الحياة والمجتمع

مفهوم العرف

أقسام العرف

العرف ينقسم باعتباره شرعاً إلى صحيح وفاسد، والعرف الصحيح هو ما اعتاده الناس دون أن يصادم الشرع، فلا يحرم حلالاً ولا يحل حراماً… والعرف الفاسد هو ما اعتاده الناس ولكنه يحل حراماً أو يحرم حلالاً، كتعارفهم على بعض العقود الربوية ونحو ذلك. وقد اتفق الفقهاء على أن العرف دليل أو مصدر من مصادر التشريع الإسلامي، وتوسع الحنفية والمالكية في العمل به أكثر من غيرهم، واعتمدوه مستنداً في كثير من الأحكام العملية، وفي فهم النصوص الشرعية، بتقييد إطلاقها وفي تبيان أحكام الفقه المختلفة في دائرة العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية والتعزيرات الجزائية.

العرف والعادة

العرف
لفظ العرف la coustume كلفظ التشريع له معنيان؛ فقد يدل أولاً على القاعدة القانونية ذاتها غير المكتوبة والتي تنشأ عن اطراد الناس على سلوك معين في مسألة معينة على وجه محدد، وقد يدل ثانياً على مصدر هذه القاعدة القانونية غير المكتوبة. والمعنى الثاني هو المقصود عند الحديث عن العرف دون تخصيص.

وبذلك يمكن القول: إن العرف، بصفته مصدراً للقواعد القانونية، هو اعتياد الناس واطرادهم على اتباع سلوك معين لدرجة الاعتقاد بأن هذا السلوك واجب الاتباع.

ومن هذا التعريف يتضح أن للعرف ركنين: الأول، مادي وهو اطراد الناس واعتيادهم على سلوك معين، أو هو عادة درج عليها الناس مدة طويلة في تنظيم أمر معين بطريقة خاصة. ويشترط في العادة التي تُكِّون الركن المادي، أن تكون عامة général وقديمة ancien وثابتة constant أو مستمرة، وغير مخالفة للمعقول أو للآداب العامة أو للمبادئ الأساسية التي يقوم عليها القانون في بلد معين. والثاني، معنوي وهو اعتقاد الناس بأن هذا السلوك واجب الاتباع ويلتزمون به كالتزامهم بالقاعدة القانونية. وهذا الاعتقاد لا ينشأ طفرة واحدة، وإنما ينمو تدريجياً بطريقة غير محسوسة إلى أن يكتمل ويستقر في النفوس فيصبح الاعتياد عرفاً.

العادة
العادة l’usage؛ بالإنگليزية: Habit هي عرف لم يكتمل، أو عرف في مرحلة التكوين، لعدم شعور الأفراد بأنها ملزمة لهم، ويشترك العرف والعادة في الركن المادي، لكن العادة تتوقف عند هذا الحد، أما العرف فيتميز عنها بوجود الركن المعنوي. إذن؛ فالعادة إذن مجرد اعتياد الناس واتباعهم سلوك معين دون الاعتقاد بإلزاميته.

ويمكن القول بوجود نوعين من العادات: عادات خاصة بالمجاملات، أو ما نطلق عليه العادات الاجتماعية، كتقديم التهنئة في المناسبات السارة، والتعزية في المناسبات غير السارة مثلاً، وكذلك تبادل الهدايا في الأعياد والمواسم المختلفة. ويتميز هذا النوع من العادات بأنه ليس له قوة ملزمة من الناحية القانونية. وهناك عادات خاصة بالمعاملات، وهي التي تنشأ من اطراد سلوك الأفراد على نحو معين في مسألة تتعلق بمعاملاتهم وليس بعلاقاتهم الاجتماعية، مثل العادة الجارية في بعض أسواق الخضر والفاكهة التي تباع بالعدد، بأن تعد المئة مئة وعشرين أو مئة وثلاثين حبة مثلاً.

والأصل في عادات المعاملات أنها غير ملزمة، إلا إذا اتفقت الأطراف عليها صراحة أو ضمناً، أو أحال إليها المشرع صراحة.

قاعدة العرف في الشرع

والعادة التي يشرع اتباعها ، أو تحكيمها ، هي ما توافر فيها شرطان :

الأول: ألا تخالف نصا شرعيا ثابتا .

الثاني: أن تكون العادة مطردة ، أما إذا اضطربت ، أو تفاوتت واختلفت : فلا تكون حجة واجبة الاتباع .

جاء في شرح التلويح على التوضيح (1 / 169): ” واستعمال الناس : حجة ، يجب العمل بها “انتهى .

وجاء في القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة للدكتور محمد الزحيلي(1 / 323): ” إنما تعتبر العادة إذا اطردت، فإذا اضطربت فلا” انتهى.

وقال الدكتور عبد الوهاب خلاف : ” العُرف : هو ما تعارفه الناس وساروا عليه، من قول، أو فعل، أو ترك، ويسمى العادة.

وفي لسان الشرعيين: لا فرق بين العرف والعادة .

والعرف نوعان: عرف صحيح، وعرف فاسد.

فالعرف الصحيح: هو ما تعارفه الناس، ولا يخالف دليلاً شرعيا ، ولا يُحِل محرماً ، ولا يبطل واجباً، كتعارف الناس على عقد الاستصناع، وتعارفهم على تقسيم المهر إلى مقدم ومؤخر.

وأما العرف الفاسد: فهو ما تعارفه الناس ، ولكنه يخالف الشرع ، أو يحل المحرم ، أو يبطل الواجب، مثل تعارف الناس كثيرا من المنكرات في الموالد والمآتم، وتعارفهم أكل الربا ، وعقود المقامرة.

فالعرف الصحيح يجب مراعاته في التشريع وفي القضاء، وعلى المجتهد مراعاته في اجتهاده ؛ وعلى القاضي مراعاته في قضائه؛ لأن ما تعارفه الناس ، وما ساروا عليه : صار من حاجاتهم، ومتفقا ومصالحهم، فما دام لا يخالف الشرع : وجبت مراعاته .

والشارع راعى الصحيح من عرف العرب في التشريع، ففرض الدية على العاقلة، وشرط الكفاءة في الزواج ، واعتبر العصبية – [العصبة هم الأقارب الذكور من جهة الأب ، كالجد والإخوة وأبنائهم ، والأعمام وأبنائهم] – في الولاية والإرث ؛ ولهذا قال العلماء: العادة شريعة محكمة .

والعرف في الشرع له اعتبار، والإمام مالك بنى كثيرا من أحكامه على عمل أهل المدينة، وأبو حنيفة وأصحابه اختلفوا في أحكامٍ ، بناءً على اختلاف أعرافهم …

وفي فقه الحنفية أحكام كثيرة مبنية على العرف، منها إذا اختلف المتداعيان ، ولا بينة لأحدهما : فالقول لمن يشهد له العرف، وإذا لم يتفق الزوجان على المقدم والمؤخر من المهر : فالحكم هو العرف، ومن حلف لا يأكل لحما ، فأكل سمكا : لا يحنث بناء على العرف، والشرط في العقد يكون صحيحا إذا ورد به الشرع ، أو اقتضاه العقد ، أو جرى به العرف.

وقد ألَّف العلامة ابن عابدين رسالة سماها: “نشر العَرف فيما بني من الأحكام على العرف”، ومن العبارات المشهورة: ” المعروف عرفا ، كالمشروط شرطا، والثابت بالعرف كالثابت بالنص” وأما العرف الفاسد : فلا تجب مراعاته ؛ لأن في مراعاته معارضةَ دليلٍ شرعي ، أو إبطالَ حكمٍ شرعي، فإذا تعارف الناس عقدا من العقود الفاسدة ، كعقد ربوي، أو عقد فيه غرر وخطر : فلا يكون لهذا العرف أثر في إباحة هذا العقد ” انتهى من علم أصول الفقه (88 -90) باختصار.

والله أعلم.

العرف القولي

العرف القولي أن تكون عادة أهل العرف يستعملون اللفظ في معنى معين ولم يكن ذلك لغة وذلك قسمان أحدهما في المفردات نحو الدابة للحمار والغائط للنجو والرواية للمزادة ونحو ذلك وثانيهما في المركبات وهو أدقها على الفهم وأبعدها عن التفطن وضابطها أن يكون شأن الوضع العرفي تركيب لفظ مع لفظ يشتهر في العرف تركيبه مع غيره وله مثل أحدهما نحو قوله تعالى { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم } وكقوله تعالى { حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير } فإن التحريم والتحليل إنما تحسن إضافتهما لغة للأفعال دون الأعيان فذات الميتة لا يمكن العرفي أن يقول هي الإحرام بما هي ذات بل فعل يتعلق بها وهو المناسب لها كالأكل للميتة والدم ولحم الخنزير والشرب للخمر والاستمتاع للأمهات ومن ذكر معهن ومن هذا الباب قوله عليه السلام { ألا وإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا } والأعراض والأموال لا تحرم بل أفعال تضاف إليها فيكون التقدير إلا وإن سفك دمائكم وأكل أموالكم وثلب أعراضكم عليكم حرام وعلى هذا المنوال جميع ما يرد من الأحكام كان أصله أن يضاف إلى الأفعال ويركب معها فإذا ركب مع الذوات في العرف وما [ ص: 172 ] بقي يستعمل في العرف إلا مع الذوات فصار هذا التركيب الخاص وهو تركيب الحكم مع الذوات موضوعا في العرف للتعبير به عن تحريم الأفعال المضافة لتلك الذوات وليس كل الأفعال بل فعل خاص مناسب لتلك الذوات كما تقدم تفصيله وتحصيله

العرف في القضاء

من المعروف أنّ الناس في الريف والبادية يركنون إلى هذا القضاء، ويرضون بحكمه ويتحاشون الذهاب إلى المحاكم الشرعية أو الرسمية، ولايشفي صدورهم إلا الأحكام الصادرة عن قضاتهم المعروفين، فالقضاء العرفي ظاهرة اجتماعية شأنها شأن الظواهر الأخرى، وتختلف من بيئة إلى أخرى، غير أنّ هناك قواسم مشتركة يلحظها المتتبّع لهذا الأمر، والقاضي يصرّح قبل أن يصدر الحكم بقوله: «أنا في قضاي وعرفي» أو «حسب العرف والعادة» وكثيراً ما تسمع عبارة «نحن تبع ما نحن نبع».
ومن خطبة لعمر بن عبد العزيز: «ألا وإنّي لست بقاض ولكنّي منفّذ، ألا وإنّي لست مبتدع ولكني مُتّبع». والقضاء العرفي ليس مقصوراً على المجتمعات البدوية كما هو الشائع، ولكنه يشمل سكان القرى والريف وأهل المدن في أحيان كثيرة على اختلاف مذاهبهم وأجناسهم، ونجد القضاة المشهورين من الفلاحين، وقد يتقاضى عندهم البدو في مسائل متعلقة بالأرض والخيل والتجارة والفلاحة.

معنى العرف

العُرف هو عبارةٌ عن مجموعةٍ من القواعد، والمفاهيم، والمعايير، والمقاييس الاجتماعية المتفق عليها أو المقبولة لدى العامة، وغالباً ما تكون على هيئة عادة اعتاد عليها الناس، بالإضافة إلى أنّه قد تتبدّل بعض القواعد أو العادات لتصبح قانوناً، وقد يتمّ إدخال تشريعٍ تنظيميٍّ مكتوبٍ من أجل صياغة أو تنفيذ العُرف، مثل: الأنظمة، والقوانين، والتعليمات كالتي من خلالها تمّ تحديد قواعد السير، كتحديد جانب الطريق الذي تسير به المركبة حسب نوعها أو حجمها، أو تحديد أشكال إشارات المرور. أمّا في البيئة الاجتماعيّة، فقد يكون العُرف قانونٌ غير مدوّن من العادات، مثل: الطريقة التي يلتقي بها الناس ويرحبون ببعضهم كالمصافحة باليد وتقبيل بعضهم البعض، أمّا في العلوم الفيزيائية، فيُطلق على القيم العددية كالثوابت، أو أدوات القياس، أو الكميات بأنّها مفاهيمٌ عُرفيةٌ نشأت على هيئة عُرفٍ وتداولها العلماء فيما بينهم.

تعريف الجرجاني للعرف

فلانٌ على القوم ـُ عِرَافَة: دبَّرَ أمرهم وقام بسياستهم. وـ الشيءَ ـِ عِرْفاناً، وعِرِفَّاناً، ومَعْرفة: أدركه بحاسّة من حواسِّه. فهو عارف، وعَرِيف، وهو، وهي عَروف، وهو عَروفَة. ( والتاء للمبالغة ). ويقال: لأعرِفَنّ لك ما صنعت: لأجازينّك به. وـ للأمر عرْفاً: صبر. فهو عارف، وعَروف، وعَرُوفة.( عُرِف ) فلان: أصابته العَرْفة. فهو معروف.( عَرِفَ ) ـَ عَرَفاً: ترك التطيّب: فهو عَرف. وـ الدِّيكُ: كان له عُرْف. فهو أعرف، وهي عرفاء. ( ج ) عُرْف.( عَرُفَ ) ـُ عَرافَة: صار عريفاً. وـ أكثر من الطّيب.( أعْرَفَ ) الطعامُ: طاب عَرْفه. وـ الفرسُ: طال عُرْفُه.( عَرَّفَ ) الحُجَّاجُ: وقفوا بعرفات. وـ الاسم ( في اصطلاح النحاة ): ضدّ نكَّرَه. وـ الشيءَ: طيَّبه وزيَّنه. وـ الضَّالَّة: نشدها. وـ عليهم عرِيفاً: أقامه ليعرف من فيهم من صالح وطالح. وـ فلاناً بكذا: وسَمَه به. وـ فلاناً الأمر: أعلمه إياه.( اعْتَرَفَ ) بالشيء: أقرّ به؛ يقال: اعترف بذنبه. وـ إليه: أخبره باسمه وشأنه. وـ للأمر: صبَرَ. وـ القومَ: استخبرهم.( تعَارَفوا ): عرف بعضهم بعضاً.( تعرَّف ): يقال: تَعَرَّفت إلى فلان: جعلته يعرفني. وـ ما عنده: تطلَّبَه حتى عرفه.( اسْتَعْرَفَ ): يقال: أتيته متنكِّراً ثم استعرفت: عرَّفته من أنا. ويقال: استعرف إليه.( الأعْراف ): الحاجز بين الجنة والنار. وفي التنزيل العزيز: {وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ}. . وـ جمع عُرْف. وعُرف الجبل ونحوه: أعلاه؛ ويطلق على السّور أيضاً.( التَّعْريف ): تحديد الشّيء بذكر خواصِّه المميزة.( التَّعْريفة ): قائمة تحدّد أثمان السّلَع وأجور العمل أو رسوم النقل. ( مج ).( العَارِفَة ): الإحسان. ( ج ) عوارِف.( العِرَافَة ): حرفة العَرَّاف.( العرَّاف ): المنجِّم. وـ طبيب العرب. وـ الكاهن.( العَرْف ): الرائحة مطلقاً، وأكثر ما يستعمل في الطَّيِّبَة منها.( العُرْف ): المعروف: وهو خلاف النُّكْر. وـ ما تعارف عليه الناس في عاداتهم ومعاملاتهم. وـ اسم من الاعتراف؛ يقال: له عليّ مائة عُرْفاً. وـ شعر عنق الفرس. وـ لحمة مستطيلة في أعلى رأس الدّيك. وـ المكان المرتفع. ويقال: عُرْف الجبل ونحوه؛ لظهره وأعلاه. وـ موج البحر. ( ج ) أعراف.ويقال: طار الطَّيْر عُرْفاً: بعضها خلف بعض. وجاء القوم عُرْفاً: بعضهم وراء بعض.( العِرْف- والعُرْف ): الصَّبْر. قال أبو دَهبَل الجُمَحيّ: قل لابن قيس أخي الرُّقيَّات ما أحسن العرفَ في المصيبات.( العَرْفَة ): قَرْحة تخرج في بياض الكفّ.( العُرْفَة ): الحدّ بين الشيئين. ( ج ) عُرَف.( عَرَفَات ): ( ينون ولا ينون ): جبل قريب من مكة. وـ موضع وقوف الحجيج وهو على اثني عشر ميلاً من مكة.و( يَوْم عَرَفَات ): اليوم التاسع من ذي الحجة.( عَرَفَة ): عَرَفَات.( العُرْفيّ ): الحكم العرفيّ: ما لا يجري على قواعد القانون العام مراعاة لمقتضيات الأمن. ( مج ).( العَرِيف ): العارف العالم بالشيء. وـ القَيِّم بأمر القوم وسيِّدهم. ( ج ) عُرَفاء. وأمر عَرِيف: معروف.( المَعارِف ): الملامح. ويقال: هي حسنة المعارف: الوجه وما يظهر منها. وحيَّا الله المعارف: الوجوه. وغَطَّوْا معارفهم: تلثَّموا. وهو من المعارف: من المعروفين. وهاجت معارف فلان: ولَّى عنك بوُدِّه. كما يهيج النَّبات فيصفرّ. وخرجنا من مجاهل الأرض إلى معارفها: إلى ما عرف منها.( المَعْرَفَة ): موضع العُرْف من الطَّير والخيل. ( ج ) معارف.( المَعْرُوف ): اسم لكلّ فعل يعرف حسنه. بالعَقْل أو الشَّرْع: وهو خلاف المنكر.وـ الصنيعة يُسديها المرء إلى غيره.

بحث حول العرف والتشريع

الفرق بين العرف و التشريع
حصري

المقدمة

للقانون مصادر رسمية نص عليها المشرع صراحة فيلتزم القاضي بها وفقا للتدرج المنصوص وعليه

إذ تنص المادة الاولة من القانون المدني على ما يلي: ” يسري القانون على جميع المسائل التي تتناولها نصوصه في لفظها أو في نحوها وإذا لم يوجد نص تشريعي, حكم القاضي بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية ,

فإذا لم يوجد بمقتضى العرف , فإذا لم يوجد بمقتضى مبادئ القانون الطبيعي و قواعد العدالة ”

فمن هذه المادة يطرح السؤال نفسه .

فما هو الفرق بين التشريع و العرف ؟

المبحث الاول

ماهية العرف و تشريع

المطلب الاول

تعريف العرف

يعتبر العرف المصدر الاحتياطي الثاني بعد مبادئ الشريعة الإسلامية و العرف هو تواتر العمل في قاعدة معينة مع الاعتقاد بإلزامية هذه القاعدة و هو يعني أيضا اعتياد الناس على سلوك معين و اعتقادهم بازامه قانونيا .

و يقصد بالعرف اصطلاحا : الدلالة على القاعدة القانونية المتولدة عنه كمصدر و يعتبر العرف أقدم المصادر الرسمية للقاعدة القانونية و السبب في ذلك انه كذلك يتكون أليا مستجيبا لحاجات الطبيعية للمجتمع بمعزل عن تدخل السلطة العامة في الدولة , إذن فهو مصدر رسمي فطري وضروري يعطي للقاعدة القانونية قوة ملزمة في العمل و لكن مع تقدم المجتمعات و تعقد الحاجات في الجماعة تنازل العرف للتشريع عن مكانه كمصدر أصلي , و اصبح العرف مصدر تكميلي للتشريع

الفرع الاول

مزايا العرف

يرجع الفضل في إبراز أهمية العرف و مزاياه لمدرسة تاريخية التي تعطي الأولوية للعرف على التشريع , إذن تبين أن العرف :

1. يلائم أو يرافق حاجات الجماعة لأنه ينشا باعتياد الناس عليه فيأتي عل قدر متطلبات المجتمع باعتباره ينبثق في هذه المتطلبات فبظهور متطلبات جديدة تنشا أعراف جديدة تزول بزوال هذه المتطلبات

2. كما انه يوافق إرادة الجماعة أيضا باعتباره يصدر عنها , و ينشا في ضمير جماعة فهو قانون أكثر شعبية من التشريع لأنه مصدر الشعب بينما التشريع يصدر من السلطة فيوافق إرادتها فقط وقد سبق القول بان القوانين إذا صدرت بهذا الشكل لا تستمر طويلا

3. أن العرف قابل للتطور وفقا لتطور ظروف الاجتماعية و الاقتصادية فهو يتطور بتطور المجتمع ويزول إذا زالت الحاجة التي أدت إلى ظهوره

الفرع الثاني

عيوب العرف

يمكن إبراز العرف في مسائل التالية :

1. العرف بطئ التكوين و كان يعتمد عليه في مرحلة كان فيها التطور الاقتصادي و الاجتماعي بطئ و لكن الآن مع سرعة تطور المجتمع في جميع المجالات لا يمكن الاعتماد عليه للتطور المجتمع في حالات التي تتطلب السرعة

2. العرف متعدد بل قد يكون محليا خاصا بمنطقة معينة مما يؤدي إلى تعدد قواعد القانونية بينما التشريع موحد و يطبق على الكافة

3. القواعد العرفية مرنة و عدم كتابتها تجعلها صعبة بحيث يكون من العسير ضبطها بينما التشريع يسهل ضبطه لكونه مكتوبا

المطلب الثاني

تعريف التشريع

و هو مصدر رسمي للقانون و أساسي في المجتمعات الحديثة و يقصد به أيضا القواعد القانونية التي تصدر من السلطة المختصة بالتشريع في صورة مكتوبة وطبقا لقواعد الدستورية المعمول بها

الفرع الاول

مزايا التشريع

و نلخصها فيما يلي

1. إن التشريع يجعل القاعدة القانونية محددة و واضحة لان صياغة القاعدة القانونية يقوم بها أشخاص متخصصون مما يجعلها واضحة بالنسبة للكافة

2. التشريع يستجيب بسرعة لضرورات المجتمع ذلك لأنه يصاغ في مدة قصيرة فيمكنه أن يستجيب لضرورات المجتمع

3. التشريع يحقق وحدة القانون في الدولة لأنه يسرى على جميع الأفراد ويصاغ صياغة موحدة تطبق على الجميع دون اختلاف

ورغم هذه المزايا يبقى للتشريع بعض العيوب التي لازالت لصيقة به

الفرع الثاني

عيوب التشريع

يمكن حصر أهم عيوب التشريع في ما يلي

1. يتميز التشريع بالجمود لأنه قد يصبح غير ملائما لهذه الظروف و التطورات و يتراخى المشرع في إدخال التعديل في الوقت الملائم الذي يناسب الظروف المستجدة ولتفادي هذا الجمود يمكن للقضاء المساهمة في بعض النصوص القانونية التي لا تساير الظروف المتغيرة و ذلك باستخدام سلطة في تفسير نصوص التشريع سعيا نحو تحقيق الملائمة بينها و بين ما استجد من الظروف

2. فعيب التشريع كذلك بأنه يصدر عن السلطة وهو يخدم مصالحها دون مراعاة المجتمع

المبحث الثاني

الفرق بين التشريع و العرف

المطلب الاول

الفرق بين التشريع و العرف

التشريع هو المصدر الرسمي الأصلي للقانون أما الشريعة الإسلامية فهي المصدر الثاني و إن كانت مصدرا رسميا ثاني بعد التشريع إما العرف فهو المصدر الثالث الرسمي و الاحتياطي بحيث لا يجوز الالتجاء إليه إلا عند عدم وجود نص تشريعي أو مبادئ الشريعة الإسلامية ويترتب عن ذلك عدة نتائج :

النص التشريعي لا يلغي إلا بنص تشريعي إذا لم يتبع الناس النص لا يعني سقوطه و مثال على ذلك حكم الإعدام في الجزائر , أما العرف إذا ترك يلغي بعدم الاستعمال مثال على هذا تقديم أجمل امرأة هدية لنهر النيل لكي لا يحدث فيضان هالك و هذا العرف قد الغي بعد زوال الفراعنة

لا جوز للقاعدة العرفية مخالفة نص تشريعي مثل قضية الثار

يجوز للقاعدة العرفية أن تخالف قاعدة تشريعية مكملة مثل ما تنص عليه المادة 395 من القانون المدني من أن ” نفقات تسلم المبيع على المشتري ما لم يوجد عرف أو اتفاق يقضي يغير ذلك… ”

المطلب الثاني

مكانة العرف من بين المصادر الرسمية للتشريع

وفقا للمادة الاولة من القانون المدني يعتبر العرف مصدرا رسميا احتياطيا ثانيا بعد مبادئ الشريعة الإسلامية

بمعنى أن القاضي لا يلحق العرف بحثا عن الحكم القانوني الواجب التطبيق إلا إذا فقده الحكم التشريعي و الحكم في المبادئ الشريعة الإسلامية في لفظ النص و معناه و احتراما لمبدأ تدرج المصادر الرسمية

فان العرف لا يملك إلغاء القاعدة التشريعية بصفة مخالفة سواء كانت أمرة أو مكملة بينما العكس صحيح

أما عن قدرة الشريعة الإسلامية و القواعد العرفية فان هذا المصدر ما هو إلا مصدرا احتياطيا من مصادر

و هو لا يحتوي على قواعد محددة قابلة للتطبيق فهو مجموعة لمبادئ مستقرة لا تختلف من زمن إلى أخر ومن مكان إلى أخر ,

فعلى القاضي أن يضع نفسه موضع المشرع و ينشا قاعدة يطبقها على نزاع المطروح أو المعروض عليه و ينتهي مفعولها بتطبيقها على النزاع فالقاضي لا ينشئ القانون وإنما يطبقه و هذه القاعدة لا تلزم إلا في النزاع التي صدرت من اجله لان القضاء لا يعتبر مصدرا رسميا للقانون

 

 

 

السابق
تأثير فصل الشتاء على البشرة
التالي
لاتنسي بشرتك قبل النوم

اترك تعليقاً