منوعات إسلامية

هل الميت يرى أهله في الدنيا، ومتى يراهم، ومتى يحجب عنهم؟

هل الميت يرى أهله في الدنيا، ومتى يراهم، ومتى يحجب عنهم؟ من الأسئلة التي تدور في بال كل من فقد عزيز عليه بالموت، فالموت هو الحقيقة الوحيدة في حياة البشر والحزن والفقد يكون للأحياء ممن خلفهم الميت ورائه.

في هذا الموضوع على موقعنا سنتناول قول الفقهاء في إجابة أسئلة هل الميت يرى أهله في الدنيا، ومتى يراهم، ومتى يحجب عنهم؟ وقولهم فيما يصل الميت من أهله.

هل الميت يرى أهله في الدنيا، ومتى يراهم، ومتى يحجب عنهم؟

يقول الفقهاء بخصوص رؤية الميت لأهله في الدنيا، أنه لم يرد أي نص صحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم في ذاك الصدد، فالميت ينتقل إلى عالم البرزخ؛ وعالم البرزخ من الغيبيات التي لا نعرف عيها شيء إلا عن طريق الوحي الذي ينزل بالخبر للنبي صلى الله عليه وسلم.

بينما ذكر السيوطي في كتابه “بشرى الكئيب بلقاء الحبيب” رواية عن سعيد بن جبير يقول فيها أنه الميت يعرف من يزوره من أهله ويستقبلهم ويعلم ماذا يحدث حوله وقال: “إذا مات الميت استقبله ولده كما يستقبل الغائب”.

لكن هناك دليل آخر على أن الميت يرى الأحياء ويلم بما يحدث حوله وهو حديث الرسول بعد غزوة بدر، فقد روى عبد الله بن مسعود:

“وقف رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أهلِ القليبِ فقال يا أهلَ القليبِ هل وجدتم ما وعد ربُّكم حقًّا فإني وجدت ما وعدَني ربِّي حقًّا قالوا يا رسولَ اللهِ هل يسمعونَ ما تقولُ قال ما أنتم بأسمعَ لما أقولُ منهم ولكنهم اليومَ لا يجيبونَ” (نجمع الزوائد 6/94).

موضع الشاهد:

قوله صلى الله عليه وسلم “ما أنتم بأسمعَ لما أقولُ منهم ولكنهم اليومَ لا يجيبونَ” فالموتى يسمعون الأحياء.
لكن قال بعض الفقهاء أن هذه ميزة خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم.

الميت في قبره يسمع من يسلم عليه

في نفس الصدد قال ابن القيم رحمه الله في كتابه “الروح” أن الميت يعرف أهله الذين يموتون ويفدون عليه نقلًا عن ابن عبد البر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

“وما من رجُلٍ يمرُّ بقبرِ الرَّجلِ كانَ يعرفُهُ في الدُّنيا فيسلِّمُ عليْهِ إلَّا ردَّ اللَّهُ عليْهِ روحَهُ حتَّى يردَّ عليْهِ السَّلامَ”

أيضًا نقل هذا الحديث شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (مجموع الفتاوى 24/173) وأرد الشوكاني في كتابه “نيله الأوطار”

كما ثبت بالأثر الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الميت يسمع قرع نعال أهله إذا ودعوه منصرفين.

لذلك يشرع التسليم على الموتى عند المرور على المقابر فكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الطويل عن السيدة عائشة رضي الله عنها:

“… لسَّلَامُ علَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ المُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وإنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بكُمْ لَلَاحِقُونَ” (صحيح مسلم 974).

التقاء روح الميت بروح النائم

الشق الأول في السؤال هل الميت يرى أهله في الدنيا، ومتى يراهم، ومتى يحجب عنهم؟ الذي انتهجناه لأنفسنا منهاج في ذلك الموضوع قد تم الإجابة عنه في الفقرة السابقة، أما الشق الثاني:

متى يراهم؟

ورد عن الفقهاء المسلمين أن أرواح الأحياء النائمون قد تلتقي مع أرواح الموتى، مثلما قال ابن القيم رحمه الله في كتاب “الروح” أن الميت إذا مات وعليه دين فإنه يلتقي بروح أحد أحبائه في المنام ويطلب منه سداد هذا الدين، أو عند حاجة الميت للصدقة والعمل الصالح الذي يرفعه في الدار التي آل إليها.

هذه الطريقة الثابتة في الشرع عن موعد رؤية الميت لأهله.

الميت يعلم حال أهله

من المثبت في السنة الصحيحة أن الميت تُعرض عليه أعمال أهله في الدنيا فيفرح بها أو يستاء بما عملوا من شر، فعن عبد الله بن الجبير:

“أنَّ أبا الدَّرداءِ، كانَ يقولُ: إنَّ أعمالَكُم تُعرَضُ علَى موتاكم، فيُسرُّونَ ويساؤونَ”

كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

“إذا قبضتُ نفسَ العبدِ تلقَّاه أهلُ الرَّحمةِ من عبادِ اللهِ كما يلقَوْن البشيرَ في الدُّنيا، فيُقبِلون عليه ليسألوه، فيقولُ بعضُهم لبعضٍ: أنظِروا أخاكم حتَّى يستريحَ؛ فإنَّه كان في كربٍ، فيُقبِلون عليه؛ فيسألونه: ما فعل فلانٌ؟ ما فعلت فلانةُ؟ هل تزوَّجت؟ فإذا سألوا عن الرَّجلِ قد مات قبله قال لهم: إنَّه قد هلك، فيقولون: إنَّ للهِ وإنَّا إليه راجعون، ذُهِب به إلى أمِّه الهاويةِ، فبئست الأمُّ وبئست المُربِّيةُ. قال: فيَعرِضُ عليهم أعمالَه، فإذا رأَوْا حسنًا استبشروا وقالوا: هذه نعمتُك على عبدِك فأتِمَّها، وإن رأَوْا سوءًا قالوا: اللَّهمَّ راجِعْ بعبدِك” (السلسلة الصحيحة 6/264).

فالموتى يتساءلون ويتعرفون على أحوال أحبائهم الأحياء ويفرحون بأفراحهم.

الشق الثالث من السؤال: “هل الميت يرى أهله في الدنيا، ومتى يراهم، ومتى يحجب عنهم؟”

لا نعرف من أهل العلم شيء عن أن الميت يُحجب عن أهله، وكما ذكرنا أن هذه من الأمور الغيبية لا يمكننا الجذم بها إلا بدليل عن الرسول صلى الله عليه وسلم علمه من الوحي فهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى إليه.

ما يصل الميت من أهله

بعد أن عرفنا إجابة سؤال هل الميت يرى أهله في الدنيا، ومتى يراهم، ومتى يحجب عنهم،  بأن الميت يعرف أحوال أهله ويراهم ببعض الطرق، فيجب علينا أن نعرف ماذا الذي نقدمه لأهلينا الموتى ويصلهم ثوابه.

في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

“إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له” (صحيح مسلم 1631).

يبين الرسول صلى الله عليه وسلم في ال حديث السابق أن الإنسان ينقطع عمله في الدنيا بموته، فلا يصله شيء من الدنيا إلا من ثلاثة لا تنقطع الفائدة العائدة عليه منهم:

  • الصدقة الجارية: هي الصدقة التي تنقطع فيجري أثرها إلى أن يشاء الله فتلك الصدقة ينتفع بها الميت يوم القيامة.
  • علم ينتفع به: إذا ترك المسلم بعد موته علم ينفع الناس في أمور دينهم ودنياهم فإنه يؤجر عليه، وقيد العلم بأن يُنتفع به لأن العلم الذي لا ينفع الناس لا يؤجر عليه صاحبه.
  • ولد صالح: أي الولد الصالح المؤمن الذي يدعو له، ويقول الفقهاء مثل الإمام النووي في شرح صحيح مسلم أنه ربط الولد بالصلاح لأن الأجر لا يحصل إلا منه، وأن المسلم المؤتمر بأوامر الله ومنتهي بنواهيه يعتبر من الولد الصالح الذي يصل دعائه لوالديه.

كما في الحديث تحريض على الدعاء للأبوين وذلك أشبه بقوله تعالى:

“وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا” (الإسراء 24).

ففي الحديث الحث على إخراج الصدقات والإحسان للوالدين بعد موتهما بالدعاء والاستغفار لهما لأن ذلك يصل أثره للميت.

الدعاء يرفع الميت درجات

كما أن الميت يصله من الأحياء الدعاء والاستغفار له وهذا يرفعه في الجنة درجات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

“إن اللهَ -عز وجل- لَيَرْفَعُ الدرجةَ للعبدِ الصالحِ في الجنةِ، فيقولُ: يا رَبِّ! أَنَّى لي هذه؟! فيقولُ: باستغفارِ وَلَدِكَ لك” (صحيح ابن ماجه 3/214).

يبين الحديث الشريف جانب ضئيل من رحمة الله بعباده بأن جعل استغفار الأبناء للميت يرفعه في الجنة درجات فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم:

  • “لَيَرْفَعُ الدرجةَ للعبدِ الصالحِ في الجنةِ” أي تزداد درجاته في الجنة رقي، دون عمل عمله.
  • فيقول العبد: “يا رَبِّ! أَنَّى لي هذه؟!” أي أن العبد يتساءل كيف ارتفع بهذه الدرجة في الجنة رغم أنه لم يفعل شيء.
  • يقول الله تعالى للعبد: “باستغفارِ وَلَدِكَ لك” أي أن هذه الرفعة في الجنة كانت بسبب أن ابنه استغفر له.

هذا الحديث يحثنا على الدعاء والاستغفار للموتى لأن هذا يصلهم منا، وأن الاستغفار للموتى لمحو السيئات ويرفع الدرجات.

السابق
أعشاب التخسيس من العطار وكيفية تناولها وتحذيرات هامة في فترة التخسيس
التالي
طريقة عمل عصير كوكتيل بشكل مختلف في المنزل

اترك تعليقاً