الحياة والمجتمع

ما هي السعادة

ما هي السعادة الحقيقية

يَختلفُ النّاس في تحديد السّعادة الحقيقية باختلاف اهتماماتهم واحتياجاتهم؛ فمنهم من يَظنُّ أنّ السّعادة الحقيقية تكمنُ في امتلاكِ الأموال الطّائلة، ومنهم من يتصوّرها في بيتٍ فخمٍ وسيّارة فارهة، ومنهم من يراها في المناصب المرموقة أو في التمتُّع بجمالٍ أخّاذ، أو في تحقيق غرائز الجسد وشهوات النفس، أو في كثرة الأولاد.

يقولُ الرّازي في ذلك: (إن الإنسان يشاركه في لذة الأكل والشرب جميع الحيوانات، حتى الخسيسة منها، فلو كانت هي السعادة والكمال، لوجب ألا يكون للإنسان فضيلة في ذلك على الحيوانات)، ويُكمل في سياقٍ آخر: (إن هذه اللذات الحسية، إذا بحث عنها، فهي ليست لذات، بل حاصلها يرجع إلى دفع الآلام، والدليل عليه أن الإنسان كلما كان أكثر جوعاً كان الالتذاذ بالأكل أتم، وكلما كان الجوع أقل كان الالتذاذ بالأكل أقل).

يَعدُّ الفلاسفة المسلمون السّعادة الحقيقية في إشباع لذّة العقل والذّهن بالمعارف والعلوم، بالإضافة لتقدير ورفع قيمة الأعمال المرتكزة على الجهدِ الذّهنيّ، ويتّفق هُنا الكنديّ وابن مسكويه، والفارابي، وابن رشدُ في كون السّعادة الحقيقية تتجلّى في طلب علوم الحكمة والفلسفة والعمل بالعلوم المنطقية والنظريّة بهدفِ الوصول لنتائج وحقائق صادقة، ومن الجدير ذكره أنّ الفلاسفة المسلمين واليونانيين القدماء قد اتّفقوا على كونِ السّعادة الحقيقة تتجلّى في الإيمان، والعمل السليم البنّاء، وإعمال العقل والفكر لإكمال إرواء الملذّات الدنيوية، وهذه الطريقة الأفضل للارتِقاء بالأمم والوصول أخيراً للسعادة.

إنّ بذور السّعادة وأساسها يكمنُ في دواخل البشر جميعاً، إلّا أنهم دائمُو البحثِ عنها خارج روحهم ونفسهم، ممّا يستنزف طاقاتهم من عملٍ وعائلةٍ وأموال وطعام، ليستشعروها لفترةٍ صَغيرةٍ وخاطفة، ويسعون بعدها في دوّامة للحصول عليها مرّة أخرى، ولذلك على الإنسانِ البحثُ عن السّعادة الحقيقية في أعماق داخله فقط، وإلّا فلن يجدها في أيّ شيء خارجيّ بشكلٍ حقيقيّ.

مفاتيح السعادة الحقيقية

ما هي مفاتيح السعادة؟…. للسعادة مفاتيح عديدة، وكل منها يفتح أمامك العديد من الأبواب التي تساعدك على الانطلاق في حياتك بشكل إيجابي وفعال، مما يسهل وصولك إلى الحياة المثالية التي تبحث عنها. ما هي هذه المفاتيح؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذا المقال.[1],[2].

– الصداقة
يعتبر عالم النفس إد دينر أن الصداقة هي المفتاح الرئيسي للسعادة بالتأكيد، فمن منا يستطيع مواجهة ظروف الحياة الصعبة بدون أصدقائه!  كل منا يحتاج إلى سند له وإلى كتف يريح رأسه عليه عند التعب، وبالتأكيد لا يوجد أفضل من الأصدقاء لهذا الأمر. إن كنت تريد الوصول إلى السعادة الحقيقية في الحياة ننصحك بنسيان قصص توءم الروح والبحث عن الصداقة الحقيقية، فهي الكنز الذي نبحث عنه جميعاً.

– التعاطف
إن مساعدة الآخرين تمنحنا شعوراً بالرضا عن النفس والطمأنينة والسعادة في الحياة، لذلك من الضروري للغاية أن نقدم تعاطفنا للمحتاجين، وأن نعرض مساعدتنا على كل محتاج. ننصحك عزيزي القارئ بتقديم المساعدة للمحتاجين في المرة القادمة التي تصادف فيها أحدهم بدلاً من طردهم والصراخ عليهم. جرب مساعدة المحتاج مرة وبالتأكيد ستعرف معنى السعادة الحقيقية الناتجة عن الرضا عن النفس.

– المرح
هناك الكثير من الأغاني التي تشجعنا على المرح من وقت إلى آخر، وبالتأكيد جميعنا نحنّ لأيام الطفولة عندما كانت أكبر همومنا أن نلعب ونمرح مع الأصدقاء. جرب هذا الشعور عزيزي القارئ، وجرب أيضاً أن تبحث عن أصدقاء الطفولة وأصدقاء المدرسة لأنهم كانوا يوماً ما سبب سعادتك بالحياة، وبالتأكيد سيكونون سبب سعادتك اليوم أيضاً في حال اجتمعت معهم.

– الامتنان
تقول البروفيسورة سونيا ليوبوميرسكي بأنه من الضروري للغاية عزيزي القارئ أن تقتنع بنصيبك من الحياة وتقبل بما قسمه الله لك في هذه الحياة، لذلك بدلاً من الشكوى الدائمة في كل مرة تتعرض بها لحادث سيء، حاول أن تظهر امتنانك لله وللآخرين عندما يحصل معك أمر جيد. عليك أن تعلم جيداً أن الامتنان للأحداث الجيدة التي تصادفك من أهم التفاصيل الحياتية التي ستجلب لك السعادة بشكل يومي.

– الأنشطة اليومية
حاول عزيزي القارئ أن تبحث عن الأنشطة اليومية التي يمكنك أن تقوم بها، سواء كانت تتعلق بالرياضة أو الفنون أو الموسيقى أو أي نشاط آخر يضمن إيصال عقلك إلى حالة من الإبداع والراحة. هذا النوع من الأنشطة يحفز عقلك على الاسترخاء ويساعدك على الوصول إلى حالة من السعادة التي لا يمكنك الوصول إليها بالطرق الأخرى.

– تغيير نفسك
إن كنت تبحث عن السعادة ولا تصل إليها مطلقاً، فربما يجب عليك أن تبدأ التفكير بتغيير نفسك بعض الشيء. لا مشكلة في تغيير بعض الأفكار السلبية التي تتملكك من فترة إلى أخرى، ولا ضرر من تغيير بعض العادات الروتينية التي لا تقدم لك أي سعادة بالحياة؛ حاول أن تبدأ رحلة سعادتك بالحصول على أفضل نسخة من ذاتك.

– حدد أهدافك
من منا يستطيع العيش بسعادة إن لم يكن يمتلك هدفاً محدداً وواضحاً يريد الوصول إليه؟ بالتأكيد لا أحد! لذلك من الضروري أن تعدّ نفسك للوصول إلى هدف واضح ومحدد، عن طريق تحديد هذا الهدف وطريقة الوصول إليه والمدة الزمنية التي تلزم لتحقيق خطتك، ومن ثم البدء بهذه الخطة. نؤكد لكم أنكم ستعلمون ما هي السعادة بمجرد تطبيقكم لهذه الخطة.

السعادة

يختلف منظور ومفهوم السعادة من فرد لآخر؛ إلّا أنها شعور عام يشعر ويشترك الناس به؛ أي أنها متاحة في يد الجميع، فالناس تختلف في طباعها واتجاهاتها؛ حيث قد يرى البعض السعادة بالمال والبعض الآخر قد يرى السعادة بالإنجاز والنجاح، كما من الممكن أن الفرد ذاته قد تختلف نظرته للحياة وللمؤثرات التي حوله باختلاف أطواره الزمنية وظروفه وأحواله، ولكل طور زمنية أو مرحلة عمرية أفقها الخاص الذي يعيش الفرد بداخله، وفي الوقت الذي يحصل بع الفرد على ما يلائمه وما يسعى إليه فإنه يعيش بهذا التلاؤم شكل من أشكال السعادة بحصوله على ما كان يسعى إليه بالرغم من الصعوبات المختلفة التي واجهته، وبشكل عام فإنّ السعادة هي شعور نسبي بختلف باختلاف قدرات الفرد وإمكاناته ودوافعه؛ إلّا أنّها تُعتبَر القَدَر أو الظرف المشترك بين الناس الذي يعود عليهم بالخير والمنفعة.

السعادة في الحياة

طرق السعادة في الحياة

الحفاظ على العلاقات الاجتماعية
إنّ العلاقات الاجتماعية الصحية أفضل مؤشر وسبب للسعادة للإنسان، فيمكن للعلاقات الإيجابية، والداعمة القائمة على الاحترام والمودة تجعل الحياة أسهل، وتقي من الإصابة بالإحباط والحزن، وبذلك يجب توطيد العلاقات مع الأصدقاء والأحباء، والتخلص من جميع العلاقات السلبية، وتوفير الوقت للعلاقات الاجتماعية والحفاظ على حس الفكاهة ومهارات التواصل والاتصال،[١] كما أن الوضوح في العلاقات العاطفية، وعلى المرء وضع الأشخاص المناسبين في المكان المناسب لهم في حياته.
القيام ببعض الأنشطة
هناك العديد من الأنشطة التي تعمل على تحسين المزاج، ورفع مستوى السعادة، ومنها ما يأتي:
  • المشي في الهواء الطلق لمدة ساعة يومياً.
  • الاستماع إلى الموسيقا الكلاسيكية الهادئة.
  • أخذ حمام استرخاء، واستخدام الزيوت وبتلات الورود.
  • الجلوس والتأمل مرة واحدة على الأقل يومياً.
  • التسوق سواء رجل أو امرأة، وليس شرطاً أن تقتصر المشتريات على الملابس.
  • الرقص.
  • ممارسة اليوغا.
  • الطبخ، ويفضل أن يكون مع شريك ما، كالزوج مثلاً.
  • اللعب مع الأطفال.
  • قراءة الكتب.
  • الذهاب في رحلة قصيرة مع الأهل والأصدقاء.
  • الاحتفاظ بصور فوتوغيرافية للحظات السعيدة في الحياة، والنظر إليها من وقت لآخر.
التوقف عن التفكير السلبي
في أغلب الأحيان يكون الشخص ذاته هو السبب في حالة البؤس والحزن التي تصيبه، وذلك بالحكم السلبي على الأعمال التي يقوم بها، والتفكير في النتائج السلبية المترتبة، وهنا يجب على المرء التوقف، وإعادة التفكير بطريقة مختلفة وإيجابية، ومع مرور الوقت ستصبح هذه الطريقة في التفكير نهجاً تلقائياً.
اتباع أسلوب حياة صحي
العادات السيئة تؤثر سلباً على الحياة ككل، وعلى الحالة النفسية بشكل خاص، وليس الأمر مقتصراً على الأمور المعلوم بأنها مضرة كالتدخين، فالكسل أيضاً عادة سيئة، وكذلك قضاء أوقات طويلة على التلفاز، وكلها تدمر الصحة التي هي أصل السعادة.

أسباب السعادة

تتعدد أسباب السعادة حولك، عليك فقط تدقيق النظر في النعم التي أنعم الله عليك بها، وستجد الكثير.. وفيما يلي سنذكر لك أسباب تدفعك للشعور بالسعادة:

  1. الحب الغير مشروط
  • كونك محبوبًا سبب كافي لتشعر بالسعادة فالحب الغير مشروط أمر رائع نحصل عليه من أهلنا ونحن في مرحلة الطفولة ويستمر لمرحلة الكبر، طوبى لمن يقدر على إعطاء الحب،  أو الحصول عليه
  1. خدمة الآخرين
  • إن تقديم الخدمة للآخرين، دون قيد أو شرط، دون توقع أو استحقاقات، بطريقة غير أنانية، يمنحك فرحة هائلة، وسعادة لا تضاهى.
  1. الإبداع
  • نولد جميعا مع الإمكانات الإبداعية، لذلك عندما نبتكر شيئًا جديدا مهما كان بسيط كالطعام مثلا، نمتلئ تلقائيًا بالسعادة
  1. الإنجازات
  • باعتبارها فرعًا من الإبداع، فإن إنجازاتنا في الحياة، في أي مجال – التعليم، العمل، المجتمع، الرياضة، الأنشطة الإبداعية، الأطفال – تعطينا سعادة هائلة.
  • العمل الجيد الذي يتم تنفيذه جيدًا يستحق دائمًا المجهود المبذول؛ حيث أن الإنجازات تعطينا شعورًا رائعا بقيمتنا الذاتية، والشعور بالسعادة
  1. العائلة والأطفال
  • غالبًا ما يكون أطفالنا مصدرًا سعادة كبيرة، حيث أن رعايتهم، والعناية بهم، وتعليمهم، ورؤيتهم يزهرون بشكل راقي، يعد من أعلى المشاعر التي يمكن أن يشعر بها الشخص، بدءا من مشاعر السعادة لمشاعر الفخر، والرضا، والفرح
  1. الصحة الجيدة
  • الصحة هي الثروة، كما تعلمنا جميعًا فبدون صحة جيدة، تصبح كل الأشياء الأخرى التي نمتلكها مملة، وتفقد لمعانها.
  • كونك مريضًا، أو متألمًا حتى لو كنت مليونيرًا شيء يقضي على سعادتك، حيث أنك لن ترغب في شيء أكثر من أن تتحسن، لذلك الصحة الجيدة تعد نعمة
  1. الصداقة العميقة
  • يعد وجود أصدقاء مقربين مستعدين دائمًا للاحتفال معنا، أو لدعمنا في أوقات الشدة، مصدرًا رائعًا جدًا للراحة، والسلام، والسعادة
  • الصداقة هي علاقة يمكنك من خلالها مشاركة أي شيء، وغالبًا ما تأتي من دون مسئولية العلاقات التقليدية، الصداقة الحقيقية تمثل الحرية
  1. نعمة النوم الهنيء
  • النوم هو غريزة، وحاجة مثله مثل الجوع، والعطش، ومع ذلك، بينما يمكننا بذل الجهد، والوفاء بالغرائز الأخرى، لا يمكن تحقيق النوم بالجهد، فالنوم يجب أن يأتي بمفرده، وأولئك الذين ينامون بشكل سليم محظوظون حقًا؛ حيث يحصلون على الاسترخاء، والراحة، وبالتالي السعادة
  1. المال
  • في حين أن معظمنا يشعر غريزيًا أن الكثير من السعادة يعتمد على المال، فإن هذا غير صحيح، والأموال، رغم أنها ضرورية بالتأكيد من أجل بقائنا، ورفاهيتنا في هذا العالم، غالبًا ما تكون مجرد وسيلة للمعاملات.
  • المال يمكن أن يشتري لنا أشياء، والتي يمكن أن تعطينا السعادة حتى لو كانت سعادة لحظية
  1. الإيمان بالله والصلاة
  • الإيمان بالله عزوجل، والقيام بالعبادات التي تبتغي رضاه وطاعته كالصلاة، والصيام، والزكاة، وصلة الأرحام، وقراءة القرأن، وغيرها من العبادات ليسوا سببًا للسعادة فحسب، بل هم أيضًا الأدوات التي يمكنك من خلالها العثور على أشكال مختلفة من السعادة

مفهوم السعادة في علم النفس

لقد عرّف علم النفس السعادة بأنها نتائج الشعور أو الوصول لدرجة رضا الفرد عن حياته أو جودة حياته، أو أنّها الشعور المُتكرر لانفعالات ومشاعر سارّة، وفيها الكثير من الفرح والانبساط، وهذا يعني أنّ السعادة في علم النفس، مفهومٌ يتحدّد بحالة أو طبيعة الفرد، فهو من يقرر سعادته من تعاسته، أو أنّ الأمر منوطٌ به، وبطبيعة تفاعله مع الظروف المحيطة، والمواقف الحياتية التي يمرّ بها.

قديماً قدّم أفلاطون شرحاً أو توضيحاً للسعادة، معتبراً إياها من فضائل النفس، التي شملت عنده الحكمة والشجاعة وغيرها، منوّهاً إلى عدم قدرة الإنسان على الوصول للسعادة الكاملة إلا عند انتقاله للعالم الآخر، في حين اعتبر أرسطو السعادة إحدى نعم الله وهباته على الناس، محدداً في الوقت ذاته بعض الأمور، التي تتشكّل بناءً عليها السعادة وهي؛ صحّة الجسد وعافيته من الأمراض، وتوفّر المال، والنجاح في العمل، وتحقيق الأهداف، بالإضافة إلى سلامة العقل، وصحّة الاعتقاد، والتمتع بالسمعة الحسنة بين الناس في المجتمع.

السابق
حقنة فوسفات شرجية ميد فارما – Midpharma Phosphate Enema B لعلاج الإمساك
التالي
حقنة سوماتوستاتن مملوءة مسبقا – Somatuline Autogel PFS لعلاج الأشخاص الذين يعانون من ضخامة الأطراف

اترك تعليقاً