الحياة والمجتمع

تعريف الخطبة وخصائصها

تعريف الخطبة الجمعة

الخُطبة لغة بضم الخاء تعني كل ما يقال على المنبر، فيقال خَطابة وخَطيب وخُطابة، أما الخِطبة بكسر الخاء فهي التقدم وطلب نكاح المرأة، قيل في تهذيب اللغة: (والخطبة مصدر الخطيب، وهو يخطب المرأة ويخطِبها).

قيل في القاموس الخطيب: (وخَطب الخاطب على المنبر خَطابةً بالفتح، وخُطبة بالضم، وذلك الكلام خُطبة أيضاً، أو هي الكلام المنثور المسجع ونحوه، ورجل خطيب حسن الخطبة بالضم)، أما الخُطبة اصطلاحاً فهي فن من فنون اللغة تهدف إلى التأثير في المستمع لاستمالته وإقناعه بفكرة أو مجموعة أفكار.

خصائص الخطابة في العصر الإسلامي

بروز الطّابع الدّينيّ، حيث استخدم الخطباء المسلمون ألفاظ القرآن الكريم واستدلّوا بآياته، وقلّلوا من جودة الخطبة الخالية من القرآن الكريم وقيمتها، كما أطلقوا على الخطبة الخالية من القرآن اسم الشّوهاء، والدّليل على ذلك قول عمر بن الخطاب عن خطبة زياد: (ظننتُ أنّه لم أقصر فيها عن غاية ولم أدع لطاعن علّة، فمررتُ بعض المجالس فسمعت شيخاً يقول: هذا الفتى أخطب العرب لو كان في خطبته شيء من القرآن).

التقليل من استخدام السّجع الذي كان يبرز بشكل كبير في خطب الجاهليّة، وخاصّةً سجع الكهّان الذي كان يدّعي صاحبه التنبّؤ بالمستقبل ومعرفة الغيب، باستخدام ألفاظ غامضة وغريبة وذات جرس إيحائيّ، والجدير ذكره أنّ الرسول عليه السّلام نهى عن استخدام هذا النوع من السّجع، ولكنّ هذا لا يعني أنّ خطب العصر الإسلاميّ خلت من السجع، فقد استُخدم السجع بشكلٍ واضح في الخطب المُلقاة أمام الأمراء والرّؤساء، وأُطلق على هذا النوع من السجعِ السّجعُ الممقوت.

وحدة الموضوع والفكر، وكانت الخطب تفتقر إلى هذه الخاصّيّة قبل الدعوة الإسلامية.

وضوح الأفكار وجزالتها وسلاستها، كما أنّ الألفاظ كانت فصيحة، واتّسمت الفقرات بقصرها وتناسق فواصلها.

اندثار المنافرات والمفاخرات القديمة؛ وذلك لأنّ الإسلام حاول إمالة هذه الأفكار بالدّعوة إلى الوحدة.

الإيجاز مع البلاغة؛ فقد حثّ الرسول عليه الصّلاة والسّلام على تقصير خطبة الجمعة، وحثّ أبو بكر الصّديق أحد قادته على تقصير خطبه لجنوده حتى لا ينسوا كلامه ومواعظه لهم، ولكنّ هذا لا يعني خلوّ العصر الإسلاميّ من الخطب الطويلة وخاصّةً في الأمور السياسية، واعتمد طول الخطبة أو قصرها على زمان الخطبة وموضوعها. إيراد بعض الأمثال والحكم وأبيات الشّعر، وذلك جرياً على فطرتهم وطَبعهم في تَنسيق الكلام وترويقه.

البدء بالبسملة وحمد الله والصّلاة على رسول الله، ثمّ كلمة أمّا بعد، ثمّ انتقال الخطيب إلى الموضوع الرئيسي من الخطبة، وإنهاء خطبته بالسلام، ونادراً ما نجد خطبةً تخلو من هذه البداية، حيث إنّ الخطبة التي تخلو من هذه البداية تُسمّى البتراء.

عناصر الخطبة

الخطيب

حتى يستطيع الخطيب أن يقدم خطبة مؤثرة يجب في البداية أن يكون الخطيب مقبولاً لدى الجمهور، وجهور الصوت، وحسن المظهر، ولديه القدرة اللغوية والثقافة والثقة بالنفس الكافية التي تمكنه من إقناع الجمهور بفكر معيّن.

طريقة الإلقاء

على الخطيب أن يتدرب مسبقاً مهما كان واثقاً من نفسه وقدرته لأنّه بحسب الدراسات العالمية تم إثبات أنّ الوقوف أمام جمهور يعد من أكثر المواقف توتراً ورهبة على الإطلاق فالتحضير للخطابة أمر مهم، بالإضافة إلى تجنب التأتأة وإظهار الارتباك، حتى وإن شعر بذلك فعلياً؛ فالتظاهر بعدم الخوف ينجح دائماً في جعل الجمهور ويعتقد أنّ الخطيب متماسكاً وواثقاً بنفسه، ومن الضروري أيضاً صياغة جمل واضحة غير مبهمة وبلا أخطاء لغوية أو نحوية والقدرة على مواجهة التغيرات والظروف المفاجأة خلال الخطابة والقدرة على تخطيها.

مواصفات نص الخطبة

يجب تجنّب النصوص الطويلة حتى لا يشعر المستمع بالملل وتجنب النص القصير أيضاً فالاعتدال أفضل، إضافة إلى تجنب استخدام ألفاظ عامية، وضرورة الالتزام بقواعد اللغة الصحيحة، وعدم استخدام الألفاظ النابية أو التهجم على شخصية معينة حتى يتقبل المستمع النص أو الخطبة.

أهمية الخطابة

تعتبر الخطابة أثرًا من آثار الرقي الإنساني ومظهرًا من مظاهر التقدم الاجتماعي، ولهذا عُنِيَ بها كل شعبٍ، واهتمت بها كل الأمم في كل زمانٍ ومكانٍ، واتخذتها أداةً لتوجيه الجماعات، وإصلاح المجتمعات.

وقد كان للعرب في ذلك الحظُّ الأوفى، فحفلوا بها في الجاهلية وساعد عليها وجودُ عدة أسبابٍ اجتماعيةٍ أدت إلى ازدهارها ورفعة شأنها، فوصلت إلى القمة وتوَّجت بالشرف والاعتزاز من تلك الأسباب ما يأتي:

1 – طبيعة مواضيع الخطابة: وهي إما حثٌ على حربٍ، أو حض على سلمٍ، وبطبيعة الحال لا يتعرض لهذه المواضع إلاَّ من كان سيدًا مطاعًا؛ لأنه الذي يُسمَع قوله ويطاع أمره في مثل تلك المواقف، وهو الذي يملك إعلان الحرب وقَبول الصلح.

2 – التهاني أو التعازي، وإذا أرادت قبيلة أن تهنئ قبيلةً أخرى بمكرمةٍ، كظهور فارسٍ أو نبوغ شاعرٍ أو غير ذلك، فإنها ستوفد من طرفها من يؤدي ذلك عنها، وبطبيعة الحال أيضًا لن تختار إلاَّ من أشرافها ليمثلوها ويعبروا عنها.

3 – المفاخرات والمنافرات، ومن عادة هذين الغرضين ألاَّ يقعان إلاَّ بين قبيلين عظيمين، يرى كل قبيلٍ منهما أنه أعلى وأعظم من القبيل الآخر، فيرفع من شأنه ويحط مِن قدر مَن يقابله، وعليه فلن يتقدم لتعداد المفاخر إلاَّ الفضلاء، كل ذلك يجعل مهمةَ الخطابة فاضلة نبيلة، ويرفعها إلى المكانة العالية.

مفهوم الخطابة عند العرب

يُعرف الخِطاب على أنَّه الكلام، ففي القرآن الكريم يقول الله تعالى: (فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ)، وفصل الخِطاب هو خطاب غير مُختصر، ولا يحوي إسهاباً مُملاً، ولا إطناباً مُخِلاً، وتُعرف الخُطْبة على أنَّها الكلام المنثور الذي يُخاطِب به مُتكلّم فصيح جماعة من الناس من أجل إقناعهم، ويُشار إلى الشخص الذي يقول الخُطب في المسجد أو غيره بالخطيب.

فوائد الخطابة

اولا : فوائد اجتماعية :
* الحث على الاعمال التي تعود بالنفع على المستمعين
* التنفير من الاعمال السيئة على الفرد والمجتمع
* اثارة حماس الناس تجاه قضية معينة
* اقناع المستمعين بمسألة مهمة
* التعليم والتثقيف

ثانيا : فوائد شخصية :
* فرصة للاتصال المباشر مع الناس
* مجال لبناء العلاقات ( لاسيما مع أصحاب النفوذ)
* اتقان مهارة جديدة وهامة تحتاج اليها معظم المهن
* زيادة فرص النجاح في الحياة

موضوع الخطبة

يشتكي كثير من الخطباء من كيفية اختيار الموضوع، وبعضهم يُرجع سبب ذلك إلى ندرة الموضوعات التي يمكن أن يتناولها الخطيب وتناسب الكثير من الناس، ولا سيما أن الخطبة تتم كل أسبوع.

وأحسب أن السبب الرئيس لهذه النظرة عند الخطيب هي: قلة علمه، ومحدودية اطلاعه ومعلماته، وضعف نظرته إلى واقع الناس. وإلا فإن الخطبة لو كانت تتكرر يوميًا لما استطاع الخطيب أن يعالج جميع الموضوعات التي يحتاجها الناس في هذا العصر المتغير، الذي ضعفت فيه الديانة في قلوب الناس، وكثرت معها الفتن، فهم يحتاجون إلى تقوية إيمانهم، وترسيخ عقيدتهم، وما تخللها من انحرافات من أقوال أو أفعال قد تناقضها بالكلية، أو تنقص كمالها؛ فالناس يحتاجون إلى تصحيح عباداتهم، ويحتاجون إلى بيان الحكم الشرعي في كثير من المعاملات والعادات التي تتجدد باستمرار، غير ما يفد إليهم من خارج مجتمعهم، ويحتاجون إلى الحث على مكارم الأخلاق والتنفير من مساوئها، وإلى ترقيق القلوب، والتذكير بالآخرة….، والموضوعات كثيرة جدًا.

مقدمة عن الخطابة

تعريف الخطابة لغةً:

الخطابة لغةً هي علم البلاغة والبيان، وفنّ الخطابة هو فنٌّ يُعنى بإقناع الناس وإدهاشهم إما بالكلام وإما بالكتابة، ويمكن تعريف الخطابة أيضاً بأنها كلّ ما يشتمل على كلام أو كتابة يتمّ التفنّن بها لتغمر وجدان السامع، وعندما يُقال خَطَبَ الناس وفيهم وعليهم، أي ألقى عليهم خُطْبة، وخَطب خَطابة، أي أنّه صار خطيباً، أما الخَطَّاب فهي صيغة مبالغة وتدلّ على الشخص كثير الخُطبة، والخطيب هو حسن الخُطبة، أو هو من يخطب في المسجد أو يتحدث عن قومه، والخَطْب والمخاطبة والتخاطب جميعها تعني المراجعة في الكلام، والخَطْب أيضاً هو ما يعني العظيم من الأمور والذي يكثر فيه التخاطب.

تعريف الخطابة اصطلاحاً:

ورد في الخَطابة العديد من التعريفات، ومن أقدمها تعريف أرسطو، الذي يعرّفها بأنّها قوة تنطوي على إقناع الناس ما أمكن في كلّ أنواع الأمور.

والخطابة هي نوعٌ من أنواع المحادثات التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالجمهور الذي يسمعها، والذي يتأثر بها، لذلك كان من أكمل التعريفات وأشملها للخطابة هو أنها: (فنّ مخاطبة الجماهير للتأثير عليهم واستمالتهم)، فالخطابة هي فنّ يقوم بشكل أساسيّ على التحدّث بشكل شفهيّ مع المستمعين لإقناعهم واستمالتهم لما يُقال.

وبذلك يمكن القول إنّ من أساسيات الخطابة المشافهة، ووجود جمهور مستمع، ولا بد من توفّر عنصري الإقناع واستمالة الجمهور؛ فلا بدّ للخطيب من أن يوضّح رأيه للجمهور ويقنعهم به، كما أنّ عليه أن يقدّم الأدلّة والبراهين التي تثبت ما يقوله، أما الاستمالة فيُقصد بها إمّا تهدئة نفوس السامعين وإمّا تهييجهم اتجاه ما يُقال، كما يجب على الخطيب أن يمسك بزمام الأمور ويكون قادراً على التصرف بعواطف المستمعين كيف يشاء، وفنّ الخطابة هو الفعل الذي ينطوي على ممارسة الخطابة بذاتها.

 

 

السابق
مظاهر التقدم في اليابان
التالي
مفهوم علم التفسير

اترك تعليقاً