سوء الأوضاع الاقتصاديّة والتي تُعتبرُ من المُحفّزات للهجرةِ. وتحرصُ دول المَهجر على تطبيقِ مجموعةٍ من الآليات القانونيّة والتشريعيّة، والتي تَضمن حماية واحترام كامل حقوق المُهاجرين. ووفقاً للتّعداد العامّ للهجرة عام 2013م وصلَ عدد المُهاجرين من دولهم الأصليّة إلى 247 مليون نسمة.

فوائد الهجرة النبوية

أسباب الهجرة

أسباب الهجرة

  • البحث عن العمل: عندما لا يجد المواطن عملاً مُناسباً له في بلده الأصليّ فإنّه يبحث عنه في أماكن أخرى، سواءً داخل الدولة نفسها أو خارجها.
  • تحسين الوضع الاقتصادي الفردي: يبحث الفرد دائماً عن فرص العمل التي توفّر له مردوداً مالياً أفضل، لذلك ينتقل الكثير من الشباب إلى الدول الغنية بحثاً عن رواتب أعلى ومُغريات أفضل.
  • الوضع السياسي: يُهاجر الإنسان من موطنه نتيجة الحروب والأوضاع السياسية المُضطربة التي تُهدّد حياته، ويبحث عن الدول التي تتمتّع بالاستقرار الأمنيّ.
  • الدراسة: ينتقل بعض الشباب إلى دولة خارجيةٍ للدراسة، وبعد التخرّج ربما يستقرون فيها.

أهمية الهجرة

الحفاظ على عدد السكان العاملين

تقوم الهجرة على تعزيز عدد السكان العالمين؛ حيث يُعزز الأشخاص المهاجرين بالمهارات اللازمة، كما تساعد الهجرة على المساهمة في تنمية رأس المال البشري في البلدان المستقبلة؛ حيثُ يساهم المهاجرون المهرة في تعزيز البحث، والابتكار، والتقدم التكنولوجي، ويعتبر المهاجرون مصدراً لتعويض النقص قي القوى العاملة؛ خصوصاً في البلدان التي تخضع لمشلكة زيادة الشيخوخة السكانية السريعة، حيث إنّ معظم المهاجرين هم ذوي الفئات العمرية الأصغر سناً، والأنشط اقتصادياً مقارنة مع السكان الأصليين، لذلك على مدار العشر السنوات الأخيرة شكل المهاجرين نسبة 47% من القوى العاملة في الولايات المتحدة الأمريكية.

المساهمة في دفع الضرائب

يساهمُ المهاجرون بشكل كبير في دفع الضرائب بشكل أكبر من الفوائد والخدمات التي يتلقونها؛ ووفقاً للبنك الدولي فإنّ زيادة الهجرة من القوى العاملة في البلدان المتقدمة من شأنه أن يحقق مكاسب اقتصادية عالمية تبلغ 356 مليار دولار، ويتوقع بعض الاقتصاديين بأنّه إذا تم إبقاء الحدود مفتوحة أمام العاملين وسُمح لهم الانتقال بحُريّة، فستحقق مكاسب تصل إلى 39 تريليون دولاراً للاقتصاد العالمي على مدار 25 عاماً.

الحماية من الكوارث البيئية وآثار الحروب

تساعد الهجرة على التخلص من الحروب والحصول على حياة أفضل للناس، وتعتبر باباً للهروب من أماكن تشكل الكوراث الطبيعية؛ مثل الجفاف، والأعاصير، والزلازل، وانتشار الأمراض.

العيش في بيئة اجتماعية أكثر تطوراً

تُحقق الهجرة نوعيّة حياة أفضل للإنسان؛ فمن حيث التعليم، كانت برامج الدراسات العليا في الولايات المتحدة نقطة جذب قوية بشكل خاص للأفراد الشباب، والموهوبين في جميع أنحاء العالم، ومن حيث الخدمات توفر الهجرة فرص خدمة أفضل؛ مثل تقنيات الجراحة التي قد تساهم انقاض كثير من حياة البشر، والعلاج الطبي التي يتعذر الوصول إليها في المناطق النامية.

الدروس المستفادة من الهجرة النبوية.

كانت رحلة الهجرة النبوية حدثاً مليئاً بالفوائد والعبر، ويمكن استخلاص بعض الدروس فيما يأتي:

  • العقيدة أغلى من الوطن: فقد خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- مهاجرين في سبيل الله، تاركين أرضهم ووطنهم، على الرغم من محبتهم لها ورغبتهم في العيش فيها، مصداقاً لما رُوي عن عبد الله بن عدي ابن الحمراء أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفاً على الحزورةِ فقال: واللَّهِ إنَّكِ لخيرُ أرضِ اللَّهِ، وأحبُّ أرضِ اللَّهِ إلى اللَّهِ، ولولا أنِّي أُخرِجتُ منكِ ما خرجتُ).
  • فشل مخططات الظالمين: بعد أن حاول كفار مكة إسكات صوت الحق بكافة الطرق والوسائل وفشلوا في ذلك، قرّروا استخدام آخر ما في جعبتهم للتصدي لدعوة الإسلام، حيث اجتمعوا على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما أحاط فرسانهم ببيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليضربوه عند خروجه ضربة رجل واحد، كان التدخل الإلهي لإفشال مخطّطاتهم، حيث أمر الله -تعالى- النبي -عليه الصلاة والسلام- بالخروج من منزله، فخرج -عليه الصلاة والسلام- وهو يقرأ مطلع سورة يس إلى أن وصل إلى قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ)، فأخذ الله -تعالى- أبصارهم عنه، حتى أنه وضع التراب على رؤوسهم ولم يروه.
  • حِرص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الصحبة: أولى النبي -عليه الصلاة والسلام- مسألة الصحبة الكثير من الأهمية في كل مراحل حياته، وكانت جزءاً لا يتجزّأ في كل خطواته، فحرص على اختيار الصحبة في بداية الدعوة في مكة، وكان يلتقي بالوفود وبرفقته أصحابه رضي الله عنهم، ولمّا عزم على الهجرة سأل جبريل -عليه السلام- عن الصحبة، وكان هدفه -عليه الصلاة والسلام- من ذلك توضيح أهمية اختيار الصحبة الصالحة للأمة الإسلامية من بعده، وتأصيل قاعدة إسلامية مفادها أن الجماعة قوة، مصداقاً لما رُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (علَيكُم بالجماعةِ وإيَّاكم والفُرقةَ فإنَّ الشَّيطانَ معَ الواحدِ وَهوَ منَ الاثنَينِ أبعدُ).
  • حب أبو بكر الصديق للنبي عليه الصلاة والسلام: ضرب أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- أروع الأمثلة في حب النبي عليه الصلاة والسلام، وتجلّت أسمى صور المحبة عندما بكى من شدة فرحته لما علم أنه سيرافق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رحلة الهجرة، وفي الطريق كان يمشي تارة خلف النبي عليه الصلاة والسلام، وتارة أخرى أمامه ليحميه من أي خطر قد يتعرض له، ولما وصلوا إلى الغار سبقه إلى الداخل وقام بتنظيفه، وغيرها الكثير من المواقف التي لا يتّسع المقام لذكرها، ولا عجب من محبة الصديق -رضي الله عنه- لا سيّما أنه يعلم وجوب تقديم محبة رسول الله على النفس والمال والولد، مصداقاً لما رُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ).
  • الأخذ بالأسباب: على الرغم من عظم مكانة النبي -عليه الصلاة والسلام- عند ربه عز وجل، وتأكّده من نصرة الله -تعالى- له، وتأييده والدفاع عنه، إلا أنه أخذ بجميع الأسباب المتاحة عندما هاجر، فقد بحث عن مكان يختفي فيه عن الأنظار إلى حين انتهاء حملة قريش للبحث عنه، فقرّر اللجوء إلى غار ثور، وسار في عكس اتّجاه المدينة المنورة، وكلّف رجلاً بالسير بغنمه خلفه ليُخفي آثار الأقدام، وطلب من رجل آخر أن ينقل له أخبار قريش، واستأجر من يدلّه على الطريق، وكلّف من يأتيه بالطعام والشراب كل يوم، ثم توكّل على الله تعالى.

نتائج الهجرة

من نتائج الهجرة

  • قد تتعرّض الدولة الأم إلى فقدان الأيدي العاملة وبالتالي تراجع الوضع الاقتصادي للدولة.
  • تناقص عدد سكان الدولة الأم، وفي المُقابل يزداد عدد سكان الدولة المُضيفة.
  • التفكك الأسري نتيجة انتقال أحد أفراد العائلة إلى مكانٍ آخر والاستيطان به.
  • فقدان أصحاب العقول المميزة من خلال هجرتهم إلى دولٍ أخرى.

الهجرة النبوية باختصار

الهجرة النبوية هي حدث تاريخي وذكرى ذات مكانة عند المسلمين، ويقصد بها هجرة النبي محمد وأصحابه من مكة إلى يثرب والتي سُميت بعد ذلك بالمدينة المنورة؛ بسبب ما كانوا يلاقونه من أذى و عذاب من زعماء قريش، خاصة بعد وفاة أبي طالب، وكانت في عام 14 للبعثة، الموافق لـ 622م، وتم اتخاذ الهجرة النبوية بداية للتقويم الهجري، بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب بعد استشارته بقية الصحابة في زمن خلافته، واستمرت هجرة من يدخل في الإسلام إلى المدينة المنورة، حيث كانت الهجرة إلى المدينة واجبة على المسلمين، ونزلت الكثير من الآيات تحث المسلمين على الهجرة، حتى فتح مكة عام 8 هـ.

السابق
كيف اكون انيقا
التالي
كيف ابتعد عن حبيبي

اترك تعليقاً