ديني

ما هو الورع

الورع ثلاث مراتب

قال الهروي: (الورع على ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: تجنُّب القبائح لصون النفس، وتوفير الحسنات، وصيانة الإيمان.
الدرجة الثانية: حفظ الحدود عند ما لا بأس به، إبقاءً على الصيانة والتقوى، وصعودًا عن الدناءة، وتخلصًا عن اقتحام الحدود.
الدرجة الثالثة: التورُّع عن كلِّ داعيةٍ تدعو إلى شتات الوقت، والتعلُّق بالتفرُّق، وعارض يعارض حال الجميع)  (1) .
وقال الغزالي: (الورع عن الحرام على أربع درجات:
الأولى: ورع العدول: وهو الذي يجب الفسق باقتحامه، وتسقط العدالة به، ويثبت اسم العصيان، والتعرض للنار بسببه، وهو الورع عن كلِّ ما تحرمه فتاوى الفقهاء.
الثانية: ورع الصالحين: وهو الامتناع عما يتطرق إليه احتمال التحريم، ولكن المفتي يرخص في التناول بناء على الظاهر، فهو من مواقع الشبهة على الجملة.
الثالثة: ما لا تحرِّمه الفتوى، ولا شبهة في حلِّه، ولكن يُخاف منه أداؤه إلى محرم، وهو ترك ما لا بأس به مخافة مما به بأس، وهذا ورع المتقين.
الرابعة: ما لا بأس به أصلًا، ولا يخاف منه أن يؤدي إلى ما به بأس، ولكنه يتناول لغير الله، وعلى غير نية التقوِّي به على عبادة الله، أو تتطرَّق إلى أسبابه المسهلة له كراهية، أو معصية، والامتناع منه ورع الصديقين)

حديث عن الورع

الورع منه واجب ومنه مستحب:

كثير من الناس حينما يطلق مصطلح الورع ينصرف ذهنه إلى دقائق الورع، والبعد عن المشتبهات؛ فيرى أن الورع ليس ضمن دائرة الواجبات إنما هو مقام للخاصة والصالحين، وليس واجباً على أحاد الناس.
قال شيخ الإسلام:” فأما الورع المشروع المستحب الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم فهو اتقاء ما يخاف أن يكون سبباً للذم والعذاب عند عدم المعارض الراجح، ويدخل في ذلك أداء الواجبات والمشتبهات التي تشبه الواجب، وترك المحرمات والمشتبهات التي تشبه الحرام، وإن أدخلت فيه المكروهات قلت: يخاف أن تكون سبباً للنقص والعذاب، وأما الورع الواجب فهو اتقاء ما يكون سبباً للذم والعذاب، وهو فعل الواجب وترك المحرم، والفرق بينهما (أي بين الورع الواجب والمستحب) فيما اشتبه أمِن الواجب أم ليس منه؟ وما اشتبه تحريمه أمن المحرم أم ليس منه” ؟

أن ما لا ريب في حله ليس فيه ورع بل الورع فيه من التنطع:
قال رحمه الله:”وأمَّا ما لاريب في حله فليس تركه من الورع، وما لا ريب في سقوطه فليس فعله من الورع”.

 الورع يكون في الفعل كما هو في الترك:
وذلك أن البعض من الناس يعتقد أن الورع يكون في الترك فقط، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:”لكن يقع الغلط في الورع من ثلاث جهات: أحدها اعتقاد كثير من الناس أنه من باب الترك فلا يرون الورع إلا في ترك الحرام لا في أداء الواجب، وهذا يُبتلى به كثيرٌ من المتدنيين المتورعة ، ترى أحدهم يتورع عن الكلمة الكاذبة وعن الدرهم فيه شبهة لكونه من مال ظالم أو معاملة فاسدة، ويتورع عن الركون إلى الظلمة من أجل البدع في الدين وذوي الفجور في الدنيا، ومع هذا يترك أموراً واجبة عليه إما عيناً وإما كفاية وقد تعيَّنت عليه من صلة رحم وحق جار ومسكين وصاحب ويتيم وابن سبيل وحق مسلم وذي سلطان وذي علم، وعن أمر بمعروف ونهي عن منكر وعن الجهاد في سبيل الله إلى غير ذلك مما فيه نفع للخلق في دينهم ودنياهم مما وجب عليه، أو يفعل ذلك لا على وجه العبادة لله تعالى بل من جهة التكليف ونحو ذلك”.
 أن الورع إنما هو بأدلة الكتاب والسنة:
قال رحمه الله:”الجهة الثانية من الاعتقاد الفاسد: أنه إذا فعل الواجب والمشتبه وترك المحرم والمشتبه، فينبغي أن يكون اعتقاد الوجوب والتحريم بأدلة الكتاب والسنة وبالعلم لا بالهوى، وإلا فكثير من الناس تنفر نفسه عن أشياء لعادة ونحوها، فيكون ذلك مما يقوي تحريمها واشتباهها عنده، ويكون بعضهم في أوهام وظنون كاذبة فتكون تلك الظنون مبناها على الورع الفاسد فيكون صاحبه ممن قال الله تعالى فيه: ( إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس …) ومن هذا الباب الورع الذي ذمه الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: لما ترخص في أشياء فبلغه أن أقواما يتنزهون عنها. فقال: ما بال أقوام يتنزهون عن أشياء أترخص فيها؟ والله إني لأرجو أن أكون أعلمهم بالله وأخشاهم، وفي رواية أخشاهم وأعلمهم بحدودهم له وكذلك حديث صاحب القُبلة، ولهذا يحتاج المتدين المتورع إلى علم كثير بالكتاب والسنة والفقه في الدين، وإلاَّ فقد يفسد تورعه الفاسد أكثر مما يصلحه، كما فعله الكفار وأهل البدع من الخوارج والروافض وغيرهم”.

 الورع لا يكون إلا بالإخلاص:
قد تأتي الإنسان اعتبارات تدفع إلى الورع، فقد يكون له مقام واعتبار ويرى أنه مما ينبغي أن لا يليق بأمثاله أمام الناس، فيكون دافعه إلى ذلك مُراءاة الناس، وقد يكون دافعه حظ النفس أو هوى النفس، أو غيرها من الأمور؛ فالورع مثل سائر الأعمال الصالحة التي يتقرب فيها الإنسان إلى الله عز وجل لابد فيها من الإخلاص، قال شيخ الإسلام:”واعلم أن الورع لا ينفع صاحبه ويكون ثواب إلا بفعل المأمور به من الإخلاص”.

 التدقيق في مسائل الورع للخاصة وليس لآحاد الناس:
قال الحافظ ابن رجب: “وههنا أمرٌ ينبغي التفطن له وهو أن التدقيق في التوقف عن الشبهات إنما يصلح لمن استقامت أحواله كلها وتشابهت أعماله في التقوى والورع، فأما من يقع في انتهاك المحرمات الظاهرة ثم يريد أن يتورع عن شيء من دقائق الشبه فإنه لا يحتمل له ذلك، بل ينكر عليه وهذا حال بعض المتكلفين المرائين يسلك هذا المسلك كما قال ابن عمر لمن سأله عن دم البعوض من أهل العراق : يسألونني عن دم البعوض وقد قتلوا الحسين وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:”هما ريحانتاي في الدنيا”…. ونقل بعض النقول عن بعض السلف هي أمثلة عن هذا النوع من ذلك ،ثم قال :وسأل بشر بن الحارث عن رجل له زوجة وأمه تأمره بطلاقها، فقال: إن كان بر أمه في كل شيء ولم يبق من برها إلا طلاق زوجته فيفعل، وإن كان يبرها بطلاق زوجته ثم يقوم بعد ذلك إلى أمه فيضربها فلا يفعل، وسُئِل الإمام أحمد رحمه الله عن رجل يشتري بقلاً ويشترط الخوصة -يعني التي يربط بها جزرة النقل- فقال أحمد :إيش هذه المسائل، قيل له إنه: إبراهيم بن أبي نعيم، قال: إن كان إبراهيم بن أبي نعيم فنعم، هذا يشبه ذلك، وإنما أنكر أحمد هذه المسائل ممن لا يشبه حاله وأما أهل التدقيق في الورع فيشبه حالهم هذا، وقد كان الإمام أحمد نفسه يستعمل في نفسه هذا الورع فإنه أمر من يشتري له سمنا فجاء به على ورقة فأمر برد الورقة إلى البائع، وكان أحمد لا يستمد من محابر أصحابه وإنما يخرج منه محبرة يستمد منها، واستأذنه رجل أن يكتب من محبرته فقال:اكتب فهذا ورع مظلم، واستأذنه آخر في ذلك فتبسم وقال: لم يبلغ ورعي ولا ورعك هذا، وهذا قاله على وجه التواضع، وإلاَّ فهو كان في نفسه يستعمل هذا الورع، وكان ينكره على من لم يصل إلى هذا المقام بل يتسامح في المكروهات الظاهرة ويقدم على الشبهات من غير توقف”.

وهذا الأمر مهم أن نعيه ونحن نقرأ ، ووردت بعض الروايات عن السلف في ورعهم حتى لا نقع في هذا الغلط الذي له آثار سلبية على نفوسنا؛ فنحن أحوج ما نكون إلى الورع الواجب، وأحوج ما نكون إلى اجتناب المحرمات الظاهرة الواضحة، وأحوج ما نكون إلى إصلاح قلوبنا، فإذا انشغلنا بهذه الدقائق تركت آثاراً على أنفسنا، منها أن تشعر أنفسنا بالزهو واحتقار الآخرين وأن الناس لا يتورعون، ومنها أن تنشغل النفس عما هي أولى به من إصلاح القلب والورع الواجب.

أمثلة عن الورع

 ورع أبي بكر رضي الله عنه:
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (كان لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، غلامٌ يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يومًا بشيء، فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: تدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ قال: كنت تكهنتُ لإنسانٍ في الجاهلية، وما أُحسِن الكهانة إلا أني خدعته، فلقيني فأعطاني بذلك هذا الذي أكلت منه، فأدخل أبو بكر يده فقاء كلَّ شيءٍ في بطنه)  (1) .
ورع عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
– عن عاصم بن عمر (عن عمر قال: إنه لا أجده يحل لي أن آكل من مالكم هذا، إلا كما كنت آكل من صلب مالي: الخبز والزيت، والخبز والسمن قال: فكان ربما يُؤتى بالجفنة قد صُنعت بالزيت، ومما يليه منها سمن، فيعتذر إلى القوم ويقول: إني رجل عربي، ولست أستمرئ الزيت)  (2) .
– وعن نافع (أنَّ عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه، كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف في أربعة، وفرض لابن عمر ثلاثة آلاف وخمس مائة، فقيل له هو من المهاجرين، فلِمَ نقصته من أربعة آلاف؟ فقال: إنما هاجر به أبواه، يقول: ليس هو كمن هاجر بنفسه)  (3) .
قال ابن عثيمين: (وهذا يدلُّ دلالة عظيمة على شدة ورع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وهكذا يجب على من تولَّى شيئًا من أمور المسلمين ألا يحابي قريبًا لقربه، ولا غنيًّا لغناه، ولا فقيرًا لفقره، بل ينزل كلَّ أحد منزلته، فهذا من الورع والعدل، ولم يقل عبد الله بن عمر: يا أبت، أنا مهاجر، ولو شئت لبقيت في مكة؛ بل وافق على ما فرضه له أبوه)  (4) .
ورع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:
عن قزعة، قال: (رأيت على ابن عمر ثيابًا خشنة أو جشبة، فقلت له: إني قد أتيتك بثوب لين مما يصنع بخراسان، وتقرُّ عيناي أن أراه عليك. قال: أرنيه. فلمسه، وقال: أحرير هذا؟ قلت: لا، إنَّه من قطن. قال: إني أخاف أن ألبسه، أخاف أكون مختالًا فخورًا، والله لا يحبُّ كلَّ مختال فخور)  (5) .
– وعن طاووس قال: (ما رأيت أورع من ابن عمر، ولا أعلم من ابن عباس)  (6) .
ورع عمر بن عبد العزيز:
– عن ابن السماك قال: (كان عمر بن عبد العزيز يقسم تفاحًا بين الناس، فجاء ابن له وأخذ تفاحة من ذلك التفاح، فوثب إليه ففك يده؛ فأخذ تلك التفاحة؛ فطرحها في التفاح، فذهب إلى أمه مستغيثًا فقالت له: ما لك أي بني؟ فأخبرها؛ فأرسلت بدرهمين فاشترت تفاحًا، فأكلت وأطعمته، ورفعت لعمر، فلما فرغ مما بين يديه دخل إليها، فأخرجت له طبقًا من تفاح، فقال: من أين هذا يا فاطمة؟ فأخبرته فقال: رحمك الله، والله إن كنت لأشتهيه)  (7) .
– وعن فاطمة بنت عبد الملك قالت: (اشتهى عمر بن عبد العزيز يوما عسلًا فلم يكن عندنا، فوجهنا رجلًا على دابة من دواب البريد إلى بعلبك، فأتى بعسل، فقلنا يومًا: إنك ذكرت عسلًا وعندنا عسل، فهل لك فيه؟ قال: نعم. فأتيناه به فشرب، ثم قال: من أين لكم هذا العسل؟ قالت: قلت: وجهنا رجلًا على دابة من دواب البريد بدينارين إلى بعلبك فاشترى لنا عسلًا. قالت: فأرسل إلى الرجل فجاء، فقال: انطلق بهذا العسل إلى السوق، فبعه، فاردد إلينا رأس مالنا، وانظر الفضل، فاجعله في علف دواب البريد، ولو كان ينفع المسلمين قيءٌ لتقيأت)  (8) .
ورع محمد بن سيرين:
– عن العلاء بن زياد أنَّه كان يقول: (لو كنت متمنيًا لتمنيت فقه الحسن، وورع ابن سيرين، وصواب مطرِّف، وصلاة مسلم بن يسار)  (9) .
– وعن عاصم قال: (سمعت مورقًا العجلي يقول: ما رأيت أحدًا أفقه في ورعه، ولا أورع في فقهه من محمد بن سيرين. وقال عاصم: وذُكِرَ محمد عند أبي قلابة، فقال: اصرفوه كيف شئتم، فلتجدنه أشدكم ورعًا، وأملككم لنفسه)  (10) .
– وقال بكر بن عبد الله المزني: (من أراد أن ينظر إلى أورع من أدركنا، فلينظر إلى محمد بن سيرين. وقال هشام بن حسان: كان محمد يتجر، فإذا ارتاب في شيءٍ تركه)  (11) .
– وعن هشام بن حسان: (أنَّ ابن سيرين اشترى بيعًا من منونيا  (12) ، فأشرف فيه على ربح ثمانين ألفا، فعرض في قلبه شيء، فتركه. قال هشام: ما هو والله بربا).
– وقال: محمد بن سعد: (سألت الأنصاري عن سبب الدَّين الذي ركب محمد بن سيرين حتى حبس؟ قال: اشترى طعامًا بأربعين ألفًا، فأُخبر عن أصل الطعام بشيء، فكرهه، فتركه، أو تصدق به، فحبس على المال، حبسته امرأة، وكان الذي حبسه مالك بن المنذر. وقال هشام: ترك محمد أربعين ألفًا في شيء ما يرون به اليوم بأسًا)

الورع صيد الفوائد

وهذا الورع أيها الأخوة ينتج عن الخوف من الله سبحانه وتعالى، فالخوف يثمر الورع والورع يثمر الزهد، فهذه المسألة مهمة جدًا، فالورع له فوائد:

1- اتقاء عذاب الرحمن وتحقيق راحة البال للمؤمن وطمأنينة النفس وهذه مسألة مهمة جدًا.

2- يكفّ عن الحرام.

3- يبعده عن إشغال الوقت فيما لا يفيد.

4- يجلب محبة الله لأن الله يحب المتورّعين.

5- يفيد استجابة الدعاء، لأن الإنسان إذا طهّر مطعمه ومشربه وتورّع يرفع يديه فيجاب له الدعاء.

6- مرضاة الرحمن وزيادة الحسنات.

7- يتفاوت الناس في الدرجات في الجنة بتفاوتهم في الورع.

والمسلم إذا نقل قلبه من الدنيا فأسكنه في الآخرة وأقبل على القرآن الكريم انفتحت له الأبواب وكان فيمن يستطيع تحمّل هذا الورع، وهناك حلال محضٌ بيّن وحرام محضٌ ومسائل مشتبهة بينهما، فلبس القطن والكتان والصوف والزواج بعقد صحيح، وأخذ المال من الميراث أو هبة من إنسان ماله حلال أو شراء شيء ببيع  صحيح، أمور الحلال المحض واضحة، وأمور الحرام واضحة كالميتة والدم والخنزير والخمر ونكاح المحارم ولباس الحرير للرجال وأخذ الأموال المغصوبة والمسروقة والغش والرشوة، أما المشتبهات التي ينبغي للمرء المسلم أن يتورّع عنها مثل: ما اختلف في حلّه وحرمته، مثلًا البغل متولّد ما بين الحمير والخيل، جلود السباع ولو كانت مدبوغة، التورّق وهو أن تشتري شيء بالأقساط وتبيعه نقدًا لتحصّل سيولة وبعض العلماء لم يجزه مع أن الراجح جوازه لكن المسألة مختلف فيها، ونحو هذا..

إذًا من أسباب الشبهة تنازع العلماء في شيء معين هل هو حلال أو حرام وكل طائفة لهم أدلتهم، ماترك النبي صلى الله عليه وسلم حلالًا إلا بيّنه ولا حرامًا إلا بيّنه ولكن بعض الناس يخفى عليهم بعض الحلال أو بعض الحرام، ويتفاوتون في هذا ومن أسباب اختلاف العلماء فيه أنه ينقل في الشيء نصان أحدهما بالتحليل وأحدهما بالتحريم وقد يكون أحدهما صحيح والآخر ضعيف وأحدها ناسخ والآخر منسوخ، فيأخذ كل طائفة من العلماء بنص من النصين فيحدث الاختلاف، أحيانًا يكون الشيء فيه أمر فيقول بعضهم هذا للوجوب وبعضهم يقول هذا للاستحباب، والورع هو أن تقوم بهذا الأمر. جاء نهي فقال بعض العلماء النهي للتحريم وقال بعضهم النهي للكراهة والورع أن تتركه.

والعلماء أنفسهم قد تشتبه عليهم أشياء فلا يفتون فيها أو يتوقفون عنها، ومن أمثلة الأشياء المشتبهة ما لايُعلَم له أصل ملكٍ كما يجده الإنسان في بيته فلا يدري أهو له أم لغيره، النبي صلى الله عليه وسلم قال:  «إني لأَنْقَلِبُ إلى أهلي، فأَجِدُ التمرةَ ساقطةً على فراشي، فأَرْفَعُها لآكُلُهَا، ثمأَخْشَى أن تكونَ صدقةً فأَلْقِيها» [صحيح البخاري: 2432]، ولكن من جهة التحريم والحل، فالأصل في المال الموجود في بيتك أنه لك، فجانب الحل أقوى، لكن إذا أردت الورع وتصدقت بهذا المال أحسن.

وكذلك فإن الشيء قد يجتمع فيه أحيانًا سبب للحل وسبب للحرمة، فيتركه الإنسان فالنبي صلى الله عليه وسلم علّمنا عن أمور الأصل فيها الحظر كالأبضاع ولحوم الحيوان فلا تحل إلا بيقين، ولو حصل تردد مثل اجتماع سبب حاضر ومبيح نبقى على الأصل فيها وهو التحريم فقال صلى الله عليه وسلم في من أطلق سهمًا على صيدٍ أو كلبه على صيدٍ فلما جاء ليمسك بالصيد وجد عنده كلباً آخر لا يدري الذي أمسك كلبه أو الكلب الآخر، فإذا كان الكلب المعلَّم يجوز صيده، ومعنى ذلك أن الصيد غير المعلَّم لا يجوز صيده، فماذا يفعل إذا وجد مع الفريسة كلبًا آخر لايدري كلبه الذي صاد أو الكلب الآخر، وصل إلى الصيد الذي صاده وقع في الماء فلا يدري هل قتل بالسهم أو قتل بالغرق، الأصل يجوز الأكل مادام السهم أو البندقية خرقت وخزقت وسمّى الله على البندقية وأطلق ولكن وقوع الطائر في الماء يجعله في ريبة هل موت الطائر بفعل الرمية التي رماها أم الغرق فيتركه.

لو جاء رجل لأرض أو سجادة وقال لنفسه هذا رجل لديه أبناء قد يكونون بالوا عليها، فأنا لن أصلي عليها، تورّع عن الصلاة عليها فما حكم هذا التورّع، هل هو شرعي أم لا؟، هذا تورع غير شرعي لأنه خالف الأصل بدون أي قرينة، والأصل في الأشياء الطهارة، فيكون هذا ورعًا فاسدًا.

فسّر الإمام أحمد رحمه الله الشبهة بأنها منزلة بين الحلال والحرام –يعني الحلال المحض والحرام المحض- وقال من اتقاها فقد استبرأ لدينه، وفسرها تارة باختلاط الحلال والحرام.  ومن ضمن الأمثلة أيضًا معاملة من ماله مختلط، رجل يرابي ويبيع ويشتري، عنده حلال وحرام، فقال العلماء إذا كان أكثر ماله الحرام قال الإمام أحمد: ينبغي أن يجتنبه إلا أن يكون يسيرًا أو لا يُعرَف، والحرام غير معيّن وليس معروفًا، فيجوز الأكل والورع تركه.

وقال الزهري: لا بأس أن يُؤكل منه مالم يعرف أنه حرام بعينه.

وقال سفيان: تركه أعجبُ إليّ.

وقال الإمام أحمد في المال المشتبه حلاله بحرامه: إن كان المال كثيرًا أخرج منه قدر الحرام وتصرّف في الباقي، وإن كان المال قليلًا اجتنبه كله، وهذا لأن القليل إذا تناول منه شيئًا فإنه تبعد معه السلامة من الحرام.

ورخّص قومٌ من السلف في الأكل ممن يُعلَم في ماله حرام ولكن لا يُعلَم على التعيين ماهو الحرام، وهذه هي الخلاصة: يجوز معاملة من ماله مختلط إذا ما علمنا الحرام أين بالضبط والورع ألا يأخذ منه.

وكذلك فإن الاستبراء للدين مهم جدًا في حياة الدين المسلم، والإنسان قد لا يشبع من الشبهة وقال الثوري رحمه الله في الرجل يجد في بيته الأفلس والدراهم: أحب إليّ أن يتنزّه عنها إذا لم يدري من أين هي.

ولا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع  مالا بأس به حذرًا مما به بأس كما روى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعًا وقال حسن غريب وفي سنده عبدالله بن يزيد الدمشقي وهو ضعيف.

ومن تمام التقوى أن يتقِ الله العبد حتى يتقيه من مثقال ذرة، وقال الحسن: مازالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيرًا من الحلال مخافة الحرام، وقال الثوري: إنما سمّوا المتقين لأنهم اتقوا مالا يُتّقى.

وقال ابن عمر: إني لأحب أن أدع بيني وبين الحرام سترة من الحلال لا أخرقها.

وقال سفيان بن عيينة: لا يصيب عبد حقيقة الإيمان حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزًا من الحلال وحتى يدع الإثم وما تشابه منه.

وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: «الإثمُ ما حاك في صدرِك، وكرِهتَ أن يطَّلِعَ عليه الناسُ» [الفتح الرباني: 11/5721]، إشارة إلى أن الإثم ما أثر في الصدر حرجًا وضيقًا وقلقًا واضطرابًا فلم ينشرح له الصدر ومع هذا فإنه عند الناس مستنكر بحيث ينكرونه عند اطلاعهم عليه.

لكن الإنسان قد يقلق من أشياء لجهله فلينتبه من هذا وليسأل أهل العلم، وهنا تظهر أهمية الاستفتاء وسؤال أهل الذكر الثقات.

الصحابة تحرجوا من أن يأكلوا من اللحم الذي صاده أبو قتادة فالنبي صلى الله عليه وسلم أكل، و فرّق العلماء بين ما صيد لأجله (لأجل المحرم) وما صاده الحلال لا لأجل المحرم فيجوز للمحرِم أن يأكل منه. لكن لو أن الشخص الحلال غير المحرم صاد لك أنت أيها المحرِم فلا تأكل.

والمقصود أن سؤال أهل العلم الثقات مما يريح الإنسان فينبغي أن لا ينسى هذا وأن يكون على ذكر منه. دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت. الإثم حوازّ القلوب تحز في القلوب والنفوس. وكذلك فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة، وكان بعض العلماء يعرفون الحديث الضعيف بأمور بقلوبهم وهذا ليس إلا للعلماء النقاد الكبار، وأما طلبة العلم العاديين فلا يمكن أن يعرف ذلك بقلبه إلا فيما ندر. وطلب الحلال فرض على كل مسلم، وقد ادعى بعض الجهّال أن الحلال في الأرض انتهى، وبعضهم قال باقي الحشيش والكلأ في البر والأراضي التي ليس لها أحد ونهر الفرات؛ وهذا تضييق على عباد الله ومن الجهل وقلة العلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذه القاعدة المهمة جدًا:  «الحلالُ بَيِّنٌ، والحرامُ بَيِّنٌ، وبينهما أمورٌ مُشتَبِهاتٌ» [صحيح الجامع: 3193]، والحلال كله طيب ولكن بعضه أطيب من بعض، والحرام كله خبيث ولكن بعضه أخبث من بعض، والإنسان المسلم قد يكون عنده الحلال معلومًا من قبل ثم يقع في شك فلا يلتفت لهذه الوسوسة إذا لم يكن لها دليل ولا قرينة، وكذلك قد يكون يعرف الحرام من قبل فيأتي في نفسه وسوسة أن هذا ليس حرامًا بدون علم ولا خبر ثقة أفتاه به أهل العلم فلا يلتفت إليه، و قد يعرف الإنسان الحل ويشك في المحرم فيكون الأصل الحل كما تقدم وهناك مثال يضربه بعض الفقهاء ويدل على قلة عقل من وقع فيه. قال اثنان وقفا فجاء طائر فاختلفا هل هذا غراب أم لا؟ فقال أحدهم عليه الطلاق أنه غراب، وقال الآخر عليه الطلاق أنه ليس بغراب، فلما أرادا أن يأتيا للتحقق طار الطائر ولم يدركاه، فصارت مشكلة فزوجة مَن طالق!، فبعض الناس يفعل أشياء من قلة العقل، وفي هذه الحالة يقول العلماء: الأصل بقاء النكاح وحل المرأة للرجل، احتمال الطلاق وارد ومشكوك فيه. ولذلك فإن على الإنسان أن لا يورد نفسه في الموارد التي يتسبب بها في الحرج في نفسه وأن يقع في تعذيب النفس والشك. وقد يدخل الشك على بعض الناس في قضايا لا يشرع لهم أبدًا السؤال فيها، فهل يجوز لإنسان دخل على بيت مسلم مستور مايعرف عنه أي ريبة، وُضِع له الطعام، أن يقول له: المال الذي اشتريت به هذا العشاء من أين أتيت به. هل هذا من الورع؟!!، وفي ذلك إيذاء للمسلم لأن سؤالك هذا اتهام له! واتهام المسلم ووضعه في موضع الشك بدون قرينة ولا دليل ولا بينة لا يجوز وسوء ظن، وإيذاء المسلم للمسلم حرام. أحيانًا تأتي أشياء تستدعي التورع، مثلًا إذا دخل حلال قليل في حرام كثير فعند ذلك تكون هذه القضية مما يدفع الإنسان إلى الورع فعلًا. كذلك إذا كانت القضية في الأبضاع واللحوم كما تقدم. مثلًا هناك امرأة ثقة وجئتَ لتخطب فتاة فقالت أنا أرضعتها أو أرضعت أختها، أنا متأكدة أني أرضعت إحدى الأختين، لا أدري أيتهما، فالورع أن تترك الزواج من كلتيهما. مثلًا  اثنان ذبحا ذبيحتين، إحداها ذبحها هندوسي والأخرى ذبحها مسلم، جئت لتشتري وأنت تعلم ذلك ولكن لا تدري أيتهما التي ذبحها هذا وأيتهما التي ذبحها الآخر فلا تشتري.  مسألة اللحوم والأبضاع شديدة في الشرع ولذلك يحتاط فيها في أشياء أكثر من غيرها، ولكن بشرط أن لا يصل إلى الوسوسة أيضًا، فلو أن هذه ذبيحة مسلم لا يجوز لك أن تشك فيها. إذًا هناك وسوسة في هذه القضايا لا يجوز الالتفات إليها، وورع الموسوسين مثاله؛ قال ابن حجر في فتح الباري: “ورع الموسوسين كمن يمتنع من أكل الصيد خشية أن يكون الصيد كان لإنسان ثم أفلت منه، وكمن يترك شراء ما يحتاج إليه من مجهول لا يدري أماله حلال أم حرام، وليست هناك علامة تدل على الثاني”.

خطبة عن الورع

الحمدُ لله فاطرِ الأرض والسموات، عالم الأسرار والخفيات، المطلع على الضمائر والنيات، أحاط بكل شيء علمًا، ووسع كل شيء رحمة وحلمًا، وقهر كل مخلوق عزة وحكمًا، يعلم ما بين أيديهم وما خلفَهم ولا يحيطون به علمًا، لا تدركه الأبصار، ولا تغيره الدهور والأعصار، ولا تتوهّمه الظنون والأفكار، وكل شيء عنده بمقدار، أتقن كلَّ ما صنعه وأحكمه، وأحصى كلَّ شيء وقدره، وخلق الإنسان وعلّمه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة من عرف الحق والتزمه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفضل من صدع بالحق وأسمعه، اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وسائر من نصره وكرمه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

عباد الله: أخرج الشيخان البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “اشترى رجلٌ من رجل عقارًا، فوجد الذي اشترى العقار في عقاره جَرَّة فيها ذهب، فقال الذي اشترى العقار للبائع: خذ ذهبك، أنا اشتريت منك الأرض، ولم أشترِ الذهب؛ وقال الذي باع له الأرض: إنما بعتُك الأرض وما فيها؛ فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟! قال أحدُهما: نعم؛ وقال الآخر: لي جارية -أي بنت-؛ قال: أنكحا الغلام الجارية، وأنفقا على أنفسهما منه؛ فانصرفا”.

إن من يقرأ هذا الحديث لا يدري بأيهما يعجب أكثر؛ من البائع، أم من المشتري، أم الحكم؟! فكل واحد منهم أشد عجبًا، أي خلق هذا الذي يضبط النفوس ويوجه السلوك ويولد القناعات!! إنه خلق الورع الذي به تزكو النفوس، وبه يرتقي العبد في مراتب الإيمان ودرجاته، وبه ينال العبد محبة الله ومحبة خلقه، وبه تعم السعادة حياة الأفراد والمجتمعات، وبه يعرف الحق من الباطل والخير من الشر والحلال من الحرام.

والورع يعني أداء الإنسان للواجبات وترك المحرمات والبعد الشبهات؛ خوفًا وتعبدًا لرب الأرض والسماوات الذي وصف عباده فقال: (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) [المؤمنون: 57-61].

لقد كان -صلى الله عليه وسلم- يغرس خلق الورع في نفوس أصحابه؛ لأن به تستقيم الحياة؛ فعن النعمان بن البشير -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “الحلال بيِّن والحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب”. متفق عليه.

وكان -صلى الله عليه وسلم- يحث أصحابه على الورع حتى يكون خلقًا وسلوكًا يمارس في واقع الحياة، وتظهر ثمرته على الفرد والمجتمع والأمة؛ فقال -صلى الله عليه وسلم-: “يا أبا هريرة: كن ورعًا تكن من أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن من أغنى الناس، وأحب للمسلمين والمؤمنين ما تحب لنفسك وأهل بيتك، واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك تكن مؤمنًا، وجاور من جاورت بإحسان تكن مسلمًا، وإياك وكثرة الضحك؛ فإن كثرة الضحك فساد القلب”. صحيح الجامع 7833.

وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “فضل العلم خير من فضل العبادة، وخير دينكم الورع”. صحيح الترغيب والترهيب 3308.

وقال معاوية بن قرة: “دخلت على الحسن البصري وهو متكئ على سريره، فقلت: يا أبا سعيد: أي الأعمال أحب إلى الله؟! قال: الصلاة في جوف الليل والناس نيام. قلت: فأي الصوم أفضل؟! قال: في يوم صائف. قلت: فأي الرقاب أفضل؟! قال: أنفسها عند أهلها وأغلاها ثمنًا. قلت: فما تقول في الورع؟! قال: ذاك رأس الأمر كله”.

عباد الله: إذا غاب الورع من حياتنا فإن الإنسان لا يُبالي من أينَ أتَت دنياه، وبأيّ طريقٍ وصَلَت لُقمتُه، وعلى أيّ حال كانت مُتعته، وعلى أيّ محرّمٍ كانت شهوتُه!! وإذا غاب الورع من حياتنا ساءت أخلاق الناس فلا ترى إلا غشًّا وخداعًا في المعاملات، وظلمًا وعدوانًا وهضمًا للحقوق والواجبات، وتعديًا على الأعراض والنفوس والممتلكات.

إننا بحاجة إلى خلق الورع لتقوى الروابط وتزيد الألفة بين أبناء المجتمع، ويحفظ كل واحد منا ود صاحبه وأخيه، إن الأمم لا تسود إلا بقيم، وإن الحياة لا يبنيها إلا العظماء عند يحملون غاياتٍ عظيمة وأخلاقٍ نبيلة، ولهذا سادت أمتنا وانتشر فضلها وخيرها في آفاق الدنيا، وما زالت مآثر رجال الإسلام ونساءه وشبابه تذكر إلى اليوم، وإن أبواب الجنة لا يطرقها إلا أصحاب الأخلاق العظيمة مهما كانت حاجتهم وكيفما كانت ظروفهم؛ عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “هل تدرون أول من يدخل الجنة من خلق الله؟!”، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: “أول من يدخل الجنة من خلق الله الفقراء والمهاجرون الذين تسد بهم الثغور ويتقى بهم المكاره ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاءً، فيقول الله -عز وجل- لمن يشاء من ملائكته: ائتوهم فحيوهم، فتقول الملائكة: نحن سكان سمائك، وخيرتك من خلقك، أفتأمرنا أن نأتي هؤلاء فنسلم عليهم؟! قال: إنهم كانوا عبادًا يعبدونني لا يشركون بي شيئًا، وتسد بهم الثغور ويتقى بهم المكاره، ويموت أحدهم حاجته في صدره لا يستطيع لها قضاءً، قال: فتأتيهم الملائكة عند ذلك فيدخلون عليهم من كل باب: (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)“. رواه أحمد (10/77)، وإسناده صحيح.

قدم على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مسك وعنبر من البحرين، فقال عمر: “والله لوددت أني أجد امرأة حسنة، تزن لي هذا الطيب حتى أفرقه بين المسلمين، فقالت له امرأته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل: أنا جيدة الوزن، فهلم أزن لك؟! قال: لا. قالت: ولم؟! قال: إني أخشى أن تأخذيه هكذا -وأدخل أصابعه في صدغيه- وتمسحين عنقك، فأصيب فضلاً عن المسلمين”. أ حمد بن حنبل: الورع ص37.

أي ورع هذا وأي عظمة هذه؟! إن الورع هو أن تجد الخير والحق والمعروف فتلتزمه، والشر والباطل والحرام فتجتنبه؛ طاعة لله وخوفًا من عقابه وطمعًا في جنته؛ يقول أبو هريرة -رضي الله عنه-: “جلساء الله غدًا أهل الورع والزهد”.

جاءت أخت بشر الحافي إلى الأمام أحمد بن حنبل وقالت: “إنا نغزل على سطوحنا فتمر بنا مشاعل الظاهرية –وهي أضواء بيت جيرانهم-، ويقع الشعاع علينا، أيجوز لنا الغزل في شعاعها؟! فقال أحمد: من أنتِ عافاك الله تعالى؟! فقالت: أخت بشر الحافي: فبكى أحمد، وقال: من بيتكم يخرج الورع الصادق، لا تغزلي في شعاعها”.

الورع يسير لمن يسَّره الله عليه، يقول سفيان الثوري: “ما رأيت أسهل من الورع! ما حاك في نفسك فاتركه”.

وعن النواس بن سمعان قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس”. رواه مسلم.

ويقول -صلى الله عليه وسلم-: “البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما لم تسكن إليه النفس ولم يطمئن إليه القلب وإن أفتاك المفتون”. صحيح الجامع: 2881.

عباد الله: فإذا كان الورع بهذه الأهمية في حياة المسلم فإنه في وقت الأزمات والفتن والمشاكل والصراعات أكثر أهمية؛ لأن الورع يحرس صاحبه ويمنعه عن الوقوع في المحرمات أو التقصير والتفريط في أداء الواجبات، وهو طوق للنجاة في الدنيا والآخرة، به تحفظ الأعراض والدماء والأموال، وهو سبب لبذل المعروف وقناعة النفس وسخاء اليد، وبه يُحفظ اللسان عن القيل والقال والغيبة والنميمة وإثارة الفتن وتأجيج الصراعات، وبالورع يختفي الجشع والطمع والاحتكار بين الناس، فلنزكِّي نفوسنا بهذا الخلق العظيم ونجعله سلوكًا في حياتنا، نحفظ مجتمعنا وأخوتنا.

فاللهم املأ قلوبَنا بتقواك، واجعلنا نخشَاك كأنّا نراك، وبارِك لنا في القرآن والسنّة، وانفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة، قلت قولي هَذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

الورع الكاذب

رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا في السوق يحمل تمرة وينادي عليها صارخا \” لقد وجدت تمرة فمن صاحبها \” ؟ ولما رأى عمر أنه يفعل ذلك تظاهراً بالورع , علاه بالدرة وقال له : دعك من هذا الورع الكاذب !.
فبعض الناس يدعي الورع وليس كذلك , وبعضهم يدعي الصلاح وهو ليس من أهله ,قال تعالى : \” قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) سورة الكهف .
فهو يريد أن يخدع الناس ويتشبه بما لا يعطى, وهو بذلك كمن يلبث ثوبي زور , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيِّ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَلْيَجْزِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَا يَجْزِيهِ ، فَلْيُثْنِ عَلَيْهِ ، فَإِنَّهُ إِذَا أَثْنَى عَلَيْهِ فَقَدْ شَكَرَهُ ، وَإِنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ ، وَمَنْ تَحَلَّى بِمَا لَمْ يُعْطَ ، فَكَأَنَّمَا لَبِسَ ثَوْبَىْ زُورٍ.أخرجه \”البُخَارِي\” ، في (الأدب المفرد) 215 .
وجاء رجل من أهل العراق إلى ابن عمر وقت الحج يسأله عن بعوضة قتلها، فهل عليه دم أم لا؟! فقال ابن عمر: سبحان الله، يا أهل العراق تقتلون ابن رسول الله (أي الحسين بن علي) وتسألون عن دم البعوض!.
ويروي أن عائشة رضي الله عنها نظرت إلى رجل متماوت فقالت ما هذا فقالوا أحد الفقراء فقالت قد كان عمر رضي الله عنه قارئا فكان إذا مشى أسرع وإذا قال أسمع وإذا ضرب أوجع .
قال ويروي أن عمر رضي الله عنه رأى رجلا مظهرا للنسك متماوتا فخفقه بالدرة وقال لا تمت علينا ديننا أماتك الله , وفي رواية : ارْفَعْ رأسَك فإن الإسلام ليس بِمَريِض.
وروى الإمام أحمد بإسناده إلى أبي الدرداء، قال: أستعيذ بالله من خشوع النفاق. قال: أن ترى الجسد خاشعاً والقلب ليس بخاشع.
وقال سفيان الثوري: سيأتي أقوام يخشعون رياء وسمعة، وهم كالذئاب الضواري، غايتهم الدنيا، وجمع الدراهم من الحلال والحرام. راجع : السيوطي : الأمر بالإتباع والنهي عن الابتداع ص 20.
وجاء رجل زنى بامرأة إلى أحمد بن حنبل يسأله عن ابنه من الزنا، فقال له: لماذا لم تعزل، فقال الرجل: بلغني أن العزل مكروه، فقال أحمد: أو لم يبلغك أن الزنا حرام؟!.
فالورع الكاذب يجعل المرء يسأل فيما لا يعنيه كل ذلك رياءً وسمعة وتظاهراً .
قال أبو سليمان الخطابي في كتاب العزلة ص91: أخبرني الحسن بن محمد بن عبدويه قال: أخبرني بعض أهل العلم قال: كان يختلف معنا رجل إلى أبي ثور ، وكان ذا سمت ، وخشوع ، فكان أبو ثور إذا رآه جمع نفسه ، وضم أطرافه ، وقيد كلامه ، فغاب عن مجلسه مدة ، فتعرف خبره ، فلم يوقف له على أثر ، ثم عاد إلى المجلس بعد مدة طويلة ، وقد نحل جسمه ، وشحب لونه ، وعلى إحدى عينيه قطعة شمع قد ألصقها بها فما كاد يتبينه أبو ثور ، ثم تأمله ، فقال له : ألست صاحبنا الذي كنت تأتينا ؟قال: بلى.قال: فما الذي قطعك عنا ؟فقال: قد رزقني الله سبحانه الإنابة إليه ، وحبب إلى الخلوة ، وأنست بالوحدة ، واشتغلت بالعبادة .قال له: فما بال عينك هذه ؟قال: نظرت إلى الدنيا فإذا هي دار فتنة ، وبلاء قد ذمها الله تعالى إلينا ، وعابها ، وذم ما فيها ، فلم يمكني تغميض عيني كلتيهما عنها ، ورأيتني ، وأنا أبصر بإحداهما نحوا مما أبصر بهما جميعا ، فغمضت واحدة ، وتركت الأخرى .فقال له أبو ثور: ومنذ كم هذه الشمعة على عينك ؟قال: منذ شهرين ، أو نحوهما !قال أبو ثور: يا هذا أما علمت أن لله عليك صلاة شهرين ، وطهارة شهرين !انظروا إلى هذا البائس قد خدعه ا لشيطان ، فاختلسه من بين أهل العلم ، ثم وكل به من يحفظه ، ويتعهده ويلقنه العلم.قال أبو سليمان : فالعزلة إنما تنفع العلماء العقلاء ، وهي من أضر شيء على الجهال ، وقد روينا عن إبراهيم أنه قال لمغيرة: تفقه ثم اعتزل .
بل قد يجعله هذا الورع الكاذب يترك النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحجة البعد عن الشهرة .
قال الحسن البصري لمطِّرف بن عبد الله رحمهما الله: عظ أصحابك، فقال: إني أخاف أن أقول ما لا أفعل، قال: يرحمك الله! وأينا يفعل ما يقول؟!، ويود الشيطان أنه قد ظفر بهذا، فلم يأمر أحد بمعروف، ولم ينه عن منكر.
ولله در مالك عندما عابه العمري الزاهد باشتغاله بنشر العلم، واجتماعه بالناس وحثه على العزلة، لم يستجب له. فرد عليه مالك: (إنَّ الله قسم الأعمال كما قسم الأرزاق، فرب رجل فتح له في الصلاة، ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الجهاد. فنشر العلم من أفضل أعمال البر، وقد رضيت بما فتح لي فيه، وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه، وأرجو أن يكون كلانا على خير وبر).
وقال الإمام أبو محمد عبد الرحمن أبي حاتم الرازي في كتابه في فضائل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى سمعت أبي يقول كان أحمد بن حنبل إذا رأيته تعلم أنه لا يظهر النسك رأيت عليه نعلا لا تشبه نعل القراء له رأس كبير معقف وشراكة مسبل كأنه اشترى له من السوق ورأيت عليه إزارا وجبه بر مخططة من أثمار جوز قال عبد الرحمن أراد بهذا والله أعلم ترك التزي بزي القراء وإزالته عن نفسه ما يشتهر به .
قال عليّ بن الفضيل بن عياض رحمه الله : يا أبتِ، ما أحلى كلامَ أصحابِ محمد ! قال: \”يا بنيّ، أو َتَدري لِم حَلاَ؟\” قال: لا يا أبت، قال: \”لأنّهم أرادوا به اللهَ تبارك وتعالى\”.
قال أبو نواس:

وإذا نزعت عن الغواية فليكن * * * لله ذاك النزع لا للناس

وقال لقمان لابنه: اتق الله ولا تري الناس أنك تخشاه ليكرموك. وكان الناس يراؤون بما يفعلون فصاروا يراؤون بما لا يفعلون. وقيل: ما الدخان بأدل على النار من ظاهر أمر الرجل على باطنه.
ويقال: إن بلال بن أبي بردة وفد على عمر بن عبد العزيز فجعل يديم الصلاة فقال عمر: ذلك للتصنع!فقال له العلاء: أنا آتيك بخبره. فجاءه وهو يصلي فقال له: ما لي عندك أن بعثت أمير المؤمنين على توليتك العراق؟قال: عمالتي سنة، وكان مبلغه عشرين ألف درهم فقال: اكتب به خطك، فكتب إليه فجاء العلاء إلى عمر فأخبره فقال: أراد أن يغرنا بالله فكدنا أن تغتر!.
قال أحدهم :

إذا نصبوا للقول قالوا فأحسنوا * * * ولكن حسن القول خالفه الفعل
وذموا لنا الدنيا وهم يرضعونها * * * أفاويق حتى ما يدر لها رسل

وصلى رجل بحضرة الشعبي فأطال، فقال الشعبي: ما أحسن صلاته!فلما سلم الرجل قال: وأنا مع هذا صائم!وقال ذو اليمينين لأبي بكر المروزي: مذ كم صرت إلى العراق؟قال: مذ عشرين سنة وأنا أصوم مذ ثلاثين سنة. الراغب الأصفهاني : محاضرات الأدباء 1/499.
وهذا النوع من الورع الكاذب هو نوع من التدين المغشوش الذي فيه دخن , عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيِّ , قَالَ : سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ:كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَيْرِ ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ ، مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ , إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ , فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ قَالَ : نَعَمْ , فَقُلْتُ : هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ , قَالَ : نَعَمْ ، وَفِيهِ دَخَنٌ . قُلْتُ : وَمَا دَخَنُهُ ؟ قَالَ : : قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي , وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِِي ، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ . فَقُلْتُ : هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا . فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ , صِفْهُمْ لَنَا . قَالَ : نَعَمْ ، قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا ، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا . قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ , فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ ؟ قَالَ : تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ . فَقُلْتُ : فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ ؟ قَالَ : فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا ، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ ، حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ ، وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ. أخرجه البُخَارِي 4/242(3606) و\”مسلم\” 6/20(4812) و\”ابن ماجة\” 3979 .
فديننا دين عزة وكرامة وإخلاص وورع يقصد بهما وجه الله تعالى وليس التظاهر أمام الناس وإدعاء المرء بما ليس فيه , فراقب نيتك دائما وصححها واجعل أعمالك خالصة لله رب العالمين .
رزقنا الله وإياكم الإخلاص في السر والعلانية وجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم أن نلقاه .

الورع في القرآن

الـورع
قال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) قال الطبري : وأما من خاف مسألة الله إياه عند وقوفه يوم القيامة بين يديه، فاتقاه بأداء فرائضه،واجتناب معاصيه(وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى)ونهى نفسه عن هواها فيما يكرهه اللـه، ولا يرضاه منها، فزجرها عن ذلك، وخالف هواها إلى ما أمره به ربه ( فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) فإن الجنة هي مأواه ومنزله يوم القيامة.
• معنى الورع في الأصل: الكفّ عن المحارم، والبعد عن الشبهات.
• عرف ابن القيم الورع بقوله: ترك ما يُخشى ضرره في الآخرة.
• وَرَعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللـه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللـه عَنْهُ قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللـه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرَةٍ مَسْقُوطَةٍ فَقَالَ: [ لَوْلَا أَنْ تَكُونَ مِنْ صَدَقَةٍ لَأَكَلْتُهَا] رواه البخاري ومسلم.
• كيف تعرف ورع الرجل: قال يونس بن عبيد: إنك تكاد تعرف ورع الرجل في كلامه إذا تكلم.
• أشد الأعمال: قال بشر بن الحارث: أشد الأعمال ثلاثة: الجود في القلَّة، والورع في الخلوة، وكلمة الحقِّ عند من يخاف منه ويرجى.
• قال وهب بن منبه : ثلاث من العلم:
1- ورع يحجزه عن معاصي اللـه.
2- وخلق يداري به الناس.
3- وحلم يرد به جهل الجاهل.
• صورة من الورع :لقد بلغ من ورع سلف هذه الأمة مخافة الوقوع في الحرام الكثير، فقد رجع عبد اللـه بن المبارك من مرو إلى الشام لكي يعيد قلما إستعاره من صاحبه .
• الورع المظلم : قال محمد بن إبراهيم بن مربع : كنت عند أحمد بن حنبل وبين يديه محبرة، فذكر أبو عبد اللـه حديثا فاستأذنته أن أكتب من محبرته فقال: اكتب يا هذا فهذا ورع مظلم.
• من القواعد في الورع : ما نبه عليه شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: الواجبات والمستحبات لا يصلح فيها زهدٌ ولا ورع ، وأما المحرمات والمكروهات فيصلح فيها الزهد والورع .

السابق
ما هي ذنوب الخلوات
التالي
دواء أدول مركب-adol compound tablets

اترك تعليقاً