ديني

ما هو اللغو

ما هو اللغو في الأيمان

في الإسلام، اللغو يطلق على الكلام الذي لا فائدة فيه ولم يبلغ درجة المعصية، ويطلق على الباطل كله، فيدخل فيه الشرك والمعاصي جميعا. وقد نهى الشارع وأمر بتركه. Ra bracket.png قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ Aya-1.png الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ Aya-2.png وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ Aya-3.png La bracket.png. وفي الحديث عن رسول الله: «ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان لهم حسرة».

اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ

ما معنى قول الحق تبارك وتعالى: والذين هم عن اللغو معرضون؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فقد قال الله جل وعلا في كتابه العظيم يوصي عباده المؤمنين: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُون (1-3) سورة المؤمنون، فسر العلماء اللغو، بأمور ثلاثة: أحدها: الشرك؛ لأنه باطل، وذلك يجب إطراحه والحذر منه. الثاني: المعاصي؛ لأنها باطلة أيضاً يجب الحذر منها. الثالث: كل شيء لا فائدة فيه، ولا مصلحة فيه، فهو من اللغو، والمؤمن يجتنبه، وهكذا المؤمنة وكل التفاسير صحيحة، فإن المؤمنين يجتنبون الشرك كله بأنواعه ويجتنبون المعاصي ويحذرونها ويجتنبون أيضاً كل شيء لا فائدة فيه ولا مصلحة؛ لأنه يشغلهم عما هو أهم، فهكذا ينبغي للمؤمن أن يكون حذراً من أنواع الشرك كلها، ومن سائر ما حرم الله من المعاصي وحذر أيضاً مما يشغله عما هو أهم، من الأشياء التي لا فائدة فيها من قول، أو عمل.

مامعنى اللغو والرفث

اللغو :

يطلق اللغو في اللغة على التحدّث بالأمور والمواضيع التي ليس لها أيّة قيمةٍ أو فائدةٍ، بحيث لا يعتدّ بها ولا يؤخذ منها أيّ شيءٍ، ويطلق أيضاً على القول الباطل، والتكلّم دون تفكيرٍ، أمّا اللغو في الاصطلاح؛ فهو ما لا فائدة منه من الكلام، دون أن يبلغ حدّ المعصية، أو كلّ الكلام الباطل، مع ما يكون من الشرك والمعاصي، وقد حثّ الله تعالى على الابتعاد عنه، كما جاء في سورة المؤمنون قوله: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ)، وفسّر ابن كثير -رحمه الله- اللغو الوارد في الآية القرآنية بالكلام الباطل، مع ما يتضمّن من الشرك والمعاصي والفواحش، وما لا فائدة منه من الأقوال والأعمال، وقال الله تعالى في موضع آخر في كتابه الكريم: (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا)،[٧] ويطلق اللغو أيضاً على اليمين الذي لا يعتدّ به، والذي لا يُآخذ به المسلم، ومن الجدير بالذكر أنّ لفظ اللغو ورد ذكره في أحد عشر موضعاً من القرآن الكريم، وذلك تحقيقاً لعدّة معانٍ، فورد في عشر مواضع اسماً، وفي الموضع الأخير ورد بصيغة الفعل، ومن المعاني المرادة من اللغو؛ الكلام الباطل، والمراد بالباطل أيّ كلامٍ أو أي فعلٍ لا حقيقة له ولا أصل، أو أنّه يطلق على القبيح من الأقوال والأفعال، وهو المعنى المراد في أكثر المواضع التي ورد فيها لفظ اللغو، والمعنى الثاني للغو الوارد في القرآن الكريم يراد به؛ اليمين التي لا تعقد من القلب، أيّ ما يخرج من اللسان من غير تقصّدٍ وإرادةٍ له، وفسّر ابن عباس يمين اللغو بأنّه ما خرج من الشخص أثناء حديثه دون أن يكون قاصداً له، وورد ذلك في موضعين من القرآن الكريم؛ الأول منهما ورد في سورة البقرة، والثاني في سورة المائدة من الآية التاسعة والثمانين، والمعنى الأخير المراد من اللغو؛ ما يطلق على المكروه من الكلام وما سقط منه، إلا أنّه روي عن بعض أهل العلم أن المقصود باللغو الشرك والكفر، منهم: الضحاك، وتحديداً في قول الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ)، إلا أنّ الحسن البصري -رحمه الله- ذهب إلى القول بأنّ اللغو المقصود بالآية السابقة؛ جميع المعاصي.

الرفث : 

النكاح. فلا رفث : قيل فلإجماع ، وقيل فلا فحش من القول ، وقيل الرفث يكون في الفرج بالجماع ، وفي العين بالغمز للجماع ، وفي اللسان- للمواعدة به.

مقا- رفث : أصل واحد ، وهو كلّ كلام يستحيا من إظهاره. وأصله الرفث وهو النكاح. والرفث : الفحش في الكلام. يقال أرفث ورفث .. {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة : 187]

لسا- الرفث : الجماع وغيره ممّا يكون بين الرجل وامرأته ، يعنى التّقبيل والمغازلة ونحوهما ، ممّا يكون في حالة الجماع ، وأصله قول الفحش.

والرفث أيضا : الفحش من القول ، تقول منه : رفث الرجل وأرفث. وقد رفث بها ومعها. وقوله تعالى- الرفث الى نسائكم ، فانّه عدّاه بإلى ، لأنّه في معنى الإفضاء. ورفث في كلامه يرفث رفثا ، ورفث رفثا ، ورفث بالضمّ عن اللحياني ، وأرفث : كلّه أفحش ، وقيل في شأن النساء.

والرفث : التعريض بالنكاح. وقال غيره : الرفث كلمة جامعة لكلّ ما يريده- الرجل من المرأة.

ما معنى كلمة اللغو في سورة الفرقان

  • ﴿٧٢ الفرقان﴾ الكلام السيء القبيح
  • ﴿٧٢ الفرقان﴾ بما ينبغي أن يُلغى و يُطرح

خطبة عن اللغو

دين الإسلام دين المثل الرفيعة، والأخلاق السامية، والآداب العظيمة؛ إنه الدين الذي يربي أتباعه على أكمل الأخلاق، وأحسن الآداب، ويحرص على الرقي بالمسلم إلى آفاق الجمال والكمال.

ولقد قامت شعائر الإسلام وعباداته ومعاملاته على شوامخ الآداب والأخلاق، وهي جميعاً تسمو بالإنسان إلى سماء النقاء والصفاء؛ تُزكي وجدانه، وتنير عقله، وتهذب مشاعره، وترهف أحاسيسه.

وإن المتأمل في مواسم العبادات العظيمة في الإسلام يجد أن من أهم أهدافها، ومن أسمى حكمها، تدريب المسلم على حسن الخلق، وجميل الطباع، وروائع المثل.

فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، والزكاة تطهر النفس، وتقتل الأنانية، وتعلم المودة والمحبة والتراحم؛ والصوم فيه صيام الجوارح عن اللغو والزور والكذب والباطل؛ وكذلك الحج، قال تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة:197]، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: “مَن حَجَّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه” أخرجه البخاري ومسلم؛ إذ الحج مدرسة في الخلق، وملحمة للأدب، وميدان للتهذيب.

وحديثنا اليوم عن خلق نهى عنه الإسلام، وحذر منه الدين؛ حرصاً على همة النفس، ورفعة الفكر، ورونق الروح، ووضاءة المثل؛ إنه خُلُقٌ قل أن يسلم منه إنسان، أو يخلو منه مجتمع؛ ذلك هو اللغو.

وإن المسلم الحق يجاهد نفسه، ويبذل جهده للترقي لكل محمدة، والبعد عن كل منقصة؛ ولقد أصبح اللغو سمة لكثير من الناس في مجالسهم ومنتدياتهم، ولقاءاتهم ومسامراتهم، وأحاديثهم ومقالاتهم؛ بل حتى سرى إلى بعض الخطباء والدعاة والناصحين بالخوض فيما لا يعنيهم، أو الحديث عما لا يفيد، أو تضييع الأوقات فيما لا يغني، واللغو هو الكلام الذي لا فائدة منه، ولا جدوى له.

ولنبدأ رحلتنا التحذيرية من اللغو مع كتاب الله تعالى:

1/ الإعراض عن اللغو من صفات عباد الرحمن: بيَّن لنا الله تعالى أن من صفات عباد الرحمن أنهم لا يتلبسون باللغو، ولا يشاركون فيه، فيقول تعالى:(وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) [الفرقان:72].ومعنى قوله: مَرُّوا كِرَامًا، يمرون وهم في حال الكرامة، والبعد عن المشاركة مع أرباب اللغو في لغوهم.

فإن السفهاء إذا مروا بأصحاب اللغو أنِسوا بهم، وقعدوا معهم، وشاركوا في لغوهم؛ أما أهل الكرامة فإذا مروا على أصحاب اللغو تنزهوا بأنفسهم، وترقوا بأخلاقهم عن مشاركتهم؛ والكرامة هي النزاهة ومحاسن الخلال؛ وأصلها نفاسة الشيء في نوعه.

وقال تعالى في وصفه للمؤمنين: (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) [القصص:55].

2/ من تمام نعيم أهل الجنة أن الله نفى عن أهلها سماع اللغو، قال تعالى: (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّاَ) [مريم:62]، وقال تعالى: (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا) [الواقعة:25-26]، وقال تعالى: (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا) [النبأ:35]، وقال تعالى: (لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً) [الغاشية:11].

يا له من نعيم مقيم! إن المؤمنين الجادين، والمسلمين الصادقين؛ تجد أن مما يؤذيهم في الدنيا سماع اللغو، ومجالس اللهو، وإهدار الوقت، وتلطيخ أجواء اللقاءات والمنتديات بكلام تافه، أو لغو بارد، أو لهو مضل، أو زور مقيت؛ لأن الأرواح زكية، والمشاعر نقية، والهمم عالية، ومن كان كذلك فلا أشد عليه مضاضة وهماً وغماً من مجالس اللغو، ومراتع الضياع، فكان جزاء هذا السمو الفوز بجنان عالية، لا يسمعون فيها لاغية.

قال ابن كثير -رحمه الله-: هذه الجنات ليس فيها كلام ساقط تافه لا معنى له كما يوجد في الدنيا. وقال طاهر بن عاشور: واللغو فضول الكلام وما لا طائل تحته، وإنفاؤه كناية عن انتفاء أقل المكدرات في الجنة، وكناية عن جعل مجازاة المؤمنين في الجنة بضد ما كانوا يلاقونه في الدنيا من أذى المشركين ولغوهم. وقال عن قوله تعالى: (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا) [الواقعة:25]: أكمل وصف النعيم بذلك، وهي نعمة روحية؛ فإن سلامة النفس من سماع ما لا يُحَب سماعه، ومن سماع ما يُكره سماعه من الأذى نعمة براحة البال، وشغل بسماع المحبوب.

ومن تمام نعيم أهل الجنة أن أهلها يشربون فيها خمراً لا لغْوٌ فيها ولا تأثيم، قال تعالى: (يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ) [الطور:23]، أي أنها لا تذهب بعقولهم فتحملهم على الكلام السيئ الفارغ عن الفائدة، والمتضمن هذياناً وفحشاً كما تفعل خمر الدنيا بعقول شاربيها.

وقد حدثنا القرآن عن صفة من صفات الكفار والمشركين وأعداء الدين، وهي أنهم إذا سمعوا القرآن يبتكرون أنواعاً من اللغو ليصرفوا الناس عنه، ويحولوا بينهم وبينه؛ وتلك هي سمة لكل منافق وضال وعدو للحق والهدى أن يشوش على الكلام الحق بكل سبيل، وكل وسيلة، قال تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) [فصلت:26].

أما حينما نتأمل ما ورد في سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فنجد أنها أحاديث تؤكد ما ذكره القرآن من أن تركه والبعـد عنه والإعراض عن أربابه سمة من سمات المؤمنين، وصفـة من صفات المتقين.

وكان أول البعيدين عن اللغو والمتنزهين عن أربابه محمد -صلى الله عليه وسلم-، فعن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر الذكر، ويقل اللغو، ويطيل الصـلاة، ويقصر الخطبة، ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له الحاجة.

وبما أن اللغو يقسي القلوب، ويذهب الخشوع، ويحمل الأوزار، وينقص ثواب الأعمال؛ فقد دل -صلى الله عليه وسلم- أمته على كفارات لذلك إذا امتثلها المسلم طَهّرت نفسه، وزكّت فؤاده، وأذهبت لغوه.

ومن ذلك الزكاة عموماً، وزكاة الفطر خصوصاً، حيث يقول ابن عباس -رضي الله عنه-: “فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين” أخرجه أبو داود وصححه الحاكم.

وفي البيع والتجارة قال -صلى الله عليه وسلم-: “يا معشر التجار! إن هذا البيع يحضره اللغو والحلف، فشوبوه بالصدقة” أخرجه أبو داود وصحَّحه الألباني.

ومما حذر فيه -صلى الله عليه وسلم- من اللغو خطبة الجمعة؛ فاللغو فيها يبطل ثوابها، ويذهب بأجرها، مما يدل على عظم شأنها، ووجوب الإنصات إليها، قال -صلى الله عليه وسلم-: “من اغتسل يوم الجمعة، وَمَسَّ مِن طِيب امرأته -إن كان لها-، ولبس من صالح ثيابه، ثم لم يتخَطَّ رقابَ الناس، ولم يلغُ عند الموعظة، كانت كفارة لما بينهما؛ ومن لغى وتخطَّى رقاب الناس كانت له ظهراً” أخرجه أبو داود وصححه ابن خزيمة؛ ويقول -صلى الله عليه وسلم-: “إذا قلت لصاحبك أَنْصِتْ يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت” متفق عليه.

وحينما سئل -صلى الله عليه وسلم- عن خديجة -رضي الله عنها- قال: “رأيتها على نهر من أنهار الجنة في بيت من قصب لا لغو فيه ولا نصب” أخرجه الطبراني وهو حسن بشواهد.

إنه مما مضى من آيات وأحاديث عن اللغو تَبَيَّنَ لنا خطورة هذا الخلق الذميم الذي يذهب الحسنات، ويتدنى بالخلق، ويهز المروءة، ويتنافى مع سمو الروح، ورقي المشاعر، وتألق المؤمن؛ وإن المجالس قل أن تخلو من لغو، أو تصفو من لفظ، أو تسلم من لهو؛ ولأجل ذلك دلنا -صلى الله عليه وسلم- على ما يذهب ذلك كله، فيكفر الخطأ، ويمحو الذنب، ويرفع الدرجة؛ فقال -صلى الله عليه وسلم-: “من جلس في مجلس فكثُر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. إلا غفر لـه ما كـان في مجلسه ذلك” أخرجه الترمذي وصححه.

أيها المؤمنون: إذا كانت هذه خطورة اللغو، وتلك سمة أربابه، بغيض إلى الله، بغيض إلى رسوله -صلى الله عليه وسلم-، بغيض إلى المؤمنين؛ نُزِّهَتْ عنه الجنة، وهو مجرد الكلام الذي لا فائدة منه ولا قيمة له، فما بالكم بضياع الأوقات في ذنوب واضحة، ومنكرات بينّة؟ وما بالكم بشغل الجوارح فيما نهى الله عنه، وحذر منه، من معاصٍ بيّنة، وذنوب جليّة، ومنكرات بغيضة؟.

يا الله! كم يضيع من أوقاتنا اليوم! يا الله! كم شغلت أبصارنا وأسماعنا بما يمجه الحق، ويأباه الدين، ويتنافى مع الخلق! إن الحج بشعائره العظيمة فرصة للتوبة والترقي في مراقي الكمال، وإن عشر ذي الحجة، بما هيأ الله تعالى فيها من الخير، فرصـة لاغتنامها في تزكيـة الأرواح، وتهذيب المشاعر.

فلنسمُ بأرواحنا وأقوالنا وأفكارنا ومجالسنا عن كل نقيصة، فالعمر غنيمة، والحياة فرصة، والأنفاس محدودة، والأيام معدودة.

لغو الحديث في القرآن

اللغو
لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم
قال تعالى بسورة البقرة
“لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم “وضح الله للمسلمين أنه لا يؤاخذهم باللغو فى أيمانهم والمراد لا يعاقبهم بسبب الباطل غير المقصود فى الحلفانات ويؤاخذهم بما كسبت قلوبهم أى ولكن يعاقبهم بسبب الذى تعمدته نفوسهم من الحلفانات ثم خالفوها
لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما
قال تعالى بسورة مريم

“جنات عدن التى وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ” وضح الله أن الجنة التى يدخلها التائبون هى جنات عدن أى حدائق الخلود التى وعد الله عباده بالغيب والمراد التى أخبر الله خلقه بالخفاء ووضح لنا أن وعده وهو قوله كان مأتيا أى متحققا أى مفعولا وهم لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما والمراد لا يعرفون فيها كلاما سوى كلام الخير
والذين هم عن اللغو معرضون
قال تعالى بسورة المؤمنون
“قد أفلح المؤمنون الذين هم فى صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون ” وضح الله للناس أنه قد أفلح المؤمنون أى قد فاز برحمة الله المصدقون بحكم الله وهم المتزكون مصداق لقوله بسورة الأعلى “قد أفلح من تزكى “وفسرهم الله أنهم الذين هم فى صلاتهم خاشعون والمراد الذين هم لدينهم مطيعون أى متبعون له دائما وفسرهم بأنهم عن اللغو معرضون والمراد للباطل تاركون أى عن الظلم مبتعدون
وإذا مروا باللغو مروا كراما
قال تعالى بسورة الفرقان
“والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما ” وضح الله أن عباد الرحمن هم الذين لا يشهدون الزور والمراد الذين لا يصدقون الباطل باطل أنفسهم وغيرهم وفسرهم الله بأنهم إذا مروا باللغو مروا كراما والمراد وإذا علموا بالباطل بعدوا عنه كبارا ولم يستصغروا أنفسهم بطاعته
وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه
قال تعالى بسورة القصص
“وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغى الجاهلين ” وضح الله أن الذين أتاهم الكتاب من قبل القرآن هم الذين إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه والمراد إذا علموا بالباطل عصوا أحكامه وقالوا للكفار :لنا أعمالنا أى لنا جزاء أفعالنا ولكم أعمالكم أى ولكم جزاء أفعالكم والمراد لنا ديننا ولكم أديانكم التى نحاسب بكل منها بعملنا بها مصداق لقوله بسورة الكافرون “لكم دينكم ولى دين “سلام عليكم أى الخير لكم وهو قول يسخر من الكفار،لا نبتغى الجاهلين أى لا نطيع حكم وهو أديان الكافرين
لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه
قال تعالى بسورة الزخرف
“وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ” وضح الله أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا لبعضهم :لا تسمعوا لهذا القرآن والمراد لا تتبعوا حكم هذا الوحى والغوا فيه والمراد وغيروا فيه أى حرفوه لعلكم تغلبون أى لعلكم تنتصرون على المسلمين
يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها
قال تعالى بسورة الطور
“وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم ” وضح الله أن الله أمد والمراد زود المؤمنين بفاكهة ولحم مما يشتهون أى مما يريدون والمراد مما يطلبون وهم يتنازعون فيها كأسا والمراد يتناولون خمرا بكوب لا لغو فيها والمراد لا غول أى تأثيم أى لا أذى ينتج عن شربها مصداق لقوله بسورة الصافات”بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين لا فيها غول
ولا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما
قال تعالى بسورة الواقعة
“ولا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما ” وضح الله أن المقربين فى الجنة لا يسمعون فى الجنة إلا قيلا سلاما سلاما والمراد وهم لا يعرفون فى الجنة حديثا إلا حديث خير خير وهذا يعنى أن الكلام فى الجنة كله طيب ليس فيه لغو أى تأثيم والمراد باطل أى كذب أى زور
لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا
قال تعالى بسورة النبأ
“إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا وكواعب أترابا وكأسا دهاقا لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا جزاء من ربك عطاء حسابا” وضح الله أن المتقين وهم المطيعين لحكمه لهم مفازا أى نصرا أى ثوابا هو حدائق أى جنات وأعناب ،وكواعب أترابا وهن الفتيات الزميلات والمراد الحور العين ،وكأس دهاق أى نهر جارى بالشراب اللذيذ وهم لا يسمعون فيها لغوا أى كذابا والمراد إثما أى باطلا وهو جزاء من ربك عطاء حسابا والمراد وهو جنة من خالقه ثوابا عادلا فى مقابل عملهم الحسن فى الدنيا
فى جنة عالية لا تسمع فيها لاغية
قال تعالى بسورة الغاشية
“وجوه يومئذ ناعمة لسعيها راضية فى جنة عالية لا تسمع فيها لاغية ” وضح الله أن فى يوم القيامة تكون وجوه ناعمة والمراد نفوس سعيدة أى ضاحكة مصداق لقوله بسورة عبس”وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة” وهى لسعيها راضية والمراد بجزاء عملها فى الدنيا سعيدة وهى فى جنة عالية أى حديقة مرتفعة لا تسمع فيها لاغية والمراد لا تعلم بها كلمة باطل أى إثم

السابق
اسباب الاجهاض المتكرر
التالي
التوكل على الله

اترك تعليقاً