منوعات

مراحل الترجمة

خطوات الترجمة

أولًا: قراءة النص الأصلي قراءة استطلاعية

يقرأ المترجم النص قراءة استطلاعية كي يفهم محتواه وموضوعه وطبيعة أسلوب الكاتب، بالمختصر المفيد “يأخذ فكرة عامة عنه”. أيضًا يُحدد المترجم في هذه الخطوة أي مصطلح غريب يواجهه أو حتى معلومة لم يسمع عنها من قبل.

ثانيا: ترجمة مبدئية (المسوّدة الأولى)

يترجم المترجم النص ترجمة مبدئية، يتعرف بها أكثر على أسلوب الكاتب، كما يستطيع فك شفرات النص مبدئيًا.

ثالثا: التعمق في الترجمة والبحث (المسوّدة الثانية)

هنا يغوص المترجم في أعماق النص، يترجم المصطلحات الغريبة التي واجهته بعد أن بحث عنها بحثًا مستفيضًا، وقد يحتاج المترجم إلى البحث عن معلومات ذُكرت في النص ليترجم وهو متمكن من النص من جميع نواحيه. فبالبحث والقراءة يبني المترجم ثقافته.

رابعا: التحقق من الترجمة

بعد الانتهاء من المسودة الثانية، يقارن المترجم نصه المترجَم بالنص المصدر ليتحقق من ترجمته، وهذه المرحلة مهمة جدًا، لماذا برأيك؟ كي يؤكد أنه لم يغفل عن ترجمة كلمة أو جملة، أو أن يكون أخطأ في فهم مقصد الكاتب في جملة ما.

خامسًا: الابتعاد عن النص

هنا يستريح المترجم ساعات معدودات أو حتى يومًا بعيدًا عن ترجمته ليصفي ذهنه، ثم يعود لقراءة النص بذهن صاف.

سادسًا: قراءة النص مرة أخرى

هنا ينسى المترجم أنه مترجم، فيتقمص شخصية القارئ ليؤكد خلو النص من الأخطاء، ويؤكد أيضًا منطقية أفكاره وترابطها. وتشبه هذه المرحلة لعبة التركيب (Puzzle)، فيدقق المترجم النص تدقيقا لغويًا ويعيد تركيبه، يقدم جملة ويؤخر أخرى كي ينتج نصًا أصيلًا بعيدًا عن الأسلوب الغريب المعقد، نصًا يحترم الجمهور المستهدف، لأن المترجم من المفترض ألا يرضى أن يقدم لهذا الجمهور نصًا معوقًا لم يُقرأ ولم يُنقح قبل وضعه بين أيديهم. لن تتخيلوا كم هي مهمة هذه الخطوة في الترجمة، فقراءة النص المترجَم عدة مرات تكشف للمترجم أخطاء فادحة لم يكن يتوقعها، ليقول “الحمد لله أني لم أتسرع في تسليم الترجمة!”

تعريف الترجمة وأهميتها

  • تعريف الترجمة اصطلاحيًّا: الترجمة أحد الأنشطة البشرية التي وُجدت منذ القدم، وتهدف إلى تفسير المعاني التي تتضمَّنها النصوص، وتحويلها من إحدى اللُّغات (لُغة المصدر) إلى نصوص بلُغة أخرى (اللُّغة المُستهدفة).
  • تعريف الترجمة لغويًّا: كلمة ترجمة على وزن “فعللة”، والمصدر هو ترجم “فعلل”، والجمع هو “تراجم”، واسم الفاعل منها هو “ترجمان”، ولتلك الكلمة أكثر من معنى في اللغة العربية، فهي تعني تبيان الاستيضاح والتبيان، وفي مواضع أخرى تعني التَّعرُّف على سيرة أحد الأشخاص، وكذلك تعني عملية تحويل للكلام إلى أفعال.

تهتم ترجمة النصوص بانتقال اللغة المكتوبة أو اللغة المسموعة إلى اللغة الذي يفهمها القارئ أو السامع وذلك من أجل توصيل المعلومات أو المقصود من الكتابة أو الخطاب المُلقى كما ما يود صاحبه، أي لا ينشأ أي من سوء الفهم من قبل المستمع أو القارئ حول ما يقصده الكاتب أو الذي يلقي كلمة ما.

تتمثل أهمية الترجمة ولا سيما ترجمة النصوص في نشر العلوم والمعرفة بين الناس ولا سيما بين الشعوب. علاوة على ذلك، تمارس عملية ترجمة النصوص أهمية كبرى في فهم الثقافات المختلفة، حيث يقوم الكاتب بعكس ثقافته وكذلك ثقافة بلده من خلال الكتب والمؤلفات التي يقوم بكتابتها، حيث يقوم المترجم بدوره المتمثل في ترجمة النصوص التي من شأنها أن تعكس مدى ثقافة مجتمع المؤلف حول موضوع النص، ومن هنا يجدر الذكر بأن المترجم يعد حلقة وصل بين الشعوب، فهو الأساس التي يعتمد عليه فهم القارئ لموضوع من الموضوعات المترجمة ولا سيما الموضوعات التي كانت قد كتبت في لغة غير لغة الأم للقارئ أو لغة لا يفهمها القارئ.

لا شك أن المترجم الجيد هو المترجم الذي يعي تمامًا الأهمية التي تمثلها عملية الترجمة وذلك من أجل أن يكون أكثر حرصًا أثناء عملية الترجمة على القيام بترجمة النصوص وفق القواعد الأساسية لعملية الترجمة والتي من شأنها أن تساعد المترجم على الترجمة الصحيحة وكذلك تساعد القارئ على استيعاب النص المترجم على نحوٍ صحيح. علاوة على ذلك، يتوجب على المترجم الجيد أن يراعي الفروق الفردية للقراء وبالتالي يقوم باختيار معاني الكلمات التي تناسب جميع القراء والتي من شأنها تسهل على القراء فهم المقصود من النص الأصلي.

نشأة الترجمة

يُعتقد بأن الترجمة فن قديم جدا كقِدَم الأدب المكتوب، فقد وجدت أجزاء من الملحمة السومرية المعروفة بجلجامش مترجمة إلى عدد من اللغات الآسيوية، منذ الألفية الثانية قبل الميلاد، أما الترجمة في الحضارة العربية والإسلامية فقد بدأت منذ القديم البعيد ولكنها ازدهرت في بداية ازدهار الإسلام.

علم الترجمة

سأتحدَّث في هذا المقال عن ماهية علمِ الترجمة؛ حيث سأبيِّن موضوعَه وفحواه والمقصود به، ثم سأفصِّل في كيفية انبثاقِ هذا العِلْم، حتى أصبَحَ على الوضع الذي هو عليه الآن، وأتناول أيضًا بعض مبادئه ومُنَظِّريه وإطارَه العلميَّ العام، وكذا الدور الكبير الذي مِن الممكن أن يلعبَه في إحياء الحياة الثقافيَّة بالمجتمعات.

الترجمة هي عمليَّة نقلِ خطابٍ شفويٍّ أو تحريريٍّ من اللغةِ المَصْدرِ إلى اللغة الهدف، ويحوي هذا الخطابُ معنى وأفكارًا ومعلوماتٍ، ورسالةً وقَصْدَ كاتبِ النص.

نستشفُّ من خلال هذا التعريف المختصر المُبَسَّط العناصرَ الداخلة في تكوين هذا العلم؛ ابتداءً بالمترجِم الذي هو محور عمليةِ الترجمة، إلى النصِّ الذي ينبثق عن هذه العملية، واللغة التي هي الأداة والوسيلة، والضامن لإحداث التواصل والتفاعل بين ناطقَين بلغتَين مختلفتين، يبحثان عن التواصل بينهما.

ولقد كانت الترجمة في السابق عبارةً عن فنٍّ؛ حيث كان يكفي في المترجِم أنْ يمتلك المَلَكَة التحريريَّة ويكون كاتبًا، حتى يتمكَّن من ممارسة هذه المهنة، لكنها أصبحت فيما بعدُ علمًا؛ وهذا نتيجة الإمداد الكبير الذي حصل لها عن طريق الدراسات اللسانيَّة المختلفة، ثم انفصلت الترجمة تدريجيًّا عن اللسانيات، وأصبحت علمًا قائمًا بذاته؛ حيث أصبح لها منظِّروها ومبادئها ونظرياتها ومقارباتها، فمَنَحَتها اللسانياتُ الصِّبغةَ العلميَّة خاصة في جانبها اللغويِّ، وأصبحت ممارسةُ الترجمة تحتاج إلى تكوين خاصٍّ بها في الجامعة، وهكذا يؤهَّل ممارسُها، ويصبح مترجِمًا معترَفًا به مِن قِبَل السُّلْطة الرَّسْمية.

للترجمة ثلَّة من المنظِّرين المعروفين عبر العالَم، مِن كندا وفرنسا وبريطانيا وغيرها، ولها مقاربات ونظريات عديدة كما أسلَفْتُ، نمنح مثالًا عنها: “النظرية التأويلية” للمنظرتين “دانيكا سلسكوفيتش” و”ماريان لوديرار”، القائمة أساسًا على المعنى، وهناك النظرية الأدبيَّة والفلسفيَّة، والمقاربة اللسانيَّة ذات المرتكز اللسانيِّ، مِن أبرز منظِّريها “جون بول فيني” و”جون داربلني”، هذا ما ساهم في صبغ الترجمة بالصبغة العلميَّة، مِن خلال مقارنةٍ أجريت بين اللغة الفرنسية والإنجليزية، وانطلاقًا منها تمَّ استحداثُ حلولٍ يمكن للمترجِم أن يلجأَ إليها أثناء ممارسته لمهمَّتِه الترجمية، من خلال أنماطٍ لترجمات الجُمَل، فعَبْرها يتمُّ التعامل مع اللغة وتراكيبها النحْويَّة.

وتتعلَّق الترجمة بمختلف أنواعِ النصوص؛ كالنصِّ الأدبيِّ والقانونيِّ والعلميِّ؛ فالنصُّ الأدبيُّ يحوي العباراتِ الاصطلاحيةَ التي نجدها بالأخصِّ في ترجمة الأمثال الشعبية، والقانونيُّ له مصطلحات جامدة تختلف اختلافًا جذريًّا عن الأدبيَّة؛ فهي قوالبُ جاهزةٌ، وهامش التصرُّف فيها ضيِّق، وفي إطار محدَّد، وإلا فسيُرتَّب على ذلك مسؤوليةٌ قانونيَّة، أمَّا العلمي، فهو يتناول المصطلحات العلمية الحديثة المرتبطة بأحدث المخترعات، وهذا ما يفرض على اللغة مواكبتها، من حيث توليد الكلمات الجديدة؛ حتى تتوافق مع ما توصَّل إليه العلمُ الحديث من مُكتشفات؛ ما يؤدِّي إلى مساهمتها في إثراء الحياة العلميَّة بالمجتمع، فتصبح رافدًا مهمًّا بالنسبة إليه، ووسيلةَ تواصلٍ مع غيره من المجتمعات، من خلال التفاعل والإثراء بمختلف العلوم والمعارف.

تعَدُّ الترجمة لغةَ العالم، حيث تُمنح لها الأهمية البالغةُ على مستوى المنظَّمات الدولية؛ كالاتحاد الأوربيِّ والأمم المتحدة، من خلال المترجمين العاملين على مستوى هذه المنظمات، وكذا الإصدارات الصادرة عنها، ولا أدلَّ على كلامي من العبارة المشهورة في العالم الغربيِّ التي تقول: إن “الترجمة هي لغة أوربا”، وهذا دليل واضح على مكانتها، واعتبارها لغةَ الحاضر والمستقبل في ظلِّ التكتُّلات العالمية على المستوى الاقتصاديِّ والسياسيِّ، وما يحدِثُه ذلك من أَثَرٍ على الإستراتيجيات المتَّبَعة مِن قِبَل هذه القوى، والتأثير البالغ لقواها الناعمة.

أمَّا في وطننا العربيِّ، فلقد تمَّ إنشاءُ المعهد العالي العربيِّ للترجمة، وهو تابعٌ للجامعة العربيَّة، ومقرُّه بالعاصمة الجزائريَّة، كلُّ ذلك بُغية تكوين مترجمين ذوي مستوى عالٍ، وتوظيفهم على مستوى مختلفِ الهيئات العربيَّة، وبالأخصِّ الدبلوماسية، ويعتبر ذلك خطوة إلى الأمام للاهتمام بالترجمة وتكوين مترجمين قادرين على الإفادة فيها.

يحتاج علمُ الترجمة إلى تفصيلٍ أكثر؛ لأنه يحوي العديدَ من الأسرار والدُّرر، فهو عالَم بديع تُكوِّنه مختلف العلوم والثقافات، والتعرُّف على ذلك والتعريف به يعدُّ فرصةً لإعادة مكانته المرموقة؛ فهو سبيل حقيقيٌّ لبعث العلم وإحيائه، وتنشيط الحياة الثقافية، وهو مصدر لا يستهان به للمجتمع، والمترجم الذي يضطلع بهذه المهمَّة يتولَّاها بكلِّ مسؤوليَّةٍ واقتدار، فلا يهاب صعابها أبدًا.

قواعد الترجمة

السابق
كيف تتم ترجمة الأفلام
التالي
علامات اكتفاء الجسم من الماء

اترك تعليقاً