العلوم الإنسانية

نشأة وتطور علم الاجتماع

نشأة علم الاجتماع

  • تعريف علم الاجتماع عرَّفت الجمعيّة الأمريكيّة عِلم الاجتماع على أنّه: عِلم دراسة المجتمع، بما يتضمَّنه من أفراد، وجماعات، ومُؤسَّسات، ويدرس عِلم الاجتماع البشر بصفتهم كائنات اجتماعيّة؛ فهو يساعد على تشكيل حَقلٍ يُحلِّل فيه تصرُّف الشخص في موقف عابرٍ خلال يومه، وهو يمتدُّ؛ ليشمل دراسة الظواهر العالَميّة؛ ولذلك فإنّ عِلم الاجتماع يُحلِّل السلوكيّات بمستوياتها الفرديّة، والمجتمعيّة؛ فالمستوى الفرديّ يُناقش الهويّة العرقيّة، والسلوك المُنحرِف، أو الخلافات الأسريّة، أمّا المستوى الاجتماعيّ، فيناقش ظاهرة الفقر، والبطالة، والعُنف، والتمييز، وذلك برَصْدها، وتفسير أسبابها، والحيلولة دون تفاقُمها، حيث إنّ هدف نظريّات عِلم الاجتماع هو فَهم تصرُّفات البشر، ورَدِّها إلى النشأة الثقافيّة، والاجتماعيّة.

نشأة وتطور علم الاجتماع

  • تأثَّرت نشأة عِلم الاجتماع بالنتاج الفكريّ، والفلسفيّ للقرنَين: الثامن عشر، والتاسع عشر، وما صاحبها من تطوُّر في المجالات الاقتصاديّة، والسياسيّة، حيث يعود تأسيس مصطلح (علم الاجتماع)، إلى الفيلسوف الفرنسيّ أوغست كونت، الذي عَزَم على تقديم التفسير العلميّ الذي يُفسِّر ظواهر المجتمع، والقوانين الضابطة لها، فشَهِد هذا الميدان العلميّ نُموّاً مع جهود العلماء في ألمانيا، وفرنسا، فكان نتاجهم أقرب ما يكون إلى البحوث النظريّة، إلّا أنّ عِلم الاجتماع ازدهرَ بجهود علماء الولايات المُتَّحِدة الأمريكيّة في منتصف القرن العشرين؛ حيث تركَّزت جهودهم على الجوانب التطبيقيّة، والميدانيّة العلميّة، إلى أن تكلَّلت الجهود في بريطانيا مع بدايات القرن العشرين بتدريس عِلم الاجتماع لأوّل مرّة.
  • توالَت جهود تطوير، ونَشْر علم الاجتماع منذ إطلاق هذا المصطلح عام 1838م، وحتى نهايات القرن التاسع عشر، حيث استطاع رُوّاد هذا العِلم توظيفه؛ لخدمة الاقتصاد، والتجارة، والأسرة، والسياسة، والتربية، وحقوق المرأة، ونَبذ العُنصريّة، والفقر، والطبقيّة المُجتمعيّة؛ ففي أمريكا، وتحديداً في جامعة شيكاغو في عام 1892م، تأسَّس أوّل قِسم مُتخصِّص في تدريس عِلم الاجتماع، ليبدأ بعدها بعام التعاوُن الدوليّ في مجال علم الاجتماع، وفي عام 1911م، أصبح منهاج علم الاجتماع مُقرَّراً دراسيّاً في أمريكا لطلبة المرحلة الثانويّة، بعد أن تأسَّست الجمعيّة الأمريكيّة لعلم الاجتماع عام 1905م، والتي تُعتبَر أكبر رابطة لمُتخصِّصين في عِلم الاجتماع على مُستوى العالَم.
  • كما أنّ الثورة الصناعيّة أثَّرت في نشأة عِلم الاجتماع، حيث إنّ التطوُّر المُذهل، والمُتسارِع في مجال الاتِّصالات، ساهم فيما يُعتقَد بأنّه عمليّة إعادة إنتاج للمُجتمع بوَصْفه مجتمعاً بشريّاً واحداً، وليست مُجتمعاتٍ لكلٍّ منها عاداته، وتقاليده، وصفاته، ونَمَط حياته الذي يُميِّزه عن سواه، والسؤال اليوم، هل يمكن لوسائل التواصُل العابرة للقارّات، والتي ألغَت حدود المكان، والزمان، أن تُلغيَ الفوارق المُجتمعيّة المُتعدِّدة في العادات، والتقاليد، والعقائد، والكُلّيات التي يُؤمن بها المجتمع؟ فتصبحَ المجتمعات -بعد تفتيت تمايُزها- خاضعةً للمُؤثِّرات ذاتها في مجتمع العولمة، أو عولمة المُجتمَعات.

أهداف علم الاجتماع

  • دراسة المبادئ العامّة والدعامات التي تقوم عليها الحياة الاجتماعية.
  • دراسة أنماط السلوك البشري الاجتماعي ومعرفة آثاره على الفرد والمجتمع.
  • دراسة وتحليل أجزاء البناء الاجتماعي دراسةً تفصيليّة؛ والسبب في ذلك يعود إلى تأثر كافة المؤسسات الأخرى السياسية والاقتصادية والتعليمية بالنظام الاجتماعي السائد.
  • معرفة قوانين التحول الاجتماعي، وهي القوانين التي تهدف إلى دراسة الأسس والقواعد التي يجب على المجتمع أن يتبعها لعمل نقلة نوعيّة في حالة المجتمع.
  • تشخيص مختلف المشاكل الاجتماعيّة التي يُعاني منها المجتمع، ومعالجتها ووضع الخطط المختلفة للتصدي لها. إبراز المفاهيم الاجتماعيّة الصحيحة، والعمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالحياة الاجتماعيّة.
  • وضع أسس المجتمع المثالي. التعريف بالمؤسسات الاجتماعية المختلفة والتي تعمل على خدمة المجتمع.
  • إيضاح مفهوم الوحدة الاجتماعيّة وحث المجتمع لتحقيق هذا المفهوم.
  • دراسة العلاقات الاجتماعيّة التي تجمع بين الأفراد. تطوير النظريّات الاجتماعية المختلفة.

أهمية علم الاجتماع

لم يعد خافياً ما لعلم الاجتماع من أهميّة وأثر في حياة الأفراد والجماعات، وفي تطوّر الأفكار والمجتمع، وقد وعى ابن خلدون أنّه أسّس بالعمل الذي جاء به علماً جديداً، بالغ الأهميّة حين قال في مقدّمته: (وأعلم أنّ الكلام في هذا الغرض مستحدَث الصنعة غريب النزعة غزير الفائدة).

تبرز أهميّة علم الاجتماع في ما يلي:

  • التأكيد على العلاقات الاجتماعيّة بين أفراد المجتمع. التأكيد على العلاقات بين الظواهر المختلفة ومحاولة معرفة الوظائف الاجتماعيّة لها وأساليب تطوّرها.
  • محاولة بناء النظريّة الاجتماعيّة التي تؤسّسها مجموعة من القضايا المتناغمة والمأخوذة من واقع التجربة الاجتماعيّة بالاستقراء والقياس.
  • السعي ومحاولة التوصّل إلى نشأة وتطوّر واختلاف الحقائق الاجتماعيّة.
  • التعلّم من الجوانب العلميّة التطبيقيّة؛ حيث إنّ دراسة أي نظام اجتماعيّ مرجعه زمان ومكان محدّدان، ودراسة مظاهره العامة كالانحراف عن هذا النظام والقوى التي تؤثر فيه، يفيد بشكل كبير في إيجاد خطة واضحة للإصلاح الاجتماعيّ وتعديل انحرافه.
  • الفهم العميق للقوانين الاجتماعيّة التي تحكم ظواهر المجتمع.
  • الاشتراك في حل المشكلات الفلسفيّة والأخلاقيّة، مثل مشكلة القيم الإنسانيّة الاجتماعيّة والدينيّة.
  • المعرفة العامّة للدوافع والسلوك الإنسانيّ. مساعدة الجانب التطبيقيّ في علم الاجتماع المجتمع على تطويره.
  • التحليل والتوثيق للمشكلات الاجتماعيّة التي يعاني منها المجتمع.
  • الجمع بين المؤسّسات الدينيّة والاقتصاديّة والأسريّة والسياسيّة والتربويّة ضمن بوتقة واحدة.

نشأة وتطور علم الاجتماع القانوني

  • علم الاجتماع القانوني هو ذلك الفرع من علم الاجتماع الذي يدرس القانون كنظام اجتماعي قائم وفعال ومؤثر في تنظيم المجتمع. ومعنى النظر إلى القانون كنظام اجتماعي التفكير بعمليات صنع القانون، وتنفيذه (أو إعمال نصوصه وتفعيلها على أرض الواقع الاجتماعي)، وتأمل الغايات التي تسعى إلى تحقيقها تلك النصوص القانونية. ويراعي في كل ذلك تتبع تأثير حقائق الواقع الاجتماعي السياسي الاقتصادي على عمليات صنع القانون وتنفيذه ورسم الغاية منه أصلا.
  • يعد علم الاجتماع القانوني من الفروع الحديثة في علم الاجتماع القانوني-وما زال- كثيرا من التحديات وصنوف الجدل من جانب رجال الفقه القانوني الذين يشككون في مدي صحة قيامه.
    ويدرس علم الاجتماع نشأة القاعدة القانونية، وأسباب نشأة وتطورها والآثار الاجتماعية التي تترتب علي تطبيق القانون في المجتمع. ويمكن القول بأن علم الاجتماع القانوني هو الذي يقوم بالتفسير العلمي للقانون بالإضافة الي مساعدة رجال القانون في التوصل الي اكثر الصيغ القانونية ملائمة للمجتمع.
  • ويكاد يجمع معظم علماء الاجتماع علي ان دراسة مونتسيكو Montesquieus عن المجتمع والقانون والتي تضمنها كتابة(روح القوانين) تعتبر اول محاولة في علم الاجتماع القانوني لعدة أسباب، أنه لم يستمد نظريته ومبادئه من علم اللاهوت كما فعل فقهاء القرون الوسطى، أومن العقل الخاص كما فعل فقهاء القانون في القرنين السابع والثامن عشر، او من الميتافزيقيا كما اعتاد فقهاء وفلاسفة القانون في القرن التاسع عشر، وإنما استقاها من الوقائع التي قام بجمعها ودراستها في الوقت الذي كان يكتب فيه كتابة.
    وقد انتهي مونتسيكو من دراسته الي ان القانون ليس واحد في كل العالم ، بل إنه يتوقف علي عدد من الظروف التي لا تكون علي نسق واحد في كل مكان .مختلفا في ذلك مع نظرية القانون الطبيعي الذي كان اصحابها يرون أن القانون ثابت لا يتغير بتغير المجتمعات.
    وبهذا وجه مونتسيكو النظر الي ان القانون ليس مفروضا علي المجتمع بل إنما يتوافق مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية والجغرافية، فهو يتأثر بها ويؤثر فيها.
  • ويأتي من بعد مونتسيكو العالم اوجست كونتAugust comte الذي رفض إمكانية قيام علم اجتماع قانوني، ورفض أيضا أهمية وجود القانون ذاته في المجتمع، فذهب الي ان القانون يجب أن يختفي حينما تأتي المرحلة الوضعية ، وبالتالي فإن القانون في نظره ليس أكثر من مجرد أثر ميتافزيقي .
  • اما هروبت سبنسر H.Spencer ،فإنه يذهب إلي ان الظواهر الاجتماعية ليست مستقلة في ذاتها ، وإنما تمثل مظهرا من مظاهر الحياة العامة، وقد أهتم سينشر بالدراسة الواقعية القانون، فأصبح القانون في نظره هو صورة اقوي من العرف، وأكثر ثابتا منه(لأن العرف يطبق قاعدة الموتي علي الأحياء)

نشأة علم الاجتماع السياسي

  • علم الاجتماع السياسى هو أحد الفروع الرئيسية في علم الاجتماع وأكثرها تطورا، فهو مصطلح حديث نسبيا، ظهر في أعقاب الحرب العالمية الثانية ليسد الفراغ الموجود بين علم السياسة وعلم الاجتماع، من خلال تقديم المعرفة العلمية للظواهر السياسة، فأصبح من مجالات البحث الهامة في علم الاجتماع
  • وهو علم يدرس العلاقة بين السياسة والواقع الاجتماعي الذي يعدّ الحاوي للأحداث السياسية وتأثير الأحداث السياسية على البنية الاجتماعية والعكس، فمثلا عند دراسة ظاهرة سياسية كالحرب أو الثورة، يدرس علم الاجتماع السياسي تأثير ذلك على المجتمع، كما يدرس أيضا تأثير البنية الاجتماعية على السياسة فمثلا ظاهرة البطالة والتفكك الاجتماعي واختلال القيم وغياب العدالة الاجتماعية (الظاهرة الاجتماعية) وبين حدوث الثورة أو الحرب (الظاهرة السياسية).
  • الظواهر السياسية -التي يدرسها علم الاجتماع السياسي- ليست حديثة العهد كعلم الاجتماع السياسى، لكنها أقدم من ظهور علم الاجتماع نفسه حيث أنها قديمة قدم وجود الإنسانية ذاتها، حيث أهتم علماء العلوم الأنسانية الأخرى – مثل الفلسفة والقانون- بدراستها ولكن بشكل محدود، فأتسم علم الاجتماع السياسى وكذلك العلوم السياسية بدراستها بشكل منهجي ومنظم
  • نشأة علم الاجتماع السياسي
    يرجع نشأة علم الاجتماع السياسي إلى الأزمات التي ظهرت بعد حركات الإصلاح الدينى في ألمانيا على يد مارتن لوثر وكذلك إلى الأزمات التي أعقبت ظهور الثورة الصناعية في أوروبا.
السابق
فوائد الزواج
التالي
تعرف علي طبقات جلدالانسان

اترك تعليقاً