ديني

ما هو عذاب يوم الظلة

ما هو عذاب أصحاب الأيكة

بعد أن حاول نبي الله شعيب كثيرًا أن يهدي أصحاب الأيكة، وبعد ما لقيه منهم من استهزاء وتكذيب صاروا يطالبونه أن يُنزل عليهم عذابًا من السماء، ويستهزئون به وبعذابه المزعوم،[٨] فلمّا جاء الأمرُ وآن الموعد أمرَ الله -تعالى- نبيّه شعيب أن يخرج هو والقوم الذين آمنوا معه من القرية، ولحق بأهل مدين، أو أصحاب الأيكة عذابًا من ثلاث جهات على الصّحيح، فقد أظلّتهم سحابة فيها شرر من نار ولهب ووهج عظيم، ثمّ جاءت صيحة من السماء، وأتبعتها رجفة في الأرض، فحاق بهم عذاب شديد يستحقّونه بتكذيبهم رسل الله -عزّ وجلّ- وظلمهم لأنفسهم ولغيرهم من البشر، وهكذا انتهت قصة أصحاب الأيكة.

عذاب قوم شعيب

قصة قوم شعيب

قوم شعيب أمة كافرة تسكن في أرض الأردن وتسمى مدين، بعث الله إليها نبيه شعيبًا عليه السلام يدعوهم إلى عبادة الله وحده ونبذ عبادة ما سواه وكانوا مع شركهم يبخسون الناس أشياءهم ينقصون المكيال والميزان‏.

‏ فهم يسيئون في حق الله سبحانه وتعالى ويسيئون في حق الناس، كما قال سبحانه‏:‏ ‏{‏وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ‏}‏ ‏[‏سورة هود‏:‏ آية 84‏]‏ الآية فهم جمعوا بين هاتين الجريمتين، ولمّا حذرهم نبي الله شعيب عليه السلام من نقمة الله وبطشه استهزءوا وقالوا‏:‏ ‏{‏أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ‏}‏ ‏[‏سورة هود‏:‏ آية 87‏]‏ فانتهى أمرهم إلى أن عاقبهم الله عقابًا مستأصلاً فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم‏.‏ ويوم الظلة ذكر المفسرون أن الله سبحانه وتعالى ألقى عليهم حرًا شديدًا يصلاهم في بيوتهم ومساكنهم، فلما اشتد عليهم الحر في بيوتهم خرجوا إلى الصحارى وهي ملتهبة بسبب الرمضاء وأشعة الشمس المحرقة، ثم إن الله سبحانه ساق سحابة لها ظل ففرحوا بها واجتمعوا تحتها ووجدوا فيها بردًا، فلما تكاملوا تحتها أمطرتهم نارًا تلظّى فأهلكهم الله سبحانه وتعالى بذلك‏.‏ هذه قصة إهلاكهم‏.‏

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى‏:‏ وقد ذكر الله صفة إهلاكهم في ثلاثة مواطن كل موطن بصفة تناسب ذلك السياق ففي الأعراف ذكر أنهم ‏{‏فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ‏}‏ ‏[‏سورة الأعراف‏:‏ آية 78‏]‏ وذلك لأنهم قالوا‏:‏ ‏{‏لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا‏}‏ ‏ [‏سورة الأعراف‏:‏ آية 88‏]‏ فأرجفوا بنبي الله ومن اتبعه فاخذتهم الرجفة، وفي سورة هود قال ‏:‏ ‏{‏وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ‏}‏ ‏[‏سورة هود‏:‏آية 67‏]‏ وذلك لأنهم استهزءوا بنبي الله في قولهم‏:‏ ‏{‏أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ‏}‏ ‏[‏سورة هود‏:‏ آية 87‏]‏ قالوا ذلك على سبيل التهكم والازدراء فناسب أن تأتيهم صيحة تسكتهم فقال‏:‏ ‏{‏وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ‏}‏ ‏[‏سورة هود‏:‏ آية 67‏]‏ الآية، وهاهنا – يعني في سورة الشعراء – قالوا‏:‏ ‏{‏فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ‏}‏ ‏[‏سورة الشعراء‏:‏ آية 187‏]‏ على وجه التعنت والعناد فناسب أن يحق عليهم ما استبعدوا وقوعه ‏(‏فأخذهم عذاب يوم الظلة‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ إنه كان عذاب يوم عظيم‏.‏

قال قتادة‏:‏ قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما‏:‏ إن الله سلّط عليهم الحر سبعة أيام حتى ما يظلهم منه شيء، ثم إن الله أنشأ لهم سحابة فانطلق إليها أحدهم فاستظل بها وأصاب تحتها بردًا وراحة، فأعلم بذلك قومه فأتوها جميعًا فاستظلوا تحتها فأججت عليهم نارًا نعوذ بالله من ذلك.

عذاب الرجفة

 فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ

أخبر تعالى هاهنا أنهم أخذتهم الرجفة كما أرجفوا شعيبا وأصحابه وتوعدوهم بالجلاء ، كما أخبر عنهم في سورة ” هود “ فقال : ( ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين ) [ هود : 94 ] والمناسبة في ذلك – والله أعلم – أنهم لما تهكموا بنبي الله شعيب في قولهم : ( أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد ) [ هود : 87 ] فجاءت الصيحة فأسكتتهم .

وقال تعالى إخبارا عنهم في سورة الشعراء : ( فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم ) [ الشعراء : 189 ] وما ذاك إلا لأنهم قالوا له في سياق القصة : ( فأسقط علينا كسفا من السماء [ إن كنت من الصادقين ] ) [ الشعراء : 187 ] فأخبر أنه أصابهم عذاب يوم الظلة ، وقد اجتمع عليهم ذلك كله : أصابهم عذاب يوم الظلة ، ” وهي سحابة أظلتهم فيها شرر من نار ولهب ووهج عظيم ، ثم جاءتهم صيحة من السماء ورجفة من الأرض شديدة من أسفل منهم ، فزهقت الأرواح ، وفاضت النفوس وخمدت الأجساد ، ( فأصبحوا في دارهم جاثمين )

معنى الظلة

  1.  شَعْريَّة أَو شَبَكة من خَشب أو مَعْدِن تمكِّن الرُّؤْية من خِلالها.
    “ظُلَّةُ شُبّاك”
  2.  ما يُسْتظَلّ به من الحرِّ أو البرد.
    “ظُلَّهُ شَجَرة”

أصحاب الرس

أصحاب الرس قوم من الأقوام الذين كذبوا رسولهم وأهلكهم الله سبحانه وتعالى كما يدل عليه القرآن. قال تعالى: وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (38) وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا {الفرقان: 38-39} والتتبير: الهلاك.

وقال تعالى: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (12) وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ (13) وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ {ق: 12-14} فأصحاب الرس كذبوا وحق عليهم الوعيد فأهلكوا.

وقد اختلف العلماء في تعيينهم فقال بعضهم: هم أصحاب الأخدود المذكورون في سورة البروج، وهذا اختيار ابن جرير. وقال عكرمة: هم أصحاب يس المذكورون في سورة يس، واستظهر ابن كثير أنهم غيرهم واستبعد اختيار ابن جرير.

وروي عن ابن عباس أنهم أهل قرية من قرى ثمود. وروي عنه أيضا: الرس بئر بأذربيجان وسموا أصحاب الرس لأنهم رسوا نبيهم في البئر، أي قتلوه ودفنوه في البئر على ما قاله عكرمة.

السابق
تقاليد الزواج في فلسطين
التالي
ما الزواج

اترك تعليقاً