ديني

من هم عباد الله الصالحين

من هم عباد الله الصالحين في القرآن

1- المُتّقون: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (البقرة/ 2-5).     – المُتّقون هم الذين يتّقون سخط الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، ويدفعون عذابه بطاعته، وهم الذين يتّقون الشِّرك في أعمالهم كما اتّقوه في عقيدتهم، ويعملون بطاعة الله ويؤدّون ما افترض عليهم. وهم المصدِّقون بالغيب مما لا تُدركه حواسّهم من بعث وجنّة ونار وصراط وحساب وغير ذلك. ويؤدّون الصلاة على الوجه الأكمل بشروطها وأركانها وأفراضها وآدابها. ويتصدّقون من أموالهم التي جعلهم الله مُستخلفين فيها في وجوه البرّ والإحسان، ويؤمنون بكلِّ ما جاء به النبي (ص) عن الله تعالى، وبما أنزل سبحانه من أنبياء ورُسل قبله، ولا يُفرِّقون بين كتب الله إلا المُحرّف منها، فهم ينبذونه كما نبذهُ كتابهم القرآن، وبالتالي فالمتّقون هم أهل النور والبيان والبصيرة، وهم الفائزون بالدرجات العالية الرفيعة في جنّات النعيم.  – قال سبحانه في وصفهم أيضاً: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ) (الأنبياء/ 48-49).     ممّا يؤكِّد أنّ خطّ التقوى واحدٌ متّصلٌ موصولٌ في عهود جميع الأنبياء، وأنّ صفاتهم مشتركة، ومن تلك الصِّفات قول الحقّ عزّ وجلّ:     (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (الذاريات/ 15-19).

2- الصّابرون:قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (البقرة/ 155-157).     الله تعالى يختبر عباده بألوان البلاء، خوفاً، وجوعاً، وذهاب أموال، وموت أحباب، وضياع ثروات، فإذا ما صبرَ المبتلى بالمصائب على البلاء والقضاء، وعرفَ أنّه بين (المُلك) لله وبين (الهُلك) في نهاية أمره في الدنيا، بُشِّرَ بنعيم الجنّة، ولا يتحقّق ذلك إلا للمهتدين إلى طريق السعادة والفلاح.     قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ…) (البقرة/ 153).     وقال جلّ جلاله: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (الزمر/ 10).  والصّبر هو القدرة على التحمّل، والمُمانعة، والمُقاومة، وعدم الجزع، لا الصبر السلبي القهري الذي يُفقد الإنسان إرادته.

3- البائعون أنفسهم لله (الشهداء): قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) (البقرة/ 207). – هؤلاء هم الأخيار الأبرار وأهل الخير والصلاح الذين باعوا أنفسهم لله مضحِّين بها من أجل دينهم وإعلاء كلمة الله في الأرض، وطلباً لمرضاته ورغبةً في ثوابه، لا يتحرّون بعملهم إلا وجهه، وإلا إنقاذ المُضطهَدين من الأغلال التي عليهم.     يقول جلّ جلاله: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (آل عمران/ 169-170).     ورسالة هؤلاء الشهداء لِمَن يأتي على الأثر من المجاهدين تزفّ لهم البُشر بما سيكونون عليه بعد الإستشهاد. وقيمة هؤلاء الأبرار أنّهم يُعبِّدون الطريق لعبادة الله، وحرِّية العمل لأخوانهم في الدِّين، وإنقاذ شعوبهم المُضطهدة من نير الظالمين وجرائم المُفسدين.

4- المُسارعون إلى مغفرة الله (السّابقون):     قال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران/ 133). – المُسارعون إلى مغفرة الله، هم السابقون الأوّلون في الهجرة والنصرة والإنفاق قبل الفتح، بل وكلّ مَن يغتنم فرصة الحياة الدنيا لينال بها مرضاة الله ولا يضرّه مَن ضلّ إذا اهتدى، ولا مَن يبخل إذا تصدّق، ولا مَن يجبن أو يتخلّف إذا دعا داعي الجهاد، ولا مَن ينحرف إذا استقام، ولا مَن كفرَ طالما أنّ قلبه مطمئنّ بالإيمان.     قال سبحانه: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ) (الواقعة/ 10-14).     – هم سابقون إلى الخيرات والحسنات والصالحات، وهم السابقون إلى القُربات وإلى الجنات، لا يحزنهم الفزع الأكبر، لأنّهم ملأوا الحياة أمناً وأماناً، وصنعوا منها جنّة مصغّرة، فاستحقوا الجنّة الكُبرى.

5- الربانيون: قال تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) (آل عمران/ 146).     – (الرِّبيّون) هم العلماء الرّبانيون والعباد الصالحون الذين لا تضعف هممهم ولا يخافون لقاء العدوّ ولا يخضعون لقوّةٍ استكباريّة ولا يستسلمون لما يجمع الناس لهم من قوى ميدانيّة عسكرية وقوى معنويّة نفسيّة، فهم صابرون على مُقاساة الشدائد والأهوال، أعدّوا وهيأوا أنفسهم إلى النِّزال والقِتال في سبيلِ الله فيَقْتِلونَ ويُقتَلون، فلا يهابون فيه شيئاً بعدما باعوا أموالهم وأنفسهم له.

6- أنصار الله: قال تعالى: (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (المجادلة/ 22).     – إنّهم أهل الإيمان الذين لا يوالون أعداء الله حتى لو كانوا أقرب الناس إليهم، فهم أحباب الله وخاصّته وأنصاره وأولياؤه، بهم ينتصر لدينه، وبهم ينتقم من عدوِّه، وبهم يحقِّق لخلافه الإنسان في الأرض أهدافها المنشودة.

7- حزب الله: قال تعالى: (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ).     – إنهم اهل الإيمان الذين لا يوالون أعداء الله حتى لو كانوا أقرب الناس اليهم، فهم أحباب الله وخاصته وأنصاره وأولياؤه، بهم ينتصر لدينه، وبهم ينتقم من عدوه، وبهم يحقق لخلافة الإنسان في الأرض اهدافها المنشودة.

8- المُتوكِّلون على الله: قال تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران/ 173-175).     – المتوكِّلون هم الذين يقولون بثقةٍ مطلقة: الله كافينا، وحافظنا، وناصرنا، ومعيننا، ومتولِّي أمرنا، ونِعْمَ الملجأ ونِعْمَ المولى ونِعْمَ النّصير، فلا يزيدهم إرجاف المُرجفين وتخويف المخوِّفين إلا إيماناً وتصديقاً وإصراراً وثباتاً، لمعرفتهم اليقينيّة أنّ المثبِّطين إخوان الشياطين وأعوانهم من الكفّار الذين يزرعون الخوف في كلِّ مكان. إنّهم لعلى ثقةٍ من أنّ الله كافٍ عبده، وأنّه إذا كان معهم فَمَن عليهم!

9- المؤمنون الذين لم يُلبِسوا إيمانهم بظُلم:     قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام/ 82).

– إنّ المؤمنين الذين آمنوا وحسن إيمانهم هم الذين لم ينحرفوا عن خطِّ الإيمان لا بشكٍّ ولا بشرك، ولم ينحرفوا عن ولاية الحقّ إلى ولاية الباطل، ومن ولاية الله إلى ولاية الشيطان، ومن ولاية أئمّة العدل إلى ولاية أئمّة الجور، فمَنْ لم يخلط إيمانه بظُلم، أيّاً كان هذا الظّلم هو من الصالحين، وهو من المؤمنين حقّ الإيمان.

10- المُتطهِّرون: قال تعالى: (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) (التوبة/ 108). الطّهارة طهارتان: مادِّية من الأقذار والأوساخ والنّجاسات، ومعنوية من الذنوب والمعاصي والآفات، والله تعالى يحبّ المُبالغين في الطهارة ظاهرية كانت أو باطنيّة.

يقول سبحانه: (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ * والرُّجْزَ فاهْجُرْ) (المُدّثر/ 4-5).وقال عزّ وجلّ: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة/ 222).

فالطهارة بشقّيها سمة مميّزة من سمات الصالحين، لأنّها تُمثِّل عمليّة تنظيف مستمرّة لأوساخ الداخل والخارج، وسعي دائم للعودة إلى سلامة الفطرة وطهارة الباطن.

مقام الصالحين في القرآن

قال تعالى على لسان النبيِّ سليمان (ع): ﴿وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ فهل معنى هذا الطلب أنَّه عليه السلام لم يكن من الصالحين؟ وكذلك قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ في شأن النبيِّ إبراهيم (ع)، هل معناه أنَّه لم يكن من الصالحين في الدنيا؟!

الجواب:

ليس المرادُ من عنوان الصالحين في الآية الأولى – وكذلك الثانية- المعنى المُقابل للفاسدين فإنَّ الدعاء بذلك مِن تحصيل الحاصل، إذ لا يكون العبدُ نبيَّاً حتى يكونَ صالحاً بهذا المعنى ، وقد وصف اللهُ تعالى بعضَ أنبيائه بالصالحين بعد أنْ نعتهم بأوصافٍ هي أعلى من وصف الصالحين بالمعنى المقابل للمفسدين وهو ما يُؤكِّد عدم إرادة هذا المعنى من هذا العنوان.

قال تعالى: ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾(1) فالآية قد وصفت يحيى (ع) بأنَّه من الصالحين رغم أنها قد وصفته قبل ذلك بأنَّه من الأنبياء.

وقال تعالى: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ/ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾(2) فالآية امتدحت عيسى (ع) بالوجيه في الدنيا والآخرة وانَّه من المقربين ، وأخبرت عن إكرام الله تعالى له بأنْ منحَه القدرةَ على الكلام في المَهد، وكلُّ هذه النعوت تفوق الوصف بالصلاح بالمعنى المقابل للفساد والضلال ، وهو ما يُؤكِّد أنَّ المراد من قوله: ﴿مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾ ليس هو المعنى المقابل للفساد.

وكذلك هو قوله تعالى: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ﴾(3) وقوله تعالى: ﴿وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا… وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾(4).

وبناءً على ذلك فإنَّ الظاهر من قولِه تعالى: ﴿وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾(5) أنَّ ثمة درجةً عند الله تعالى لا يحظى بها الكثيرُ من عباده حتى الأبرار منهم، هذه الدرجة يمكن التعبير عنها بمقام الصالحين، فسليمانُ (ع) رغم أنَّ له مقام النبوَّة إلا أنَّه يطمح في أن يمنحَه اللهُ عزَّ وجلَّ هذه الدرجة، لذلك سأل ربَّه جلَّ وعلا أنْ يجعله ضمن مَن يحظَونَ بهذا المقام.

والمؤكِّدُ لإرادة هذا المعنى من الآية مضافاً لِما ذكرناه قولُه تعالى إخباراً عن حال إبراهيم: ﴿وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾(6) وقولُه تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾(7) وقوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ فِي الْدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾(8) فإنه لا معنى للإخبار عن أنَّ إبراهيم يكون في الآخرة من الصالحين بالمعنى المقابل للفاسدين.

فإنَّه بعد أن كان إبراهيم (ع) ممن اصطفاهم الله تعالى لرسالته وهو كما أخبر القرآن عنه بأنَّه: ﴿كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا﴾(9) وأنَّه من المُوقنين وقد أراه اللهُ ملكوتَ السماوات والأرض قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾(10) وقال عنه: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ﴾(11) و﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ﴾(12) وقال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا﴾(13) وقال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ/ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ/ وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ﴾(14) وقد جعَلَ له مقامَ الإمامة فقال جلَّ وعلا: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾(15).

فبعد كلِّ هذه النعوت التي لم يحظَ بها أكثرُ الأبرار من عباد الله تعالى لا يصحُّ استظهار إرادة الصالحين بالمعنى المقابل للفاسدين من قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾، بل يتعيَّنُ استظهار أنَّ معنى الصالحين عنوانٌ لوسامٍ من الأوسمة الإلهيَّة التي يمنحُها اللهُ عز وجل للخاصَّة من أوليائه.

وأما أنَّ إبراهيم (ع) في الآخرة من الصالحين فهذا لا يعني أنه ليس منهم في الدنيا، وذلك لأن معنى: ﴿وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ هو أن جزاءه في الآخرة هو جزاء من مُنح وسام الصالحين. فالآيةُ بصدد بيان المرتبة من النعيم التي سيُمنحُها إبراهيم يوم القيامة.

فالآيات الثلاث كانت بصدد بيان ما منحَه اللهُ عزَّوجل لإبراهيم في الدنيا وما سيمنحه إيَّاه في الآخرة، فالآية الأولى أفادت أنَّه تعالى قد منحَه الإصطفاء في الدنيا وهو في الآخرة من الصالحين، والآيةُ الثانية أفادت أنه تعالى أعطاه أجرَه في الدنيا وإنَّه في الآخرة من الصالحين، والآية الثالثة أفادت أنَّه أعطاه في الدنيا حسنة وإنَّه في الآخرة من الصالحين، فقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ بيانٌ لما سيُعطاه إبراهيم في الآخرة وأنَّه سيُعطى النعيم الذي ادَّخره الله تعالى لمن حظيَ بمقام الصالحين.

وهكذا فإنَّ معنى قول سليمان (ع): ﴿وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ هو إمَّا إنَّه يسأل اللهَ تعالى أنْ يمنحَه مقامَ الصالحين أو إنَّه يسأل الله تعالى أن يمنحَه النعيم الذي فرضَه الله في الآخرة لمن حظَي بمقام الصالحين.

وكلاهما ينتهيان إلى معنىً واحد وهو الدعاء بأنْ يجعلَه اللهُ تعالى ضمن مَن منحهم مقامَ الصالحين، إذ أنَّ كلَّ من أُعطي هذه المرتبة فإنَّه سوف يحظى في الآخرة بنعيم هذه المرتبة.

وأما ما هي حقيقة مقام الصالحين فهو أمر لا نُدركه، وكلُّ ما نعلمُه هو أنَّ مقام الصالحين من المقامات السامية عند اللهِ تعالى ويطمح في نيلِها حتى الأنبياء كما هو المُستفاد من قوله تعالى على لسان سليمان: ﴿وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ﴾ وقوله تعالى على لسان إبراهيم: ﴿رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾(16) وقولِه تعالى على لسان يوسف (ع): ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ … تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾(17)

فدعاء يوسف بأن يُلحقه اللهُ بالصالحين كان بعد النبوَّة وبعد أن علَّمه اللهُ تأويلَ الأحاديث، وهو ما يُعبِّر عن سموِّ المقام الذي يسأل يوسفُ ربَّه أنْ يمنحه إيَّاه ويُلحقه بَمن حظيَ به من عبادِه.

وقد ورد في الروايات أنَّ الصالحين هم النبيُّ (ص) والأئمةُ من أهل بيتِه (ع) (18).

ويمكن تأييد ذلك بقوله تعالى لنبيِّه محمد (ص): ﴿قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ/ إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾(19).

وكذلك يمكن تأييده بقولِه تعالى: ﴿وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾(20)، فقد ورد في الروايات من طرقِنا وطرقِ العامَّة أنَّ صالح المؤمنين هو عليُّ بن أبي طالب (ع)(21).

وكذلك وردَ من طرقِنا وطرقِ العامَّة عن الرسول الكريم (ص) أنَّه قال لفاطمة (ع) بعد أن زوَّجها من عليٍّ (ع): “والذي نفسي بيدِه لقد زوَّجتُك سيِّداً في الدنيا وأنَّه في الآخرة لمن المصلحين”(22). فالنبيُّ (ص) يُقسم بالله تعالى أنَّ عليَّاً ممَّن له مقامُ الصالحين. وورد أيضاً عن أسماء بنت عميس قالت لمَّا نزل قولُه تعالى: ﴿وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ قال النبيُّ (ص) لعليٍّ: ألا أُبشِّرُك إنَّك قُرنتَ بجبرئيل ثم قرأَ الآيةَ فقال: فأنتَ والمؤمنون من أهل بيتِك الصالحون.

روى ذلك القندوري في ينابيع المودة عن أبي نعيم الحافظ والثعلبي وقال أخرجا بسنديهما عن أسماء بنت عميس ، وروى قريباً منه الحاكمُ الحسكاني في شواهد التنزيل بسنده عن عمَّار بن ياسر وقال: رواه أيضاً السبيعي.

من هم عباد الله المقربين

كيف أكون من أولياء الله الصالحين

يتّصف أولياء الله بعددٍ من الصفات والخصائص التي تميّزهم عن غيرهم، وفيما يأتي بيان بعضها:

  • الإيمان بالله تعالى، وتحقيق التقوى في القلوب، والعلم بأنّ الله تعالى يراقب العبد في كلّ وقتٍ، وفي كلّ الحركات والسكنات وما يصدر عنه، والقيام بأوامر الله تعالى، واجتناب نواهيه، حيث قال الله تعالى: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ)،[٥] وقال ابن كثير في تفسير الآية السابقة: إنّ كلّ عبدٍ كان تقيّاً؛ فإنّه وليٌّ لله تعالى، كما أنّ أولياء الله لا يخافون من أهوال وأحداث يوم القيامة، ولا يحزنون على الحياة الدنيا.
  • تتفاوت الولاية عند العبد بحسب إيمانه والتقوى في قلبه، وبحسب الأعمال الصالحة التي يقوم بها العبد فتقرّبه من الله تعالى، وينقسم العباد في ذلك إلى ثلاثة أنواع: فقد يكون العبد ظالماً لنفسه؛ وهو المؤمن العاصي لأوامر الله تعالى، وقد يكون العبد مقتصداً، بمحافظته على الأعمال الصالحة، والحرص على الابتعاد عن النواهي، مع عدم أداء النوافل من العبادات، ودرجة العبد المقتصد أعلى من العبد الظالم لنفسه، وقد يكون العبد سابق بالخيرات، وهو العبد الذي يحرص على أداء النوافل مع أداء الفرائض، وبذلك يبلغ العبد درجاتٍ عاليةً من القرب من الله تعالى في العبادات القلبيّة، ومن الجدير بالذكر أنّ أعلى درجات الولاية تتمثّل في النبوّة، وقد تغفر ذنوب العبد المقتصد والسابق بالخيرات بالتوبة والإنابة إلى الله عز وجل، أو بنيل الحسنات الماحية للذنوب والخطايا، إلا أنّ المقتصد والسابق يعدّان من أولياء الله؛ لأنّ شرطا الإيمان والتقوى متحقّقٌ فيهما.
  • إنّ الولاية من الله تعالى لا تعدّ حكراً على عبادٍ دون عبادٍ آخرين، ولا تعدّ ميراثاً يتناقله الأجيال، وإنّما هي منحةٌ من الله -عزّ وجلّ- لعبادٍ مخصّصين، يهبها لمن يشاء، وينالها العبد بمحبّته لله تعالى، وتعظيمه في القلب، وبعد ذلك لا بدّ من ترجمة المحبّة عملياً بإقامة أوامره وتجنّب نواهيه.
  • إنّ الولاية للعبد لا تعني أنّه يجوز له فعل المحرمات أو عدم القيام بالواجبات والفرائض، كما أنّه لا يجوز من العباد أن يقدّروا منازل الأولياء، بحيث تصل منزلتهم إلى منزلة قريبة من منزلة الأنبياء والرسل عليهم السّلام، فيجوز مناقشة الأولياء بأيّ أمرٍ من الأمور، وإنّ تقديسهم أو المبالغة في مكانتهم تعدّ من الغلو في الدين، كما أنّ ذلك قد يكون سبباً من أسباب الشرك بالله تعالى، وربّما يقع العباد بسبب تلك الأفعال في الشرك الأكبر بالله تعالى، وذلك يعود إلى عدم الفهم الصحيح والصائب للولاية ولأولياء الله تعالى.

من هم عباد الله المخلصين

عباد الله المخلَصين وصفاتهم

وردت كلمة المُخلَصين بفتح اللَّام في مواضع عديدةٍ من كتاب الله، فالله -سبحانه- يستخلص من عباده المؤمنين أُناساً قد اجتمعت فيهم صفات الكمال والتَّقوى، منهم أنبياءُه -عليهم الصَّلاة والسَّلام- ومنهم المؤمنون عموماً، ومن هنا نستنتج وجود درجةٍ أعلى من درجة الإخلاص، وهي الدَّرجة التّي يتحوَّل المسلم فيها من رتبة المخلِصين إلى رُتبة المخلَصين، وهذه الدَّرجةُ لا يصلها إلَّا القليل من المسلمين؛ حيث إنَّ المخلَصين هم الذين أخلصهم الله، واصطفاهم، واختارهم لطاعته، أمّا المخلِصون فهم الذين أخلصوا لله -تعالى- في أعمالهم فعبدوه عبادةً خالصةً، وإنَّ قيام المؤمن بأعماله بإخلاص لا يستلزم رفعته على الذين أخلصهم الله واصطفاهم، وربَّما يجتمع فيه الأمران، فهو مخلِصٌ في أعماله لله بالإضافة إلى أنَّ الله أخلصه واصطفاه واختاره لطاعته. ولأصحاب الإخلاص الذين أخلصهم الله ميِّزاتٍ ذكرها الله في القرآن الكريم، وذكرها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في سنته الشريفة، وهي:

  • الحرص على أعمال الخلوة والخبيئة الصالحة بينهم وبين الله. دوام تزكيتهم أنفسهم، ومجاهدتها على موافقة الحقِّ واتّباعه. متفانون في محبَّة الله تعالى، والإخلاص له، والخضوع لجلاله في عبادتهم وطاعتهم.
  • يستحقُّون المقام الآمن المطمئنَّ بجوار ربّهم تعالى؛ جنَّاتٌ فيها عيونٌ وأنهار، يدخلونها بسلامٍ وأمن، وصدورهم نقيةٌ فارغةٌ من أيِّ حقد.
  • يتَّصفون بالتقوى ومراقبة ما يرضي الله تعالى، ويُجنّبون أنفسهم العذاب وأسبابه. الإخلاص نيل أعلى مراتب التَّكريم؛ فهم مُختارون، وهم أخيارٌ، حيث أخلصهم الله، واختارهم، واصطفاهم لعبادته ودعوته وولايته.
  • الفِطرة الصَّادقة، وسلامة القلب وطهارته واستقامته في استنكار كلِّ ما تنفر منه الفطرة من تصوُّرٍ أو سلوك.
  • لا يُفتنون ولا يُضَلُّون؛ لأنّهم من عباد الله المؤمنين الطَّائعين، فطبيعتهم لا تؤهّلهم لأن يستجيبوا إلى الفتنة أو سماع كلام الفاتنين.
  • ليس للشَّيطان عليهم سبيلٌ أو سلطانٌ أو تأثير، حيث أقسم أن يغوي النَّاس جميعاً إلّا المُخلَصين، فمداخل الشيطان إلى أنفسهم مغلقة؛ لأنَّهم جرَّدوا أنفسهم لله وحده، واتَّصلوا به وعبدوه حقَّ عبادته، فاستخلصهم الله لنفسه كما أخلصوا أنفسهم لله، وحماهم ورعاهم من إغواء الشَّيطان لهم وتزيين الباطل واشتهائه في نفوسهم.
  • مُكَرَّمون في الملأ الأعلى؛ حيث أكرمتهم الملائكة الكرام، وصاروا يدخلون عليهم من كل بابٍ يهنِّئونهم ببلوغ أهنأ الثواب، كما أكرمهم أكرم الأكرمين، وجاد عليهم بأنواع الكرامات من نعيم القلوب والأرواح والأبدان.
  • وعدُ الله لهم بنعيمٍ يتقلَّبون فيه في الحياة الآخرة ويستمتعون فيه، وهو نعيمٌ مضاعفٌ يجمع شتَّى أنواع النَّعيم، وتجدُ النَّفس منه كلَّ ما تشتهيه، وقد ذكرت سورة الصافات بعضاً من هذه النِّعم؛ منها أنَّ لهم فواكه يأكلونها، ويُحملون على أكُفِّ الرَّاحة فهم يُخدمون ولا يتكلَّفون جُهداً، بالإضافة إلى أنَّهم يتسامرون فيما بينهم ويتذاكرون الماضي والحاضر، إلى غير ذلك من مظاهر النَّعيم.
  • فرارُهم من الشُّهرة، وابتعادهم عن أعين المادحين.
  • قبولُهم للحقِّ والرجوع إليه إذا ذُكّروا به.
  • استثناهم الله من تذوُّق العذاب الأليم، فاختصَّهم برحمته، وجاد عليهم بلطفه، بل إن كان لهم سيئاتٍ يتجاوز عنها، ويجزيهم الحسنة بعشرة أمثالها.
السابق
أين تقع قارة آسيا
التالي
متى تبدأ وتنتهي أيام التبويض

اترك تعليقاً