مواضيع دينية متفرقة

هل الأشاعرة من أهل السنة والجماعة وحكم الأشعرية عند الأئمة الأربعة؟

هل الأشاعرة من أهل السنة والجماعة ؟ هو واحد من الجدالات التي كانت قائمة لدى علماء وفقهاء الدين الإسلامي، حيث أن الأشاعرة يعتبرون أنفسهم من دعاة العقل المُطلق على الرغم من أنهم قدّموا النص على العقل.

ويعود نشأة الأشاعرة إلى الإمام “أبي حسن الأشعري” والذي قام بتأسيس مدرسة إسلامية تتبع أهل السنة ولها منهج عقائدي صوفي ماتريدي، ويتبعها عدد من العلماء كـ العز بن عبد السلام والقشيري وأبو الفخر الرازي وغيرهم.

من هم الأشاعرة؟

يُعتبر الأشاعرة من جماعة أهل السنة غير مخالفين للأئمة الأربعة وغير مُكفّرين لأحدٍ من أهل القِبلة، ولكن الأشاعرة جعلوا العقل أساسًا لفهم النص وقد تصدوا للمعتزلة إذ أنهم قاموا بتزييف أقوالهم وإبطال شبههم وعملوا على إعادة الحق لِنصابه بمنهاج سلف الأمة، ولم يقم الإمام أبي الحسن الأشعري بتأسيس مذهب يخالف السلف ولكن والله ألهمه إلى مذهب السنة بعد أن كان على مذهب المعتزلة.

ويعد أبي الحسن الأشعري من أهم متكلمي أهل الحديث وقد كان لظهور الأشاعرة تحول عظيم في تاريخ السنة والجماعة التي كان يدعمها أسلوب المنطق والقياس ونصوص الكتاب والسنة، كما أن الأشاعرة استخدموا الدليل العقلي في العديد من المسائل العقائدية المُختلفة.

كان امتداد الأشاعرة من شمال إفريقيا إلى وسط وجنوب شرق آسيا إلى جانب مناطق متفرقة في العالم العربي الإسلامي، وقد وجد السلفية أن الأشاعرة قد خالفوا السنة في حين أنهم يدعون بعدم مخالفتهم وإنما كانوا يفوضون المعنى إلى الله عز وجل ويصرفون القول عن ظاهره وهذا كان يُسمى بمنهج التفويض.

هل الأشاعرة من أهل السنة والجماعة عند المسلمين ؟

توجد العديد من الآراء حول ما إذا كانوا الأشاعرة من أهل السنة والجماعة أو دون ذلك، حيث يقول بعض علماء السنة بأن أقوال الأشاعرة مخالفة وتحمل التشدُّد وأن لهم أقوال تميل إلى المعتزلة، في حين أن هناك بعض علماء من أهل السنة يؤكدون على أن الأشاعرة من أهل السنة ولهم أقوال تتوافق مع أهل السنة والجماعة.

وفي هذا السياق سنضع بين أيديكم آراء متعددة لبعض أهل العلم حول ما إذا كان الأشاعرة يتبعون أهل السنة والجماعة أم لا وذلك على النحو التالي:

رأي الإمام أبو النصر السجزي

يوضح الإمام أبو النصر أن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة والجماعة ولكنهم من أهل الأقاويل والكلام ويعتبرهم من أهل البدعة حيث قال في فصل عقده لبيان السنة ما هي؟ وهل يصير المرء منها؟

“فكل مدعٍ للسنة يجب أن يطالب بالنقل الصحيح بما يقوله، فإن أتى بذلك علم صدقه، وقبل قوله، وإن لم يتمكن من نقل ما يقوله عن السلف، علم أنه محدث زائغ، وأنه لا يستحق أن يصغى إليه أو ينظر في قوله، وخصومنا المتكلمون معلوم منهم أجمع اجتناب النقل والقول به بل تمحينهم لأهله ظاهر، ومن المعروف بأن النقل الصحيح يكون سُنيًا متبعًا وهذا ما ثبُت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ويذهب الإمام إلى أن الأشاعرة ضررهم أكبر من ضرر المعتزلة حيث قال: “ثم بُلِى أهل السنة بعد هؤلاء، أي المعتزلة بقوم يدعون أنهم من أهل الاتباع، وضررهم أكثر من ضرر المعتزلة وغيرهم وهم أبو محمد بن كلاب، وأبو العباس القلانسي، وأبو الحسن الأشعري”.

رأي السفاريني

قال السفاريني بأن الأشاعرة من أهل السنة والجماعة، حيث قام بتقسيم أهل السنة إلى ثلاث أقسام فقال: أهل السنة والجماعة ثلاث فرق هم:

  • الأثرية: وإمامهم أحمد بن حنبل.
  • الأشاعرة: وإمامهم أبو الحسن الأشعري.
  • الماتريدية: وإمامهم أبو منصور الماتريدي.

ولكن السفاريني لم يسلم من هذا الرأس وهاجمه بعض علماء أهل العلم مثل، الشيخ ابن سحمان فقال: “هذا مصانعة من المصنف رحمه الله تعالى في إدخاله الأشعرية والماتريدية في أهل السنة والجماعة، فكيف يكون من أهل السنة من لا يثبت علو الرب سبحانه فوق سماواته، واستوائه على العرش، ويقول: حروف القرآن مخلوقة، وإن الله لا يتكلم بحرف وصوت ولا يثبت رؤية المؤمنين ربهم في الجنة بأبصارهم، فهم يقرون بالرؤية ويفسرونها بزيادة علم يخلقه الله في قلب الرائي.

بالإضافة إلى أقاويل أخرى هاجمت السفاريني فيما ابتدعه بأن الأشاعرة فريق من فرق أهل السنة والجماعة.

رأي الشيخ عبدالله أبابطين

يقول الشيخ عبدالله بابطين عن الأشاعرة أن تقسيم أهل السنة إلى ثلاث فرق مسألة فيها نظر، إذ أن أهل السنة قسم واحد أو فرقة واحدة والتي بيّنها الرسول صل الله عليه وسلم حين سُئل بقوله: “هي الجماعة” وفي حديث آخر: “من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي”،وللذلك فإن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة وبأن السنة هم فرقة الأثرية.

رأي ابن الباز

قال الشيخ عبد العزيز بن باز عندما رد على قول الصابونين: “أن التأويل لبعض الصفات لا يُخرِج المسلم عن جماعة أهل السنة”، قال: “صحيح في الجملة فالمتأول لبعض الصفات كالأشعرية لا يخرج عن جماعة المسلمين ولا عن أهل السنة في غير باب الصفات، كما لا يدخل في أهل السنة عند ذكر إثبات وإنكار التأويل”.

وقال أيضًا أن الأشاعرة وأمثالهم لا يدخلون في أهل السنة في إثبات الصفات لمجرد أن خالفوهم واتبعوا غير منهجهم، علاوة على أن لا مانع أن يُقال: إن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة في باب الصفات والأسماء حتى وإن كانوا منهم في أبواب أخرى، وذلك حتى يعلم الناظِرَ في مذهبهم أنهم أخطأوا في تأويل بعض الصفات ولم يتبعوا أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام وأتباعهم.

رأي ابن تيمية

يقول ابن تيمية أن الأشاعرة من أهل الإثبات لأنهم يثبتون بعض الصفات، وبذلك فهم أقرب لأهل السنة عن الطوائف الأخرى، ولكن يُفرَّق بين شيوخهم وأئمتهم المتقدمين وبين المتأخرين، حيث جعل المتقدمين أقرب إلى السلفية وأهل السنة وجعل المتأخرين أقرب إلى المعتزلة والجهمية، وذلك لكثرة موافقتهم في العديد من الأقوال.

يقول ابن تيمية في شرح الأصفهاني: أن الأشاعرة أقرب إلى الأئمة والسلف وأهل الحديث، وما يراه ابن تيمية أن لابد من التفصيل والتبين في اعتبار الأشاعرة من أهل السنة أو إخراجهم عنهم ولا يُقال عنهم أنهم من أهل السنة بإطلاق، فهم ليسوا على السنة بشكل كامل في الكثير من الأمور، كما لا يطلق عليهم أنهم ليسوا من أهل السنة للاعتبارات التالية:

  • بالمعنى العام لأهل السنة هم من أهل السنة.
  • في العبادات والمعاملات والمعتقدات هم من أهل السنة، حيث أن الأشاعرة في أمور العبادات ليس لهم من الأقوال ما يجعلهم ليسوا من أهل السنة.

الفرق بين أهل السنة والجماعة وبين الأشاعرة

فيما أشرنا إليه عن هل الأشاعرة من أهل السنة والجماعة وقول البعض من أهل العلم ما بين مؤيدٍ بأنهم من أهل السنة حتى وإن خالفوا بعض الأبواب الأخرى، وبين رافضٍ لمخالفتهم أهل السنة وخروجهم عن اتباع صحابة النبي صل الله عليه وسلم واتباعه، لذلك سنوضح بعض الفروق ما بين أهل السنة والجماعة وبين الأشاعرة وذلك كما يلي:

أهل السنة والجماعة

  • يُعرف أهل السنة والجماعة بهذا الاسم لاتباعهم سنة النبي محمد صل الله عليه وسلم، وأنهم الجماعة التي ذكرها رسول الله صل الله عليه وسلم.
  • يُعتبر أهل السنة هم الصحابة والتابعون ومن تبعهم واقتفى أثرهم حتى يوم القيامة، وبأنهم لم يبتدعوا أمرًا غير الذي قيل وأنزل على الرسول صل الله عليه وسلم، ولم يقوموا بتغير أو تبديل أو إحداث ما ليس منه وما لم يكونوا عليه في الاعتقاد والسنة وأنهم اتبعوا القول وأحسنوه.

مذهب الأشاعرة

يُعتبر الأشاعرة مجموعة من الفِرق الكلامية التي تأسست بعد القرون الفاضلة والمُنتسِبة إلى “أبي الحسن علي ابن إسماعيل الأشعري”، الذي توفاه الله في عام 324 من الهجرة، وكان من فرقة المعتزلة ثم تخلَّفَ عنها في عام 300 هجري وبدأ يرد عليهم بأساليبهم الكلامية من جهة، وبنص الكتاب والسنة من جهة أخرى، وبالتالي وقف أمام المعتزلة حتى صار عنهم وفي هذا السياق نشأ مذهب عقدي تلفيقي ليس من السنة وليس من كلام العقل الكامل.

ثم بعد أن خرج الأشعري عن المعتزلة وانتصر عليهم وعلى الجهمية استبصر الحق حينما انتصر بسنة الرسول صل الله عليه وسلم وبكتاب الله الحق، حتى أنه تراجع عن أقواله في الصفات وغيرها وقرر أن يلحق بأهل السنة والجماعة، حتى أظهر ذلك في كتابه “الإبانة” وقد كان إلا أن وفقه الله من التلفيق العقدي وقال: “وقولنا الذي نقول به و ديانتنا التي ندين بها، التمسك بكتاب ربنا عز وجل وبسنة نبينا محمد صل الله عليه وسلم وما روي عن الصحابة والتابعين، وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون وبما كان يقول به أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل، نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون، ولمن خالف قوله مجانبون”.

ومن جهة أخرى فإن الأشاعرة مروا بفترة تاريخية عملت على توسيع الفجوة بينها وبين أهلها السنة والجماعة، وبخاصة بعد أن تم إدخال أئمتهم أسس دخيلة من الفلسفة والمنطق والتصوف والجدل والكلام إلا أن أصبحت عقيدة تحتوي على مُخالطات و امتزاجات عديدة، ومن أهم هؤلاء من قاموا بخلط المعتقدات بتلك الأسس الدخيلة، الباقلاني والقشيري وأبو المعالي الجويني وابن العربي والآمدي والإمام الغزالي وغيرهم.

حكم الأشاعرة عند الأئمة الأربعة

لم يقتصر الأمر على تحديد هل الأشاعرة من أهل السنة والجماعة ؟ وما يُطلق عليهم بأنهم من أهل السنة أو دون ذلك من آراء أهل العلم، لكن حكم توصيفهم بأهل السنة والجماعة لدى المذاهب الأربعة قد يكون كلامًا صادمًا لمن يميلون بالاعتقاد بأنهم يتبعون أهل السنة وهذا كما يلي:

المذهب المالكي

  • يقول أهل المالكية بأن الأشاعرة لا تجوز شهادتهم فهم من أهل البدع والأهواء، كما أنه يجب تأديبهم على ما ابتدعوه وأن تماديهم يتطلب الاستتابة.
  • وقد أكد على هذا القول ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية حين قال: “فماذا يكون الأشاعرة إن لم يكونوا أصحاب كلام؟”.

المذهب الشافعي

  • يقول الإمام أبو العباس بن سريح المعروف بالشافعي الثاني: لا نقول بتأويل المعتزلة والأشعرية والجهمية والملحدة والمجسمة والمشبهة والكرامية والمكيفة، بل نقبلها بلا تأويل ونؤمن بها بلا تمثيل، لذلك فإن هناك استنكار ونفى بأن الأشاعرة من أهل السنة والجماعة وأنهم فرقة كلامية طارئة.

المذهب الحنفي

  • إن ما تم نقله عن الإمام الطحاوي تأكيد بالغ الوجوب على أن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة والجماعة، وقد تم تكفير من يقولون بأن الله ليس على العرش أو توقف فيه، حيث أنهم يُنكرون كونه تعالى على العرش وينفون علوه، لهذا فهم لا يسلكوا منهاج العقيدة لأهل السنة وبالتالي ليسوا منها.

مذهب الحنابلة

  • إن موقف الحنابلة من الأشاعرة واضحًا في محاربتهم للأشاعرة في فترة دولة نظام الملك، وقد تم التأكيد على أن الأشاعرة مذهب يُنافي أهل السنة وأنهم من أهل الزندقة وبأنهم من أهل القِبلة لاشك في هذا ولكنهم ليسوا من أهل السنة والجماعة.

خلاصة الموضوع في 4 نقاط

  1. الأشاعرة هم فرقة كلامية تسير على نهج الكلام والفلسفة والمنطق وقاموا بتوجيه أنفسهم بأنهم من أهل السنة والجماعة، ويرجع اسم الأشاعرة إلى مؤسسها أبي الحسن الأشعري.
  2. هل الأشاعرة من أهل السنة والجماعة اختلف حوله العديد من الأقاويل ما بين أنهم من أهل السنة لبعض مواقفهم التي تعود إلى أصحاب السلف، وما بين أنهم ليسوا من أهل السنة في شيء لما يبتدعونه من أقاويل مُنكَرة على الله تعالى في الصفات.
  3. توجد آراء مُختلفة تم إيجازها حول ما إذا كان الأشاعرة من أهل السنة والجماعة أم لا، لابن باز وابن تيمية وآخرون.
  4. أجمع أئمة المذاهب الأربعة الشافعية والحنبلية والمالكية والحنفية، على أن الأشاعرة من أهل البدع والكلام ولا يجوز وصفهم بأهل السنة.
السابق
متي يتم صرف ساند وكيف يتم تحديد إعانة العاطلين عن العمل
التالي
أفضل شامبو للقشرة مجرب للنساء والرجال والأطفال

اترك تعليقاً