ديني

منهج الاسلام في تدبيرالمال

المال في الاسلام

يقصد بالمال في الاسلام  كل شيء له قيمة مالية مثل:الماشية والسلع والدور والعمارات… حث الاسلام على تحصيل المال من طريق شرعي كالتجارة والفلاحة والصناعة والحرف. وحرم بعض الطرق الغير الشرعية كالرشوة والغش والربا… كما دعا إلى انفاق المال في الطرق الشرعية دون افراط ولا تفريط ونهى عن البخل والاسراف والتبذير لما ورد في النص القرآني:« ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا»

المال في الاسلام مال الله و الإنسان نائب عنه في الإشراف عليه،لهذا اشترط الإسلام في المال:

1-التزام الشرع في كسبه لأن الإنسان محاسب على ذلك كما ورد في قوله Mohamed peace be upon him.svg (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن…و عن ماله من أين اكتسبه و فيما أنفقه)

2-التوسط و الاعتدال في انفاقه فالله نهى عن تبذير المال لما في ذلك من تضييع، كما حرم البخل لما فيه من حرمان النفس و إضعاف روح التضامن و التعاون.يقول الله تعالى (والذين إذا أنفقو لم يسرفوا و لم يقتروا و كان بين ذلك قواما) سورة لقمان-الآية:67.

فالاسلام قسم  المال إلى أقسام مختلفة بحسب اعتبارات يتم مراعاتها فقهياً من حيث:

  • الضمان: وهو ما أمكن حيازته وجاز شرعاً الانتفاع به في حال السعة والاختيار.
  • التماثل: ويقسم إلى قسمين؛مال قيمي(يعتدّ بقيمته ولا يتاح نظيره في الأسواق مثل الحيوانات) ومال مثلي (ما يعتد بقيمته ومتاح في الأسواق)
  • الثبات: ينقسم إلى عقار ومنقول(ما يمكن نقله)
  • انفصال المنفعة: وهو الذي ترتبط منفعته بعينه؛أي لا يتحقق النفع إلا باستهلاكه.
  • طبيعته المادية:وينقسم إلى؛ أعيان( ماديّة ملموسة)، ومنافع( ما يأتي من استعمال الأعيان)، وحقوق مالية(الاختصاص بمصلحة مثل براءة الاختراع)
  • القابلية للمُلك:ينقسم إلى مال عامّ (مثال؛الوقف)، ومال خاصٔ(ما يمكن للفرد تملّكه)
  • الغرض:وتقسم إلى أموال قنيّة (استخدام المالك)، وأموال تجارة، وأموال استثمارية.
  • الحضور:ينقسم لجهة حضوره فيكون عين، (المال الحاضر المشهود) و ديندين، (وصف للمال الذي يثبت في الذمة).
  • التميز:ويكون مال متميز(يُعرف مالكه)، ومال مشاع (يعرف نصيب المالك فيه كحصّة شائعة)
  • الثمنية:ويقسم إلى أثمان و عروض. وتعود الأثمان إلى النقود أو الأسعار.

اهمية المال في الاسلام

المال في الإسلام ركن من أركان الدين، كما هو ركن من أركان الدنيا. أما كونه من أركان الدنيا فأمر يعرفه الجميع ولا يجادل فيه أحد، وقد قالوا: المال قِوام الأعمال، والمال قوام الحياة. وهو معنى مذكور في قوله تعالى {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَمًا} [النساء: 5].

وأما كونه من أركان الدين فيتجلى أولا في الركن الثالث من أركان الإسلام، وهو ركن الزكاة. فالزكاة مال وعبادة مالية، وركن مالـيٌّ من أركان الإسلام.

ثم إن أركانا أخرى في الإسلام تتوقف إقامتُها على المال. فالصلاة تحتاج إلى بناء المساجد وتجهيزها والقيام على خدمتها، وكل هذا يحتاج إلى المال.  وفريضة الحج تتوقف كثيرا على المال. وأعمال البر والإحسان والصلة والصدقة والوقف… كلها مال في مال. والعلم والتعليم بحاجة إلى المال. ومعظم أنواع الجهاد والدعوةِ إلى الله تحتاج إلى المال.

فالأفكار والدعوات والحركات تنتشر وتنجح بقدر ما لأهلها من وسائل وأدوات، يتوقف تحصيلها وتشغيلها على المال.

ولذلك حبَّس الميسورون من المسلمين على مر التاريخ أموالهم العظيمة، فكانت رافدة ورافعة لكل الخدمات والإنجازات الحضارية، الدينية والدنيوية.

ويكفي المالَ فضلا أنه يمكِّن صاحبَه من العيش بكرامة وعفة: يُعطي ولا يَطلب، وينفق ولا يَسأل. وفي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول. وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعفف يُعِفَّه الله، ومن يستغنِ يُغْنِه الله).

الضوابط الشرعية للنقود في الاسلام

شرع الاسلام عدة مبادئ وضوابط للمحافظة على المال، فكانت أولى هذه المبادئ؛

  • إخراج حقوق الله تعالى من المال، حيث أوجب الله تعالى نوعين من الحقوق في الأموال، وهما: حقٌّ ثابتٌ محدّدٌ دائمٌ، والآخر حقٌّ غير محدّدٍ وغير ثابتٍ وغير دائمٍ؛ إذ إنّ إخراج الحقوق السابقة يعدّ وسيلةً من وسائل حفظ الله تعالى للمال، ومن وسائل حفظ المال:
  • الاعتدال في الإنفاق ومحاربة الإسراف، والاعتدال في الإنفاق يشمل الملبس، والمسكن، والمناسبات الاجتماعية، إذ إنّ الإسراف امتدّ حتى شمل المهور، وأعياد الميلاد، وفي الجنائز وما يتبعها، فالإسلام نهى عن الإسراف؛ بسبب ما فيه من تضييع للأموال بما لا يحقّق مصلحة الأفراد والجماعات، كما أنّ في ذلك العديد من الخسائر، ويعدّ سبباً من أسباب التضخّم الاقتصادي، ولأجل ذلك قرّر الإسلام القواعد العامة لذلك في نصوص القرآن الكريم والسنّة النبويّة، منها قول الله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا)،[٣]فالآيات التي وردت في القرآن الكريم دلّت على أنّ عدم الإسراف يشمل الطعام والشراب والمسكن، وبذلك يصل المسلم إلى مكانةٍ رفيعةٍ، ومن الأحاديث التي وردت في عدم الإسراف: قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (ثلاثٌ مُنجِياتٌ: خَشيةُ اللهِ تعالَى في السِّرِّ والعلانِيَةِ، والعدلُ في الرِّضا والغضَبِ، والقصْدُ في الفقْرِ والغِنَى، وثلاثٌ مُهلِكاتٌ: هوًى مُتَّبَعٌ، وشُحٌّ مُطاعٌ، وإِعجابُ المرْءِ بنفْسِهِ)، ومن الأحكام التي وردت في السنّة النبويّة؛ لتدلّل على الاعتدال في الإنفاق: النهي عن الأكل والشرب من آنية الذهب والفضة.

حفظ المال

لم يتوقف اهتمام الإسلام بقضية المال عند اعتباره مقصدا من مقاصد الشريعة الإسلامية الضرورية التي لا تقوم الحياة ولا تستقيم إلا بها، بل وضع من التشريعات ما يضبط وسائل إيجاد المال وتحصيله من الانحراف، وما يحفظ بقاء المال واستمراره من التعدي أو الضياع.

ويمكن صياغة التشريعات التي وضعها الإسلام لحفظ المال – وغيره من الضروريات الخمس – بصياغة علماء المقاصد: حفظ من جانب الوجود، وحفظ من جانب العدم، وفي ذلك يقول الشاطبي: ” والحفظ لها – أي الضروريات الخمس – يكون بأمرين: أحدهما: ما يقيم أركانها ويثبت قواعدها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود، والثاني: ما يدرأ عنها الاختلال الواقع أو المتوقع فيها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب العدم” .ومن هذه التشريعات نجد:

1- الحث على السعي لكسب الرزق وتحصيل المعاش: قال تعالى: { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } الملك/15، قال ابن كثير: ” أي: فسافروا حيث شئتم من أقطارها، وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات، واعلموا أن سعيكم لا يجدي عليكم شيئاً إلا أن ييسره الله لكم “.

كما أن الإسلام رفع من مكانة العمل وعظّم من شأنه، وجعله المصدر الأساس لكسب المال وتحصيله، ففي الحديث عن المقدام رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ).

2- تحريم إضاعة المال: من خلال تحريم الإسراف والتبذير، قال تعالى: { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } الأعراف/31، وقال تعالى: { وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا } الإسراء/26.

وفي الحديث عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ وَوَأْدَ الْبَنَاتِ وَمَنَعَ وَهَاتِ وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ) (11)

قال الحافظ ابن حجر: “ومنع منه لأن الله تعالى جعل المال قياماً لمصالح العباد، وفي تبذيرها تفويت تلك المصالح إما في حق مضيعها وإما في حق غيره…..” (12)

3- منع المال عن السفهاء لحفظها من التلف: قال تعالى: { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } النساء/5.

4- تحريم السرقة وإيجاد الحد على السارق: قال تعالى: { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم } المائدة/38، ولا شك أن في تحريم السرقة في الشريعة الإسلامية واعتبارها من الكبائر، بل وإيجاب حد قطع يد السارق – إن اكتملت شروط إقامة الحد – فيه من الردع ما يكفي لحفظ أموال الناس من الاعتداء.

السابق
فوائد الاجاص
التالي
اول رائدة فضاء في العالم

اترك تعليقاً