ديني

مفهوم فقه الصيام

تعريف الصيام

تعريف الصيام لغة

يُعرَّف الصيام في اللغة بأنّه: الامتناع عن شيء مُعيّن؛ سواء كان فعلاً، أو قولاً، وهي مأخوذة من الفعل صَامَ؛ أي أمسك،[١] ويكون بالإمساك عن الكلام مثلاً، أو الطعام، أو الشراب، أو غيره، والصوم والصيام بالمعنى نفسه في اللغة؛ لأنّ مصدرهما واحد وهو الفعل (صام)، يُقال: رجلان صوم، ورجال صوم، وامرأة صوم، ويُقال أيضاً: قوم صُوَّام وصيام وصُوَّم وصِيَّم، وهو بهذا لا يجمع ولا يُثنّى، كما يُقال: صامت الريح؛ أي ركدت، وصامت الشمس؛ أي استوت، وصام الفرس؛ أي وقف، وصام النهار؛ إذ اعتدل

تعريف الصيام اصطلاحاً

اختلفت تعريفات الفقهاء للصيام؛ فكان لكلّ مذهب رأي في ذلك، كما يأتي:

  • الحنفية: عرّفوه بأنّه الامتناع عن ثلاثة مُفطرات، وهي: الأكل، والشرب، والجماع، مِن قِبل شخصٍ مُعيّن، في وقت مُعيّن لذلك، مع وجود النيّة.
  • المالكية: عرّفوه بأنّه الامتناع عن شهوتَي الفرج والفم، أو أيّ شيء يقوم مقام أحدهما؛ طاعةً لله -تعالى-، مع وجود النيّة قبل وقت الفجر، أو في وقته، بحيث يكون هذا الامتناع شاملاً النهار كاملاً.
  • الشافعية: عرّفوه بأنّه امتناعٌ مُعيّنٌ، بشخص مُعيّن، عن شيء مُعيّن، في وقت مُعيّن لذلك.
  • الحنابلة: عرّفوه بأنّه الامتناع عن أشياء مخصوصة، في أوقات مخصوصة، من شخص مخصوص، مع وجود النية.

فقه الصيام سؤال وجواب

س1: ما تعريف الصيام؟
ج: الصيام لغةً: الإمساك.
وشرعاً: التعبد لله عز وجل بالإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

س2: ما حكم صيام رمضان؟

ج: صيام رمضان فريضة فرضها عز وجل على عباده، يدل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون”، وأما من السنة فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “بني الإسلام على خمس، شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان”، وأجمع المسلمون على فرضية صومه، فمن أنكر فرضيته فهو مرتد.

س3:ما شروط الصوم؟

ج: يجب الصوم على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم.

س4: متى يجب عقد النية لصوم رمضان؟

ج: يجب أن ينويه قبل طلوع الفجر، فإن لم ينو حتى طلع الفجر فصيامه باطل، يدل على ذلك ما جاء عند مالك والنسائي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: “لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل الفجر”، بخلاف النية لصيام التطوع فتصح من النهار، لما روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة رضي الله عنها فسألها هل عندها شيء؟ قالت: لا، فقال صلى الله عليه وسلم: “إني إذاً صائم”.

س5: هل يكفي لرمضان نية واحدة في أوله أم لا بد من تعيينها كل ليلة؟

ج: الصحيح أن نيته أول الشهر كافية، فلا يحتاج لتعيين النية لكل ليلة، إلا أن يوجد سبب يبيح الفطر فيفطر في أثناء الشهر، فحينئذٍ لابد من نية جديدة لاستئناف الصوم.

س6: هل يجوز الاعتماد على الأذان الذي تبثه بعض الإذاعات في دخول الفجر والمغرب؟

ج: يجوز إذا كانت هذه الإذاعة موثوقة، وقد أفتى بهذا الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.

س7: بم يثبت دخول شهر رمضان؟

ج: يثبت دخول شهر رمضان بأمرين:
الأول: إكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً.
ثانياً: رؤية هلال شهر رمضان.

فقه الصيام pdf

اضغط للتحميل  فقه الصيام

حكم الصيام

ينقسم الصيام بالنظر إلى حُكمه إلى عدّة أنواعٍ، بيان وتفصيل كلٍّ نوعٍ منها، فيما يأتي:

  • الصيام الواجب: ويُنقسم إلى قسمَين؛ فإمّا أن يكون صياماً واجباً، وله أصلٌ شرعيٌّ؛ ويتمثّل بصيام شهر رمضان، وإمّا أن يكون صياماً واجباً، بسببٍ من المكلّف؛ وهو صيام الكفّارات والنُّذور، ومن أمثلة صيام الكفّارات: كفارة اليَمين، وكفّارة القَتْل الخطأ، وكفّارة الظِّهار، وكفّارة الجِماع في نهار رمضان، وفدية الأذى للمُحرم، وفِدية لِمَن لم يجد الهَدْي، وفِدية جزاء قتل الصيد حال الإحرام.
  • الصيام المستحبّ: وهو صيام التطوّع، بشرط ألّا يكون في يومٍ حُرّم صيامه، وقد بيّنت الأحاديث فَضْل صيام التطوّع، منها: قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مَن صامَ يومًا في سبيلِ اللَّهِ ، عزَّ وجلَّ باعدَ اللَّهُ وجهَهُ من جَهَنَّمَ ، سبعينَ عامًا)،[٣] ومن الصيام المستحبّ: صيام ستة أيّامٍ من شوّال؛ لقَوْل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ)، ومن الصيام المستحبّ أيضاً: صيام أوّل ثمانية أيّامٍ من شهر ذي الحِجّة، بالإضافة إلى يوم عرفة لغير الحاجّ، قال الرسول -عليه السلام-: (صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ)، ومن الأيّام المستحبّ صيامها: التاسع والعاشر من شهر مُحرّم، والشهر بعمومه، ويومي الاثنين والخميس، وثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ، وصيام يومٍ وإفطار يومٍ آخرٍ.
  • الصيام المكروه: ويُكره الصيام في عدّة أيّامٍ وأحوالٍ؛ منها: صيام الدَّهر؛ أي مُواصلة الصيام كلّ يومٍ دون انقطاعٍ، باستثناء الأيّام المنهيّ عنها، وكذلك يُكره صوم الوصال؛ أي صيام يوميَن متتاليَين، دون الفِطْر بينهما، كما يُكره صيام يوم عرفة للحاجّ، وصيام يوم الجمعة منفرّداً، أو السبت منفرداً، وتخصيص شهر رجب بالصيام.
  • الصيام المحرّم: إذ يُحرّم صيام يومي العيديَن، وأيّام التشريق؛ وهي: الحادي والثاني والثالث عشر، من شهر ذي الحِجّة، وكذلك يُحرّم صيام يوم الشكّ؛ وهو اليوم الثلاثون من شهر شعبان

فضل الصيام

فضائل الصيام في الدُّنيا تترتّب على الصيام العديد من الفضائل في الحياة الدُّنيا، فيما يأتي بيان البعض منها:

  • تحقيق التقوى؛ فالصيام يقي المسلم من الوقوع في المعصية، وبذلك يحميه من العذاب، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، ويصل الصائم إلى مرتبة التقوى؛ باجتناب المعاصي، وحِفظ الجوارح، والتغلُّب على الشهوة، وعدم الاستجابة لوساوس الشيطان، وبذلك تقوى العزيمة والإرادة على الالتزام بأوامر الله.
  • استجابة الدعاء؛ إذ يُعَدّ الصيام سبباً من أسباب إجابة الدعاء، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دعوتُهم: الصَّائمُ حتَّى يُفطِرَ والإمامُ العَدلُ ودعوةُ المظلومِ).
  • تخصيص الصائمين بأنّ لهم باباً من أبواب الجنّة يُسمّى (باب الريّان)، وقد ثبت ذلك في صحيح مسلم، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ معهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَدْخُلُونَ منه، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ، أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ منه أَحَدٌ).
  • تربية النفس على الجود بشتّى أنواعه؛ سواءً كان بالمال؛ بإخراج الصدقات، ومساعدة المُحتاجين والأرامل، أو بالأعمال الصالحة؛ من فرائض، ونوافل، وقراءةٍ للقرآن، أو بالوقت؛ بنَفع الناس، وقضاء حوائجهم.
  • الحرص على فعل الخيرات، والتسابُق إليها، وحَثّ الناس عليها؛ فيُقدّم كلّ شخصٍ ما لديه من خيرٍ وبِرٍّ.
  • تربية النفس على التغيير، وتقويم السلوك؛ فيتعلّم المسلم الصائم التخلُّق بالأخلاق الحَسَنة، والتخلّي عن الشهوات، مقابل نَيْل مرضاة الله -تعالى-.
  • توحيد صفوف المسلمين، وعدم التفرقة بين أحدٍ منهم.
  • المساعدة في استغلال الأوقات بالطاعات، والبُعد عن المعاصي والذنوب.
  • تحقيق الرحمة في القلوب، فيشعر المسلمون بأحوال بعضهم البعض.

فضائل الصيام في الآخرة

يُعَدّ الصيام جُنّةٌ من عذاب الله -تعالى-؛ أي حماية منه؛ لأنّ الصيام عبادةٌ مُتعلّقة بجميع البَدَن، فقد وصفه الرسول -عليه الصلاة والسلام- قائلاً: (الصَّومُ جُنَّةٌ من عذابِ اللَّهِ)، وقد نَسَب الله -تعالى- ثواب الصيام إليه؛ فهو العالم بأجر الصائم، كما جعل رائحة فم الصائم أفضل وأحبّ إليه من رائحة المِسك، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- فيما يرويه عن ربّه -عزّ وجلّ-: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إِلَّا الصِّيَامَ، هو لي وَأَنَا أَجْزِي به فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ، أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِن رِيحِ المِسْكِ)، إضافة إلى أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بيّن فضل الصيام؛ بأنّ الله يُباعد بين الصائم وبين النار سبعين سنةً، فقال: (مَن صَامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللهِ، بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا)، ومن فضائل الصيام التي ينالها العبد في الآخرة:

  • نَيْل الشفاعة يوم القيامة، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (الصِّيامُ والقرآنُ يَشْفَعَانِ للعبدِ، يقولُ الصِّيامُ: ربِّ إنِّي مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ والشَّرَابَ بِالنَّهارِ؛ فَشَفِّعْنِي فيهِ، ويقولُ القُرْآن: ربِّ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِالليلِ؛ فَشَفِّعْنِي فيهِ، فيشَفَّعَانِ).
  • نَيْل فرحتَين؛ فرحة حين يُفطر، وفرحة حين يلقى ربّه، أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ).
  • نيل الدرجات الرفيعة في الجنّة، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ في الجنَّةِ غُرفًا تُرَى ظُهورُها من بطونِها وبطونُها من ظُهورِها فقامَ أعرابيٌّ فقالَ لمن هيَ يا رسولَ اللَّهِ فقالَ لمن أطابَ الكلامَ وأطعمَ الطَّعامَ وأدامَ الصِّيامَ وصلَّى باللَّيلِ والنَّاسُ نيامٌ).

بحث عن الصيام

عند كتابة بحث عن الصوم ينبغي الوقوف عند مفهوم الصوم وفضائله وأحكامه في شريعة الإسلام، حيث يعدّ الصوم من أركان الإسلام الخمسة بعد الشهادتين وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، والصوم في اللغة يعني الإمساك عن شيء ما، أما في الاصطلاح الإسلامي فيعني أن يمسك المسلم عن شهوتَيْ البطن والفرج من طلوع الشمس إلى غروبها بنيّة التقرب إلى الله تعالى، وقد فرض الله تعالى صيام شهر رمضان المبارك، قال تعالى: “شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” ، حيث تشير الآية الكريمة إلى الأمر بصيام شهر رمضان المبارك والتماس العذر للمريض والمسافر على أن يتمّ قضاء هذه الأيام التي يفطرها فيما بعد.

وقد ذُكرت الفضائل التي تحصل للصائم في أكثر من بحث عن الصوم، ومن أهمها أن الصوم يُزكي النفس ويحفظها من الوقوع في المنكرات والفواحش، فالصائم لا يمسك عن الطعام والشهوة فقط، بل يتوقف عن اغتياب الناس والقول الفاحش والخوض في أعراض الناس، كما أن الصوم يحصن الإنسان من دخول النار حيث يُباعد الله تعالى بين وجه الصائم وبين النار سبعين خريفًا، وهو سبب في حط الخطايا التي يرتكبها المسلم، ومن فضائله أنْ خص الله تعالى الصائمين بباب من أبواب الجنة يسمى باب الريان، حيث يدخل منه الصائمون يوم القيامة إلى الجنة من خلاله فإذا دخلوا منه إليها أُغلق فلم يدخل منه أحد غيرهم.
وهناك العديد من أحكام الصيام في الإسلام التي تحتاج إلى التطرق إليها في بحث عن الصوم يكون مستقلًّا، ومن أهمّ هذه الأحكام أن يتم الإمساك من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وأن الصوم واجب على المسلم العاقل البالغ المقيم السليم من الأمراض، وهناك بعض أصناف الناس رخص الإسلام لهم الإفطار لكن تتوجب عليهم الفدية وهذه الأصناف هي الشيخ المسن، والمرأة العجوز، والمرأة المرضع أو الحامل، والمريض مرضًا لا يرجى البرء منه، بينما هناك أصناف من الناس يجوز لها الإفطار لكن يجب عليها قضاء الأيام التي تم إفطارها لقدرتهم على ذلك كالمريض والمسافر والنفساء والحائض، كما يُباح للصائم أن يُصبح جُنبًا، ويباح له أنه يتمضمض للصلاة ويستنشق وأن يضع العطر دون أن يبالغ في ذلك.

أمّا مبطلات الصوم فقد تمّ التطرّق إليها في أكثر من بحث عن الصوم، وهي الأكل والشرب عمدًا من غير سهو أو إكراه، فإذا أكل المسلم مُكرهًا أو ناسيًا فإن ذلك لا يُبطل صيامه البتّة، ويُكمل صيامه إلى غروب الشمس مع المسلمين، كما يفسد الجماع في نهار رمضان الصيام، ومن مبطلات الصوم كذلك القيء عمدًا، وكل ما يدخل في حكم الأكل والشرب كالتدخين والحقن المغذية، إضافة إلى الاستمناء في نهار رمضان، ووقوع الحيض والنفاس للمسلمة، فضلاً عن وجود النية الجازمة لدى المسلم بالإفطار في نهار يوم الصيام ولم يبقَ إلا تحويل هذه النية الجازمة إلى فعل صريح يتم به الإفطار، فحضور النية يفي بأن يُفطر الإنسان دون أن يُقدم على الأكل أو الشرب لأن الأعمال بالنيات.

تعريف الصيام واقسامه وفضائله وحكمه واركانه وشروطه وسننه وآدابه

تمهيد: تعريفُ الصَّوم:
الصَّوم لغةً: الإمساكُ  (1) .
الصَّوم اصطلاحًا: التعبُّدُ لله سبحانَه وتعالى، بالإمساكِ عن الأكلِ والشُّربِ وسائِرِ المُفَطِّراتِ، مِن طُلوعِ الفَجرِ إلى غُروبِ الشَّمسِ  (2) .
المبحث الأول: أقسامُ الصَّوم
ينقسِمُ الصَّومُ باعتبارِ كَونِه مأمورًا به، أو منهيًّا عنه شَرعًا، إلى قسمين  (3) :
الأول: الصَّومُ المأمورُ به شَرعًا
وهو قِسمانِ:
أ- الصَّومُ الواجب، وهو على نوعينِ:
1- واجبٌ بأصلِ الشَّرعِ- أي بغيرِ سَبَبٍ مِنَ المكلَّفِ-: وهو صومُ شَهرِ رَمضانَ  (4) .
2- واجبٌ بِسَبَبٍ مِنَ المكلَّف: وهو صومُ النَّذرِ، والكفَّارات، والقَضاء.
ب- الصَّومُ المُستحَبُّ (صوم التطوُّع)
وهو قِسمان:
1- صومُ التطَوُّعِ المُطلَق: وهو ما جاء في النُّصوصِ غيرَ مُقَيَّدٍ بزمَنٍ مُعَيَّنٍ  (5) .
2- صومُ التطَوُّعِ المقيَّد: وهو ما جاء في النُّصوصِ مقيَّدًا بزمنٍ مُعَينٍ، كصومِ السِّتِّ مِن شوَّالٍ، ويومَيِ الاثنينِ والخميس، ويومِ عَرَفةَ، ويومَيْ تاسوعاءَ وعاشوراءَ.
الثاني: الصَّومُ المنهيُّ عنه شرعًا
وهو قِسمانِ:
1- صَومٌ مُحَرَّمٌ: وذلك مثلُ صَومِ يَومَيِ العيدينِ.
2- صومٌ مكروهٌ: وذلك مثلُ صَومِ يومِ عَرَفةَ للحاجِّ.
المبحث الثاني: فضائِلُ الصِّيامِ
للصِّيامِ فضائلُ كثيرةٌ شَهِدَت بها نصوصُ الوَحيينِ؛ منها:
1- أنَّ اللهَ تبارك وتعالى أضافَه إلى نفسه فقال: (الصوم لي وأنا أجزي به).
2- تجتمِعُ في الصَّومِ أنواعُ الصَّبرِ الثَّلاثةُ.
3- الصِّيامُ يشفَعُ لصاحِبِه يومَ القيامةِ.
4- الصَّومُ مِنَ الأعمالِ التي وعَدَ الله تعالى فاعِلَها بالمغفرةِ والأجرِ العَظيمِ.
5- الصِّيامُ كفَّارةٌ للذُّنُوبِ والخطايا.
6- الصَّومُ جُنَّةٌ وحِصنٌ مِنَ النَّارِ.
7- الإكثارُ مِنَ الصَّومِ سببٌ لدُخُولِ الجَنَّةِ.
8- خُلُوفُ فَمِ الصَّائِم أطيَبُ عند الله تعالى مِن رِيحِ المِسْكِ.
المبحث الثالث: الحِكمةُ مِن تَشريعِ الصِّيامِ
لَمَّا كانت مصالِحُ الصَّومِ مشهودةً بالعُقُولِ السَّليمةِ، والفِطَرِ المستقيمةِ، شَرَعَه اللهُ سبحانه وتعالى لعبادِه؛ رحمةً بهم، وإحسانًا إليهم، وحِمْيَةً لهم وجُنَّةً  (6) .
فالصِّيامُ له حِكَمٌ عظيمةٌ وفوائدُ جليلةٌ؛ ومنها:
1- أنَّ الصَّومَ وسيلةٌ لتحقيقِ تقوى الله عزَّ وجَلَّ.
2- إشعارُ الصَّائِم بنعمةِ الله تعالى عليه.
3- تربيةُ النَّفسِ على الإرادةِ، وقوَّةِ التحَمُّلِ.
4- في الصَّوم قهرٌ للشَّيطانِ.
5- الصَّومُ موجِبٌ للرَّحمةِ والعَطفِ على المساكينِ.
6- الصَّومُ يُطَهِّرُ البَدَنَ من الأخلاطِ الرَّديئةِ، ويُكسِبُه صحةً وقوةً.

أركانُ الصِّيامِ

 الإمساكُ عن المُفَطِّراتِ

يجب على الصَّائِم أن يمتَنِعَ عن كلِّ ما يُبطِلُ صَومَه مِن سائِرِ المفَطِّرات، كالأكلِ والشُّربِ والجِماع؛ نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ حَزمٍ  (1) ، وابنُ عبدِ البَرِّ  (2) ، وابنُ تيميَّة  (3) .

استيعاب زمن الإمساك

المطلب الأول: بدايةُ زَمَنِ الإمساكِ
يلزَمُ الصَّائِم الإمساكُ عَنِ المفطِّراتِ مِن دُخولِ الفَجرِ الثاني  (1) ، وذهب إلى هذا عامَّةُ أهلِ العلمِ  (2) ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك  (3) .
فرع: مَن طلَع عليه الفَجرُ وفي فَمِه طَعامٌ
مَن طلَع عليه الفَجرُ وفي فَمِه طعامٌ، فعليه أن يلفِظَه  (4) ويُتمَّ صَومَه، فإنِ ابتلَعَه بطَلَ صومُه، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة  (5) ، والمالكيَّة  (6) ، والشَّافعيَّة  (7) ، والحَنابِلة  (8) ، وهو قولُ ابنِ حَزمٍ  (9) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ[البقرة: 187].
وجه الدلالة
أنَّ اللهَ أباح الأكلَ والشُّربَ إلى طلوعِ الفَجرِ، ثمَّ أمَرَ بالإمساكِ عنهما إلى اللَّيلِ  (10) .
ثانيًا: منَ السُّنَّة
عن عائِشةَ رَضِيَ الله عنها أنَّ بِلالًا كان يؤَذِّنُ بلَيلٍ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((كُلوا واشرَبُوا حتى يؤذِّنَ ابنُ أمِّ مَكتومٍ؛ فإنَّه لا يُؤذِّنُ حتى يَطلُعَ الفَجرُ))  (11) .
المطلب الثاني: نهايةُ زَمَنِ الإمساكِ والأحكامُ المُتعَلِّقةُ به
الفرع الأول: متى ينتهي زَمَنُ الإمساكِ؟
ينتهي زَمَنُ الإمساكِ بغُروبِ الشَّمسِ؛ نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ حزمٍ  (12) ، وابنُ عبدِ البَرِّ  (13) ، والنوويُّ  (14) .
الفرع الثاني: إذا أفطَرَ الصَّائِم ثم أقلعَتِ الطَّائرةُ به، فرأى الشَّمسَ لم تغرُبْ
إذا غرَبتِ الشَّمسُ وأفطَرَ الصَّائِم، ثم أقلعتْ به الطَّائرةُ وارتفعَتْ، ورأى الشَّمسَ لم تغرُبْ، فإنَّه لا يلزَمُه الإمساكُ، وصَومُه الذي صامه صحيحٌ، وبه أفتى عبدُ الرزَّاق عفيفي  (15) ، وابنُ باز  (16) ، وابن عُثيمين  (17) .
الفرع الثالث: ما يُعتَبَرُ في وقتِ الفِطرِ للمُسافِرِ في الطَّائرةِ
مَن سافَرَ بالطَّائرةِ وهو صائمٌ، ثم اطَّلَعَ بواسطةِ السَّاعةِ أو التِّلفازِ أو غيرِهما على أنَّ وَقتَ إفطارِ البَلَدِ الذي سافَرَ منه أو البَلَدِ القَريب منه في سَفَرِه؛ قد دخل، لكنَّه يرى الشَّمس بسببِ ارتفاعِ الطَّائرةِ- فليس له أن يُفطِرَ إلَّا بعد غُروبِها، وبه أفتى عبدُ الرزَّاق عفيفي  (18) ، وابنُ باز  (19) ، وابن عُثيمين  (20)
الفرع الرابع: وقتُ الفِطرِ في البلادِ التي يَطولُ فيها النَّهارُ
يجِبُ على الصَّائِم الإمساكُ مِن حينِ طُلُوعِ الفَجرِ، إلى غُرُوبِ الشَّمسِ، في أيِّ مكانٍ، سواءٌ طال النَّهارُ أم قَصُر، إذا كان اللَّيلُ والنَّهارُ يتعاقبانِ خِلالَ أربعٍ وعِشرينَ ساعةً، لكن لو شقَّ الصَّومُ في الأيَّامِ الطَّويلةِ مَشَقَّةً غيرَ مُحتمَلَة، ويُخشى منها الضَّرَرُ أو حدوثُ مَرَضٍ؛ فإنَّه يجوزُ الفِطرُ حينئذٍ، ويقضي المُفطِرُ في أيامٍ أُخَرَ يتمَكَّنُ فيها مِنَ القَضاءِ؛ وبهذا أفتى ابنُ باز  (21) ، وابنُ عُثيمين  (22) ، وغيرُهما، وهو قرارُ المجمَعِ الفقهيِّ الإسلاميِّ  (23) .
الفرع الخامس: كيفيَّةُ تحديدِ زَمَنِ الإمساكِ في البلادِ التي يخرُجُ فيها اللَّيلُ والنَّهارُ عن المُعتادِ
مَن كان في بلدٍ لا يتعاقَبُ فيه اللَّيلُ والنَّهارُ في أربعٍ وعِشرينَ ساعةً؛ كبلَدٍ يكون نهارُها مثلًا: يومينِ، أو أُسبوعًا، أو شهرًا، أو أكثَرَ من ذلك، فإنَّه يَقْدُرُ للنَّهارِ قَدْرَه، وللَّيلِ قَدْرَه؛ بأن تُحسَبَ مدَّةُ اللَّيلِ والنَّهارِ اعتمادًا على أقربِ بلَدٍ منه، يكون فيه ليلٌ ونهارٌ يتعاقبانِ في أربعٍ وعشرينَ ساعةً. وبهذا أفتى ابنُ باز  (24) ، وابن عُثيمين  (25) ، وغيرُهما، وهو ما قَرَّره المجمَعُ الفقهيُّ الإسلاميُّ  (26) .

درس الصوم

السابق
كيف أبيض ركبي
التالي
معنى الاسلام

اترك تعليقاً