ديني

قتيل بنى اسرائيل

قصة بقرة بني إسرائيل

وقفات مع قصة البقرة

عندما تنتشر في الامة روح التكاسل ، تبدأ بالالتفاف على الاحكام الشرعية ، لتنفلت منها انى استطاعت . فتراها تتشبث بطائفة من القشريات و تجعلها بديلة عن الحقائق الواقعية . و قصة بني اسرائيل مع البقرة تمثل هذه الحالة فيهم .
و قصة البقرة تدل على ان بني اسرائيل لم يصبحوا آنئذ كفارا بالرسالة جملة واحدة ، بل بالعكس كانوا يريدون تطبيق تعاليم الله . بيد ان التردد و الضعف واضح في تصــرفاتهم مما يجعلهم يؤخرون تنفيذ الواجبات ، تحت غطاء التشبث بقشور التعاليم . فهم كانوا يتساءلون عن لون البقرة ، و طبيعتها ، و مقدار عمرها ، وسائر خصائصها .. بينما تركوا الجوهر – وهو ذبح البقرة – كذلك الامة الاسلامية في بعض مراحلها المتأخرة من تاريخها ، كانت تتوغل في التفاصيل و تترك روح التعاليم و الاهداف المتوخاة من ورائها .
بينات من الايات :
[ 67] [ و اذ قال موسى لقومه ان الله يأمركم ان تذبحوا بقرة ]
في البداية استغربوا من الطلب و زعموا انها هزو لمجرد انهم لم يعرفوا فلسفة الحكم .
[ قالوا اتتخذنا هزوا ]
بالرغم من ان موسى ( عليه السلام ) كان جديا مع قومه و صارما ، ولكن بني اسرائيل كانوا قد اصيبوا بضعف في الايمان . الايمان الذي يريد من صاحبه التنفيذ من دون سؤال و دون البحث عن العلل و الاهداف ، لذلك قال لهم موسى :
[ قال اعوذ بالله ان اكون من الجاهلين ]
[ 68] وهنا بدأت سلسلة التساؤلات التي استهدفت معرفة خلفيات الحكم و اهدافه البعيدة المختلفة .
[ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ]
هل هي بقرة كسائر الابقار ؟ ام هي بقرة معينة ؟ وهنا شدد الله عليهم وقال لهم موسى :
[ انه يقول انها بقرة لا فارض ]
قد اكلتها السنون و انهكتها الحياة .
[ ولا بكر ]
صغيرة السن . انما هي بين البكر و الفارض مما عبر عنه القرآن بـ .
[ عوان بين ذلك ]
ثم شدد عليهم بتطبيق الامر بحزم و قال :
[ فافعلوا ما تؤمرون ]
[ 69] ولكنهم عادوا يتساءلون انطلاقا من تشبثهم بالقشور .
[ قالــوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال انه يقول انها بقرة صفراء فاقع لونها ]
شديدة الصفار ثم زاد عليهم شرطا اخر وقال :
[ تسر الناظرين ]
بسب اكتمالها وسلامة بنيتها .
[70] عادوا مرة ثانية يسألون عن ذات البقرة .
[ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ان البقر تشابه علينا ]
وهنا انتبهوا الى ان اسئلتهم قد تعني عند موسى (ع) انهم لا يريدون تنفيذ الامر وكان هذا هو الواقع بالرغم من ادعائهم غير ذلك فقالوا :
[ وانا ان شاء الله لمهتدون ]
[71] [ قال انه يقــول انهــا بقرة لا ذلول تثير الارض ولا تسقي الحرث مسلمة ]
في لون واحد .
[ لاشية فيها ]
لا يكون فيها لون غير لونها الاصلي .
[ فذبحوها وما كادوا يفعلون ]
لانهم تحولوا من مجتمع الايمان الذي ينطلق من واقع الثقة بالقيادة و تنفيــذ اوامــرها فورا ، الى مجتمع الجدل و محاولة فهم علل الاحكام و اسبابها و طريقة تنفيذها .
[ 72] وبعد ان ذبحوها بين لهم الله سر الامر ، وان تساؤلاتهم لم تكن صحيحة ابدا ، وان القضية كانت ترتبط بقصة القتيل الذي لم يعرف قاتله و الذي يقول عنه ربنا :
[ واذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون ]
لقد اصبح مجتمعهم فاسدا ، وقد برعوا في تنفيذ الجرائم حتى انهم لا يخلفون اثرا يدل على فاعلها ، وقد ابتعدوا عن مسؤولية المحافظة على الامن ، فاخذوا يكتمون عن السلطات الشرعية اخبار البلد بيد ان الله يقول لهم و بصراحة :
[ و الله مخرج ما كنتم تكتمون ]
[ 73] [ فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى و يريكم آياته لعلكم تعقلون ]
فلما ضربوا عضوا من اعضاء القتيل ببعض لحم البقرة الذبيحة ، احيى الله القتيل ، وبين من قتله و انتهت المشكلة .
الخلاصة :
ان قصة البقرة تبين لنا جانبا من جوانب الضعف الايماني الذي اصاب بني اسرائيل ولكن هذا الضعف لا يزال هينا بالنسبة الى ما ينتظرهم في المستقبل حيث يكادون يفقدوا الايمان رأسا .
و القرآن يحذرنا – بذلك – من ان الضعف الايماني المتمثل في التواني عن تطبيق الاوامر قد ينتهي بصاحبه الى مرحلة اخطر هي الابتعاد كليا عن الايمان ، وذلك في المجموعة التالية من الايات .

قصة البقرة وبر الوالدين

انه كان فى بنى اسرائيل رجل غنى وله ابن عم فقير لا وارث له سواه, فلما طال عليه موته قتله ليرثه, وحمله الى قريه اخرى , ثم طالب بثاره, فذهب القوم الى سيدنا موسى ليدعوالله ليبين لهم امر القتيل,
ودار الحوار بين سيدنا موسى وبنى اسرائيل حول البقرة كما نعلم جميعا وكما ورد فى سورة البقرة,
ولقد كان فى بنى اسرائيل رجل صالح وله طفل وله عجلة, فاتى بالعجله الى غيضة وقال:
اللهم انى استودعتك هذه العجلة لابنى حتى يكبر , ثم مات الرجل الصالح , وصارت العجلة فى الغيضة اعوام وكانت تهرب من كل من راها,
فلما كبر الابن كان بارا بوالدته , وكان يقسم الليل الى ثلاثه اقسام , ثلث للصلاة وثلث للنوم وثلث يجلس عند راس امه, فاذا اصبح الصبح احتطب على ظهره فياتى السوق فيبيعه بما شاء الله ,
وكان يتصدق بالثلث وياكل بثلث ويعطى امه ثلث,
فقالت له امه يوما:
ان اباك ورثك عجلة استودعها الله فى غيضة كذا,فانطلق فادع اله ابراهيم واسماعيل واسحاق ان يردها عليك وعلامتها انك ان نظرت اليها تخيل لك ان شعاع الشمس يخرج من جلدها وكانت تسمى المذهبة لحسنها وصفوتها .
فذهب الابن الى المكان الذى قالت له امه عليه, فراى البقرة ترعى فصاح بها وقال:
اعزم عليك باله ابراهيم واسماعيل واسحاق فاقبلت تسعى حتى قامت بين يديه فقبض على عنقها يقودها,
فتكلمت البقرة باذن الله وقالت :
ايها الفتى البار بامه اركبنى فان ذلك اهون عليك,
فقال الفتى:
ان امى لم تامرنى بذلك ,فقالت البقرة:
باله بنى اسرائيل لو ركبتنى ما كنت تقدر على ابدا, فانطلق فانك لو امرت الجبل ان ينقلع من اصله وينطلق لفعل لبرك بامك,
فما رجع الفتى الى امه ومعه البقرة قالت له امه:
انك فقير لا مال لك ويشق عليك الاحتطاب بالنهار والقيام بالليل فانطلق فبع هذه البقرة فقال الابن بكم ابيعها؟ قالت له بثلاثة دنانير ولا تبع بغير مشورتى.
فانطلق بها الى السوق فبعث الله ملكا من الملائكة ليرى خلقه وليختبر الفتى على بره بامه وكان الله تعالى خبيرا,
فقال الملك :
بكم تبيعها فقال الفتلى بثلاثه دنانير واشترط عليك رضاء والدتى , فقال الملك:
لك ستة دنانير ولا تستامر والدتك فقال الفتى : لو اعطيتنى وزنها ذهبا لا ابيعها الا برضا امى , فرجع الى امه واخبرها بالثمن , فقالت له ارجع فبعها بستة دنانير على رضا منى , فانطلق الفتى ومعه البقرة الى السوق وجاءه الملك فقال له استامرت امك فقال الفتى انها امرتنى ان ابيعها بستة دنانير,
فقال الملك انى سوف اعطيك اثنى عشر دينارا فابى الفتى ورجع الى امه
واخبرها بذلك فقالت له امه :
ان الذى ياتيك هو ملك من الملائكه ليختبرك فاذا اتاك فقل له :
اتامرنا ان نبيع هذة البقرة ام لا؟
ففعل فقال له الملك : اذهب الى امك وقل لها امسكى هذه البقرة فان موسى بن عمران سيشتريها منكم لقتيل يقتل من بنى اسرائيل فلا تبيعوها الا بملء مسكها دنانير فامسكوها .
وقدرالله على بنى اسرائيل ذبح تلك البقرة بعينها فما زالوا يستوصفون حتى
وصف لهم تلك البقرة مكافاة للابن على بره بامه فضلا ورحمة فاشتروها بملء مسكها ذهبا فذبحوها وضربوا القتيل ببعض منها كما امر الله تعالى , فقام القتيل
حيا باذن الله تعالى و واوداجه تسخب دما , وقال :
قتلنى فلاااااااااان , ثم سقط ومات مكانه فحرم قاتله الميراث.
بسم الله الرحمن الرحيم
فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحى الله الموتى ويريكم اياته لعلكم تعقلون
صدق الله العظيم

الدروس المستفادة من قصة بقرة بني إسرائيل

  • بيان قدرة الله سبحانه التي لا تحدها قدرة، فهو سبحانه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو على كل شيء قدير، وهذا واضح في هذه القصة غاية الوضوح؛ وذلك أنه سبحانه أحيا القتيل بعد موته، وأنطقه بالحق المبين.
  •  أن الأنبياء عليهم السلام معصومون من الخطأ والزلل، ومنزهون عن الصفات الذميمة.
  •  أن السؤال فيما لا يفيد في قليل ولا كثير، ولا يغني من الحق شيئاً لا خير فيه، بل قد يترتب عليه من النتائج ما لا يحمد عقباه.
  •  أن الحق مهما طال طمسه لا بد أن يظهر ويعلو في النهاية، وأن الباطل مهما طال انتفاشه لا بد أن يُدحر ويُهزم في النهاية.
  •  وهذه القصة توضح بجلاء تنطع بني إسرائيل، وتشددهم في الأحكام، وكيف أن الله شدد عليهم، وقد كره الله لنا – نحن المسلمين – كثرة السؤال فيما لا نفع فيه ولا فائدة .

 

قصة بني إسرائيل مختصرة

حدث لنبي الله موسى أمور عجيبة وغريبة، منها هذه القصة التي تدور أحداثها حول مقتل رجل من بني إسرائيل، لا يعلمون قاتله، وقد بحثوا كثيرًا فلم يعرفوه، فلما
ملوا من البحث تذكروا أن بينهم نبي الله موسى، فذهب بعض الناس إليه وطلبوا منه أن يدعوا ربه لمعرفة ذلك القاتل، فدعا موسى ربه أن يكشف هذا
السر، فأوحى الله إليه أن يأمر القوم بذبح بقرة، ويأخذوا جزءًا منها يضربون به القتيل فيحييه الله، ويخبرهم بمن قتله، ولما جاء القوم أخبرهم موسى بأن
الله يأمرهم أن يذبحوا بقرة، فتعجب القوم من قوله، وظنوا أنه يسخر منهم ويستهزأ بهم، ولم يسارع بنو إسرائيل بتنفيذ أمر الله، وإنما أخذوا يسألون
موسى عن أوصاف البقرة ويجادلونه، وطلبوا منه أن يبين لهم بعض أوصافهم

فأمرهم الله أن يذبحوا بقرة ليست بكراً، وليست كبيرة قد ولدت كثيرًا، إنما بقرة قوية قد ولدت مرة أو مرتين، وهي أقوى ما تكون من البقر وأحسنه ولكنهم لم يفعلوا، وطلبوا من موسى أن يبين لهم ما لونها.
فأخبرهم موسى أن الله يأمرهم بذبح بقرة صفراء فاقع لونها، ولكنهم لم يفعلوا، وطلبوا من موسى أن يزيدهم من أوصاف البقرة، فقد تشابه عليهم البقر
فشددوا بذلك على أنفسهم فشدد الله عليهم، وأمرهم بذبح بقرة وحشية لم تحرث أرضًا، ولم تسق زرعًا، خالية من العيوب
فخرجوا يبحثون عن البقرة المطلوبة حتى وجدوها، فاشتروها، ثم ذبحوها، وأتوا بها إلى موسى وانتظروا حتى يروا ما سيقوله لهم، وما سيفعله أمامهم
فتقدم موسى من البقرة، وأخذ جزءًا منها، وضرب به المقتول، وفجأة تحرك القتيل حيث رد الله إليه روحه، وأعاد إليه الحياة كما كان، فأخبر عن القاتل ثم مات مرة أخرى. فكانت هذه معجزة عظيمة من الله ليؤكد بها صدق نبيه موسى

قصة بقرة بني إسرائيل في التوراة

الكتاب المقدس .. التوراة

وكلم الرب موسى وهرون قائلا 2 هذه فريضة الشريعة التي امر بها الرب قائلا.كلم بني اسرائيل ان ياخذوا اليك بقرة حمراء صحيحة لا عيب فيها ولم يعل عليها نير 3 فتعطونها لالعازار الكاهن فتخرج الى خارج المحلة وتذبح قدامه. 4 وياخذ العازار الكاهن من دمها باصبعه وينضح من دمها الى جهة وجه خيمة الاجتماع سبع مرات. 5 وتحرق البقرة امام عينيه.يحرق جلدها ولحمها ودمها مع فرثها. 6 ويأخذ الكاهن خشب ارز وزوفا وقرمزا ويطرحهن في وسط حريق البقرة. 7 ثم يغسل الكاهن ثيابه ويرحض جسده بماء وبعد ذلك يدخل المحلة ويكون الكاهن نجسا الى المساء. 8 والذي احرقها يغسل ثيابه بماء ويرحض جسده بماء ويكون نجسا الى المساء. 9 ويجمع رجل طاهر رماد البقرة ويضعه خارج المحلة في مكان طاهر فتكون لجماعة بني اسرائيل في حفظ ماء نجاسة.انها ذبيحة خطية. 10 والذي جمع رماد البقرة يغسل ثيابه ويكون نجسا الى المساء.فتكون لبني اسرائيل وللغريب النازل في وسطهم فريضة دهرية 11 من مس ميتا ميتة انسان ما يكون نجسا سبعة ايام. 12 يتطهر به في اليوم الثالث وفي اليوم السابع يكون طاهرا.وان لم يتطهر في اليوم الثالث ففي اليوم السابع لا يكون طاهرا. 13 كل من مس ميتا ميتة انسان قد مات ولم يتطهر ينجس مسكن الرب.فتقطع تلك النفس من اسرائيل.لان ماء النجاسة لم يرش عليها تكون نجسة.نجاستها لم تزل فيها 14 هذه هي الشريعة.اذا مات انسان في خيمة كل من دخل الخيمة وكل من كان في الخيمة يكون نجسا سبعة ايام. 15 وكل اناء مفتوح ليس عليه سداد بعصابة فانه نجس. 16 وكل من مس على وجه الصحراء قتيلا بالسيف او ميتا او عظم انسان او قبرا يكون نجسا سبعة ايام. 17 فياخذون للنجس من غبار حريق ذبيحة الخطية ويجعل عليه ماء حيا في اناء. 18 وياخذ رجل طاهر زوفا ويغمسها في الماء وينضحه على الخيمة وعلى جميع الامتعة وعلى الانفس الذين كانوا هناك وعلى الذي مس العظم او القتيل او الميت او القبر. 19 ينضح الطاهر على النجس في اليوم الثالث واليوم السابع.ويطهره في اليوم السابع فيغسل ثيابه ويرحض بماء فيكون طاهرا في المساء. 20 واما الانسان الذي يتنجس ولا يتطهر فتباد تلك النفس من بين الجماعة لانه نجس مقدس الرب.ماء النجاسة لم يرش عليه.انه نجس. 21 فتكون لهم فريضة دهرية.والذي رش ماء النجاسة يغسل ثيابه والذي مس ماء النجاسة يكون نجسا الى المساء. 22 وكل ما مسه النجس يتنجس والنفس التي تمس تكون نجسة الى المساء

 

قصة بقرة بني إسرائيل عند الشيعة

عن ابن أبي عمير ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن رجلا من خيار بني إسرائيل وعلمائهم خطب امرأة منهم فأنعمت له ، وخطبها ابن عم لذلك الرجل وكان فاسقا رديئا فلم ينعموا له ، فحسد ابن عمه الذي أنعموا له فقعد له فقتله غيلة ، ثم حمله إلى موسى عليه السلام ، فقال : يا نبي الله هذا ابن عمى فقد قتل ، فقال موسى عليه السلام : من قتله ؟
قال : لا أدري ، وكان القتل في بني إسرائيل عظيما جدا ، فعظم ( * ) ذلك على موسى فاجتمع إليه بنو إسرائيل فقالوا : ما ترى يا نبي الله ؟
وكان في بني إسرائيل رجل له بقرة وكان له ابن بار ، وكان عند ابنه سلعة فجاء قوم يطلبون سلعته وكان مفتاح بيته تحت رأس أبيه وكان نائما ، وكره ابنه أن ينبهه وينغص عليه نومه فانصرف القوم فلم يشتروا سلعته ، فلما انتبه أبوه قال له : يا بني ماذا صنعت في سلعتك ؟
قال : هي قائمة لم أبعها ، لان المفتاح كان تحت رأسك فكرهت أن انبهك وانغص عليك نومك ، قال له أبوه : قد جعلت هذه البقرة لك عوضا عما فاتك من ربح سلعتك ، وشكر الله لابنه ما فعل بأبيه وأمر موسى بني إسرائيل أن يذبحوا تلك البقرة بعينها ، فلما اجتمعوا إلى موسى وبكوا وضجوا قال لهم موسى : ” إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ” فتعجبوا وقالوا : ” أتتخذنا هزوا ” نأتيك بقتيل فتقول : اذبحوا بقرة فقال لهم موسى : ” أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ” فعلموا أنهم قد أخطؤوا فقالوا : ” ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر ” والفارض التي قد ضربها الفحل ولم تحمل ، والبكر التي لم يضربها الفحل ، فقالوا : ” ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها ” أي شديدة الصفرة تسر الناظرين ” إليها ” قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون * قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الارض ” أي لم تذلل ” ولا تسقي الحرث ” أي لا تسقي الزرع ” مسلمة لاشية فيها ” أي لا نقطة فيها إلا الصفرة ” قالوا الآن جئت بالحق ” هي بقرة فلان فذهبوا ليشتروها فقال : لا أبيعها إلا بملء جلدها ذهبا ، فرجعوا إلى موسى عليه السلام فأخبروه فقال لهم موسى : لابد لكم من ذبحها بعينها ، فاشتروها بملء جلدها ذهبا فذبحوها ، ثم قالوا : يا نبي الله ما تأمرنا ؟
فأوحى الله تبارك وتعالى إليه قل لهم : اضربوه ببعضها وقولوا : من قتلك ؟
فأخذوا الذنب فضربوه به وقالوا : من قتلك يا فلان ؟
فقال : فلان ابن فلان ابن عمي الذي جاء به ، وهو قوله : ” فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون

الجاحد بقرة بني إسرائيل

قصة ذبح البقرة

بدأت أحداث القصة عندما قتل رجل من بني إسرائيل عمّه طمعاً بماله، حيث كان عمه عقيماً ليس له ولد وأراد أن يرثه، فقتله ثمّ ألقى الجثة أمام بيت رجل من القوم في الليل، واتّهم الرجل بقتله، فقام أهل الرجل يدافعون عنه وكاد بنو إسرائيل أن يقتتلوا، لولا قال قائل منهم لا تتقاتلوا واذهبوا إلى بنيّ الله موسى ليدلّكم على القاتل، فذهبوا إلى موسى -عليه السلام- وأخبروه بالأمر وطلبوا منه أن يدلّهم على القاتل، فدعى موسى الله -عزّ وجلّ- أن يبين لهم القاتل، فأوحى الله لموسى -عليه السلام- بذبح بقرة وضرب المقتول بلحمها فيقوم ويخبرهم من القاتل، كما قال الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ)،[٥] فما كان من بني إسرائل إلّا أن تعجّبوا من أمر الله، واعتقدوا بأنّه يستهزأ بهم، حيث قال ابن عباس رضي الله عنه: (فلو اعترضوا بقرة فذبحوها لأجزأت عنهم، ولكن شددوا وتعنتوا على موسى، فشدّد الله عليهم)، ثمّ سألوا موسى -عليه االسلام- عن أوصاف البقرة، فقال لهم: إنّها ليست كبيرة ولدت الكثير، ولا صغيرة بحيث إنّها لم تلد، وإنّما هي متوسطة في العمر فاذبحوها، ولكنّهم لم يفعلوا وعادوا ليسألوا عن لونها، فقال لهم: إنّ الله يقول لكم بإنّ لونها أصفر نقي مُشع، تُدخل السرور على من يراها، فلم يفعلوا، وعادوا وقالوا له بإنّ البقر تشابه فادعُ لنا ربّك يبيّن لنا صفاتها لنميّزها عن غيرها، فقال لهم: إنّ الله يقول إنّها بقرة لا تستخدم في حرث الأرض ولا في السقاية ولونها صافٍ لا تشوبه شائبة، فبحثوا كثيراً فلم يجدوا إلّا بقرة واحدة توافق الوصف، فطلبوا من صاحبها أن يبيعهم إيّاها فرفض أن يبيعها إلّا بوزنها ذهب، فاشتروها بعدما أجهدهم البحث عنها وأتعبهم ثمنها، ثمّ ذبحوها وضربوا المقتول بقطعة من لحمها كما أمرهم الله تعالى، فقام المقتول بأمر الله وأشار إلى القاتل ثمّ مات، فكانت نلك الحادثة معجزة من المعجزات الكثيرة التي أنزلها الله على بني إسرائيل، كما قال الله تعالى: (فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)

السابق
امن المعلومات
التالي
الدارسين المطحون

اترك تعليقاً