العناية بالجنين

مراحل نمو الجنين كما ورد في القرآن

مرحلة النطفة

في هذه المرحلة تخرج الحيوانات المنوية من الرجل لينجح حيوان منوي واحد منها فقط في إخصاب البويضة الأنثوية، وينتج عن هذا الإخصاب النطفة المكوّنة من ماء الرجل وماء الأنثى، والتي عبرت عنها الآيات الكريمة كذلك بالنطفة الأمشاج.

حيث أنه خلال عملية الإخصاب يرحل ماء الرجل من المهبل ليقابل البويضة في ماء المرأة في قناة البويضات (قناة فالوب) ولا يصل من ماء الرجل إلا القليل ويخترق حيوان منوي واحد البويضة، ويحدث عقب ذلك مباشرة تغير سريع في غشائها يمنع دخول بقية المنويات، وبدخول المنوي في البويضة تتكون النطفة الأمشاج أي البويضة الملقحة (الزيجوت) Zygote وبهذا تبدأ مرحلة النطفة ومعناها اللغوي القطرة وهو الشكل الذي تتخذه البويضة الملقحة.

إذن بداية هذا الطور مكونة من نطفة مختلطة من سائلين وتتحرك في وسط سائل، وتستغرق فترة زمنية هي الأيام الستة الأولى من الحمل، ويبدأ بعد ذلك التحول إلى طور العلقة في اليوم الرابع عشر. وفي اليوم السادس تقريباً تشق النطفة طريقها إلى تحت سطح بطانة الرحم مواصلة انقساماتها الخلوية وتطورها ثم يتم انغراسها فيه وتكتمل بذلك مرحلة النطفة في اليوم الرابع عشر من التلقيح تقريباً وبذلك تأخذ حصتها من الأربعين يوماً.

مرحلة العلقة (طور العلقة)

تستمر الخلايا في الانقسام والتكاثر بعد مرحلة النطفة ويتصلب الجنين بذلك، ثم يتثلم عند تكون الطبقة العصبية ويأخذ الجنين في اليوم الحادي والعشرين شكلاً يشبه العلقة، كما تعطي الدماء المحبوسة في الأوعية الدموية للجنين لون قطعة من الدم الجامد وبهذا تتكامل المعاني التي يدل عليها لفظ علقة المطلق على دودة تعيش في البرك وعلى شيء معلَّق وعلى قطعة من الدم الجامد، إلى حوالي اليوم الواحد والعشرين، وبهذا تأخذ العلقة حصتها من الأربعين يوماً وإلى هذا تشير الآية الكريمة {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً} [المؤمنون: 14].

فهي تأتي بعد عملية الإخصاب تسير النطفة المخصبة في رحلة تستمر من خمسة إلى عشرة أيام حتى تصل إلى جوف الرحم فتخرج منها استطالات خلوية تنغمس في جدار الرحم حتى يمكنها امتصاص الغذاء من دم الأم، ويطلق على تلك المرحلة بمرحلة العلقة حيث تعلق النطفة بالرحم وتتشبث به.

مرحلة المضغة (طور المضغة)

ابتداءً من الأسبوع الثالث للحمل تبدأ مرحلة تكوين جديدة للجنين تحدثت عنها الآيات الكريمة وهي مرحلة المضغة غير المخلقة، حيث تظهر صورة الجنين في صورة شبيهة بمضغة الطعام تستمر في التغذية والانقسام حتى تصبح مضغة مخلقة، ومعنى مخلقة أي تبدأ في التمايز في شكل الأعضاء، وتتشكل في تلك المرحلة الأعصاب والغدد والحواس من سمع وبصر.

يبدأ هذا الطور بظهور الكتل البدنية في اليوم الرابع والعشرين أو الخامس والعشرين في أعلى اللوح الجنيني، ثم يتوالى ظهور هذه الكتل بالتدريج إلى مؤخرة الجنين. وفي اليوم الثامن والعشرين يتكون الجنين من عدة فلقات تظهر بينها انبعاجات، مما يجعل شكل الجنين شبيهاً بالعلكة الممضوغة.

ويزداد اكتساب الجنين في تطوره شكل المضغة تدريجياً من حيث الحجم بحيث يكتمل هذا الطور في بقية الأيام الأربعين الأولى من حياته، وهذا الترتيب في خلق الأطوار الأولى يجيء فيه طور المضغة بعد طور العلقة مطابقاً لما ورد في الآية الكريمة: {فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً} [المؤمنون: 14]. وينتهي هذا الطور بنهاية الأسبوع السادس. الجسد الفاصل: وفي الأسبوع السابع تبدأ الصورة الآدمية في الوضوح نظراً لبداية انتشار الهيكل العظمي، فيمثل هذا الأسبوع (ما بين اليوم 40 و45) الحد الفاصل ما بين المضغة والشكل الإنساني.

مرحلة تكوين العظام 

تستمر مرحلة تطور الجنين حتى الوصول إلى نهاية الشهر الأول وبداية الشهر الرابع حيث تبدأ مرحلة خلق العظام التي يتكون منها جسد الجنين، فمع بداية الأسبوع السابع يبدأ الهيكل العظمي الغضروفي في الانتشار في الجسم كله، فيأخذ الجنين شكل الهيكل العظمي وتكَوُّن العظام هو أبرز تكوين في هذا الطور حيث يتم الانتقال من شكل المضغة الذي لا ترى فيه ملامح الصورة الآدمية إلى بداية شكل الهيكل العظمي في فترة زمنية وجيزة، وهذا الهيكل العظمي هو الذي يعطي الجنين مظهره الآدمي.

ومصطلح العظام الذي أطلقه القرآن الكريم على هذا الطور هو المصطلح الذي يعبر عن هذه المرحلة من حياة الحُمَيل تعبيراً دقيقاً يشمل المظهر الخارجي، وهو أهم تغيير في البناء الداخلي وما يصاحبه من علاقات جديدة بين أجزاء الجسم واستواء في مظهر الحُمَيل ويتميز بوضوح عن طور المضغة الذي قبله، قال تعالى: {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا} [المؤمنون: 14].

طور الكساء باللحم

يتميز هذا الطور بانتشار العضلات حول العظام وإحاطتها بها كما يحيط الكساء بلابسه. وبتمام كساء العظام بالعضلات تبدأ الصورة الآدمية بالاعتدال، فترتبط أجزاء الجسم بعلاقات أكثر تناسقاً، وبعد تمام تكوين العضلات يمكن للجنين أن يبدأ بالتحرك. تبدأ مرحلة كساء العظام باللحم في نهاية الأسبوع السابع وتستمر إلى نهاية الأسبوع الثامن، وتأتي عقب طور العظام كما بين ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} [المؤمنون: 14].

ويعتبر هذا الطور الذي ينتهي بنهاية الأسبوع الثامن نهاية مرحلة التخلق، كما اصطلح علماء الأجنة على اعتبار نهاية الأسبوع الثامن نهاية لمرحلة الحُمَيل (Embryo) ثم تأتي بعدها مرحلة الجنين (Foetus) التي توافق مرحلة النشأة، كما جاء في قوله تعالى: {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14].

ثمّ تكسى تلك العظام باللحم والعضلات، ثمّ ينشئه الله خلقاً آخر بعد أن تنفخ فيه الروح في نهاية الشهر الأول وبداية الشهر الرابع، ومعنى الخلق الآخر، أي المختلف عن مراحل الجنين الأولى حيث تتميز الأعضاء في تلك المرحلة تميزاً واضحاً، ويكتمل خلق الإنسان.

نمو الجنين في القرآن الكريم

وردت مراحل نمو وتكوين الجنين في القرآن الكريم في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ) [الحج: 5]، كما ورد كذلك في سورة المؤمنون في قول تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ*ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ*ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون: 12-14].

وذكر القرآن الكريم مراحل نمو الجنين في رحم امه في السياق التالي «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ {12} ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ {13} ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ {14}».

المرحلة الأولى، يطلق عليها النطفة، وهي تطلق على ثلاث اشياء، الأولى نطفة الذكر وهي الحيوانات المنوية، والنطفة الثانية هي نطفة الانثى وهي البويضة، أما النطفة الثالثة هي الامشاج التي يتكون منها الجنين وهي مختلطة من ماء الرجل وماء المرأة. أما المرحلة الثانية العلقة، ويبدأ فيها العلوق في اليوم الخامس عشر، وفي هذه المرحلة يفقد الجنين شكله المستدير فيأخذ الشكل المستطيل، فبعد عملية الحرث تبدأ عملية تعلق الجنين بالمشيمة.

ويطلق على المرحلة الثالثة «المضغة»، ويبدو تطور المضغة سريعاً في اليومين 25 و 26، وهذا التحول السريع من مرحلة العلقة الى مرحلة المضغة، ولهذا استخدم القرآن حرف العطف «فـ» الذي يفيد التتابع السريع في الاحداث، فتكون على هيئة خلايا متلاصقة وشكلها الخارجي يكون كقطعة لحم ممضوغة.

خارج الرحم والخروج للحياة

في المرحلة السابعة القابلة للحياة، تبدأ فيها حياة الجنين خارج الرحم في الأسبوع 22 وتنتهي في الاسبوع 26 حينما يصبح الجهاز التنفسي مؤهلا للقيام بوظائفه. وقد خص الله سبحانه وتعالى الإنسان الذكر من سائر المخلوقات لكونه اية الإبداع في التصوير والحسن وتكريما له اذ هو اشرفهم «ولقد كرمنا بني ادم». والسبب في تسمية السورة بالعلق:، لأنّ المنيّ حينما يقذف في الرحم فأول طور من اطوار الانسان العلقة فهي تعلق بالرحم.

تبدأ تهيئة الجنين للحياة خارج الرحم في الأسبوع الثاني والعشرين وتنتهي في الأسبوع السادس والعشرين عندما يصبح الجهاز التنفسي مؤهلاً للقيام بوظائفه ويصبح الجهاز العصبي مؤهلاً لضبط حرارة جسم الجنين.

وتعادل الأسابيع الستة والعشرون تقريباً ستة أشهر قمرية، وقد قدّر القرآن الكريم أن مرحلة الحمل والحضانة تستغرق ثلاثين شهراً فقال تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] وبين أيضاً أن مدة الحضانة تستغرق عامين في قوله تعالى: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14].

وبذلك تكون مدة الحمل اللازمة ليصبح الجنين قابلاً للحياة هي ستة أشهر قمرية، وقبل الأسبوع الثاني والعشرين الذي يبدأ منه هذا الطور يخرج سقطاً في معظم الأجنة.

السابق
كيف ينمو الجنين
التالي
نصائح للتعايش مع مرض التصلب اللويحي المعتدد

اترك تعليقاً